مجلة الرسالة/العدد 413/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 413/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 413
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 02 - 06 - 1941



كيف يرى الأستاذ المراغي الإصلاح ولا ينفذه

نشكر للأستاذ الجليل صاحب مجلة الرسالة عنايته بإصلاح الأزهر، لأنا نعتقد أن عنايته بهذا الإصلاح ستكون من أكبر العوامل في تحقيقه، لما للرسالة من المكانة بين الناس عموماً، وبين الأزهريين خصوصاً.

وقد طلب الأستاذ الجليل من الكتاب أن يشرحوا الحوائل التي تعترض هذا الإصلاح، وتمنع الأستاذ المراغي من تنفيذ ما وضعه في ولايته الأولى على الأزهر، وهاأنذا أبين في إيجاز تلك الحوائل.

فإصلاح الأزهر على الوجه الذي يريده الأستاذ المراغي وغيره من المصلحين، يقتضي أن نفتح باب الاجتهاد في علومنا كلها، وفتح باب الاجتهاد في تلك العلوم يقضي على الكتب التي تدرس فيها من مئات السنين، والقضاء على تلك الكتب يقتضي خلق أزهر جديد، ويقضي على الأزهر القائم الآن، وهنا تعمل غريزة حب البقاء عملها، وتقف المصالح في سبيل الإصلاح، وهي مصالح الكثرة الغالبة في الأزهر، لأن أنصار الإصلاح بيننا قلة لا تذكر. وقد أراد الأستاذ المراغي أن ينفذ ذلك الإصلاح في ولايته الاولى، فوقفت تلك الكثرة في سبيله، وألجأته إلى ترك منصبه، فلم يشأ في هذه المرة إلا أن يلاين تلك الكثرة، ويتغاضى عن تنفيذ الإصلاح الذي يراه، حتى تتهيأ له الأسباب، فانصرفت النفوس عن الإصلاح تبعاً لانصرافه عنه، وصارت تعنى بأمور أخرى من الوظائف وما إليها، حتى استفحل الداء، وأعضل أمر الدواء.

ورأيي أن هذا الإصلاح لا يمكن تنفيذه بدون معونة الحكومة، فهي التي نفذت بالقوة أولى الخطوات فيه، وهي التي تستطيع بقوتها أن تنفذ هذه الخطوة الأخيرة منه.

(عالم)

تيسير الكتابة العربية

درست لجنة الأصول في مجمع فؤاد الأول للغة العربية مختلف المقترحات التي قدمت إليها في شأن تيسير الكتابة العربية وإدخال الشكل في صلب الحروف تخلصاً من الخط في الضبط وتسهيلاً للكتابة المشكولة في المطابع. وفي مقدمة المقترحات التي عنيت بها اللجنة مقترح للأستاذ علي الجارم بك، وقد نظرته في جلسات متعددة، وأدخلت عليه بعض التعديلات، وينتظر أن يعرض قريباً في صورته النهائية مذكرة لتطبيقه مكتوبة بالقواعد المرسومة فيه، فإذا أقرته اللجنة أدرج في برنامج الاجتماع المقبل لمجلس المجمع.

مأساة الفقهاء في عهد إسماعيل

أشار أحد الكتاب الأفاضل في مقال له بالعدد (411) إلى هذه الواقعة إشارة عابرة. وأحسب أن كثيراً من ناشئة هذا الجيل - وأنا منهم - يجهلون كل الجهل وقائع هذه المأساة على قرب عهدها في تاريخنا المديد شأن كثير من حادثات هذا الوطن جهلتها أو تجاهلتها كتب التاريخ الحديثة التي بين أيدينا.

فهلا تفضل أحد علماء الأزهر الأفاضل الذين يكتبون في (الرسالة) فحدثنا حديث هذه المأساة. . . وإنا له لشاكرون. . .

(المنصورة)

عبد الفتاح حسين عطية

دخول أل على غير

ذكرتني الكلمة التي كتبها الأديب أحمد حلمي العباسي في العدد 412 من الرسالة عن دخول أل على غير، ببحث كنت نشرته في جريدة الأهرام منذ عامين في هذا الموضوع، خرجت منه يومئذ - مؤيداً بمعاجم اللغة وكتب النحو - بعدم جواز دخول أل عليها لأنها متوغلة في الإبهام لا تتعرف.

