مجلة الرسالة/العدد 421/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 421/البريد الأدبي
جواب
جوابي عن قول الأديب الأمثل الأستاذ زكي مبارك هاهو ذا:
يا سيدي الصديق، قال تعالى: (أنا أنزلناه قرآناً عربياً)، وجاءت الكلمة (عجوز) للشيخة في التنزيل العزيز، كما تعلم.
وإن في علمك يا سيدي الأستاذ الكبير قول الشاعر:
عجوز علتْها كبْرة في ملاحةٍ ... أقاتلتي يا للرجال عجوز
ونحن نتبع (اللسان العربي) يا صديقي لا نبدع لغة
زادك الله بسطة وأزكى لك الخير
(وحيد)
إلى فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي
قرأت مقالك العظيم بالعدد (420) من مجلة الرسالة الغراء؛ فكان آية من آيات تلك المجلة الكريمة علينا، العاملة على إصلاح الأزهر وإعادة مجده السالف. وقد ملأني ذلك المقال أملاً في الإصلاح بعد يأس، وأفعمني رجاء فيه بعد قنوط؛ ولكني رجعت إلى نفسي بعد ذلك الأمل فقلت: أي ربي، هذا القائد فأين الجنود؟ وهذا رسول الإصلاح فأين الأصحاب والحواريون؟ وهذا الداعي إلى النهوض فأين المجيبون؟
بني المعاهد هبوا طال نومكم ... قد هيْأ الله هذا المصلح البطلا
ولقد وقفت يا سيدي كثيراً عند قولك عن الأستاذ الإمام: وتعلم القواعد في مختصرات رضيها ذلك العصر المظلم، لا تفهم إلا بشروح وحواش وصناعة خاصة. فقلت في نفسي: كيف ينظر أستاذنا المراغي إلى تلك المختصرات وشروحها وحواشيها تلك النظرة؟ وكيف يذكر العصر الذي رضيها باسم العصر المظلم؟ ثم يرضى بعد هذا أن تبقى في عهده الكريم كما كانت في ذلك العصر، إذ لا تزال لها المكانة الأولى في الأزهر، ولا تزال علومنا لا تدرس إلا فيها، ولا تزال قواعدها لا تؤخذ إلا منها
يا سيدي الأستاذ الأكبر إن تلك المختصرات وحواشيها وشروحها هي علة العلل في فس التعليم بالأزهر، وهي مصدر ذلك الجمود الذي حارب الأستاذ الإمام، وحال بينه وبين الوصول بالأزهر إلى الإصلاح المنشود، ثم يحول الآن بينك وبين الوصول إلى ذلك الإصلاح، وإن الفرصة سانحة بوجودك على رأس الأزهر للقضاء على تلك المختصرات وشروحها وحواشيها، وبين يديك طائفة صالحة من العلماء، تنتظر منك أن تدعو فتجيب، وأن تقول: حي على العمل فنعمل؛ ولا يمضي عليها إلا زمن قليل حتى تظهر لك بدل تلك المختصرات الميتة المظلمة كتباً حية مشرقة، تسري فيها روح الاجتهاد، وتظهر عليها آثار التجديد، وتخرج لك من الأزهر العلماء المجددين، والأئمة المجتهدين.
فهل لك يا سيدي الأستاذ الأكبر أن تبدأ بتلك الدعوة، وهل لك أن تصل بين تلك الطائفة وأمنيتها في العمل؟
عبد المتعال الصعيدي
في اللغة:
كان العلامة الدكتور زكي مبارك قد عدّى (حرم) بمن في بعض قصائده. فاعترض عليه بعض أدباء الشرق. فدافع عن هذه التعدية (بأنه قد يرى المعنى في بعض الأحايين لا يؤدي تأدية صحيحة إلا إذا عبر عنه بتلك الصورة)
وهو دفاع غير مقنع كما ترى
فكتبت في العدد 405 من (الرسالة) أقول: (إن الفعل (حرم) يتعدى بمن أيضاً، وعندي شاهد لذلك عثرت عليه في بعض مطالعاتي للاغاني)
وبينما كنت أجيل الطرف أمس في كناشتي، إذ أنا أمام هذا الشاهد، وهو للعباس بن الأحنف، قال:
أُحرم منكم بما أقول وقد ... نال به العاشقون مَنْ عشقوا
صِرت كأني ذُبالة نُصبتْ ... تضئ للناس وهي تحترق
ثم قلبت صفحات الكناشة، فلمحت مما كنت اختزنته فيها من (الأغاني)، تعبيرين يستوقفان النظر، لما أنهما كانا يظنان من توليد العامة في مصر أو في غيرهما من الشرق العربي.
