مجلة الرسالة/العدد 149/الطفل
مجلة الرسالة/العدد 149/الطفل
للأستاذ عبد الرحمن شكري
مِنْ عالمِ الروح وهو الخلد والقِدَمُ ... وكان بالأمس يطوي جسمه العَدَمُ
سِرُّ الحياةِ وسر الموت ما برحت ... تطويه عن فِكَرٍ هَمَّتْ به الظُّلمُ
يُطِلُّ من عينه معنى يزاوله ... معنى التَّفَهُّمِ لم ترْصَدْ له كَلِمُ
وحيرة هي بعض اللب يبرزها ... صفو من العين لا خِب فَتَنْكَتِمُ
صفو الغرارة أبهى ما رأى بَشَرٌ ... ما رَنَّقَ العينَ لا شر ولا ندم
ولم تَشِبهُ تجاريب الحياة بما ... يدجوله اللحظ والأفكار والشِّيَمُ
ضعف الوليد وهل في القلب مُبّتَعِثٌ ... نَبْعَ الحنان كضعف ليس يُتَّهَمُ
لأيِّ أمر بدا يَفْتَرُّ مبسمه ... وما حباهُ بِزَعْمِ الأشيبِ الفَهَم
وكلما بدرت للشر بادرة ... قلبٌ المُسِنِّ لها حيرانُ يضطرم
يود كل رجيح العقل مكتهل ... أن لو يعود وليداً أمره أَمَمُ
وليس يبصر أن الشر مُقْتَبَلٌ ... يعود منه إليه الهم والهرمُ
لكنها مهلة للقلب يَنْشُدُها ... حيث الصفاء وعيش ماؤه شَبمُ
فلا عداءٌ ولا مكر ولا حِيَلٌ ... ولا حقودٌ ولا غدر ولا جُرُمُ
حيث الحياة كبيت الله طاهرة ... لدى الطفولة وهي المَعْبَدُ الحَرَمُ
أو جنة الخلد لا إِثْمٌ لساكنها ... وما تَجاَوَرَ ذو عجز ومُجْتَرَمُ
إِنَّ الأزاهر والأطفال ما اجتمعا ... صنوان والحسن فيها طُهْرُهُ عَمَمُ
مرأى يُطَهِّرُ ما بالنفس مِنْ دَنَسٍ ... حتى يعود بها والخير مُغْتَنَمُ
كم ناقم سَلَّ منه الطفل عادية ... من الضغائن إذ يرنو وَيَبْتَسِمْ
قد يُحْزِنُ الزهر إذ يذوي أَمِنْ شَبَهٍ ... بمصرع الطفل رائيه له يَجِمْ
ما أعظم الفقد لو أن الورى خُلِقُوا ... خلق الرجال وكالأطفال ما وْسِمُوا
لما تَمَلَّى أُناسٌ طُهْرَ ما فقدوا ... ولا أحبوا ولا حنوا ولا رحموا
عبد الرحمن شكري