مجلة الرسالة/العدد 213/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 213/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 213
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 02 - 08 - 1937



تراثنا الفني في ظل الإشراف الأجنبي

من الحوادث المدهشة المؤلمة معا ما كشفته التحريات الأخيرة من ضياع عشرات آلاف من التحف الفنية النفيسة من المتحف المصري، ما بين تماثيل وصور وحلي فرعونية وغيرها، وقد اكتشفت هذه الفضيحة المؤسية على أثر حادث التمثال الفرعوني الذي اختفى من المتحف وظهر أخيراً في متحف بافالو بأمريكا، ثم رده المتحف الأمريكي بعد أن وقف على الحقيقة، وكان تصرفه مثلا للأمانة العلمية المؤثرة، وقد كنا نعتقد أن خسارة مصر الفنية تقف عند مجموعات التحف الفرعونية النفيسة التي تحتفظ بها متاحف العواصم الأوربية والأمريكية والتي تسربت من مصر خلال الخمسين عاماً الأخيرة ومعظمها بطرق غير مشروعة، على يد البعثات الأجنبية التي تستتر بصفاتها العلمية والأثرية؛ ولكن ظهر مع شديد الأسف أن البقية الباقية التي استطعنا أن نحتفظ بها من عبث أولئك العابثين، وأن نودعها في متحفنا القومي، لم تسلم أيضاً من الاختلاس والاعتداء، بل ظهر أن هذا الاختلاس يصل اليوم إلى آلاف مؤلفة من التحف التي أدمجت وقيدت في سجلات المتحف ولا وجود لها اليوم؛ ونحن لا نعتقد أن هذا الاختلاس المؤلم قد وقع في يوم أو في شهر أو أشهر بل وقع بالتوالي خلال أعوام طويلة ولم تفطن إليه السلطات ذات الشأن. ذلك أن تراثنا الفني كان مع الأسف خلال العصر الأخير تحت الإشراف الأجنبي، ومنذ أكثر من خمسين عاماً يتولى بعض العلماء الأجانب، وهم جميعاً فرنسيون إدارة المتحف المصري؛ وما حدث من تسرب تحفنا ونفائسنا الفنية وقع في عهد هذه الإدارة الأجنبية؛ وكان صوت المصري وصوت السلطات المصرية خافتاً في الماضي، فلم يرتفع كما يرتفع اليوم بالاحتجاج على هذه الفضائح المزرية؛ وكان إذا أتيح له الاحتجاج يقنع بالترضية اللفظية. أما اليوم فإن مصر لا تستطيع صبراً على هذا الاعتداء الشائن على تراثها الفني، ولابد من أن تقوم السلطات المصرية بكل ما تستطيع لتعقب الآثار الضائعة، ولابد لها قبل كل شيء أن تعتبر بهذا الدرس، وأن تعمل على رفع الإشراف الأجنبي نهائياً عن المتحف المصري، كما وقفت من قبل إلى رفعه عن دار الكتب المصرية بعد عهد طويل من الإشراف الأجنبي تسربت في ظله معظم التحف الخطية من القطر المصري إلى ألمانيا التي كان يستأث علماؤها بإدارة دار الكتب المصرية

لسنا ننكر ما أفادته مصر في العصر الأخير من معاونة العلماء

الأجانب، ولكن التعاون العلمي الصحيح يجب أن ينزه عن أن يتخذ

أداة للاستيلاء على تراثنا الفني والعلمي بوسائل ظهر في أحيان كثيرة

أنها لا تتفق مع مبادئ الأخلاق الرفيعة، ولا تتفق بالأخص مع الثقة

الكريمة التي كانت مصر تمنحها فيما مضى للعلماء الأجانب

مستقبل المهن العقلية

تساءل كاتب في إحدى الصحف الفرنسية الكبرى عن مستقبل المهن العقلية وأبدى تخوفه من أن يصير التفكير والمهن العقلية إلى مصير سيئ؛ وإذ كان التفكير قوام الحضارات الرفيعة فإنه يخشى أن تصاب الحضارة البشرية في ركن من أعظم أركانها إذا لم تفطن الأمم المختلفة إلى ما أصاب التفكير والمهن العقلية من ضروب الركود والغبن؛ ويقول هذا الباحث إن الفنون والمهن العقلية قد تضاءلت آفاقها وميادينها في العصر الأخير وانحط معيارها المادي إلى أدنى الحدود، هذا في حين أن الحرف اليدوية والمادية قد ازدهرت وارتفع معيارها المادي؛ وقد كان الفرق منذ ثلاثين سنة شاسعاً بين المهن العقلية؛ والحرف اليدوية من حيث التقدير المادي؛ أما اليوم فقد تضاءل هذا الفرق بل ربما تفوقت الحرف اليدوية في بعض الأحيان على المهن العقلية؛ ولنضرب لذلك مثلا، ففي إدارة شركة من الشركات أو تحرير صحيفة من الصحف ترى الموظفين الذين يتولون أعمالاً ومهناً عقلية كالتحرير والإدارة، يتقاضون أجوراً لا تكاد تزيد على الأجور التي يتناولها بعض رؤساء العمل مثلا، وأحياناً يتفوق هؤلاء في أجورهم على المحررين ويتناول العامل الفني مثلا في مصنع من المصانع أجراً يفوق ما يتناوله الطبيب أو المحامي العادي من مهنته؛ هذا مع أن الحالة قبل الحرب الكبرى كانت تختلف عن هذه الحالة كل الاختلاف ويرجع ذلك إلى تنظيم الحركة الصناعية والعملية منذ الحرب الكبرى، وتنظيم النقابات والاعتصابات لرفع الأجور والمنح، وتحسين أحوال العمال بوجه عام. أما أصحاب المهن العقلية فلم يفكروا ولم تسمح لهم ظروفهم بخوض مثل هذا الكفاح. بيد أن من الخطر على الحضارة أن يترك أصحاب المهن العقلية دون عون، وأن يدفعوا بفعل الظروف الاقتصادية إلى مصاير سيئة تحملهم على التفكير في تحقيق العيش من طرق أخرى. ومن مصالح الأمم والحضارة أن تدعم الحركة الفكرية والمهن العقلية، وأن تيسر لأربابها سبيل العيش المريح، هذا وإلا فإنه يخشى أن يخمد النبوغ وينطفئ وتتحول الحضارة إلى ركام من الماديات المبتذلة.

