مجلة الرسالة/العدد 387/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 387/البريد الأدبي
عراك في غير معترك
أرسل إلينا الأستاذ محمد متولي كلمة بعنوان (صورة) يرد بها على الأستاذ زكي طليمات فرأينا أن نقتصر منها على الجملة الآتية إيثاراً لخطة الرسالة من جهة، وإبقاء على ما بين الصديقين من جهة أخرى، والموضوع على كل حال لا يحتمل أكثر مما قيل فيه. قال الأستاذ متولي:
ولقد أقرر أن زكياً يهزل ولا يجد فلا يليق أن نشركه في المسائل العقلية، وإلا أضعنا وقتنا هباء دون أن نصل معه إلى نتيجة، وسأضرب مثلاً بمسألة واحدة مما هو شائع في مناقشاته
1 - قال في رده الأول (وقبل أن ننتقل من هذا نود أن يقف القارئ على آراء علماء اليوم فيما كتبه ريبو) وبعد سطور قال أيضاً إن كلام ريبو (قد أصبح موضع نظر بعد أن بين الفيلسوف الأمريكي المعاصر وليم جيمس) كيت وزيت
2 - وأنكرنا عليه أن يصف جيمس بالمعاصر وقد توفي قبل ريبو بست سنين، فعاد إلى كلمة معاصر يحاول أن يفسر معناها، وأنا شخصياً أعرف هذه الكلمة منذ خمسة عشر عاماً، وقد طالما سمعتها في دروس الجامعة المصرية من أستاذي أبل راي وأندريه لالاند، وكثيراً ما استعملتها بين أيديهما فلم أعرف لها غير معنيين وردا في معجم لاروس، في قوله
- وهذا معناه أن المعاصر هو من يعيش مع غيره في وقت واحد فنقول إن فولتير وفرانكلين كانا معاصرين. كذلك المعاصر هو من يعيش في الوقت الحاضر فنقول معاصرونا
ونحن حيثما ذهبنا مع زكي وبشر لن نجد أكثر من هذين المعنيين لكلمة معاصر - ولنذهب لتروا ضلال الفارسين
(1) ينقل زكي أن قال. ' ' وهو كلام صحيح، لا كما فهمه بشر وزكي، ولكن لأن معناه أن روح العصر هي مجموع الأشياء التي تقبلها جماعة على أنها حقائق في فترة معينة، فما دخل هذا في أن ريبو أحدث من جيمس؟! ربما أراد الفارسان أن يضيف إلى كلمة معنى لا يعرفه أهل اللغة الفرنسية، وربما يصدران غداً (أمراً عسكرياً) باعتبار أرسطو أو نتشه أو كانت سبنسر أو غيرهم ممن تنفذ تعاليمهم خلال القرون نقول ربما يصدر الفارسان (أمراً عسكرياً) باعتبار أولئك جميعاً معاصرين برغم ما بيننا وبينهم من مئات السنين
(ب) إميل زولا (المتوفى 1903)، وألفونس دوديه (1840 - 1897) وفلوبير (1821 - 1880) وموباسان (1850 - 1893) وشارل بودلير (1821 - 1867)، وفيرهارين (ولد 1855) وفرلين (ولد 1844) ومالارميه (ولد 1842). كل أولئك عاشوا معاً أياماً بعينها، كما هو واضح في تلك التواريخ، فهم معاصرون بنسبة بعضهم إلى بعض، ثم هم يمثلون الفكر الفرنسي في عصر بذاته، والحال هنا كما لو أردنا أن نؤرخ للفكر المصري في هذا العصر، فتحدثنا عن: شوقي والعقاد وحافظ والزيات ومحمد عبده وطه حسين وقاسم أمين ومن إليهم فهؤلاء يمكن أن يمثلوا روح عصر مجتمعين
في أجرومية اللغة الإنكليزية
حضرة الأستاذ الجليل رئيس تحرير الرسالة الغراء:
ذكرني تعليق الأستاذ عبد الغني حسن على ترجمة الأستاذ العقاد بحادثين لاثنين من المدرسين أحدهما إنكليزي يدرس العربية، والآخر مصري يدرس الإنكليزية، وكلا الحادثين يدل على أن الاجتهاد والجدة ينشئان نوعاً من (الحنبلية) قد يسفر عن ظرف محض، وإن كانت الحنبلية في أغلب الأحيان لا تسفر عن ذلك
أما المصري الذي كان يدرس الإنكليزية فهو مجتهد مثابر على حفظ القواعد الجديدة عليه حتى كادت تنسيه قواعد لغته. قيل له أعرب كلمة جداً في قولك أحبك جداً، فأجاب على الفور: أحب فعل والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به، وجداً يا أفندم، وجداً. . . جداً إنها ليست وصفاً فهي لا تصف الاسم ولكنها تتمشى مع الفعل
