مجلة الرسالة/العدد 338/يجب أن يتحرر التشيك

مجلة الرسالة/العدد 338/يجب أن يتحرر التشيك

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 12 - 1939



(لماذا يجب أن يتحرر التشيك؟): هذا عنوان رسالة للاتحاد الوطني التشيكوسلوفاكي بأمريكا جاء فيها: التشيكوسلاف أمة قديمة في أوربا، يرجع تاريخهم إلى العصر المسيحي القديم.

وهم جزء من ذلك العنصر السلوفي الذي حكم أواسط أوربا يوماً ما، وامتد ملكه إلى حدود نهر الألب وجبال الألب من الناحية الغربية، وبحري البلطيق والإدرياتيك من ناحيتي الشمال والجنوب. . .

والثقافة التشيكية تعادل أرقى الثقافات التي ظهرت في قارة أوربا. فقد أتيح لها أن تجمع كثيراً من المدنيات العظيمة، فحملت شجرتها للعالم ثمار المدنيات البيزنطية والألمانية والفرنسية وللتشيك أثر عميق في المدنية الأوربية، وعلى الأخص العصور الوسطى وفجر العصور الحديثة، وقد كان الشعب التشيكي فيما بين القرن الثالث عشر والقرن الخامس عشر عاملاً هاماً في حمل رسالة القرون الوسطى، وكان ملوك (التشيك) رءوس الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ولهذه المملكة الفخر في إنشاء أول كلية في أواسط أوربا؛ ولمركزها الممتاز بين مختلف الدول كان لها أعظم شأن في عالم التجارة وبيوت الأموال؛ وقد انتعشت فيها الفنون والعلوم بانتعاش الحالة المالية وتوفر أسباب الترف والعيش الرغيدين للأهلين.

كان التشيك في القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر أبطال حرية الفرد وأنصار الديمقراطية الصحيحة. وكان (جورج بودبراد) ملك التشيك، يدعى دائماً لفض الخلاف الذي يقع بين الألمان أو السادة الهنجاريين، وكان في مقدمة رجال السياسة الأوربية الذين يدعون إلى فكرة الاتحاد الدولي لمحبي السلام من الأفراد والممالك، وإيجاد رابطة قوية منهم لحماية القانون والنظام العام.

ولما فقد التشيك حريتهم في عام 1620 نجحوا في الاحتفاظ بلغتهم وثقافتهم وتقاليدهم على الرغم من المظالم التي أحدقت بهم. وقد أخرجوا إلى العالم في تلك الفترة المظلمة في تاريخهم (كومنسكي) المشهور، وهو من أكبر رجال التربية الذين عرفهم التاريخ.

ولما كان القرن التاسع عشر وضع التشيك لأنفسهم مبادئ عملية لنيل حقوقهم السياسية والوطنية وكانت الديمقراطية والسلم رائدهم في كل الخطوات، وقد برهنوا دائماً على مقدرتهم على حكم أنفسهم. وكانوا على الدوام أصدقاء مخلصين مسالمين. عرف عن بلادهم أنها ترحب دائماً بالمظلومين والمضطهدين الذين يأوون إليها من البلاد الأخرى.

فالتشكوسلافيون ليسوا حديثين في أواسط أوربا، ولهم حضارة قديمة لا تنكر وأثر خاص في الثقافة الأوربية على وجه العموم؛ وقد برهنوا في حياتهم القديمة وحياتهم الحديثة على مقدرتهم على السير إلى الأمام، والتغلب على القوى المنافسة. وساروا خطوة خطوة مع تقدم الحالة الثقافية والسياسية في أنحاء العالم. وجعلوا مبادئ مزاريك الإنسانية أساساً لمعاملاتهم فيما بينهم وما بينهم وبين العالم، وهي مبادئ تقوم على حب الخير والشرف والتواضع.

الرجل الذي يهابه هتلر

(عن (ورلد مجازين))

من هو الشخص الذي يسند بيده الحديدية عرش هتلر ويحمل وزر تلك الأعمال القذرة، من هو الشخص الذي يدير دفة الحركة النازية في الحياة العملية؟ الجواب: هو هنريك هملر رئيس قوة (الجستابو) الرهيب (البوليس السري) و (الجستابو) ذلك الجيش المدني المتسلط على الأهلين في ألمانيا بجواسيسه ورجاله السفاحين، قد جعل من رئسه (هنريك هملر) أكبر الطغاة الظالمين في العصر الحديث. وقد تبوأ هملر مركزه من العصابة الهتلرية حين استولى هتلر على الحكم في ألمانيا سنة 1933 وكان إذ ذاك في الثالثة والثلاثين من عمره، ومنذ ذلك الوقت وهو منساق في تيار الظلم والإرهاب بغير هوادة أو تردد.

فقام بعملية التطهير في الحزب النازي، وقضى على الرئيس الأعلى للجيش، وسلط النار والحديد على اليهود. فإذا نظرنا إلى أعماله وأنعمنا النظر قليلاً في تاريخه الحافل بالمخازي لم نشك مطلقاً في أنه يضرب بسهمين على الدوام، فقد كان والده مدرساً بمدرسة كاثوليكية في ميونخ وتربى تربية كاثوليكية واليوم هو يحارب الكنيسة الكاثوليكية بغير رحمة، ويضطهد رجالها بغير وازع أو رادع، إلى درجة لا يجاريه فيها رجل في أوربا غير ستالين.

وقد تطوع في الحرب العظمى سنة 1917، ولكنه عمل على أن يكون دائماً بعيداً عن خطوط الدفاع. والتحق بجماعة هتلر - التي كان نصيبها السقوط - عام 1923، ولكن سرعان ما ابتعد عن ناحية المخاطر، فلم يدع للمحاكمة، وكان أول عمل كبير التحق به هو اشتغاله سكرتيراً خاصاً (لجرجورسترسر)، وقد أثنى هذا على مواهبه، وتوسط إلى هتلر في تعيينه رئيساً لفرقة من القمصان السود، فلما كانت سنة 1934 صوب فريق هذه القمصان رصاص بنادقهم إلى صدر سترسر بأمر هملر في (حمام الدماء) المعروف. . . وقد كان (روهم) صديقاً حميماً له في فرق العاصفة، ولكن هملر كان الرجل الذي نفذ إطلاق الرصاص على روهم تحت إشرافه في (ليلة الدماء).

وقد عينه هتلر لتأليف فرقة قوية، تقوم تحت إشرافه لحمايته شخصياً فلم ينته ذلك العام حتى كان لديه 100 , 000 رجل لهذا الغرض. وقد أسس هملر فريق (الجستابو) بعد ذلك ونظم له المعسكرات وأعده بالمعدات. وأوجد للريخ منه 138 , 470 رجل عام 1933، وبلغ عدد الرجال الذين هم تحت إمرته اليوم 437000 رجل لكل 135 نفساً من سكان ألمانيا. وللجستابو قوة قاهرة في حياة ألمانيا اليوم، فلا يخلو من رجالهم ناد ولا يخلو منهم مصنع. وينبث بوليس (الجستابو) في المصالح والوزارات بما فيها وزارة الحربية ووزارة الخارجية، وتصدر عنه التقارير إلى هملر كل يوم. مثل هذا الرجل لا غنى عنه للدكتاتور ما دام قائماً بواجباته، ولكن هملر معروف بأنه يضرب بسهمين على الدوام، فإذا انقلب على زعيمه أصبح الأخير في مركز لا يحسد عليه. وهذا ما لا يجهله هتلر الآن.