مجلة الرسالة/العدد 283/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 283/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 12 - 1938



المركزية في التأليف

في الجامعة وفي وزارة المعارف (شركات) للتأليف، تفرض مؤلفاتها فرضاً على الوزارة وعلى المدارس وعلى التلاميذ. وهذه الشركات قد بلغت من السلطان والثقة بالنفس والحرص على الغلبة بحيث صارت مناهج التعليم مناهج التعليم موكولة إليها تغير فيها وتبدل، وتمحو وتثبت، وتنقض وتبرم، وبحيث قد أغراها ما أغرى على أن تتعارك وتتصارع وتتوسل بوسائلها لتضمن كل (شركة) لنفسها الغلبة على ما دونها من شركات التأليف والاحتكار؟

وأولى هذه الشركات هي شركة الجامعة؛ وثمة شركتان أخريان في مكتب تفتيش اللغة العربية في وزارة المعارف. وقد بلغ من تنافس هذه الشركات في التأليف ما نسجل مظاهره فيما يأتي:

1 - وضعت لجنة تيسير قواعد اللغة العربية - وأعضاؤها من شركة الجامعة للنشر والتأليف، منهجاً جديداً للبلاغة في السنة التوجيهية، يقوم على أسس وأصول لا نعرفها من قواعد البلاغة. وإذا كان هذا المنهج جديداً في موضوعه على التلاميذ وعلى المعلمين جميعاً، كان لا بد من كتاب ولا بد من مؤلِّف. . . ونشطت (شركة الجامعة) لمهمتها؛ ولكن نبأ جاءها أن إحدى الشركتين في مكتب التفتيش تعمل ناشطة لإخراج الكتاب المرجو في وقت قريب لا تستطيع لجنة الجامعة أن تسبق إليه؛ ولكن حرص الجامعة على أن يكون كتابها أسبق ظهوراً، قد ألهم أساتذة الجامعة خطة، فأصدروا قرارهم بوقف العمل بهذا المنهج حتى تفرغ الجامعة من إصدار كتابها. ومضى شهران من السنة الدراسية قبل أن يعلم التلاميذ والمعلمون في السنة التوجيهية أن المنهج الذي أعدوا له ودرسوا منه قدراً ما قد وقف العمل به. . .

2 - وللسنة التوجيهية منهج في الأدب وضعته كلية الآداب، وألف له فيمن ألف اثنان من خيرة المعلمين في وزارة المعارف. وراج كتابهما منذ العام الماضي رواجاً أغرى إحدى الشركتين في مكتب التفتيش على مشاركتهما في ثمراته؛ فصدرت منه الطبعة الثانية منذ قريب وعلى غلافها اسم صاحب العزة المفتش الأول إلى أسماء كثيرة منها المؤلف ومنه صاحب التوقيع. . .

وكانت شركة الجامعة تعمل عملها لإصدار كتاب في الأدب التوجيهي حين جاءها النبأ بصدد كتاب المفتش الأول وزملائه، فسعى ساعيها إلى وزارة المعارف يستعديها على (شركة مكتب التفتيش). وفي اليوم التالي كان كتاب سري من وزارة المعارف على مكاتب نظار المدارس جميعاً يمنعهم استعمال كتاب المفتش الأول ويتوعدهم بأقصى العقاب!

واحتج التلاميذ، واحتج المعلمون؛ وحق لهم أن يحتجوا ما داموا لا يجدون أمامهم كتاباً في منهج الأدب التوجيهي غير الكتاب الذي يحمل اسم المفتش الأول. ولكن شركة الجامعة التي تحرص على الغلبة في هذا التنافس العجيب قد التمست لذلك وسيلة قريبة، فأشارت بأن يوزع كل ما طبع من كتابها على التلاميذ قبل تمامه ملزمة ملزمة، وحسب المطبعة أن تسبق التلاميذ بدرس واحد ما دام هذا يحقق الغاية ويفوت على شركة مكتب التفتيش حق الانتفاع بالكتاب الذي ظنت بإصداره أنها ستستأثر بالسوق. .

هذان مثلان حسبنا أن نذكرهما باختصار وبلا تعليق؛ ولا نظن الفضوليين بعد ذلك يلحون في السؤال: لماذا تتغير مناهج التعليم بين عام وعام قبل أن تظهر ثمرة التجربة في منهج من هذه المناهج؟ فعل لهم في هذين المثالين جواباً لما يسألون!

