مجلة الرسالة/العدد 345/من هنا ومن هناك

مجلة الرسالة/العدد 345/من هنا ومن هناك

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 02 - 1940



الجيش الأحمر في الشرق

(ملخصة عن مجلة (باربيد))

كتب الجنرال (ليشكوف) مقالاً في مجلة (كونتمبروري جابان) التي تصدر في طوكيو قال فيه: إن حركة القبض المتوالية على قادة الجيش الأحمر، قد أوجدت نوعاً من عدم الثقة في ضباط الجيش الباقين. خذ مثلاً حالة الجنرال (بلتشر) الذي كان يوماً ما قائد الجيش الأحمر في الشرق الأقصى، فقد طالما بزغ اسمه أمام الجنود الروسية، إلى جانب الأبطال المخلصين والقادة المقربين، وطالما ذكر تاريخه مقروناً بعبارات الإخلاص والوفاء، حتى عد من رجال ستالين المقربين وأبتاعه الثابتين. فلم يلبث أن اختفى بين عشيه وضحاها، وصدرت الأوامر بتمزيق صورته ومحو اسمه من الوجود، فإذا سأل سائل عن الأسباب التي انتهت به إلى هذه الغاية، حيكت حوله الأكاذيب ولفقت عليه التهم، وانقلب القائد الذي كان مثلاً أعلى بين رجال الجيش فصار خائناً لبلاده، عدواً لأبناء وطنه.

نستطيع أن نتصور مبلغ تأثير هذا في رجال الجيش - انهم ولا شك يفقدون ثقتهم برؤسائهم المباشرين. فإذا كان القادة العظام الذين كانوا يوما ما فوق متناول الشبهة، قد دلوا على انهم كانوا مجرمين في حياتهم الوطنية والعسكرية، فلا معنى إذن للثقة بغيرهم من القواد الحديثين الذين ليس له ماض يجعلهم أكثر إخلاصاً وأمانة من القواد السابقين. ومن ثم انتشرت بين رجال الجيش الأحمر عقيدة ثابتة بأن رؤساء جميعهم متآمرين مارقون، بل لقد ذهب بعضهم إلى أبعد من هذا فقالوا صراحة ما دام قواد الجيش المخلصون قد ظهروا بمظهر الخيانة لبلادهم، فلا يبعد على هذا أن يتبين قريباً أن ستالين نفسه عدو للشعب. من هنا نستطيع أن نعرف إلى أي حد وصلت الحال، فقد انتشر الشعور بعدم الثقة بين الشعب فسمم أفكار الجميع.

وقد انتشر بين شباب الجيل الحديث، وعلى الأخص ضباط الجيش الأحمر، آلاف ممن يسمون أنفسهم (أعداء السوفييت) الثائرين على النظام، وهمهم أن يهاجموا النظام القائم ويحطوا من شأنه في نظر الشعب، ويرون أن ستالين هو رأس كل خطيئة وإن الجيش الأحمر هو القوة الوحيدة التي في يدها أن تحد من سلطانه وتقف دكتاتوريته المخيفة عند حدها.

ومما يزيد إضعاف الروح المعنوية بين قوات الجيش الأحمر في الشرق الأقصى، عدم كفاية مواصلات السكك الحديدية، وعلى الأخص في فصل الشتاء، وعدم وجود قواعد محلية للتمرين، مما يتسبب عنه قطع المؤنة عن الكتائب المرابطة في تلك الأنحاء.

ويجد رجال الجيش الروسي صعوبات كثيرة في الحصول على الأماكن الكافية لإيوائهم وإيواء عائلاتهم، فإذا استطاعوا على الرغم منهم أن يقضوا فصل الصيف في الخيام فانهم لا يستطيعون ذلك في الخريف والشتاء حيث تشتد الحالة إلى درجة لا يتصورها العقل. هذا فضلاً عن انتشار الأوبئة والأمراض، مما لا يمكن اجتنابه بحال من الأحوال.

