مجلة الرسالة/العدد 178/من شعر المناسبة

مجلة الرسالة/العدد 178/من شعر المناسبة

ملاحظات: بتاريخ: 30 - 11 - 1936



إلى زعيم الأمة الأكبر

للدكتور أحمد زكي أبو شادي

تقبَّلْ من الدُّنيا العُلى والتهانئَا ... وعش هانئاً يا جاعل الشعب هانئا

وهيهات أن تنسى أياديك أمة ... درأتَ الرَّدى عنها، ومازلت دارئا

أننسى أعاصيرَ السنين التي مضت ... وإن كنت مَنْ لاقى الأعاصير هازئا

أننسى جبال الموج حتى كأننا ... غرقنا، فلم تيأس ونلت الشواطئا

معاذ الوفاءُ اليوم تنسى قلوبُنا ... فكل فؤادٍ كان عندك لاجئا

وقد كنت للمجد المقدَّس قارئاً ... فأصبحت أنت اليوم وحيا وقارئا

لئن عرفَ الشاني بنصرك حقدهُ ... فكلُّ عظيمٍ ليس يعدم شانئا

وما عرف الشاني المآثر تبتني ... وغايتُه للشرّ يعملُ ذارئا

صبرت ولكن في جهادٍ مُضاعف ... وفُزْت ولكن عُدت للجهد بادئا

وما القدوة المثلى سواك، وحسبنا ... هداك، وما يرضى هداك الممالئا

ليصخب كما يرضى هواه، فللورى ... عقولٌ ترى الحسنى وتدري المساوئا

رميت بأقوى حُجة بعد حُجةٍ ... ويُضحكني من جاء بالوهم لاتئا

ولو نحن نقبنا وَجدناه دائماً ... تذبذب حتى ضيع العُمر صائبا

فسِمناه في هذا التهافت ساخراً ... وَشمناه في هذا التحرُّق طارئا

تقدم زعيم الشعب للفتح ثانيا ... وَنظم شؤون الحكم سمحا وواضئا

وَجُدْ بغنى الدستور حريةً لنا ... فقد مات عهد كان للحر رازئَا

وَدُسْ كلً أفعى في سبيل كماله ... فكم دُست من قبل الغنى واللآلئَا

وَكم قد بذلت التضحيات لأجله ... وَمازلت من حبِّ المنافع بارئا

فأهلاً بمن يغلو بنقدك عامداً ... وإن فضح الإسرافُ ما كان غابئَا

ستروى له الأيام حزمك خالقا ... مدَى العدْل وَالحكم المنزه كالئا

لئن كان طفلاً فهو باسمك ناشئٌ ... وَحبك كم قد صيَّر الطفل ناشئا

كأنك قد أنجبت جيلاً مؤخراً ... وَإن لم تكن بالخير وَالعدل ناسئ كأنك قد أبدعت جيشك غازيا ... وَأسطولك النامي يجوب الموانئا

سنلقى وَيلقي أمةً شع نورها ... وَقد كان من فرط التحزب طافئا

وجواً طليقا بالتسامح عابقا ... ونبعا سريا ليس يُرجع ظامئا

وفكراً أبيّاً منجبا نفع قومه ... وَقد كان مدفونا فأصبح ناتئا

وَأنك أهلٌ أن تناظر مصلحا ... سميَّك، لا تحيي بلادك جازئا

تحديت في الماضي المصاعب هادئا ... كذلك في الآتي ستلقاك هادئا

(الإسكندرية)

أحمد زكي أبو شادي