مجلة الرسالة/العدد 263/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 263/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 07 - 1938


وحي الشاعرية

نفسية

للأستاذ حسن القاياتي

ظمآنُ لو شئتَ وردْ
لولاك يا نيل اتقّدْ
برَدُ الحناَ رشفةُ
للنيل تستَلُّ الكمدْ
للنيلِ من حيث اغتدىَ
قلبي ومن حيث اعتمدْ
كم صفَّدُوه فاصطفَوْا
للنيل مُفْتَنَّ الصَّفَدْ
جنَّاتُ علمٍ رَوَّضَتْ
في مصر جنَّاتِ الرَّغَدْ
لَهفي لمصرٍ جَنَّةً
لَيْسَتْ تُناغَي بالرشَدّ!
البرّ فينا لمحةٌ
والغيُّ جياشُ المددْ
غَرّدتُ حتى شفنِي
منْ يرْتمي طير الغَردْ
عصرُ المرجَّى شد ما
يمشي إليه في الزَّرَدْ
شكواي وَثابُ الهوى
في النيلِ خَوَّارُ الجلدْ
تذل التباري يَعْتَلِى
بالغيِّ طَمَّاحَ الأمدْ!
غنيتُ بالعلم احْتَفَى
والتعتُ للجهل احتشدْ
إن يهذِ غِرٌ بالعُلَى
فالهزل رُؤيا من رَقد
بدعان منْ حليِ النُّهى
تَفْوِيفُ شعري والْغَيَدْ
نمقتُ جنَّاتِ النَّدَى
فاختالَ فيها من جَحَدْ
كم جفّ رفد بذلهُ
كاللثم لم يُثقلْ أَحَدْ
إن تَعلُ دُوني رَغوةٌ
فالنيل فياضُ الزَّبَدْ
صَليتِ حلو المجتَنَى
يا مصرُ حرَّ المُجْتَلَدْ
من لأبن علياء ابتَنَى
للوغد مجداً فاقْتَعَدْ؟؟
لم يَحْن فيما يَشْتَهي
من رأس أوّابٍ سجدْ
إن لم تَسدْ بي عِزَّةٌ
فالدرُ يخزي من زَهد
الندب يخفي حِليةً
كالروح يخفيه الجسدْ
عصرُ تَغنَّى فازدهىَ
بالجهل أزري إذ خَلَدْ
يَبْنون لَغْواً كم علا
كالنعش فاستلَّ الحسَدْ
النبل هَلاَّ يُفتَدىَ
والهون أَنَّى يُفْتَقَدْ؟؟
حَسبتُ التحدي يرتقي
للسيِّدِ البرِّ السَّنَدْ
ذَمَّ التجنِّي فانثنَى
بّرِّ التَّمَنِّي وانفردْ
أَسْوان لو كان اشتفَى
حَرَّانُ لو كان ابْتَرَدْ
لم يحلُ ظبيٌ أو مُنىً
إلاَّ تَهَاوتْ أو شَرَدْ
الذُّلُّ يغريه الهوَى
والعونُ يأباه الصَّيَدْ
الجورُ إِما نَاهِدٌ
في الجيش أو صدر نَهَدْ
مَلَّ التشكيِّ سيداً
مَلَّ التشكيِّ فاقتَصَدْ
كالحسن لو شاء استَبَى
كالعلم لو شاء انتقدْ
سُنَّ التسامي فانبرى
وانهلَّ رِفدٌ فابْتعدْ
ليت المزايا طَلقْةُ
من وَدَّ فتَّاناً وجَدْ
الحسن من شاَء انْتَقىَ
والرأي من شاء اعتقدْ
لو رق حسنُ لم يذُدْ
عن كل ظبي بأَسدْ!!
الحرُّ سَلهُ ما ارتأى
والغرُّ سَلةُ ما عَبَدْ؟؟
أهلاً بشورَى لا الهوىَ
أحييت ولا الشَّغْبُ اتَّعَدْ
الشعْبُ طفلاً قَلما
تنهاه شورى عن لَدَدْ
للرأي فانْهَدْ وحدَهُ
العزمُ عند المُعْتَقَدْ
لا حُرّ في أرض الفتَى
سموه بالفرد الصَّمد!!
حُرُ المساعي سيدُ
حُرُّ المنى حُرًُّ البَلَدْ

السكرية - دار القاياتي

حسن القاياتي