ثم نشب على صفحات الأهرام جدال عنيف حول هذا البحث ولكنه لم ينته إلى رأي حاسم؛ وكانت شواغل الامتحان وشواغل العيش.

ولقد تبين لي في أثناء مطالعاتي طَوال تلك المدة أن ذلك الرأي لا يخلو من تعسف، ذلك أني وجدت أكثر المؤلفين القدامى في اللغة والأدب ينصون في كتبهم على أنها كلمة مبهمة لا تدخل عليها أل؛ ثم أراهم يقعون فيما منعوه وهذا غريب. فالأشموني والصبان وابن هشام والأمير وأصحاب شروح التلخيص وغيرهم يذكرون (الغير) عشرات المرات مع أن منهم من نصَّ على تخطئتها.

وليست (غير) وحدها التي حرمت أل؛ بل كذلك (كل) و (بعض)؛ والمؤلفون يعرِّفونهما في كتبهم.

ثم رأيت ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ينص على أن ذلك لا يجوز؛ ولكنه يبيح لنفسه استعماله في مواطن خاصة فيقول: (وقد استعملتُ في كثير مما يتعلق بكلام المتكلمين والحكماء خاصة ألفاظ القوم مع علمي بأن العربية لا تجيزها نحو قولهم الكل والبعض والصفات الذاتية والجسمانيات ونحو ذلك مما لا يخفى على من له أدنى أنس بالأدب، ولكنا استهجنَّا تبديل ألفاظهم، فمن كلم قوماً كلمهم باصطلاحهم) اهـ. وتلك حجة تؤيد الدكتور زكي مبارك في بعض ما يذهب إليه من آراء في اللغة. . .

ثم أراد الله أن أهتدي - في كتاب من كتب الفقه - إلى تعليل لإدخال (أل) على هذه الكلمات، والحق أنه تعليل طريف اطمأنت له نفسي، وقرت به عيني.

كنت أقرأ في (باب الحج عن الغير) في حاشية ابن عابدين فوجدت طَلِبتي عفواً. وهاأنذا أنقل ما وجدت إلى القراء. قال ج 2 ص 242: (اعترض في الفتح بأن إدخال أل على غير غير واقع على وجه الصحة، بل هو ملزوم الإضافة

لكن قال بعض أئمة النحاة: منع قول دخول الألف واللام على غير وكل وبعض وقالوا: هذه كما لا تتعرف بالإضافة لا تتعرف بالألف واللام. وعندي أنها تدخل عليها فيقال (فعل الغير كذا) (والكل خير من البعض). وهذا لأن الألف واللام هنا ليست للتعريف ولكنها المعاقبة للإضافة، لأنه قد نص أن غيراً تتعرف بالإضافة في بعض المواقع، ثم إن الغير قد يحمل على الضد، والكل على الجملة، والبعض على الجزء، فيصلح دخول الألف واللام عليه أيضاً من هذا الوجه؛ يعني أنها تتعرف على طريقة حمل النظير على النظير، فإن الغير نظير الضد والكل نظير الجملة والبعض نظير الجزء، وحمل النظير على النظير سائغ شائع في لسان العرب كحمل الضد على الضد كما لا يخفى على من تتبع كلامهم. وقد نص العلامة الزمخشري على وقوع هذين الجملتين وشيوعهما في لسانهم في الكشاف. أفاده ابن كمال) اهـ

قلت: في هذا مقنع وغناء، فقل (الغير) حيث تشاء.

محمد محمود رضوان

المدرس بالمدرسة النموذجية

إمتاع الأسماع

قرأت - في الرسالة عدد 412 - كلمة الأخ الصديق الأستاذ محمد عبد الغني حسن عن كتاب (إمتاع الأسماع) الذي ألفه المقريزي، وكان له شرف تصحيحه وشرحه، وإني لأشكر للأخ الكريم ثناءه وحسن ظنه بأخيه. جزاه الله عني أفضل الجزاء.

