مجلة الرسالة/العدد 147/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 147/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 147
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 27 - 04 - 1936



العبرات الحرار

رجا الأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي عضو المجمع اللغوي الملكي بالقاهرة من قراء الرسالة الغراء في (العدد 146) الرجوع إلى نسخة شرح ديوان الخنساء المكتوبة سنة 620هـ المحفوظة في دار الكتب المصرية، لعلها تكون أوفى من نسخة مكتبته الخاصة المكتوبة سنة 1145هـ لأن نسخته لم تذكر قصيدة (العبرات الحرار) وربما تكون ساقطة من نسخته من الشرح المذكور. ثم رجا الرجوع إلى نسخة الديوان المكتوبة بقلم العلامة اللغوي الكبير الشنقيطي التركزي وذلك للاستثاق من صحة رواية البيت:

من كان يوماً باكياً سيداً ... فليبكه بالعبرات الحرار

لأنه يحتمل احتمالاً قوياً أن يد التحريف عملت في البيت عملها فغيرت (الجوار) إلى (الحرار). وإجابة لرجاء شيخنا المغربي رجعت إلى نسخة الشرح التي في دار الكتب المصرية ((570) آداب اللغة العربية) فوجدتها لا تشتمل على قصيدة (يا عين جودي بالدموع الغزار) التي منها بيت (العبرات الحرار) والظاهر أن نسخة دار الكتب من هذا الشرح هي أصل نسخة الأستاذ المغربي وأن قصيدة (العبرات الحرار) ليست في رواية الشرح

ورجعت إلى نسخة الشنقيطي من الديوان ((40ش) آداب اللغة العربية) وهي - بحق - نسخة نفيسة مكتوبة بقلم العلامة التركزي بالخط المغربي الدقيق مع ضبط أكثر قوافيها والكلمات الغريبة منها بالقلم مع تقييدات على الحاشية لأكثر الأبيات فوجدت البيت هكذا:

من كان يوماً باكياً سيداً ... فليبكه بالعَبَرَات الحِرار

بضبط الحاء من الحرار مكسورة مما يقطع بأن الرواية (الحرار) لا (الجوار) ونسخة الديوان هذه كتبها الشنقيطي في مكة سنة 1288 وفي دار الكتب المصرية نسخة ثانية من ديوان الخنساء ((536) آداب اللغة العربية) كتبت سنة 1289هـ بمكة أيضاً بقلم أحمد بن محمد الخضراوي بخط عادي واضح ورد فيها عجز البيت (العبرات الحِرار) بكسر الحاء أيضاً. ويغلب على الظن أن نسخة الخضراوي منقولة عن نسخة الشنقيطي السابقة وإن لم يصرح ناسخها بذلك فإنه اقتصر على القول بأنه كتب نسخته من الديوان عن نسخة بالخط المغربي الرديء الذي يصعب على المشارقة قراءته

والذي يؤيد هذا الظن أن الشنقيطي كتب نسخته بمكة سنة 1288هـ والخضراوي كتب بعده بسنة بمكة أيضاً وأن نسخة الخضراوي تشتمل على جميع التقييدات التي على نسخة الشنقيطي بنصها كما يلاحظ الاتفاق التام بين النسختين في ضبط بعض الكلمات فما كان مضبوطاً من هذه فلابد وأن يكون مضبوطاً في تلك بنفس الشكل

وأظن أن ما تقدم كاف في الاستيثاق من صحة رواية (العبرات الحرار) وأستاذنا المغربي عليم بأن عدم ذكر الحرار جمعاً لحارة في المعاجم التي بين أيدينا لا يدل على عدم وروده

برهان الدين محمد الداغستاني

المعجم الوسيط

تأليف الهيئة الرسمية لوضعه

وقع حضرة صاحب السعادة محمد علي علوبه باشا وزير المعارف العمومية قراراً وزارياً بتأليف الهيئة التي يعهد إليها بوضع معجم في اللغة العربية، وهي تتألف من لجنتين تمثل إحداهما وزارة المعارف والثانية المجمع الملكي للغة العربية

وهذا نص القرار:

بعد الاطلاع على القرار الذي أصدره المجمع الملكي للغة العربية بتاريخ 27 فبراير سنة 1936 وبناء على الاتفاق الذي تم مع معالي رئيس المجمع على اختيار لجنتين تمثل إحداهما وزارة المعارف وتتكون الأخرى ممن ندبهم المجمع لتعمل اللجنتان معاً على وضع (المعجم الوسيط) في اللغة العربية

