مجلة الرسالة/العدد 262/بين العقاد والرافعي

مجلة الرسالة/العدد 262/بين العقاد والرافعي

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 07 - 1938



مناقشات وشروح

للأستاذ سيد قطب

- 11 -

عتب علي كثير من الإخوان، وكثير من القراء، انشغالي في بعض الأحيان بالردود على بعض من كتبوا في الرسالة - عن الموضوع الأصيل الذي اخترت الحديث فيه، وعن شرح الآراء العامة التي أدليت بها في أدب العقاد وأدب الرافعي، وسوق الأمثلة وتقرير الحقائق

وعند هؤلاء الإخوان أن آخذ بسبيلي في الموضوع الأصيل غير ملتفت إلى شيء مما يقال - لأنه لم يقل شيء يستحق العناية به - وهذا كان رأيي الذي صرحت به مرة ومرة

وبودي لو أطعت هؤلاء الراغبين في الاستفادة، ولم ألق بالي إلى شيء مما يقال، ولكنني في الواقع أرى هناك ارتباطاً وثيقاً بين الموضوع ذاته وبين المناقشات التي تدور حوله، لا في موضوعها وقيمتها، ولكن في شكلها وبواعثها

وأفسر هذا فأقول: إن المدرسة العقادية تعني بتصحيح المقاييس الأدبية عنيتها بتصحيح المقاييس النفسية، وقد أوردت من هذا نماذج في شعر العقاد، عن (عدل الموازين. والعبوسة والبشاشة. ودرجات الفضائل. . . الخ) فإذا ما عنيت بمناقشة الأستاذ العريان، والأستاذ مظهر، أو سواهما، فإنما أوجه عنايتي إلى (كشف) العوامل النفسية التي تبعثهما على الكتابة، وإلى (فضح) الظواهر المصطنعة التي تبدو فيها الأحكام، وإلى (تشخيص) العنت و (العدالة الزائفة) في إصدارها

وهذا كله يعني المدرسة الحديثة عنايتها بالآراء الأدبية ذاتها، فما تقصد هذه المدرسة إلى تصحيح معايير الآداب والفنون، إلا وهي تعني من ذلك تصحيح الأمزجة والنفوس. وهي لا تقصد بهذا الدعوة إلى المبادئ الخلقية التي يحترمها الناس بقوة العرف والاستمرار، ولكن تريد إن تصح النفوس فتكون هذه المبادئ أثراً لتفاعلها مع الحياة، أو جزءاً من غذائها اليومي الذي يدخل في كيانها، لا أن تكون كالثوب تلبسه وتخلعه حسب المناسبات! ومن هنا كشفت عن (العدالة الفريدة) التي تصف رد العقاد على الرافعي بأنه (سباب وشتائم) وتصف نقد الرافعي بأنه (منزه عن العيوب) وكان هذا الكشف بالأمثلة التي لا تدع قولاً لقائل!

ومن هنا كذلك كشفت عن (النزاهة العجيبة) في وصف الدفاع عن العقاد ومدرسته بالشذوذ ومناصرة شخص على شخص ووصف (على السفود) بأنه (مثال يحتذيه الذين يريدون أن يحرروا بالنقد عقولهم من عبادة الأشخاص) وجئت كذلك بما استطعت أن أنقله عن الرافعي من أسلوب في شتم العقاد!

وأنا أعتبر هذا جزءاً من تصحيح أساليب الأدب - باعتباره وسيلة لتصحيح النفوس - ولا أدرى أنني عدوت الموضوع الذي أتحدث فيه على هذا الاعتبار.

فأما الواقع فإنني أعجب لهذه الكثرة التي كتبت ترد عليّ دون أن تقول شيئاً في (الموضوع) مع مطالبتها لي أن أترك (الذاتية) وأتناول (الموضوعية) في أدب العقاد وأدب الرافعي!