وقد استدرك الأخ الأستاذ بعض ما فاتني من الخطأ، فله الشكر على اهتمامه وحسن تهَدِّيه ويقظة عينيه، وإن صحَّ لي أن أقول شيئاً تعقيباً على استدراك الأستاذ، فلست أزيد على أن التصحيح المطبعي صناعة وفن قبل أن يكون علماً ودراية، وكل ما استدركه - إلا الفقرة الأولى يدخل في باب تصحيح الأخطاء المطبعية، فالأخيرة منها مثلاً، وهي: (من هوزان) ص 401 مذكورة في هذا الوجه نفسه مرات كثيرة على الصواب (هوازن) بتقديم الألف على الزاي - لا كما جاءت في تصحيح الأستاذ نفسه (هوزان) كما في الإمتاع!! -، ولكن تنبُّه الأستاذ إلى مثل هذه الأخطاء يدل على دقة وبصر، وأنه يحسن التصحيح المطبعي وذلك لما جُبِل عليه من الهدوء والوداعة.

وأما الفقرة الأولى من استدراكه، وهي التي جاء فيها تعقيبه على هذا الرجز: ص 222

(اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

إن الألي قد بغوْا علينا ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقوله: إن صواب الأول: (لا هُمِّ لولا أنت ما اهتدينا) وإن صواب الأخير: (إن الأليَ لقد بغوا علينا)، ثم تعجبه من أن يفوتني ذلك الاختلال في وزن الرجز، وأنا شاعر وعروضيٌ!! فإني أبرأ إليه من نسبة العروض، فطالما أفسد العروض ما بيني وبين أصحابي من الشعراء، وليس الأمس ببعيد.

ورواية الأول: (اللهم لولا أنت ما اهتدينا)، هي الواردة في الأصل، وفي البخاري وفي مسلم (شرح النووي ج 12 ص 166)، وفي أكثر كتب التاريخ والسير والحديث. وقد جاءت الرواية التي ذكرها الأستاذ في كتاب الطبقات الكبير لابن سعد ج 2 ص 51، وجاءت رواية أخرى: (والله لولا أنت ما اهتدينا) في مسلم (شرح النووي) ج 12 ص 170 و171، وقال النووي في ذكر الرواية الأولى ج 12 ص 166 ما نصه: (كذا الرواية) قالوا: وصوابه في الوزن (لا هم)، أو (تا لله)، أو (والله لولا أنت) كما في الحديث الآخر: (فوالله لولا الله. . .).

ورواية الأخير: (إن الألي قد بغوا علينا) هي الواردة في الأصل أيضاً، وفي البخاري في مواضع، وفي مسلم ج 12 ص 171، وفي أكثر كتب السيرة والتاريخ والحديث. وجاء في مسلم ج 12 ص 170: (والمشركون قد بغوا علينا)، وفي ص 171 منه ما نصه: (وربما قال (يعني رسول الله ): إن الملا قد بَغَوْا علينا)، وهي في اختلال الوزن كالرواية الأولى التي أثبتناها. ومثلها في ذلك أيضاً رواية من روى: (إن الأعادي بغوا علينا).

وقد نص شراح كتب السير، وشراح البخاري، على أن هذا الرجز ليس يَتَّزن (أنظر العينى ج 14 ص 132، وابن حجر ج 7 ص 308)، ولم يصححوه أو يبدلوه إلى ما يتزنُ، مما جاء في الروايات الأُخر، كالذي ذكر الأستاذ (إن الألي قد بغوا علينا)، وهي رواية ابن سعد ج 2 ص 51.

فإذا كان أصحاب العلم والدراية والبصر بالرواية لم يفعلوا ما أرادني الأستاذ على أن أفعله - من حيث أني عَرُوضي كما يقول! - فلي العذر تابعاً لهم، مقتدياً بهم، حريصاً على ألا أبدِّل أو أحرف ما اتفق عليه الأصل الذي أطبع عنه، والروايات المتعددة التي جاءت في أصح الكتب إسناداً أو رواية وتحريراً بعد كتاب الله.

