مجلة الرسالة/العدد 198/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 198/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 04 - 1937



الأزهر والجامعة المصرية في عيد أثينا

في هذا الأسبوع تحتفل جامعة أثينا بعيدها المئوي؛ فقد دعيت جامعتنا المصرية ودعيت والجامعة الأزهرية لشهود هذا الاحتفال العلمي، فلبتا الدعوة؛ وانتدبت الجامعة المصرية مديرها الأستاذ لطفي السيد باشا لتمثيلها، وانتدبت الجامعة الأزهرية أحد أساتذة التفتيش. ومما يلاحظ بهذه المناسبة أن الأزهر قد بدا يتخذ مكانته في هذه المهرجانات العلمية الدولية بعد أن لبث دهرا بعيداً عنها، وهذه هي المرة الثالثة أو الرابعة التي يوفد فيها ممثليه إلى الخارج للاشتراك فيها. وقد نشأت جامعة أثينا منذ مائة عام (سنة 1837) معهدا متواضعا على سفح الأكروبول. وكان قيامها من نفثات الاستقلال الذي كسبته اليونان بدمائها قبل ذلك بأعوام قلائل؛ بيد إنها قطعت خلال هذه المائة العام أشواطاً عظيمة، فأضحت جامعة كبرى تتمتع بهيبة علمية لا بأس بها.

وسيشهد عيد الجامعة الأثينية ممثلو نحو خمسمائة جامعة ومعهد، وسيفتتح الاحتفال الرسمي ملك اليونان ويلقي خطاباً في هذه المناسبة وتمتد حفلات العيد مدى أسبوع من 17 أبريل الجاري إلى 22 منه؛ وقد وضع برنامج حافل يشتمل على خطب وأحاديث علمية مختلفة وعلى حفلات ومآدب اجتماعية، ونزهات ورياضات خلوية مختلفة؛ وسيلقي ممثل الجامعة المصرية وممثل الأزهر - كل كلمته في هذا المهرجان.

ذكرى مكتشف البلهارسيا:

تستعد الجمعية الطبية المصرية للاحتفال في الشهر القادم بذكرى العلامة الألماني تيودور بلهارس لمناسبة مرور خمسة وسبعين عاما على وفاته: وقد اقترن اسم هذا العلامة إلى الأبد بأحد الأمراض المصرية المتوطنة وهو (البلهارسيا) التي ما زالت تفتك بمئات ألوف من المصريين؛ وكان بلهارس أستاذاً بمدرسة الطب المصرية، فعكف أعواماً على دراسة جراثيم الأمراض المتوطنة، ووفق بعد مباحث طويلة إلى اكتشاف ديدان مرض البلهارسيا وبعض الجراثيم والطفيليات المتوطنة الأخرى، وقد رأت الجمعية الطبية المصرية أن تقوم بواجب الوفاء لهذا العلامة الذي خدم الطب والعلم في مصر، فتكرم ذكراه في حفلة جامعة تقيمها بكلية الطب في مساء يوم الأحد 9 مايو القادم، وسيلقي بعض حضرات الأساتذة والأطباء المصريين كلمات في ذكرى العلامة الراحل، وفي حياته واكتشافاته الطبية، ومن المحقق أن دوائر العلم الألماني ستحتفي بهذه الذكرى أيما احتفاء، فاشتراك الجمعية الطبية المصرية في هذا التكريم تصرف محمود وعنوان على التضامن العلمي الذي لا يعرف واجباً ولا حدوداً.

جوائز مدينة باريس الأدبية:

من أنباء فرنسا الأدبية أن مجلس باريس البلدي، قد قرر إجابته لاقتراح مسيو رنيه جيوبن أحد أعضائه أن ينشئ جائزة أدبية قدرها خمسة وعشرون ألف فرنك (نحو 230 جنيه) تسمى (جائزة مدينة باريس الكبرى)، وتتولى منحها هيئة محكمين من الكتاب وأعضاء المجلس البلدي؛ وتمنح عاما بعد عام لكبير من الكتاب أو الشعراء أو المفكرين، فتمنح في العام الأول لكاتب (روائي) مثلاً تحوز مؤلفاته قصب السبق؛ ثم تمنح في العام التالي (لشاعر) وفي العام الثالث (لكاتب وصفي أو ناقد)، وفي العام الرابع (لمؤرخ أو فيلسوف) وهكذا، ويمكن منح هذه الجائزة عن مؤلف بعينه أو عن جميع التآليف مجتمعة، كذلك قرر المجلس البلدي أن يرفع الإعانة المقررة (لجمعية الأدباء) من عشرين إلى خمسين ألف فرنك في العام.