وهاأنذا أراجع كل ما قيل. فماذا أرى؟

كل ما كتبه أنصار الرافعي، إنما هو شتائم شخصية، لسيد قطب، أكثرها في أدبه وخلقه ونفسه - وهو خارج نهائياً على الموضوع - وأقلها في تفكيره واستعداده واطلاعه - وهو قد يتصل بالموضوع - ولكن بدون دليل، إلا إشارات البكم، وتعبيرات العوام عن المسائل المبهمة في نفوسهم، التي لا يحسنون التعبير عنها ولا يقدمون الدليل.

أفيعنيكم - يا هؤلاء جميعاً - أن تشتموا كاتب هذه الكلمات؟ لئن كان الأمر هكذا فأنا معكم أعاونكم في شتمه إذا عجزتم، وأصرح لكم عنه بما يمنعكم خوف تقاليد الأخلاق - لا حياء نفوسكم - من التصريح به!

ولكن ماذا يعني هذا، وأي شيء يكون قد استوى لكم، أو للمتأدبين والقراء؟ إنه ليبقى وراء ذلك آراء أبديت في أدب الرجلين وأمثلة قدمت لهذه الآراء، وشروح تضمنت بعض النظريات في الأدب وفي الحياة؟ وكل هذا قد بقى سليما كما هو، لم تتناوله ردودكم ومناقشاتكم، لأن شتيمة كاتب معين شغلتكم عن كل ما عداه من الآراء والأمثال!

ولقد أظهرت هذه المعركة أنكم تمضون في الشتائم والتهم فينفسح لكم المجال، حتى إذا قاربتم (الموضوع) وأردتم مناقشة الأمثلة، ظهر العجز الفاضح والقصور في الفهم والاطلاع. ليست كلمات الأستاذ (الطنطاوي) ببعيدة، وقد عجبت لاستطاعة الأستاذ (عبد الوهاب الأمين) أن يصبر على مناقشتها كما عجبت لصبر الأستاذ (كامل نصيف) في الرد عليها، في حين لم أجدني مستطيعا - على فرط المحاولة - أن أنظر إليها كشيء يستحق الالتفات!

وكيف يمكن أن تلتفت مثلا لرجل يكاد يفهم من قول العقاد عن الجيبون (يا عميد الفنون) أننا سنأتي غدا بقرد نجعله عميد (كلية الآداب) أو (الفنون الجميلة) فيفرَق لهذا الحدث الخارق من المجددين!. ثم ينتفض ذعرا من قوله (يا أبا العبقري والبهلوان) ويسأل الله السلامة من هذا (الاعتراف) الذي هو لحسن الحظ (حجة قاصرة)!

أو كيف يمكن أن تصبر على مناقشة رجل، يحلف لك بالطلاق أن كلمة (الجيبون) لا تدخل في شعر عربي، أو يستحلف سواه، ويفتي له بعدم طلاق امرأته! ويكون الحكم طبعا هو (مأذون الشرع) في قيمة الآداب!

وليته مع ذلك ابتكرها، فإنما هي بعينها قولة الرافعي في (على السفود) عن بعض الألفاظ في قصائد العقاد!

ووددت لو يحلف الأستاذ على هذا، فأفرق غداً بينه وبين زوجه - أن كان متزوجاً - لأن (ابن الرومي) وحده وهو شاعر عربي ذكر من مثل هذه الألفاظ العشرات في ألوان الطعام وأسماء الفواكه والخمر. كما ورد في أدب غيره!!

وبعد هذا تجد من يكتب فيقول لك: لم لا تناقش هذا الكلام؟ أناقشه؟ أكل من لاقاك في الطريق فقال كلاماً - أي كلام - تقف لتناقشه؟

على أنني وددت لو خفت حدة المناقشات، ولو عاد إليها هدوءها الذي بدأتها به في الكلمة الأولى. وهاأنذا أحاول الاهتمام ببعض مالا يصح الاهتمام به من الأقوال، وتناسي ما فيها من تعالم وتحفز، أو تفاهة وضآلة. ولعلني مفلح في تحويل هؤلاء الناس - كلهم - إلى معالجة الموضوع

