مجلة الرسالة/العدد 270/بيجو

مجلة الرسالة/العدد 270/بيجو

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 09 - 1938


للأستاذ عباس محمود العقاد

حُزناً على بيجُو تفيض الدموعْ

حُزناً على بيجُو تثور الضلوع

حُزناً عليه جهد ما أستطيع

وإن حزناً بعد ذاك الولوع

والله - يا بيجو - لَحُزْن وجيع

حزناً عليه كلما لاح لي

بالليل في ناحية المنزل

مُسامري حيناً ومستقبلِي

وسابقي حيناً إلى مدخلي

كأنه يعلم وقت الرجوع

وكلما داريت إحدى التحفْ

أخشى عليها من يديه التلف

ثم تنبهت وبي من أسف

ألاّ يصيب اليوم منها الهدف

ذلك خير من فؤاد صديع

حزناً عليه كلما عزّني

صِدْقُ ذوي الألباب والألسن

وكلما فوجئت في مأمني

وكلما اطمأننت في مسكني

مستغنياً، أو غانياً بالقنوع

وكلما ناديته ناسيا:

بيجو! ولم أبصر به آتيا

مداعبا، مبتهجا، صاغيا قد أصبح البيت إذن خاويا

لا من صَدىً فيه ولا من سميع

نسيت؟ لا. بل ليتني قد نسيتْ

أحسبني ذاكرَه ما حييت

لو جاءني نسيانه ما رضيت

بيجو مُعَزَّيَّ إذا ما أَسِيت

بيجو مُناجيّ الأمين الوديع

بيجو الذي أسمع قبل الصباح

بيجو الذي أرقب عند الرواح

بيجو الذي يزعجني بالصباح

لو نبحةٌ منه، وأين النباح؟

ضيّعت فيها اليوم مالا يضيع

خطوته. . . يا بَرْحَها ألأم!

يخدش بابي وهو ذاوي القدم

مستنجداً بي. . . ويح ذاك البكم!

بنظرة أَنطَقَ من كل فم

يا طولَ ما ينظر!. . هذا فظيع!

نَمْ. لا أري النوم لعيني يطيبْ

أنتم خبيرون بنهش القلوب

يا آل قِطمير هواكم عجيب

غاب سَناَ عينيك عند الغروب

وتنقضي الدنيا. . . ولا مِن طلوع

نَمْ واترك الأفواج يوم الأحدْ

والبحر طاغٍ، والمدى لا يحدْ

عيناي في ذاك، وهذا الجسد بوحشة القلب الحزين انفرد

والليل. والنجم. وشعب خليع!

أبكيك. أبكيك وقَلَّ لجزاء!

يا واهب الود بمحض السخاء

يكذب من قال: طعام وماء

لو صح هذا ما محضتَ الوفاء

لغائب عنك. . . وطفل رضيع