مجلة الرسالة/العدد 212/عاش الملك

مجلة الرسالة/العدد 212/عاش الملك

ملاحظات: بتاريخ: 26 - 07 - 1937



بقلم السيد زيادة

أية قوة تنبعث في نفسي الآن لأكتب؟. . . ألا ما أشاهدها قوة نازية بالفرح أستغربها على نفسي أنا المخلوق لأحزن!! ولكني إذ أنتشي وإذ يستطيع الفرح أن يستأثر بنفسي إنما أراني فرداً ضئيلا من أمة فيه بعض ما فيها جماعات وأفراداً من صخب الفرح، ولاء للعرش القائم على دعائم المجد، وحفاوة بالملك القادم بين دعوات القلوب.

لقد دنت من الأفق شمس اليوم الضاحك الذي ينصرم فيه تاريخ مصر الممتحن ليبدأ به تاريخها السعيد. . .

اليوم الذي نظر إليه الشعب من بعيد كأول أيامه الخالدة، وميلاد حياته الزاهرة، وفاتحة عهده الجديد. . .

اليوم الذي تنتظره الأمة انتظار المحب الولهان ليوم اللقاء الموعود.

اليوم الذي تتقدمه الحياة منذ شهور ببشائر الخير، وتحفه بدلائل النعيم، وتزفه بآيات الفرح. . .

اليوم الذي يجلس فيه مليكنا الدستوري على عرشه المؤيد ليملك زمام شعبه المخلص له. . .

دنا اليوم الذي يتحقق به حلم الشباب في قلب مصر

وافتر ثغر الحياة عن بسمة الزمن

وتهاتفت القلوب من أعماقها بالولاء للملك

ورقص غصن النيل المديد المياس بحواشيه وأعطافه

ونادى المنادي بأن فاروق الحبيب مقبل بعد غيابه ليتلقى بكاهل الشباب أعباء الملك فهب الجميع يهتفون: عاش الملك. عاش الملك

مرحباً يا مرمق أبصار الأمة، ومبسم ثغر النيل، وحبة قلب الكنانة، وعنوان فخر الشباب. . .

مرحباً يا باعث المجد من مرقده، وناشر العز بعد انطوائه، ومطلق الشعب في هنائه. . .

مرحباً يا حجة الزهو حين تزهو، وقوة الأرواح حين تصبو ونور النفوس حين تسمو، وحياة العزائم حين تتحد. . .

مرحباً يا قائد الأمة الحية، ومعجب ملوك العالم، وحامل لواء السلام. . .

أيها القادم من حيث فتن الغرب بجلاله، ليفتن الشرق بأعماله؛ هذه أرواحنا تناديك ظامئة إليك، تستقبل من صفو وجهك الريَّ والحياة

أيها المتهلهل بطلعة القمر من أبهة الملك فوق عرش الأفئدة. . هذه قلوبنا تحييك مصفقة لك خافقة بك تقتبس من حبك المرسل في نواحيها النور والأمل. . .

أيها المشرف على واديه السعيد به إشراف العاطف الكريم الحنون. . . هذه عيوننا تتطلع إليك مرقرقة فيها دموع الفرح متسامية إليك منها نظرات الحنين، تطالع في ركابك العالي بهجة العيد الدستوري المخلد. . .

يا أيها المِلكُ المَلكُ. . . إن لك في كل موضع من كل قلب صورةً تقدَّس واسما يُرَدَّد.

يا أيها العاهل العظيم، أقبل على وادي النيل الشاعر بأنك رمز آماله. . . إن لك فيه تاجاً سنياً عقدت نسجه العتيد مئات السنين بيد الخلود، وعرشاً جليلاً هيأتْ مجلسه الوطيد قلوب الشعب بأعظم الولاء. . . فما خلقت هامتك الشريفة إلا لتحمل أعرق تيجان الملوك، وما خلق مقامك السنيُّ إلا ليتبوأ أسنى عروش الدول.

يا فاروق! لقد أشرق في بدء عهدك تاريخ الفاروق، ومضيت على سنن أبيك لتتم نهجه، واتبعت في علاك مناهج الرسل؛ فما أسعد المُلْكَ الأشم بك، وما أكبر المثل الأعلى للملوك فيك!!.

ليست عابثةً هذه الأمة التي تعد نفسها لتحييك بتحية فاقت كل تحايا الأمم للملوك بروحها الدفاقة الزاخرة التي هي روح الحب في إيمان القلوب تحت إلهام الله. . . هذه الحماسة المتقدة في قلوب شعبك ما هي إلا تعلقه بك، وهذا البشر الشامل كل بقعة من وادي النيل ما هو إلا ولاؤه لك. . .

إن لنا من عبقرية شبابك آمالا شابة ناضرة ستحققها الأيام بيدك.

فامض بالأمة فيما شئت من سبل المجد، وضع مصر من حيث أردت لها من صفوف الدول الماجدة، وابسط علينا من ظلالك حياة العز والرَّغد. . . وعش لنا يا فاروق. . .

السيد زيادة