مجلة الرسالة/العدد 166/لمعات
مجلة الرسالة/العدد 166/لمَعات
إلى شاعر الإسلام وفيلسوفه محمد إقبال
جواباً لكتابيه أسرار خودي ورموزبي خودي
للدكتور عبد الوهاب عزام
- 2 -
يخرق الليل شعاع يخفق ... ثم يلتف عليه الغسَق
كمنار البحر يخفى ويلوح ... فيه بين الغيب والومض وضوح
أو يراع الليل يخفى وينير ... فهو سطر من غياب وحضور
تارة يبدو طريقاً لحَبا ... قامت الظلماء فيه نُصَبا
أو بياناً من بياض وسوادْ ... كبياض الطرس يعلوه المداد
كل لون فيه حرف مفصِحُ ... أُلّفت منه سطور وُضّح
وأراه تارة خطاً أحمّ ... وكأن الضوء تفصيل الظُّلَم
فهو سطر من ظلام أرقطُ ... أعجمت معناه تلك النقط
كل لون فيه حرف أعجم ... وحوى الأحرف سطر مظلم
يا لُبَيْنَى أوقدي، طال المدى ... أوقدي علّ على النار هدى
أوقدي يا لُبنَ قد حار الدليل ... أوقدي النار لأبناء السبيل
ارفعي النار وأذكي جمرها ... عل هذا الركب يعشو شطرها
شرّدي هذا الظلام الجاثما ... أرشدي هذا الفراش الهائما
حبذا النار بليل توقد ... حبذا المؤنس هذا الموقد
حبذا عندكِ هذا المنزل ... لوحدانا في سِفار منزل
ما لذا المنزل قد سار الفريقْ ... إنما النيران أعلام الطريق
قد ترحّلنا من الفج العميقْ ... لا نبالي بقريب أو سحيق
رنّ في آفاقنا هذا النداء ... فأممنا البيت يحدونا الرجاء
قد غنينا عن مبيت ومقيلْ ... وعن الأمواه والظل الظلي وعن الرغبة والخوف سُوى ... خُلع النعلان في وادي طوى
نحن لا نرضى بنار الغسق ... نحن لا نرضى بنور الشفَق
نحن لا نرضى بنجم الصبح لاحْ ... لا ولا نرضى تباشير الصباح
نحن لا نرضى نجوماً لامعة ... إنما نبغي ذُكاء طالعه
قد رحلنا بالجوى والحُرَقِ ... وغنينا عن رسيم الأينُق
أين منا طائرات سُبَّق ... جُمع الغرب لها والمشرق
نحن ركب في جواه مُوضِعُ ... لم يسعه في جواه مَوضع
كل حُرّ ضاق عنه الموطنُ ... وانطوى دون مناه الزمن
كل طيار على متن الفِكر ... وعلى متن هيام لا يقرّ
طائر منه يغار الملَك ... طائر من تحته ذا الفلك
بارق في اللُوح لا ينطفئ ... كل غايات لديه مبدأ
زوّدينا بهيام ووجيبْ ... زوّدي يا لُبنَ من هذا اللهيب
(يتبع)
عبد الوهاب عزام