مجلة الرسالة/العدد 175/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 175/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 175
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 09 - 11 - 1936



كتاب عن تاريخ الحبشة وبلاد العرب

أصدرت الجمعية الجغرافية الملكية مجلداً جديداً من كتاب (البحر الأحمر والحبشة وبلاد العرب منذ العصر الغابر) ' ' ' بقلم المسيو (كامرر)؛ وفي هذا المجلد الجديد مباحث شائقة عن (حرب الفلفل) وعن اكتشافات البرتغاليين البحرية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر؛ ومن المعروف أن هذه الاكتشافات كانت ذات أثر فعال في تطور مركز مصر التجاري؛ لأنها لبثت عصوراً طريق الهند، ولبثت ثغورها مهبط هذه التجارة، فلما اكتشف البرتغاليون طريق الهند تحول قسم عظيم من تجارة الغرب إلى هذه الطريق الجديدة، وهجرت الطريق القديمة التي كانت تمر بمصر أو الشام، ودخل البحارة البرتغاليون الميدان وأنشئوا مراكز تجارية وحربية في موزنبيق وقاليقوط وجوا ومسقط وغيرها، وغزوا جزائر الهند الشرقية ووصلوا إلى شواطئ الصين؛ وانتبه سلاطين مصر لهذا الخطر المحدق بموارد بلادهم فتحالفوا مع البندقية على محاربة هذا الخطر لأنه يمس تجارتها أيضاً؛ ولبثت مصر مدى حين قابضة على مفتاح البحر الأحمر، ولكن البرتغاليين قبضوا على طريق الهند، ورأوا من جهة أخرى أن يغزوا البحر الأحمر فتحالفوا مع الحبشة، وكانت تخشى مصر؛ وأرسلت بعثة برتغالية إلى بلاط النجاشي؛ ولكن الحبشة لبثت حذرة من أولئك الأصدقاء الجدد ومن نيا تهم.

واستمرت المعركة مدى حين على سيادة البحر الأحمر والمحيط الهندي، وفي المشرق للاستئثار بغنم السيادة التجارية، ولعبت منتجات الشرق مثل الفلفل والبهار دوراً في هذه المعركة؛ وتخللتها معارك وأحداث بحرية عظيمة ما زالت مضرب الأمثال في الروعة والشجاعة.

ولكتاب مسيو كامرر مزية أخرى، هي أنه يتتبع تاريخ الآراء والتطورات الجغرافية في كتابه خلال هذه العصور؛ وهذه التطورات مشروحة بالخرائط والوثائق الوافية، وفيها خرائط قديمة كانت سرية لم تعرف في عصرها، لأن الخرائط التي كانت توضع عن الطرق البحرية في ذلك العصر، كانت كالخرائط الحربية يحرص أصحابها على سرها.

وقد زين الكتاب فوق ذلك بعشرات من الصور التاريخية الهامة.