وهذه الجائزة الأدبية التي تقررها مدينة باريس ليست إلا واحدة من عشرات بل من مئات من الجوائز الأدبية المختلفة التي تقررها الهيئات الرسمية وغير الرسمية من جمعيات علمية وأدبية وصحف وغيرها لتشجيع العلوم والاداب، ورعاية الحركة الفكرية وإذكاء همم الكتاب والأدباء والفنانين، فأين جوائزنا نحن؟ ومتى تفكر هيئاتنا الرسمية وغير الرسمية في ترتيب الجوائز الأدبية الموقرة التي يمكن أن تسبغ بهيبتها الأدبية على أدبائنا وكتابنا شرفاً يتسابقون إليه، كما تسبغ بقيمتها المادية على جهودهم نوعا من المؤازرة والتشجيع؟

كتاب عن الرحلات القطبية

صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب عن المكتشف الأمريكي الشهير روبرت بيري وعن رحلاته القطبية المختلفة عنوانه: ومؤلفه المؤرخ الأمريكي هوبز وقد أشتهر هوبز منذ بعيد بكتاباته عن القطب والرحلات القطبية، فهو من هذه الوجهة أستاذ موضوعه؛ وهو يسرد في كتابه الجديد رحلات بيري القطبية منذ رحلته الأولى إلى الجزيرة الخضراء في سنة 1886، وهي السنة التي أكتشف فيها رأس الثلج الشهير. وبيري من أشهر المكتشفين والرحل في عصرنا؛ وكان مولده في ولاية بنسلفانيا سنة 1856؛ وألتحق بالبحرية الأمريكية سنة 1881؛ وفي سنة 1886 رحل إلى الأرض الخضراء رحلته الأولى؛ وفي سنة 1891 رحل إليها للمرة الثانية وقطع الجزيرة من جنوبها إلى شمالها على ظهر زاحفة ثلجية، وأنفق في رحلته ثلاثة عشر شهراً واستطاع أن يتحقق من أن الأرض الخضراء جزيرة تحدها الثلوج من الشمال كما تحدها من الجنوب. ثم قام برحلته الثالثة إلى الأرض الخضراء في سنة 1893ومكث في الجزيرة نحو أربعة أعوام؛ وكان بيري يستعين في رحلاته برجال (الإسكيمو) وإليه يرجع الفضل في دراسة خواص هذا الجنس المدهش الذي يعيش بين الجليد الخالد. وفي سنة 1898 قام بيري برحلة جديدة على ظهر الباخرة القطبية (روزفلت) حول الجزيرة الخضراء من الشمال والشرق، ولبث بيري طول حياته يتطلع إلى القطب واكتشافه؛ وفي سنة 1905 قام بأعظم رحلاته في اتجاه القطب الشمالي، ووصل في سنة 1908 على ظهر السفينة القطبية روزفلت إلى رأس شريدان، وهي أبعد نقطة وصل إليها إنسان، وقضى الشتاء في تلك الوهاد الثلجية؛ وفي أبريل سنة1909، وصل بيري إلى القطب الشمالي وحقق بذلك أمنية حياته؛ وكتب بيري عدة كتب خلابة عن رحلاته؛ ورقى إلى رتبة الأميرال في سنة 1911، وتوفى في واشنطون ستة 1919.

وقد استعرض مستر هوبز في كتابه الجديد حياة بيري ورحلاته بأسلوب شائق واستخلصها من كتبه ومذكراته ومعلوماته الخاصة، فجاء من أبدع الكتب التي صدرت عن الرحلات القطبية.

قضية أدبية غريبة

رفعت إلى محكمة نيويورك العليا قضية أدبية غريبة تشغل دوائر النشر والأدب تدور حول هذا السؤال (هل يحق للعالم الذي أضحت حياته العامة ملكاً للتاريخ أن يتمسك بإخفاء بعض حقائق في حياته لاعتبارات خاصة؟) وخلاصة القضية إن العلامة الباثولوجي الأشهر الدكتور كارلاند شتايز الذي يحمل جائزة نوبل للعلوم، والذي يشغل مركزاً هاماً في معهد روكفلر للمباحث الطبية رفع قضية على شركة نشر قاموس الإعلام يطلب فيها الحكم على الشركة بأن تمتنع عن نشر صورته وترجمته بقسم (أعلام يهود أمريكا) في طبعتها الجديدة، وأن تدفع له عشرين ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من الضرر المحقق في حياته الخاصة وفي مهنته.

وقد ولد الدكتور لاندشتاينر في النمسا من أبوين يهوديين ولكنه نبذ اليهودية وأعتنق الكثلكة في سنة1890 وتزوج من سيدة كاثوليكية، ويقول محاميه أنه، أي الدكتور، يعيش منذ خمسين عاماً في وسط مسيحي، ويغضي عن علائقه الدينية القديمة؛ وحق الخصوصية هنا قائم ويجب أن يحمى. ثم إن للمدعي ولداً في التاسعة عشرة من عمره لا يعرف شيئاً عن أصل والده اليهودي، فإذا وقف على هذه الحقيقة في القاموس المشار إليه فإنه يصطدم لذلك وقد يعرضه للمذلة في الوسط المسيحي الذي يعيش فيه.

ويقول الناشرون إن قاموس الإعلام هذا عمل تاريخي جليل، وإن كل ما يتعلق بحياة المدعي من الوقائع والحقائق إنما هو ملك للتاريخ وإن نشرها له عدوان فيه على حقوقه الخاصة

وهكذا تجد المحكمة العليا نفسها أمام مأزق دقيق.