ولا تسل عن الفوضى وضياع النظام في الجيش، إذا نظرنا إلى هذه الحالة، مع فقد نفوذ القواد، وقيامهم بأعمالهم بغير حافز من رغبة أو اقتناع.

الاشتراكية الزائفة في ألمانيا

(ملخصة عن (داي واهرن دتشلاندز))

جرى هتلر في معاملة العمال وتسليمهم إلى طبقة الرأسماليين، وتقوية هذه الطبقة على سائر أبناء الشعب، على أسلوب لا شبيه له في تاريخ الرأسمالية الحديثة على الإطلاق.

فمنذ قضى على اتحادات العمال في مايو سنة 1933، فقدت الطبقة العاملة حقها في الدفاع عن نفسها والمطالبة بتحسين الأجور. وقد حل محل هذه الاتحادات، جبهة العمال التي أسسها مستر (لي) وتقوم هذه الجبهة تحت إشراف لي هتلر على كم أفواه العمال كلما هموا بالشكوى من توزيع الأجور.

لم ير العامل منذ العهود الرأسمالية السحيقة نظاماً كذلك النظام الدكتاتوري الذي وضعه هتلر لإخماد أنفاسه وتجريده من كل قوة.

فمدير المصنع له الكلمة الأخيرة في كل ما يتعلق بالعمال المشتغلين بمصنعه. ويقوم كل رئيس بتقديم بيان لموظفيه، موضحاً فيه الشروط الآتية ليكون على بينة منها.

(1) ساعات العمل اليومية وأوقات الفراغ (2) الأجور والأوقات المحددة لدفهما (3) القواعد التي تتبع في حساب القطعة (4) الشروط المحددة للغرامات وغيرها من أنواع العقوبات (5) الأحوال التي يفصل فيها العامل بغير إنذار.

أما حقوق العامل الثابتة في اختيار عمله، وهي الحقوق التي طالما رفع هتلر عقيرته بها، فقد تحولت في السنين الأخيرة إلى لعنة أبدية، فلا يصبح للعامل بمقتضاها أن يغير العمل الذي يشتغل فيه، أو يرفض العمل الذي يقدم اليه، ولا يسمح له حتى بالانتقال من بلد إلى بلد آخر.

لقد كان العبد الرقيق في القرون الوسطى، يستطيع أن يأبق من مقره بالمدن إلى الموانئ إذا رأى قسوة من سيده، ولكن رقيق النازي - على خلاف ذلك - فعليه أن يبقى حيث هو، فاقد الحيلة محروماً من المساعدة إذا نشدها من أي إنسان، أو ذهب يبغيها في أي مكان.

أما صغار التجار فهم يعاملون معاملة أقسى من هذه المعاملة، فبينما هم يعملون على التخلص من منافسة المخازن الكبرى - التي تحولت ملكيتها إلى أيدي الرأسمالية الآرية - إذا بهم يواجهون حرباً لا هوادة فيها تسوقهم بغير رحمة إلى الدمار والضياع. فعلى الرغم مما يعانون من نظام الاحتكار، يرهقون بزيادة الضرائب الفادحة على تجارتهم، مما جعل الإفلاس والدمار يحل بآلاف وآلاف من هؤلاء التجار، فلم يجدوا أمامهم غير الالتجاء إلى المصانع للاشتغال فيها.

وقد أعلنت الحكومة الاشتراكية الوطنية جميع التجار الذين تقل ماليتهم عن مقدار معين، بأن يغلقوا أبوابهم، فترتب على ذلك إغلاق ستمائة مخزن للألبان (بهامبورج) وحدها في نهاية سنة 1938، وكذلك الشأن في غيرها من البلدان. وقد صدرت أوامر حديثة من الحكومة إلى تجار التبغ باعتزامها إغلاق أكثر من أربعين ألف من محلات تجارة الطباق. أما عذر الحكومة في هذا التعسف الغريب، فهو حاجتها إلى العمال لصناعة السلاح.