مؤتمر فني للتربية:

يعقد بمدينة كوبنهاجن عاصمة الدانماركة بين أول أغسطس والعاشر منه مؤتمر للتربية على مبادئ مونتيسوري المشهورة برياسة الدكتورة ماريا منتيسوري صاحبة هذه الطريقة؛ وهذا هو المؤتمر السادس من نوعه، وسيشهده مندبون عن دول كثيرة وعن طائفة عديدة من معاهد التربية العالمية؛ وستلقي الدكتورة منتيسوري محاضرات في الموضوعات الآتية (1) لماذا يمكن أن تؤثر التربية في سلام العالم (2) ماذا يجب أن تزود به التربية لكي تعاون على تحقيق السلام (3) ماذا يجب أن تسلح التربية به لمقاومة أخطار العصر (4) ضرورة التفاهم العالمي لإعداد الإنسانية إعدادا خلقيا (5) التربية كوسيلة لرفع مستوى الإنسان والمجتمع. وسيلقي أعلام آخرون من رجال التربية مباحث أخرى، وتبحث أساليب منتيسوري للتربية بحثاً علمياً وفنياً، ويقام في نفس الوقت معرض دولي لمطبوعات هذه الطريقة وأشغال مدارسها.

وقد اشتهرت أساليب منتيسوري للتربية في العصر الأخير، وهي تنسب إلى الدكتورة منتيسوري التي كانت أول امرأة حصلت على درجة الطب من جامعة رومة؛ وتولت إدارة معهد الأطفال الشواذ في سنة 1898، وحصلت بطريقتها الخاصة على نتائج طيبة في رفع المستوى العقلي لهؤلاء الأطفال. وفي سنة 1907 طبقت الدكتورة منتيسوري طريقتها على الأطفال العاديين وأسفرت عن آثار حسنة وذاعت في عدة معاهد في رومه وميلانو وبعض عواصم القارة. وتقوم هذه الطريقة بالأخص على ما يأتي: (1) تدريب الحواس والمنطق (2) السيطرة على أطراف الجسم وحركاته (3) تعليم القراءة والكتابة والحساب

وتتبع الآن كثير من رياض الأطفال في أوربا وأمريكا طريقة منتيسوري

تأييد تصويب استدرك قارئ فاضل هو (ش) في عدد الرسالة الماضي على عبارة وردت في مقالي المنشور في الرسالة (عدد 210) تحت عنوان (من ذكريات الحملة الفرنسية) عن الملكة هورتنس بوهارنيه ابنة الإمبراطورة جوزفين من زوجها الأول الكونت دي بوهارنيه، إذ ورد به أنها كانت زوجاً للجنرال مورات؛ والواقع أن ذلك سهو يؤسف له؛ وقد كانت الملكة هورتنس في الحقيقة زوجاً لأخي نابليون، لويس بونابرت ملك هولنده كما ذكر (ش) في ملاحظته؛ أما زوج الجنرال مورات فقد كانت الأميرة ماري كارولين أخت نابيلون؛ وكانت حياة الملكة هورتنس من بعد سقوط الإمبراطور في سنة 1815 حتى وفاتها في سنة 1837 مؤسية مؤثرة؛ وتولى أصغر أولادها لويس نابليون عرش فرنسا فيما بعد باسم نابليون الثالث

هذا وإني لأشكر لحضرة القارئ غيرته واستدراكه

(م. ع. ع)

الملكة هورتنس:

في التصويب الذي نشر في عدد الرسالة الأخير وردت الجملة (فولدت من نابليون الخ) والصواب (فولدت منه) بالهاء والهاء تعود على لويس بونابرت أخي نابليون ووالد لويس نابليون الذي صار يعرف باسم نابليون الثالث

(ش)