قرر: -

المادة الأولى: تؤلف الهيئة التي يعهد إليها بوضع معجم في اللغة العربية يسمى (المعجم الوسيط) على الوجه الآتي:

أولاً - أعضاء اختارتهم وزارة المعارف العمومية:

الدكتور طه حسين بك - الأستاذ بكلية الآداب

الأستاذ خليل مطران الدكتور أحمد عيسى بك

الدكتور محمد والي - الأستاذ بكلية العلوم

ثانياً - أعضاء ندبهم المجمع الملكي للغة العربية

أحمد العوامري بك

الأستاذ أحمد علي الإسكندري

علي الجارم بك

المادة الثانية - يراعى في وضع هذا المعجم ما يأتي: -

1 - أن يكون ترتيبه على خير نمط بحيث لا يقل نظامه عن أحدث المعجمات الأجنبية وبحيث تسهل فيه المراجعة على الطلاب الذين لم يعتادوا المراجعة في المعجمات القديمة. ويتبع في ترتيب مواده طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة

2 - وأن يتبع في شرح ألفاظه أسلوب واضح جلي يلائم العقلية الحديثة ويؤدي إلى تصوير المعنى على أدق وضع وأسهله

3 - وأن تحقق فيه أسماء النباتات والحيوانات وغيرها بقدر الإمكان مع الاستعانة بالخبراء في هذه العلوم عندما تدعو الحاجة

4 - وأن تصور فيه الأشياء أو أجزاؤها مما يحتاج شرحه إلى تصوير ولا يكفي الوصف البياني في إيضاح حقيقته

5 - وأن يؤتى فيه بأمثلة غريبة من أفصح الكلام وأبلغه من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والتراكيب العربية البليغة والشعر العربي. وذلك عند كل مناسبة لتوضيح استعمال اللفظ مع الإشارة بقدر الإمكان إلى عصور ما استشهد به

6 - وأن يفصل فيه بقدر الإمكان بين المعاني الحقيقية والمجازية في المادة مع تقديم الحقيقة على المجاز

7 - وأن يشار فيه أحياناً إلى التقلبات التاريخية التي انتابت بعض الكلمات فغيرت من معانيها بتغيير العصور

8 - وأن يختار من الكلمات التي أقرها المجمع في الشؤون العامة والعلمية ما يتفق أعضاء الهيئة على ملاءمته لما يتسع له هذا المعجم 9 - وأن تكون مواد المعجم من الألفاظ العربية الصحيحة أو مما عربته العرب

10 - وأن يشتمل على ملحق بالمشهور من أعلام الأشخاص والأماكن مع مراعاة ما أقره المجمع في هذا الشأن

11 - وأن يشتمل على اصطلاحات العلوم والفنون والآداب عند العرب

12 - وأن يترك فيه الغريب المهجور إذا أغنى عنه مرادفه الصحيح

13 - وأن يضبط ضبطاً دقيقاً لا محل فيه للبس

المادة الثالثة - تبدأ هذه الهيئة عملها اعتباراً من أول مايو سنة 1936 على أن تتمه في ثلاث سنوات على الأكثر ويمنح أعضاؤها مكافأة نظير قيامهم بهذه المهمة

ترجمة معاني القرآن

قرر مجلس الوزراء بالموافقة على ترجمة معاني القرآن الكريم: ونص قراره:

بعد الاطلاع على كتاب فضيلة شيخ الأزهر وكتاب سعادة وزير المعارف العمومية بشأن ترجمة معاني القرآن الكريم

ومع تقدير مجلس الوزراء لمشقة هذا العمل وصعوبته ومنعاً لإضرار التراجم المنتشرة الآن رأى بجلسته المنعقدة في 16 إبريل سنة 1936 الموافقة على ترجمة معاني القرآن الكريم ترجمة رسمية تقوم بها مشيخة الجامع الأزهر بمساعدة وزارة المعارف العمومية وذلك وفقاً لفتوى جماعة كبار العلماء وأساتذة كلية الشريعة

الشعر القبطي القديم

ألقى الدكتور هرمن بونكر مدير معهد الآثار بالجامعة المصرية ومدير المعهد الألماني للآثار المصرية محاضرة في (الشعر القبطي القديم) هذه خلاصتها:

يرجع الشعر القبطي إلى القرن التاسع بعد الميلاد، وهو شعر شعبي وطني لا أثر له في الكتب الثمينة والدواوين الأدبية، بل يوجد في كراسات متفرقة من الورق، وهو يمثل روح الشعب وعقليته، وتظهر فيه جلياً الروابط التي تربطه بشعر العصور الفرعونية كما تظهر علاقته بألحان الشعب في العصر الحاضر