أما الحادث الثاني فهو لمدرس إنكليزي كان يؤدي امتحاناً في وزارة المعارف المصرية وقال له الممتحن أسند فعلاً إلى الضمائر، فأجاب وهو لاجتهاده قد حفظ الضمائر ونسي الأفعال: (أنا مالكش دعوى. أنت مالكش دعوى. أنتم مالكش دعوى. نحن مالكش دعوى. هم مالكش دعوى. هن مالكش دعوى. هي مالكش دعوى. أنتن مالكش دعوى. . .) عبد اللطيف النشار
المجمع العلمي المصري وكتاب الأخلاق
عقد المجمع العلمي المصري جلسته الأولى بعد العطلة الصيفية فألقى حضرة القس بولس سباط أحد أعضائه محاضرة عن كتاب نفيس عنوانه (علل اختلاف الناس في أخلاقهم وسيرهم وشهواتهم واختياراتهم) لقسطا بن لوقا العالم الكبير والطبيب الشهير في القرن التاسع
ذكر القس سباط في هذه المحاضرة أن لقسطا بن لوقا ثلاثة وستين مصنفاً وأن كتابه في الأخلاق أثر ثمين من الآثار العلمية التي تركها لنا العلماء المسيحيون القدماء، وختم المحاضرة بقوله: (أنشر هذا الكتاب راجياً أن يستفيد القارئ بمطالعته ويقدر عبقرية المؤلف وعلمه، فقد وصف قسطا بن لوقا في هذا الكتاب فوراق البشرية وصفاً بديعاً ورسم لنا بخطوط بارزة صورة للنفس الإنسانية يرى كل واحد منا صورة ميوله وشهواته ويلم بأسبابها فيجتهد في تهذيبها بما حباه الله به في القوى العاقلة التي تميز بين الخير والشر والنافع والضار)
عثر القس سباط على مخطوط من هذا الكتاب في مدينة حلب فاهتم بدرسه والتعليق عليه وترجمته إلى اللغة الفرنسية وسيبادر المجمع العلمي المصري قريباً إلى طبعه مع الترجمة فيضيف مأثرة جديدة إلى المآثر العديدة التي من بها على العام العربي.
وفاة السير جوزيف طمسن
توفي السر جوزيف طمسن وهو من كبار علماء الطبيعة في العقد التاسع من سنه
واشتهر السر جوزيف هذا بإعلانه سنة 1897 اكتشاف ما يعرف الآن باسم الإلكترون وهو أصغر ما عرف من أجزاء المادة وأصغر مما كان يعرف باسم الجوهر الفرد.
ولما أذاع اكتشافه هذا في العهد الملكي قول بالشك الممزوج بكثير من السحرية. قال يصف مقابلة خطبته التي أذاع بها في المعهد هذا الاكتشاف:
(فلم يصدق كثيرون وجود هذه الأجسام التي هي أصغر من الجواهر بل إن عالماً طبيعياً مشهوراً قال لي بعد زمان طويل من إلقاء الخطبة إنه ظن أني أسخر بسامعي. فلم يدهشني قوله لأني أنا نفسي كنت أشك في اكتشافي وتعليله)
هل موسى عليه السلام مصري أو عبري؟
نقلت مجلة (الرسالة) الغراء في العدد (383) عن الأستاذ (فرويد) أنه كان يذهب إلى موسى عليه السلام كان مصرياً لا عبرياً، وقد أيد رأيه في ذلك بأن موسى كلمة مصرية بمعنى عبد وذلك كما وردت في كلمة (تحوتمس) بمعنى عبد تحوت، ولكن هذا لا يمكن أن يؤيد رأي الأستاذ فرويد في أن موسى عليه السلام كان مصرياً لا عبرياً، لأنه لا يلزم أن يكون الشخص من أهل لغة من اللغات إذا سمي باسم من أسمائها، وهانحن أولاء الآن نسمى أولادنا بأسماء غير عربية، ومع هذا يبقي أولادنا عرباً ولا تؤثر فيهم هذه التسمية
على أن هناك أمراً أهم من هذا في هذه المسألة، فقد قرأت في بعض الكتب القديمة أن اسم موسى سرياني مركب من كلمتين (مو - و - شا) مو هو الماء بالقبطية، وشا هو الشجر، فعرب وقيل موسى، وإنما سمي به لأنه وجد بين ماء وشجر، ولا شك أن هذا النص صريح في أن كلمة موسى سريانية أو مصرية، ولكنها ليست بمعنى عبد، بل بمعنى ماء وشجر، فبأي الأمرين نأخذ في هذه الكلمة؟ ولا شك أن جواب هذا عند علماء الهيروغليفية، وليس عندنا معشر علماء العربية