(م. أ)

اللغة العربية في مدارس إيطاليا

أبدت الحكومة الإيطالية أخيراً رغبتها في إدخال اللغة العربية بين برامج التدريس في معاهدها بإيطاليا، فاتصلت ببعض الجهات الرسمية في مصر وطلبت إليها إمدادها بالمدرسين الفنيين وموافاتها بالمنهج الذي تقترحه. وقد أيدت هذه الجهات رغبتها في إجابة هذا الطلب، غير أنها ترى إرجاء ذلك إلى العام المقبل، نظرا إلى ابتداء العام الدراسي الحالي في مصر

ويؤخذ من البيانات الخاصة بهذا الموضوع أن الحكومة الإيطالية شرعت في تدريس اللغة العربية في مدارسها تحت إشراف بعض المستشرقين الإيطاليين. وقد طلبت إلى الحكومة المصرية، في الوقت نفسه، تقوية التعاون الثقافي بين البلدين واقترحت لذلك أن توفد أستاذا ليقوم بتدريس اللغة الإيطالية في كلية الآداب المصرية على أن يتقاضى مرتبه من حكومة بلاده، غير أن جامعة فؤاد الأول أبدت للحكومة الإيطالية شكرها على ذلك، معتذرة من عدم إمكانها إجابة هذه الرغبة، في الوقت الحاضر، لأن اللغة الإيطالية غير مقررة في مناهج الدراسة بكلية الآداب، ولأن أمر تقرير دراستها يرجع إلى مجلس الكلية والجامعة. ثم ذكرت أنها ستعرض الموضوع على هذين المجلسين لاتخاذ قرار فيه.

الثقافة في خدمة السياسة

نشرت الصحف خبراً قد يبدو بريئاً في مظهره، ولكنه يحمل بين سطوره نتائج سياسية خطيرة. ذاك هو الخبر الخاص بالجهود التي أخذت تبذلها إيطاليا في سبيل توثيق العلاقات الثقافية بين مصر وإيطاليا خصوصاً في ميدان التعليم. . . وبديهي أننا نتمنى مخلصين إيجاد تعاون فكري وثيق بين جميع بلاد العالم. فمثل هذا العمل إذا تم بين الأمم، سيساعد بلا شك على إزالة أسباب الخلاف وسوء التفاهم التي أحدثت وهناً ظاهرا في الروابط التي تربط بلاد العالم بعضها ببعض. ولكن فيما يختص بايطاليا، لا يسعنا إلا أن نحترس ونتحفظ. ومما يبرر موقف التحفظ الذي نقفه أن كل ما يحدث في إيطاليا من الأمور خاضع للسياسة، حتى العلم والأدب. والمعروف أن السياسة الإيطالية ترمي إلى غزو الشرق وإعادة الإمبراطورية الرومانية، بعد إخضاع الشعوب الشرقية واستعبادها. وما اقتراح إيطاليا إرسال مدرسين لتعليم اللغة الإيطالية في المدارس المصرية على حسابها الخاص، إلا مظهر من مظاهر هذه السياسة ووسيلة من شتى الوسائل التي تستخدمها الدعاية الإيطالية لتمهيد الطريق أمام السياسة الفاشية.

لقد ازدادت الأمور تحرجاً منذ قررت الحكومة الإيطالية تحويل لوبيا إلى ولاية إيطالية بحتة، وطرد أهلها العرب إلى قفار الصحراء، ليحل محلهم خمسة ملايين من الإيطاليين. وما هذه الاقتراحات الإيطالية الخاصة بالثقافة. إلا وسيلة لتخفيف وطأة الأثر السيئ الذي أحدثته في نفوسنا مطامع إيطاليا في الشرق

مبادلات ثقافية! فليكن. ولكننا لا نسمح بحال أن تكون تلك المبادلات الثقافية شركاً للمطامع السياسية

(ح. هـ) دار العلوم وكلية اللغة العربية

نشرت الرسالة (العدد 281) في البريد الأدبي كلمة بهذا العنوان تضمنت استنكار الخصومة بين المعهدين من أجل مناصب التدريس في المدارس، والإشارة بأن تسوي الحكومة بين خريجي المعهدين في هذه الوظائف. والواقع أن دار العلوم في مستقرها الطبيعي، ومحاولة المنافسة آتية من جهة الأزهر، فليس من الحق أن يطالب الأزهريون بالتدريس في المدارس، في حين لم يطلب أبناء دار العلوم بوظائف التدريس في الأزهر. وليس من المساواة الحقيقية أن يعين الأزهريون في وظائف التدريس بالمدارس دون أن يعين أبناء العلوم في وظائف التدريس بالأزهر. هذا إلى أن الأزهر يولي بعض المدرسين من غير علمائه مهمة تدريس العلوم الحديثة بمعاهده ويهمل أبناء دار العلوم وهم أجدر بها