الكاتب الألماني رودلف شتراتس

نعت إلينا أنباء ألمانيا الأخيرة الكاتب القصصي الألماني الكبير رودللف شتراتس , توفي في الثالثة والسبعين من عمره في ضيعته في (كيم زي) على مقربة من ميونيخ؛ وبوفاته اختفى كاتب من أخصب وأعظم الكتاب الألمان في عصر الإمبراطورية، وكان شتراتس مدى الحرب ومن بعدها أيضاً في طليعة الكتاب الذين يدهشون الجمهور بوفرة إنتاجهم وبراعة ابتكارهم؛ وقد نشأ شتراتس ضابطاً، وقضى أعواماً عديدة في خدمة الجيش، وكتب أولى قصصه عن حياة الجندية، وشرح فيها حالة الضباط وأحوال معيشتهم. وكان يدعو دائماً إلى ابتعاد الجيش عن الأحزاب والسياسة؛ وكان شتراتس يتمتع بمواهب القصصي البارع، ووفرة في الخيال، وهو يصف لنا في رواياته، مدينة برلين وحياتها قبل الحرب وصفاً بديعاً مدهشاً، وكان يختار دائماً لأبطال قصصه النبلاء وكبار الأغنياء فيصف حياتهم وأحوالهم بدقة مدهشة، ولم يتخذ قط من بين الطبقات الدنيا أبطالاً لقصصه، ولم يعن بمعالجة المسائل الاجتماعية ولا يتوخى الغايات الاجتماعية، وإنما كان يكتب قصصاً شائقاً مشجياً مؤثراً فحسب؛ ولكن ذلك لم يمنع من انتشار كتبه انتشاراً هائلاً حتى إن بعضها طبع مائة مرة. ومن أشهر كتاباته بعد الحرب قصص يصف فيها حالة برلين أيام التضخم النقدي؛ وقد ساح شتراتس كثيراً، وظهر أثر سياحاته في كتبه، ولكنه كان دائماً في أعماق نفسه (وطنياً) ألمانياً، يتجه بالوصف إلى إذكاء الوطنية الألمانية؛ وأشهر رواياته على الإطلاق هي رواية (هيدلبرج القديمة) ومن رواياته الشهيرة الأخرى: (مكان في الشمس) (المعجزة الألمانية) (سفينة بلادفة) (لو كان العالم مليئاً بالعفاريت ? وغيرها وقد بلغت كتبه زهاء ثلاثمائة مجلد.

لجنة تفسير معاني القرآن الكريم

أصدرت مشيخة الأزهر قراراً بتأليف لجنة لتفسير القرآن الكريم توطئة لترجمته من حضرات أصحاب الفضيلة الأساتذة: الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية رئيساً، والأستاذ محمد أحمد جاد المولى بك مفتش أول اللغة العربية بوزارة المعارف، والأستاذ علي الجارم مفتش أول اللغة العربية بوزارة المعارف، والشيخ مصطفى عبد الرازق والأستاذ أحمد أمين من الجامعة المصرية، والشيخ إبراهيم حمروش شيخ كلية اللغة العربية، والشيخ أمين الخولي من الجامعة المصرية، والشيخ علي سرور الزنكلوني من كلية أصول الدين، والشيخ إبراهيم الجبالي من كلية أصول الدين، والشيخ محمود الغمراوي من كلية اللغة العربية، والشيخ محمود شلتوت من كلية الشريعة، والشيخ محمد أحمد العدوى من كلية أصول الدين أعضاء.

استكشاف جبال هملايا

استطاعت البعثة الألمانية التي أوفدت لتسلق جبال هملايا الهندية أن تصل إلى أكمة سمفو الواقعة في شرق كانشن جونجا على ارتفاع أكثر من 22ألف قدم، وهي أول مرة يستطيع الإنسان أن يصعد إليها، والبعثة المذكورة مكونة من الدكتور باور البافاري وهو من الأخصائيين في صعود الجبال، والهر فين والهر هاب، والهر جتنر؛ وقد وصلت البعثة إلى قلب أراضي نبال منذ أشهر؛ ووصلت منطقة زيمو الثلجية في سبتمبر، ثم انقسمت إلى فريقين؛ فسار الهر فين مع بعض الحمالين إلى وادي تالونج، ونفذ منه الطعام بعد أيام، وقضوا نحو يومين بلا طعام قبل أن يصلوا إلى المساكن؛ وكان تقدمهم بطيئاً حتى كانوا يقطعون في هذه الهضاب ميلاً واحداً فقط في اليوم، ثم تلاقى الفريقان بعد ذلك وسارت البعثة كلها إلى سنجيك، وصعدت إلى قمة سيمفو.

وقد اقتنعت الفرقة أن طريق سيمفو هو أفضل الطرق للصعود إلى الآكام العالية التي لم يتوصل المكتشفون بعد إلى ارتيادها؛ ويزمعون العودة إلى الهند في العام القادم، وقد سبق أن استطاع الدكتور باور مع بعض زملائه الصعود إلى ما دون ثلاثة آلاف قدم من هذه الأكمة الشهيرة، ولكنه رد بعاصفة من الثلج، فعاود الكرة في هذا العام ونجح في محاولته.