هذا، والكلام عن مثل هذا الرَّجَز - وما يقع في بعض أوزانه من الاختلال والاضطراب - يفضي إلى القول في المواضع التي كان يُنشَدُ فيها، وكيف يكون إنشادُه؟ ولِمَ يُتجاوز فيه عن الوزن؟ ولو نظر الأستاذ الشاعر إلى صلة هذا الرَّجَز بما كان من الصحابة في حفر الخندق، وحملهم التراب في المكاتل، وسيرهم مصعِّدين ومصوِّبين. متوافقين في الإنشاد يمدُّون به أصواتهم مختلطة مرتفعةً، لعَلِم عِلْمَ ذلك، ولكفانا مؤونة الجري وراء العروض، أهو يتزن أو لا يتزن؟ حتى يبلغ بنا ذلك إلى تبديل الروايات وتحريفها، وقد جاءت عمن كان أعلم منا بالشعر والعروض.

وأخيراً، أشكر للأستاذ هذه الهمة التي دفعته إلى النظر والتنقيب، والبحث والتنقير؛ وأثني عليه بما هو له أهل، وأسأله أن يتغمَّد خطأ أخيه بما أعرفه من نبله وعلمه وفضله والسلام

محمود محمد شاكر

ابرهيم طوقان!

ألقى إليَّ بريد فلسطين صباح الثلاثاء الماضي رسالة من نابلس، وجَّهتها (لجنة تأبين الشاعر الأديب المرحوم إبرهيم طوقان). . .

وإنه لمما يضاعف الحزن على الفقيد الشاب والإحساس بشدة المصاب فيه، ألا يَذيع نعيُه إلا مع الدعوة لتأبينه، وقد كان من المنزلة بين شعراء العربية وأدبائها بحيث يحس فقدَه كل من تربطه به صلةٌ من الود أو صلةٌ من الأدب في مختلف أقطار العربية.

وما أريد أن يُذهلني مصابي فيه عن توجيه العتب إلى أصدقائه وخاصته في فلسطين: كيف فاتهم أن يَنعوه يوم نعوه إلى أدباء مصر، وهو كان أقرب صلة وأدنى منزلة، وله فيهم عشرات من الأصدقاء الأوفياء يعرفون فضله ويُعجبون بأدبه؟

ألا إن الخطب في إبرهيم ليس خطب أسرته وأهله ولا خطب أصدقائه في نابلس وفلسطين، ولكنه خطبُ كل أديب عربي تذوق من شعره، أو اطلع على نتائج رويته وبحثه، أو استمع إلى صوته في المذياع من محطة القدس العربية. . .

ولكنه قد مات، واخترمته المنون في نضرة الصبا وعنفوان الشباب، وهذا ناعيه ينعاه. . . فماذا على أصدقائه بعد؟

لقد عاش إبراهيم حياته عزوفاً عن الشهرة، بعيداً عن الفخر والادعاء؛ فما عرفه حق العرفان إلا طائفة قليلة من قراء العربية وإن كان في حقيقته بالمنزلة التي لا يتسامى فلانٌ وفلان من ذوي الألقاب الأدبية. وإن له على أصدقائه اليوم لحقاً يقتضيه الأدب ويقتضيه الوفاء: أن يذيعوا ما يعرفون من فضله وينشروا ما طواه من أدبه؛ وإنه لجدير بأطيب الذكرى وأحسن الثناء!

وهاأنذا أعتمد على كرم صديقي الأستاذ الزيات، فأدعو من يشاء من خاصة الفقيد وأهله وذوي ودِّه، أن يبعثوا إلى الرسالة بما يريدون أن يعرف الأدباء عن طوقان الشاعر المحقق الأديب، وإن في صدر الرسالة لسعة لمن يشاء أن يسجل آية من آيات الوفاء للشاعر الشاب الذي وهب حياته للعربية ومات في ميدان الجهاد!

أما الدعوة لتأبينه وضجة الحرب تبتلع الأصوات، وترد الألسنة في الأفواه، فدعوة إلى غير نتيجة وعمل ليس فيه غناء!