على أن دار العلوم في عهدها الجديد تتفرد من بين جميع معاهد التعليم بدراسة اللغات الأجنبية والسامية وآدابها، إلى جانب الدراسة المستفيضة للغة العربية وأدبها، وهذه الدراسة لها أثرها في خدمة العربية وإسباغ الجدة عليها وتجلية آدابها وتبرئتها من الجمود

وعلى أن دار العلوم أحد معهدي التربية الذين تنظمهما وزارة المعارف لإعداد المعلم الفني وتبذل الأموال والجهود لتوفير أساليب التربية الحديثة فيهما، وجعلهما البيئة الصالحة لإعداد المعلم الذي تتطلبه حاجة الأمة في نهضتها التربوية. فأن تجاوز الوزارة المعلم الذي تنشئه على عينها وتعده لمهمة خاصة إلى غيره ليس من حسن تصريف الأمور وإقرارها في قرارها. ووزارة المعارف اليوم جادة في وضع الأسس الثابتة للتعليم، وقد بدأت هذه الأسس بتنظيم دار العلوم ومعهد التربية. إذ عليهما يقوم كل بناء في التعليم

(ع. ح. خ)

البحوث العلمية في البحر الأبيض المتوسط

عقدت اللجنة الدولية للبحوث العلمية في البحر الأبيض المتوسط اجتماعها السنوي في باريس ثم أنجزت أعمالها في اجتماع ثان عقدته في موناكو برياسة الدكتور جول ريشار مدير متحف الأبحاث المائية في موناكو

وبعد أن تناول الأعضاء بعض المسائل الإدارية انتقلوا إلى البحث العلمي فعالجوا مسألة بعض أنواع السمك وتوحيد المناهج لتحليل مياه البحر الأبيض المتوسط والقواعد العلمية لصناعة المأكولات المحفوظة في ذلك البحر

وقدم رئيس كل وفد بياناً عن الأعمال التي تمت في بلاده فتكلم الدكتور حسين فوزي مندوب مصر فقال إن المصلحة التي يديرها والتي تبحث في هذا العلم في مصر قد أطلق عليها بأمر جلالة الملك فاروق الأول اسم (معهد فؤاد الأول للأحياء المائية وصيد الأسماك) تخليداً لذكرى الراحل العظيم مؤسسها. وقد بسط الدكتور فوزي ما كان من تشجيع جلالة خليفته لهذا المعهد

واقترح الدكتور فوزي وضع الباخرة (مباحث) تحت تصرف البعثة التي ستوفدها اللجنة للقيام ببعض الأبحاث في شرف حوض البحر الأبيض المتوسط وذلك بجميع ضباطها وبحارتها مع اثنين من الاختصاصيين المصريين، وقد تقرر أن تتولى مصر مفاوضة الدول الأخرى التي تريد الاشتراك في هذه البعثة وذلك قبل الانعقاد القادم للجمعية العمومية للجنة في مدينة البندقية

مسابقة التأليف

كانت وزارة المعارف قد أعلنت عن مسابقات في مختلف العلوم والفنون والآداب، ابتغاء حث رجال التعليم على البحث والدرس والتأليف

وقد بدأت الوزارة تتلقى رسالات في هذا المضمار

وستبدأ الوزارة في الشهر القادم في تأليف لجان التحكيم لفحص هذه الرسائل توطئة لإعلان النتيجة

جيروم تارو في الأكاديمية الفرنسية

انتخب المسيو جيروم تارو عضواً في الأكاديمية الفرنسية في الدور الأول بأكثرية 19 صوتاً ضد 11 صوتاً نالها المسيو فرنان جريج. وكانت إحدى أوراق الاقتراع بيضاء

وقد ولد جيروم تارو في 11 مايو 1874 في سان جونيان بمقاطعة (فسييين العليا). وقد كان مديراً لجامعة بودابست ثم انقطع إلى الكتابة والتأليف بالاشتراك مع شقيقه جان تارو. ونال الشقيقان جائزة جونكور سنة 1906 لكتابهما (دنجلاي كاتب شهير). وقاما برحلات كثيرة خصصا لها كثيراً من مؤلفاتهما ومنها: (في بريطانيا)، (في فلسطين)، (مراكش أو سادة الأطلس)، رباط أو الساعات المراكشية). وقد نال جيروم وجان تارو سنة 1919 الجائزة الكبرى للآداب