وقد آثرت أن اعرضهما، كلاً في نصه الذي ورد فيه، ليستبين المعنى، ويتضح المقام: 1 - اخبرني عمي، قال: حدثنا الكراني. . . قال: انشد جرير قول عمر بن أبي ربيعة:
سائلاً الربع. . . الأبيات
فقال جرير: (إن هذا الذي (ندور عليه) فأخطأناه وأصابه هذا القرشي)
فتدور عليه: نبحث عنه لنصل اليه، وهو نفس تعبير الناس عن هذا المعنى الآن، غير أنهم يضعفون عين الفعل.
2 - غنى إبراهيم الموصلي الرشيد صوتاً، فأمر له بألف دينار. فلما كان بعد سنين، خطر ببال اسحق ذلك الصوت، وذكر قصته، فغناه إياه؛ فقال الرشيد: (قد أخذ ثمنه أبوك مرة، فلا تطمع)؛ فقال اسحق: (فعجبت من قوله، ثم قلت له: يا سيدي، قد أخذ أبي منك مائتي ألف درهم، ما رأيتك ذكرت منها غير هذا الألف، (على بختي أنا. . .)
فهل كنت تظن أن هذه العبارة - على ابتذالها الآن - مما كان يتكلم به إسحاق ابن إبراهيم الموصلي الجليل القدر في حضرة الرشيد؟
(أ. ع)
1 - حول السواد
سأل الدكتور زكي مبارك في العدد الثامن عشر بعد المائة الرابعة من الرسالة: (هل كان السواد من علائم الرزانة في أوقات الاهتمام بعظائم الأمور. . .؟)
وأقول: إن الثياب السود كان لها شأن في الدهر الغابر أيام بني العباس (أنظر أول من لبس السواد: محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر)، وكان الناس يلبسونها إذا دخلوا على الخلفاء وكانوا في موكب واحتفال: شأنهم اليوم فيما يشاكل تلك الرسوم.
قال التنوخي في (نشوار المحاضرة): (حدث أبا الحسن ابن الفرات قال: فدخلنا في الليلة التي ولي فيها العباس بن الحسن الوزارة بعد موت القاسم بن عبيد الله. فتشاغل الحسن بتقليب ثياب السواد وقد جاءوه بها ليختار منها ما يقطع له فيلبسه من غد في دخوله إلى الخليفة، وكان الرسم إذ ذاك ألا يصل أحد إلى الخليفة في يوم موكب إلا بسواد. . .) 8 - 91
وقال أيضاً: (. . . فإذا كان يوم موكب كانت الأقبية كلها سواداً، وإذا كان غير موكب فربما كانت بياضاً، وفي الأكثر من السواد) 8 - 12 (نشوار المحاضرة. مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق)
وكانت الخلفاء والشعراء تلبس السواد، والشواهد كثيرة منها ما قاله التنوخي في كتابه (الفرج بعد الشدة): (حدث عبيد الله بن عبد الله قال: كنت مع الرشيد بطوس لما ثقلت علته فجلس يوماً وعليه جبة خز سوداء، وفوقها دراعة خز اسود. . . وقلنسوة طويلة وعمامة خز سوداء) 2 - 53
وقال الجاحظ في (البيان والتبيين): (وكانت الشعراء تلبس الوشي والمقطعات والإرادية السود) 3 - 78
وكانوا يتخذون العمامة من خز اسود. ذكر الجاحظ في (أخلاق الملوك) أن إبراهيم بن المهدي دخل على احمد بن أبي دؤاد وعليه مبطنة ملونة من احسن ثوب في الأرض وقد أعتم على رأسه رصافية بعمامة خز سوداء. لها طرفان يتدليان خلفه وأمامه، وفي يده عكازة آبنوس ملوح بذهب وفي إصبعه فص ياقوت. . .) 48
قال (أحمد زكي باشا): (والرصافية هيئة عمة على قلنسوة خاصة بالخليفة أو ولي عهده وذكر (بن خلكان) في (وفيات الأعيان) عند ترجمة (جعفر البرمكي) أن أكابر بني العباس كان لهم الحق باتخذاها أيضاً)
ويقول الدكتور مبارك: إن السواد اتخذ شعاراً للحزن لما يشيع في النفس من انقباض واستيحاش فِلمَ اتخذ أهل الأندلس البياض شعاراً، وهو يشيع في النفس الانشراح والصفاء؟
2 - أوهام لغوية
جاء في مقال الأستاذ محمد عبد الغني حسن.
