مجلة الرسالة/العدد 310/نقل الأديب

مجلة الرسالة/العدد 310/نقل الأديب

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 06 - 1939



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

438 - بلع الأمانة فهي في حلقومه

قال أبو الحسن البغدادي الفكيك في نقيب بغداد وكانت في عنقه غدّة:

بلغ الأمانة فهي في حُلقومه - لا ترتقي صُعداً ولا تتنزّلُ

439 - هذا لا يرسخ إلا في قلب مؤمن

في الأغاني: المدائني: شهد رجل عند قاض بشهادة. فقيل له: من يعرفك؟ قال: ابن أبي عتيق. فبعث إليه يسأله عنه. فقال: عدل رضيً. فقيل له: أكنت تعرفه قبل اليوم؟ قال: لا. ولكني سمعته ينشد:

إن الذين غدوْا بلبّك غادروا ... وشلا بعينك لا يزال مَعينا

غيضن من عبراتهن وقلن لي: ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا

فعلمت أن هذا لا يرسخ إلا في قلب مؤمن فشهدت له بالعدالة

440 - ما أعظم الله!

في (طبقات الشافعية) منع الشيخ أبو حيان أن يقال: ما أعظم الله، وما أحلم الله، ونحو ذلك. ونقل هذا عن أبي الحسن ابن عصفور احتجاجاً بأن معناه شيء عظمه أو حلمه، وجوزه الإمام الوالد (تقي الدين السبكي) محتجاً بقوله تعالى (أبصر به واسمع) والضمير في به عائد على الله، أي ما أبصره وأسمعه، فدل على جواز التعجب في ذلك. وفي شرح ألفية ابن معطي لمحمد بن الياس النحوي: سأل الزجاج المبرد فقال: كيف تقول ما أحلم الله وما أعظم الله؟ فقال: كما قلت. فقال الزجاج: وهل يكون شيء حلم الله أو عظّمه؟ فقال المبرد: إن هذا الكلام يقال عندما يظهر من اتصافه (تعالى) بالحلم والعظمة، وعند الشيء يصادف من فضله، والمتعجب هو الذاكر له بالحلم عند رؤيته إياها (أي الصفة) عيانا. وذكر الوالد أنه يعني بالشيء نفسه أي أنه عظم نفسه، أو أنه عظيم بنفسه لا شيء جعله عظيما.

441 - خير لعمرك منه خص عامر

الحسن بن علي الأسواني: فدع التمدح بالقديم فكم عفا ... في هذه الآكام قصرٌ دائرُ

إيوان كسرى اليوم عند خرابه ... خير (لعمرك) منه خصٌّ عامر

442 - تحاسد الأكفاء

قيل لبعضهم: ما الذي أذهب ملككم؟

قال: تحاسد الأكفاء، وانقطاع الأخبار!!

443 - هذه والله مكارم الأخلاق

في (الآداب الشرعية والمنح المرعية): كان بين سعيد بن العاص وقوم من أهل المدينة منازعة، فلما ولاه معاوية المدينة ترك المنازعة، وقال: لا أنتصر لنفسي وأنا وال عليهم.

قال ابن عقيل في (الفنون): هذه (والله) مكارم الأخلاق

444 - كأنها طبخت بنار شوقي إليك

في (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) للثعالبي: نار الشوق مذكورة على الاستعارة، وكذلك نار الوجد، ونار اللوعة، ونار الغرام؛ وما أشبهها. وقد أكثر الناس فيها نظماً ونثراً. قال أحمد بن طاهر يهجو المبرّد:

ويومٍ كنار الشوق في قلب عاشق ... على أنه منها أحرُّ وأوقدُ

ظللت به عند المبرَّد قائظاً ... فما زلت في ألفاظه أتبردُ

وقال لي السيد أبو جعفر الموسوي يوماً وأنا معه على المائدة - وقد قدم لي لون في غاية الحرارة -: كأنها طبخت بنار شوقي إليك.

445 - بعثه داعياً لا جابياً. . .

في (الطبقات) لابن سعد: إن حيان بن شريح عامل عمر ابن عبد العزيز على مصر كتب إليه: إن أهل الذمة قد أسرعوا في الإسلام، وكسروا الجزية.

فكتب إليه عمر: (. . . أما بعد. فأن الله بعث محمداً داعياً، ولم يبعثه جابياً. فإذا أتاك كتابي هذا، فإن كان أهل الذمة أسرعوا في الإسلام وكسروا الجزية - فاطو كتابك، وأقبل.

446 - . . . فأعلم أنه طلل في (إعجاز القرآن) للباقلاني: سمعت الصاحب بن عباد يقول: أنشد بعض الشعراء - من أهل زنجان - هلال بن يزيد قصيدة على وزن قصيدة الأعشى:

ودع هريرة إن الركب مرتحل - وهل تطيق وداعاً أيها الرجل؟

وكان وصف فيها الطلل، فقال هلال بديها:

إذا سمعت فتى يبكي على طلل ... من أهل زنجان فاعلم أنه طلل. . .

447 - شطحات. . .

في (ميزان الاعتدال): نقل عن أبي زيد البسطامي:

سجاني. . .

ما في الجبّة إلا الله. . .

ما النار؟ لأستندنَ إليها غداً. وأقول: اجعلني لأهلها فداء أو لأبلغنها. . .

ما الجنة؟ لعبة صبيان. . .

هب لي هؤلاء اليهود. ما هؤلاء حتى تعذبهم. . .

448 - يلام الصديق إذا ما احتفل

ابن القبطرنة:

دعاك خليلك واليوم طلْ ... وعارض وجه الثري قد بقل!

لقدرين فاحا وشَمَّامة ... وإبريق راحٍ ونعم المحلْ!

ولو شاء زاد ولكنه ... يلام الصديق إذا ما احتفل

449 - قتيلنا لا يودي وأسيرنا لا يفدى

في (العقد) قال مسلم بن عبد الله بن جندب: دخلت آنا وزبان السواق العقيق، فلقينا نسوة نازلات من العقيق، لهن جمال وشارة، وفيهن جارية خضابية العينين. فلما رآها زَبان قال لي: يا ابن الكرام، دمُ أبيك (واللهُ) في ثيابها، فلا تطلب أثراً بعد عين، وأنشد قول أبي مسلم بن جمدب:

ألا يا عبادَ الله، هذا أخوكمُ ... قتيلٌ، فهل منكم له اليوم ثائر

خذوا بدمي إن متّ كل مليحة ... مريضة جَفن العين والطرف ساحر قال مسلم: فقالت لي الجارية: أنت ابن جندب؟ قلت: نعم.

قالت: فاغتنم نفسك، واحتسب أباك، فإن قتيلنا لا يودي، وأسيرنا لا يفدى.