ويؤلف الشعر القبطي من قصص للعامة مثل أغاني الفلاحين وهم يؤدون أعمالهم، وأناشيد تتلى في أيام الأعياد. وهو على مثال الشعر الفرعوني لم يتقيد بقاعدة القوافي؛ وأبياته لم تراع فيها قواعد الوزن المتبعة في الشعر العربي أو اللاتيني فهو غناء نسقي روعي في كل بيت منه انسجام خاص في الكلمات والتوقيع يوصل إلى نغمة موسيقية، وهذه الطريقة نفسها المتبعة في شعر مصر القديمة

وكانت الأشعار القبطية تلقى بطريقة موسيقية على ألحان متعددة لكل لحن اسم، وكان هذا الاسم مكوناً من الكلمات الافتتاحية لأغنية مشهورة (مثلا: الباب، الحديقة، سمعت السر المقدس. . . انظر إلى فوق. . .) كما تلقى اليوم أغاني العامة على وزن موال كذا وكذا

وكانت الأغاني في أغلب الأحوال مؤلفة من دورين في كل دور أربعة أبيات، وكانت بين الدورين رابطة معنوية، فكان الدور الثاني مثلاً يحوي ردا على سؤال ورد في الدور الأول، وتوجد أيضاً قصائد تمثيلية تشتمل على مقدمة ثم نشيد للمغني، وبعد ذلك دور غنائي غير موزون، يليه رد الجمهور، وكانت تكرر هذه السلسلة مرة أو أكثر على حسب موضوع القصيدة

وفي أحوال أخرى توجد قصائد تشبه كل الشبه الروايات التمثيلية الغنائية فيلقي كل ممثل في دوره دورا غنائياً كما يرى في رواية (اركليتيس ووالدته)

معاهدة ثقافية

عقدت أخيراً بين فرنسا والنمسا معاهدة ثقافية لتقوية الروابط والصلات الثقافية والفنية والاجتماعية بين الأمتين، خلاصتها أن تتبادل الحكومتان الآثار العلمية والفنية، وأن تتبادلا إقامة المعارض الفنية وتنظيم الحفلات الموسيقية والتمثيلية كل في بلد الآخر؛ وقد نص أيضاً على أن المعهد الفرنسي الفني الذي أنشئ منذ حين في مدينة فينا يجب توسعته وتنظيمه، بينما تنشئ النمسا معهداً نمسوياً مماثلاً في باريس؛ كذلك نص على أن تتبادل الحكومتان انتداب العلماء والأساتذة كل في النواحي التي تحتاج فيها إلى معاونة علمية من الطرف الآخر، وأن تنظم كلتاهما كل في بلد الآخر رحلات علمية ورياضية لطلبة المدارس الثانوية، هذا إلى تفاصيل أخرى ترمي كلها إلى تقوية الصلات العلمية والاجتماعية بين البلدين

هذا ومن المعروف أن النمسا قد عقدت مثل هذه المعاهدة الثقافية من قبل مع المجر وإيطالية؛ وهي تبغي من وراء ذلك إلى كسب المعاونة الخارجية للاحتفاظ بمستوى ثقافتها؛ وهي تبذل في ذلك السبيل جهوداً عظيمة داخلية وخارجية

وفاة علامة كبير

من أنباء السويد أن الطبيب والعلامة المجري الشهير الدكتور روبرت بارني قد توفي في أوبسالا في الستين من عمره؛ وكان مولده في المجر سنة 1875؛ ودرس الطب في فينا، ثم زاول مهنته فيها أعواماً طويلة، واشتهر بالأخص بالتخصص في أمراض الأذن وجراحتها، وفي أثناء الحرب الكبرى انتظم في سلك الجيش، وحارب في الميدان الشرقي، ووقع في أسر الروس، وأمضى في الأسر حيناً في روسيا. ولكن حكومة السويد تدخلت في أمره تقديراً منها لكفاياته العلمية، وسعت لدى روسيا حتى أطلق سراحه، وانتدبته الحكومة السويدية للتدريس في جامعة أوبسالا، وفي أثناء الحرب أيضاً منح الدكتور بارني جائزة نوبل للطب، وأضحى علم الأعلام في طب الأذن؛ وله في هذا الميدان بحوث علمية شهيرة؛ وقد أنفق حياته منذ إطلاقه من الأسر كلها في السويد حتى توفي فيها