وأبدأ بكلمة الأستاذ (رفيق اللبابيدي) وقد مهد لها بدالَّة الصداقة والزمالة، وساقها مساق من يورد رأيه - وليكن ما يكون - مما يشفع في تناولها بالتمحيص أول ما يراه أنني لم أقرأ كتب العقاد - على مذهبي من ضرورة الثقافات المختلفة لقراءتها - ولم أقرأ كذلك كتب الرافعي كلها

فأما العقاد، فقد قلت: إنني فهمته بمقدار استعدادي واطلاعي، وإنني سأرتقي في فهمه كلما زدت ثقافة واتسعت جوانب نفسي. فكان تفسيري له في هذه الحدود الضيقة بالنسبة له، الواسعة جد اتساع، بالنسبة لمن ينصبون أنفسهم نقاداً له، فيخرجونه من عالم الشعراء، بل الأدباء، وهم جالسون في راحة غبية، و (طمطمة) بليدة!

وأما الرافعي فقد قرأت له معظم ما كتب، فلم أر في شيء منه دلائل على أن هناك استعداداً، لأن يخرج هذه الطبيعة شيئاً مما أطلبه، يحفزني لقراءة الباقي، على الأمل في وجود ذخيرة نفسية. وقد عنيت أن أقرأ له الكتب والمقالات، التي تفيض النفس الإنسانية فيها بالشعور الخاص - عادة - فإذا لم يكن في هذا المجال صاحب ذخيرة، فما هو بصاحب ذخيرة على الإطلاق

أما الأمثلة التي سقتها، فليست منتقاة على اعتبار أنها (مما يوقع فيه) ولكن لأنها أدل على تصوير طبيعة خاصة، ناضبة من الذخيرة الإنسانية، ومن دفعة الحياة والعقيدة (العقيدة في الأدب والحياة لا في القاموس!)

ولي رأي في الأمثلة لا بأس من إيراده هنا. فالأديب قد يخطئ وقد يهبط في كثير من المواضع، ولكنه يبقى بعد أديباً لا تسلبه أخطاؤه ولا يسلبه ضعفه، صفة (الإنسانية) في أدبه (لا الإنسانية التي تقابل الحيوانية في تكوينه كما فهم بعض من يفهمون!) ولا تسلبه صفة (الطبيعة الفنية) وقد يخطئ أديب آخر مرة واحدة، فتسلبه هذه المرة كل الصفات

ومرجع ذلك هو (نوع) الغلطة ومقدار دلالتها على فهم الرجل للحياة، وعلى نوع إحساسه بها. كالرجل الذي يحدثك عن زيارته لمدينة القاهرة، فيترك كثيراً مما فيها من المشاهدات ويخطئ في وصف الكثير، ولا يدل ذلك على كذبه في وقوع الزيارة؛ ولكنه لو قال مثلاً: (إنه كان من المشاهد التي رآها أسد يخترق الشوارع والطرقات) لحكمت من فورك بأنه كاذب في دعواه، وهي مع هذا غلطة واحدة لا غلطات!

فحين يقول الرافعي: إن الحبيبة لا تتعلق بقلب حبيبها بعد انتهاء الحب إلا بخيطين اثنين هما غيظها له، وغيظه لها. . . يدل على أنه لم يحس الحب يوماً ما، ولم يحسن ملاحظته في غيره، بل لم يكن ذا طبيعة قابلة للحب، ولا مستعدة لتلقي دفعاته وانفساحه ولو كتب بعد ذلك عن الحب ألف كتاب

وحين يقول ما يفهم منه أنه يرى النهر الذي حافتاه من الذهب والفضة ومجراه من الدر واليواقيت، أجمل من النهر الذي حافتاه من العشب الأخضر، ومجراه من المدر والطين. . . يدل على أنه لم يحس الإحساس بجمال (الطبيعة)، بل على أنه لم يوهب الطبيعة التي تحس هذا الجمال

وهكذا كل مثال جئت به لمثل هذه الغاية، فهي غلطات: (الأسد الذي يخترق شوارع القاهرة) لا غلطات النسيان والضعف الطارئ، والخطأ العارض في التعبير، ولعل في هذا البيان كفاية