وعزاءً إلى أسرة الفقيد وأصدقائه، والى فلسطين الصابرة المأجورة

محمد سعيد العريان

إلى علماء الإسلام

يا أحق الناس بالحلم وأولاهم بسعة الصدر، هبوا لي بعض وقتكم وانزلوا لأتفاهم معكم، فإن كنتم على صواب تعلمت منكم واعتذرت لكم، وإن كنت محقاً فارجعوا إلى الصواب مأجورين مشكورين!

أرى الإقبال على الأزهر الشريف والمعاهد الدينية في ازدياد مستمر، وأجد المتخرجين منها كثيرين كثرة ملحوظة؛ فأسأل النفس لم يفني كل هؤلاء الطلبة ربيع حياتهم في الجلوس إلى المعلمين واستذكار الدروس، لينالوا شهادة لا يوظف بها إلا القليلون، أم ليظهروا على الناس بعلمهم ويفرضوا عليهم احترامهم، أم ليلزم كل منهم صومعة ويعبد الله بعيداً عن الدنيا ومن فيها.

إن كانت هذه هي الغاية فما لهذا يعمل ذو عقل، وما لهذا يصح لإنسان أن يعيش عالة على أهله نصف عمره أو يزيد؛ وقد كان الأفضل أن يستثمر شبابه في زراعة أو صناعة أو أي عمل فيفيد ويستفيد.

لم تتعلموا إذن لشيء من هذا ولكن لقصد أشرف وغرض أنبل؛ تتعلمون لتعملوا، ولتعلموا الناس فيعملوا

إن كان ذلك كذلك فالواقع لا يقره، والمشاهد ينكره ولا يؤيده؛ فليس هناك منكم إلا فئة أقل من الضئيلة تحاول ذلك بطريقة عتيقة تكاد لا تتغير، وما أثمرت ولن تثمر أبداً.

انظروا إلى عددكم تخفكم كثرتكم، وفتشوا عما أفادت الأمة منكم، ثم أجيبوني: هل نحن في بلد إسلامي به مثل هذا الجيش من العلماء.

ألا فاعلموا أن بعد الموت حساباً، وأنكم ستسألون يومئذ عما فعلتم بعلمكم.

الدين صحيح مدعم بالحجج القاهرة والبراهين القاطعة، وعقول الناس مهيأة لتلقيه متى حسنت طريقة تلقينه. فهلا قمتم من رقادكم، وأفقتم من غفوتكم، وجمعتم صفوفكم، وتدارستم أمركم بينكم، ثم استنبطتم وسائل جديدة للدعاية لدينكم، ثم ألفتم لجاناً وجمعيات وعلمتموه للناس وحببتموه إليهم.

لا تحصروا نشاطكم في وعظ من بالمساجد، فلا يؤمها إلا الصالحون أو المتشبهون بالصالحين.

علموا الناس حيث وجدتموهم. علموهم في دور الملاهي والصور المتحركة والمقاهي والحانات والمنتديات والمتنزهات. عظوهم في الشوارع والأزقة والمآتم والأفراح. عظوهم في الصحف والكتب والمجلات والمذياع وعلى الشاشة البيضاء.

لا تقولوا لهم إن الله أمر بقطع يد السارق، وقتل القاتل، ورجم الزاني، ولا تقولوا لهم أدوا الصلاة في أوقاتها، وأخرجوا زكاة أموالكم، وصوموا وحجوا؛ ولكن بينوا لهم الحكمة في كل شيء، واشرحوا لهم الضرر في إتيان ما نهوا عنه والفائدة في اتباع ما أمروا به، وعرفوهم ما يلاقيه المتدين من انشراح صدر وجميل عزاء ونعومة بال.

صفوا لهم الرجل الكامل (الأسبور والجنتلمان)، وقارنوا بينهما وبين متخلق بأخلاق القرآن، وأروهم الفروق بينهم، واشرحوا لهم أن الدين لا يتنافى مع المدنية الحقة إن لم يكن أصلها ومبدعها.

جزيرة ميت عقبة - إمبابه

مصطفى جوهر