وثيقة مصرية قديمة

اكتشفت أخيراً في إحدى قرى الفيوم المسماة ارسيم أو مدينة التماسيح وثيقة غريبة تدل على أن العقود الخاصة بأعمال الصبيان موجودة من أقدم العصور؛ وقد استطاع الأستاذ فولزن العلامة الدانمركي أن يقف على محتويات هذه الوثيقة فإذا فيها ما يأتي: -

(يشهد تريفون بأن ولده القاصر تيونيس قد عين صبيا لمدة سنة من تاريخه عند تولوماتوس النساج).

وسوف يتعلم الصبي طول مدة العقد من أستاذه كل أصول حرفة النسج، ويتقاضى فوق ذلك كل شهر خمسة دراهم مقابل الكسوة، وفي آخر العام يتقاضى 12 درهما.

وفي مقابل ذلك يدفع والد تيونيس إلى الحكومة ضريبة الأحداث عن ولده، ويجب عليه أن يدفع عن كل يوم يتغيب فيه الغلام درهما بصفة غرامة، وفي حالة فسخ العهد يجب عليه أن يدفع مائة لخزينة الدولة؛ وإذا لم يقم المعلم تولوماتوس بتعليم الغلام كما يجب، فإنه يدفع مثل هذا القدر للخزينة.

جواهر الطيب المفردة ليوحنا بن ماسويه

احتفل المجمع العلمي المصري بافتتاح جلساته لعامي 1936 و1937 فألقى القس بولس سباط محاضرة عن كتاب (جواهر الطيب المفردة) ليوحنا بن ماسويه العالم النصراني الكبير، والطبيب الشهير الذي عاش في القرن التاسع، وكان رئيس دار الحكمة التي أنشأها الخليفة المأمون ببغداد سنة 830.

وفي هذا الكتاب النفيس وصف ابن ماسويه جواهر الطيب المفردة وذكر أسماءها ومعادنها وأنواعها وخواصها وفوائدها بالنظر إلى الطب والعطارة وقسمها قسمين: الأصول، والأفاويه، وقال: إن الأصول خمسة: المسك والعنبر والعود والكافور والزعفران، وأن الأفاويه أربعة وعشرون: السنبل والقرنفل والصندل والجوزبوا والبسباس والورد والفلنجة والزرنب والقرفة والهرنوة والقاقلة والكبابة والهال بوا وحب الميسم والفاغرة والمحلب والورس والقسط والأظفار والبنك والضرو واللاذن والميعة والقنبيل.

ولهذا الكتاب مخطوطان: أحدهما محفوظ في دار الكتب بمدينة ليبسيك بألمانيا، والآخر عثر عليه القس بوليس سباط في مدينة حلب سنة 1933 نسخة الأرخيد ياكون يوحنا بن عبد المسيح الانطاكي بمدينة حلب سنة 1563.

وقد اهتم القس بولس سباط بتنقيح هذا السفر الجليل والتعليق عليه، وإضافة فهارس علمية له وسينشره المجمع العلمي المصري في مجلته لهذا العام.

الحركة الفكرية العنصرية في ألمانيا تمضى ألمانيا الجديدة في سياستها العنصرية إلى النهاية؛ وآخر ما قررته في هذا السبيل القضاء على الآثار والمؤلفات الفقهية اليهودية. ومن المعروف أن أعظم الآثار القانونية الألمانية كتبها اليهود الألمان ولا زالت إلى اليوم مرجع البحث في ألمانيا، ولكن الدكتور فرنك رئيس الجمعية القانونية الألمانية أصدر أمره إلى جميع المكاتب العامة ودور البحث أن تستبعد جميع المؤلفات اليهودية في القوانين الألمانية، كما أصدر أمره إلى جميع الناشرين بالا يعيدوا طبع شيء من هذه المؤلفات أسوة بالامتناع عن نشر المؤلفات الجديدة التي يضعها اليهود، وبذلك لا يمضي طويل حتى تختفي هذه الآثار اليهودية من الأدب القانوني الألماني.

ويرى الدكتور فرنك أنه يجب على العنصر الألماني أن يبدأ عصراً جديداً في التأليف القانوني، وأن الذهن الآري يجب عليه أن يعرب عن عبقريته ونقائه في هذه المؤلفات.