عبد المتعال الصعيدي
موسى
ذكر الأستاذ صديق شبيوب أن فرويد قال في كتابه عن (موسى) إنه كان مصرياً مستدلاً على ذلك باسمه لأن كلمة (موسى) مصرية معناها الطفل أو العبد بدليل اسم الملك (تحتمس) أو (تحت موسى) أي عبد (تحوه) فيكون اسم موسى اختزالاً كما نقول بالعربية عبده أو عبد الله والصواب أن كلمة موسى ليست مصرية وليست بمعنى (عبد الله) كما التبس ذلك مرة على الدكتور زكي مبارك عندما قال إن كلمة شنوده بمعنى عبد الله أيضاً. فكلمة عبد الله عند الفراعنة هي (باك) مثل (باك إن أمون) أي عبد الإله أمون وغير ذلك
ولما كان فرعون هو الشخص المؤله على الأرض أمام شعبه فكان على بعض الفراعنة أن يتخذ لنفسه اسماً يثبت به أنه الوارث الشرعي للعرش وأنه من نسل الآلهة ومن هنا أتت كلمة (تحتمس) أي (تحوه مس) المولود من صلب الإله تحوتي إله العلم والحكمة عند قدماء المصريين والأمثلة على ذلك كثيرة، ولذلك أساطير طويلة
أما الرد على الأستاذ بكر هلال فيما يختص بسؤاله عما إذا كان موسى من حاشية الملك الفيلسوف أخن أتون أو غيره فلم يهتد إلى ذلك أحد قط، وكل ما ذكر هو من الحدس وبالاستنتاج ولم تذكر الآثار شيئاً، وكل ما هنالك عن خروج بني إسرائيل من مصر مكتوب على لوح من الجرانيت موجود بالمتحف المصري من عهد الملك منفتاح، ولكن هذا لا يبرر خروجهم في عهد هذا الملك إذ المفروض أنهم خرجوا من مصر قبل ذلك بكثير.
ونرجو الله تعالى أن يوفقنا إلى البحث عن حل لهذه المعضلة التاريخية الدينية قريباً.
محمد صابر
مؤلف كتب الفراعنة
معنى سوى
جاء في كلمة الأستاذ على متولي السيد عدد 386 هذه الجملة:
(نهزج (سوياً) بأغرودة السعادة). . . فقد استعمل (سوياً) بمعنى (معاً). والذي ورد في كتب اللغة أن سوياً بمعنى مستو
جاء في القاموس في مادة (سوى): (ومكان سوى كغني وسي كزي مستوٍ، وسواه تسوية جعله سوياً)، وفي القرآن الكريم: (فتمثل لها بشراً سوياً) أي مستوياً تام الخلق.
فخري الدين غزي
ملاحظة على قصيدة طلع الفجر
قرأت في العدد 386 من (الرسالة) قصيدة عنوانها (طلع الفجر) للأستاذ عزت الهجين، فأعجبني فيها قوة الأسلوب وبراعة التصوير. . . إلا أن كلمة أرى من حق الأدب على أن أبعث بها إلى الرسالة
بدأ الأستاذ قصيدته بلون من الشعر أسبغه على ثلاث أبيات منها، ثم تحول فجأة إلى لون آخر، وإن كان المعنى ما يزال موصولاً. وقد ورد البيت الثاني هكذا:
فاصح يا حلو قد صحا الور - د وطاف النسيم بالأقداح
ولعل صحة البيت:
فاصح يا حلو واستمع قد صار الور - د وطاف النسيم بالأقداح
حتى يستقيم الوزن ولا يختل المعنى. وما عن هذا أتساءل؛ ولكن أما كان يصح للناظم إذ نظم من بحرين مختلفين أن يجعل للأول نصيباً من باقي أبيات القصيدة حتى لا ينتقل القارئ أو السامع من نغم موسيقى إلى نغم آخر من غير وجود آصرة تربط بينهما حتى النهاية؟؟
وقد ورد لحضرته أيضاً: فتعال إن روحي ظمئت (يخاطب حبيبه)، ثم عاد فكرر الكلمة - فتعال - في قوله: (فتعال إنه يوم ألهنا) مما يضطر إلى إشباع اللام حتى يستقيم الوزن، على أن مثل هذا الإشباع لا يجوز إلا في القوافي من القصائد
وبهذه المناسبة أقول إن الرسالة كانت قد نشرت بالعدد 293 قصيدة للأستاذ إيليا أبو ماضي، عنوانها (ابنة الفجر) وقد ورد فيها مثل هذا الإشباع - غير الجائز - لحرف من الحروف فنبهت إليه وعلقت عليه
علي سرور