مجلة الرسالة/العدد 175/العالم المسرحي والسينمائي

مجلة الرسالة/العدد 175/العالم المسرحي والسينمائي

مجلة الرسالة - العدد 175
العالم المسرحي والسينمائي
ملاحظات: بتاريخ: 09 - 11 - 1936



أدب السيناريو

صورة جديدة من الأدب أوجدها الفيلم الناطق

لناقد (الرسالة) الفني

ظل الأدباء حتى السنين الأخيرة لا يعرفون الفنون والآداب إلا في صورها القديمة من الشعر والنثر الفني والقصص التمثيلي وغير التمثيلي. وظهرت صورة جديدة من الأدب في القصة القصيرة، وهي على رغم انتشارها وذيوعها ليست جديدة وإنما هي صورة مصغرة من القصة الطويلة، أو هي قصة ملخصة تلخيصاً حكيماً.

واخترعت السينما الناطقة فرأينا القصص تعرض على اللوحات ولم يؤثر هذا الاختراع أي تأثير في العالم الأدبي حتى ظهرت السينما الناطقة فسمعنا الممثلين ينطقون بحوار فني وضعه المؤلفون من أكبر رجال الأدب والفن في العالم.

بعض هذه القصص بما تحوي من حوار مقتبس عن قصص معروفة، ولكنه يظهر في صورة خاصة وترتيب فني جديد لم يألفه الناس وعرف بالسيناريو.

والسيناريو كلمة أطلقها رجال السينما على القصة السينمائية في وضعها الخاص الذي يعاون المصور والمدير الفني ومساعديه على القيام بمهمتهم في سبيل إخراج فيلم من الأفلام.

ظلت هذه الصورة الجديدة لا يعرفها الناس وكأنها سر من الأسرار، وكان المتلهفون على المجلات السينمائية وكتب السينما يعرفون القليل عنها من أمثال بسيطة يضربها المؤلفون والكتاب في بعض ما يكتبون، حتى جازفت إحدى دور النشر في أوربا وقامت بطبع أكثر من سيناريو فكان هذا العمل الجريء هو الباعث على ظهور هذه الصورة الجديدة من الأدب.

أقبل الناس على قراءة هذه الكتب للتسلية والدرس، وهناك من المؤلفين والكتاب من كانت لديهم الموضوعات التي تصلح وتليق بأكبر الأفلام، ولكن جهلهم بشؤون السينما وعدم تمكنهم من التفصيلات كثيراً ما صرفهم عن السير في هذا السبيل، فظهور هذه المطبوعات أفادهم فائدة كبيرة، فهي في الحقيقة شرح تفصيلي عملي يمكنهم من فهم السيناريو وطريقة وضعه.

وليست فائدة هذه المطبوعات قاصرة على هذا وحده، فقارئ السيناريو يجد لذة كبيرة في تلاوة قصة سبق له أن شاهدها على ستار السينما.

قرأت أكثر من كتاب واحد مما أخرج، وأقرر أنني وجدت تسلية كبيرة فيما قرأت، وخرجت بفائدة لم أكن أحلم بها، فقد جعلتني أفهم السينما على حقيقتها وأعرف دقائقها تمام المعرفة إذ وجدت تطبيقاً عملياً على كل ما قرأت من الكتب الخاصة بالسينما وأحوالها.

فهذه الصورة الجديدة من الأدب تدين بخلقها إلى الفلم الناطق، وأنا زعيم بأن الأدباء سوف يجدون في هذه الصورة ما يرضي ميولهم ويدفعهم إلى تأليف السيناريو. ولقد كتب المؤلفون قصصاً تمثيلية وقاموا بطبعها قبل أن يعرضوها على الفرق التمثيلية ووجدت من الرواج والإقبال ما يعوض على الكاتب مجهوده؛ وأعتقد أننا سوف نرى في القريب من المؤلفين من يقوم بطبع (سيناريو) قبل أن تقوم شركة من الشركات بإخراجه، وسوف يقبل الناس على تلاوته بدافع اللذة والتسلية وهكذا يضيف الفلم الناطق صورة جديدة إلى الآداب والفنون.

يوسف

في الفرقة القومية

تأكدت لدينا استقالة الأستاذ زكي طليمات من الفرقة القومية المصرية فهو قد قدم فعلاً استقالة إلى الأستاذ خليل بك مطران مدير الفرقة، وسوف تعرض على لجنة ترقية المسرح المصري في أول اجتماع لها، وقد كان من المنتظر أن تعقد اللجنة اجتماعاً في تمام الخامسة بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي ولكنه أجل لتغيب معالي رئيس اللجنة حافظ عفيفي باشا في الإسكندرية.

وقد رفع الأستاذ طليمات أيضاً إلى معالي وزير المعارض التماساً يرجو فيه إلغاء انتدابه في الفرقة القومية المصرية.

ولسنا ندري حقيقة الأسباب التي دفعت الأستاذ طليمات إلى تطليق المسرح والفرقة القومية التي طالما تمنى قيامها وعمل كثيراً في سبيل إنشائها، فالإشاعات كثيرة: منها أن هنالك من يضع في طريقه العقبات وأن بين رجال الفرقة من يعمل على الحد من السلطة التي كانت له في الموسم الماضي ويذكرون مسائل معينة للتدليل على صحة ما يقولون.

والسبب المباشر في استقالته أنه تقرر سحب رواية الجريمة والعقاب التي نقلها إلى العربية الدكتور الشاعر إبراهيم ناجي والممثل فتوح نشاطي بعد أن استعد لها وأتم دراستها واختار لنفسه أحد أدوارها، وقد عهد بإخراج هذه الرواية إلى الأستاذ عزيز عيد، وكان الدور الذي اختاره الأستاذ طليمات لنفسه من نصيب الأستاذ حسين رياض.

وقد يرى القارئ الملم بالوسط المسرحي المصري أن هذا التصرف عادي في الفرق ولهذا فإن دهشتهم لتقديم الاستقالة كانت كبيرة، ولكن المتصلين بالأستاذ طليمات يقولون إن هذه الحادث هو القشة التي قصمت ظهر البعير.

ونحن يسوؤنا جداً أن تنتهي المسألة بهذه النتيجة المؤلمة، ونحن نأسف جد الأسف على خروجه من الوسط المسرحي ونعد اعتزاله خسارة كبيرة فهو المخرج الوحيد في مصر الذي درس فن الإخراج والتمثيل في أوربا دراسة تهيئه لأن يتولى هذه المهمة في مصر، وهو إلى جانب هذا أديب مطلع لا نجد بين الممثلين أكثر من اثنين في مثل اطلاعه وإخلاصه للفن.

والمسرح المصري في هذه الفترة في حاجة إلى توحيد الجهود لإقالته من عثرته. وخروج الأستاذ طليمات يضعف من الجهود التي تبذلها اللجنة ورجالها المحترمون. ونحن نرجو مخلصين أن يعدل الأستاذ طليمات عن هذه الاستقالة، وأن تمهد له اللجنة الطريق إلى سحبها بأن تزيل ما في النفوس من الصغائر التي تفسد الجو المسرحي، كما نرجو ألا يوافق معالي وزير المعارف وسعادة وكيل الوزارة الأستاذ العشماوي بك على إلغاء انتدابه.

يوسف