ولعل القسوة التي يتخيلها الأستاذ، ليست في الحكم الذي أصدرته؛ ولكنها في وضع الرافعي مقابلا للعقاد، والجمع بينهما في عنوان؛ فمن هنا بدأت مطالبة الرافعي بأدب الطبع، وأدب النفس، لأن المقابل له فياض بهذا النوع، مبرز فيه، بل هو ميزته ورمز فنه. وقد كان من جراء مطالبة الرافعي بهذا اللون الرفيع من الفن الأدبي، ظهور خوائه، وإنكار أدبه (إذ كان المطلوب نوعاً خاصاً منه يعلو على مجرد الأسلوب المتمايل، والجمل المنقوشة). فهذه هي القسوة. ومتى أعفينا الرافعي من أدب النفس والطبع، فقد نجده بعد ذلك شيئاً في التعبير، في الأخذ بطريق خاصة في هذا التعبير، ولكن ما قيمة ذلك في عالم الطبائع الفنية، وفي معرض التعبير عن النفس وتمثيل الحياة؟

ثم يسألني رأيي في أبيات اقتطعها من قصيدة للعقاد، وشعر العقاد وحدة لا بد من عرضها كاملة - ومع هذا فأي شيء؟ لعله يريد أن يقول: ها هو ذا العقاد يشبه الحسن بالجوهرة، ويذكر اللآلئ كما ذكرها الرافعي!

وهذه ملاحظة شكلية، فما قلت: إن كل من ذكر هذه الألفاظ يكون خواء من تقدير الجمال الروحي، ولكن الذي يقول كما قال الرافعي، ويبدئ ويعيد، ويراها أجمل من الطبيعة كما قال عن (النهر). . . يكون كذلك

فأما حين نقول: إن الحسن جوهرة، ثم لا يكمل البيت حتى نقول: (لها الثراء) (ثراء النفس أثمان) وحين نقول: إن هذا الحسن يناله من لا يعرف قيمته، ويحرمه الخبير بجماله وسحره وطبيعته، كالجوهرة التي يحرمها اللآل ويقنو نفيسها من لا يسومها. . . الخ

حين نقول مثل هذا فنحن في صميم الشعور الروحي. والجوهرة واللآل هنا أدوات للتشبيه، وليست مقصودة لذاتها، ولا مغالي في قيمتها. (وثراء النفس) هو الملتفت إليه، والمقدر ثمنا لهذا الحسن الفريد

أما إنكار الأخ لشاعرية العقاد فليس لي فيه كلام. ووددت - والله - لو أنني أملك طبيعة فنية أخرى، أهبها للزميل. ولكني آسف معذور. وكذلك قولي في الحديث عن (الجيبون)!

أما أسئلة (ع. . . دمشق) فوددت لو خلت من هذا (الجفاف الناشز) في آخرها. ومع هذا فسأغض الطرف عنه، وأعتبرها أسئلة لمستفهم لا متعالم!

فمن السؤال الأول: أذكر أن في الأشياء حياة نابضة في ضمائرها، وهي أعمق وأولى بعناية الفنان من الحياة الظاهرة على سطوحها ولو اتصلتْ بها - فحياة الزهر الظاهرة تبدو في لونها ورائحتها وطراءتها. . . الخ. أما الحياة النابضة في ضميرها فهي المتصلة بتعبير الحياة المعنيَّ في هذه الزهرة، وقصد الطبيعة من إنشائها. وهي الحياة التي تستمد من نهر الحياة الكبير الجاري منذ بدء الخليقة إلى نهايتها، المتدافعة أمواجه في كل حي وجد أو سيوجد. وهي الحياة التي تكون حلقة في سلسلة الحياة الكبرى المتطورة من الخلية الواحدة إلى الإنسان. وهذا الالتفات الأخير هو الالتفات الفني لنظرية دارون، الصالح لأن يتناوله الفن والأدب، لأنه يتناول الحياة في معرض أطوارها ونماذجها المعَّبرة

وعن السؤال الثاني: أذكر أن السائل أخطأ في إرجاع الضمائر إلى ما تعود عليه في الجملة. فنشأ هذا اللبس، فأنا لم أقصد أن الحياة الظاهرة على سطوح الأشياء - غير أشكال (الحياة) وصورها. إنما أردت أنها غير أشكال (الأشياء) وصورها فلا داعي للسؤال. أما أن العناية بالحياة في الضمير والحياة في الظاهر أولى بالتفات الفنان من صور الأشياء وأشكالها، فهذا حق. والذي يقول:

وكأن محمر الشقي ... ق إذا تصوب أو تصعد

أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد

لا يرى غير أشكال الأشياء وصورها، ولا يعني بحياة الشقيق في سطوحها ولا في أعماقها، فيكون قوله تافهاً وإن سومه عشاق التشبيهات النفيسة بسعر كبير! وعن السؤال الثالث: أذكر أن الخوالج النفسية والصور الذهنية، وأدب الذهن، وأدب الطبع، تدل على ألوان من الأدب تكاد الآن تكون قد أخذت وضوح دلالة (العلم) على المسمى. وقد ضربت لها أمثلة - مع هذا - فمن لم يكن قد سمع شيئاً عن هذه الألوان من الأدب، ولم يكن قد أمكنه الانتفاع بالأمثلة التي سقتها، فليقرأ، ولينتظر حتى تنضج في نفسه هذه المعاني

أما السؤال الرابع فلا معنى له بعد ما قلت عن أسلوب العقاد ما قلت، وبعد ما وعدت بالإفاضة عن هذا الأسلوب. فليقرأ السائل كلماتي كاملة. وليراجع كلمة الأستاذ عبد الوهاب الأمين فهمي مفصحة عن هذه الناحية

وأما ملاحظة الفاضل (علي كمال. فلسطين) فنصفها في موضعه؛ وقد نشأ هذا من اضطراب في ترتيب بعض الجمل! وكثيراً ما يقع مثل هذا فنكتفي بفطنة القارئ. ولكن مع هذا بقي التناقض بين قول شوبنهور وتلخيص الرافعي واضحاً

فالرافعي يقول: (فإن محصل كلام هذا الفيلسوف أن ما تراه بسبب من إرادتك وغرضك وشهواتك، فجماله فيك أنت لا فيه لأنه في هذه الحالة صورة الاستجابة إلى ما فيك، فلو لم يكن معك أنت هذا الغرض، لم يكن معه هو ما خيَّل لك من الجمال. فهو على الحقيقة (باعتبار الفكرة المجردة لا جمال فيه)

وأول هذا الكلام لا صلة بينه وبين شوبنهور، ولا علاقة في منزع ولا اتجاه، وإنما هو رأي آخر في تعليل الجمال يعتبر رخيصاً جداً إذا قيس مستواه بمستى تفكير شوبنهور في رأيه وآخر هذا الكلام مناقض تماماً لرأي الفيلسوف (راجع ما بين القوسين الكبيرتين على كلام شوبنهور)

وبينما هو يقول - عن شوبنهور خطأ -: (فهو على الحقيقة باعتبار الفكرة المجردة لا جمال فيه) - وهو عكس رأي شوبنهور - يعود فيقول: (فالنتيجة من ذلك أن الأشياء تحزننا كلما ابتعدت من عالم الفكرة واقتربت من عالم الإرادة، وأنها تفرحنا كلما ابتعدت من عالم الإرادة واقتربت من عالم الفكرة) وهذا عكس ما نسبه الرافعي أولاً لشوبنهور، وإن كان حقيقته هو رأي الفيلسوف المسكين!

الشيء باعتبار الفكرة المجردة جميل في رأي الفيلسوف الصحيح. والشيء باعتبار الفكرة المجردة لا جمال فيه، في الرأي الذي ينسبه الرافعي إليه. وهذا هو سوء الفهم والتخليط

وعلى كل فأنا شاكر لحضرة الأديب ملاحظته

أما الأستاذ سعيد العريان، فقد شغلنا عنه وعن كلامه الطويل بما هو لائق أن نتحدث فيه، فمعذرة يا أستاذ سعيد!

(حلوان)

سيد قطب