أ - (كانت القاهرة طيلة حكم الفاطميين. . .) استعمل (طيلة) بمعنى (طول). وهي من أوهام الكتاب وليست بشيء. في (اللسان) (أطال الله طيلته أي عمره)، والصواب (طول وطوال) فتقول (كانت القاهرة طول حكم الفاطميين وطواله) وفي (الصحاح) و (الأساس) (والطوال بالفتح من قولك لا أكلمه طوال الدهر وطول الدهر بمعنى. . . هـ.
ب - وقال صاحب (الوضع الصحيح للإصلاح الاجتماعي) (تشوش أمانيه) ولم يسمع هذا الحرف في كلام فصيح صحيح. قال صاحب القاموس: (والتشويش والمشوش والتشوش كلها لحن. ووهم الجوهري. والصواب: التهويش والمهوش والتهوش. . .) وانظر الزمخشري أيضاً.
ووقال (سوف لا تكفي غلتها. . .) وهذا خطأ شائع عند المبتدئين والمتأدبين يستعملون (سوف لا) للنفي في المستقبل ولم يسمع هذا عن العرب. ولكنهم قالوا (لن) بدلاً عنها. فتقول (لن تكفي غلتها) (ولن افعل كذا. . .)
(دمشق)
صلاح الدين المنجد
بين العزوبة والزواج
قرأنا المقال الذي دبجته براعة الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد في الزواج، فوقع من أنفسنا موقعاً حسناً. ولما كان الشيء بالشيء يذكر فنرجو الأستاذ النابغة أن يسمح لنا أن نضيف إلى مقاله القيم رأياً نذكر إننا مررنا به في إحدى مطالعاتنا إلى عهد قريب.
يقول صاحب الرأي - واعتقادي انه طبيب مشهور - بأن الإحصائيات بسنين متوالية قد أثبتت إثباتاً حاسماً بأن نسبة عدد الوفيات بين المتزوجين أقل بكثير من نسبة عدد الوفيات بين العزاب في العام الواحد. ويستنتج - بعد أن يعرض جدولاً بإحصائياته - أن العزوبة متلفة للحياة اكثر مما تتلفها مهنة مجهدة مضنية. أو أكثر من مسكن قدر له أن يلقي بكل عنف في أقل الأماكن محافظة على الشروط الصحية. وبالرغم من أن للإحصائيات بعض الأخطاء، فإننا نستطيع أن نقول بكل اطمئنان (إن الحياة تكون أسعد جداً برفيق). وأن ما يمكن أن تتضمنه هذه الإحصائيات من الصحة يجب أن يكون حافزاً قوياً على الزواج. فإنه لمن السهل جداً أن يجد الباحث في حياة المتزوج أسباباً كثيرة تبعده عن المفاسد والأمراض وكل ما ينهك قواه وبالنتيجة يطيل في عمره ويمد أجل سعادته. فهلا يشعر العزاب بيننا بأن الحياة جديرة بأن نحياها بسرور فيقبلوا على الزواج مسرعين؟
هذا ما نرجوه مخلصين والسلام.
(الحصن - شرق الأردن)
خليل السالم حول اللهجات العامية
أشكر للكاتب الألمعي الأستاذ محمد عبد الغني حسن ما وجهه إلي وإلى مقالاتي (في الاجتماع اللغوي) من عبارات الحمد والثناء؛ وقد وددت لو ألبي رغبته الكريمة، فأطيل الكلام على اللهجات العامية التي تفرعت من العربية، وأذكر ما كتبه المستشرقون في قواعد كل منها، لولا خشيتي أن بحوثاً دقيقة كهذه قد تجرد مقالاتي مما وصفها به من أنها (لا ترهق القارئ ولا تمله)
وسأعرض لهذه البحوث وما إليها في كتاب لي في (فقه اللغة)، وهو الآن تحت الطبع، وآمل أن أفرغ منه قريباً إن شاء الله
علي عبد الواحد وافي
(الزاد الأخير)
قرأت في العدد الفائت (420) من (الرسالة) الغراء قصيدة بالعنوان المتقدم للأستاذ سيد قطب جاء في نهايتها:
واطلعي في قفار نفسي حياةً ... وإِذا ما دجا عالَمي أو مِضى لي
والشطر الثاني من البيت مكسور، ويكون صحيحاً لو أنه قال:
واطلعي في قفار نفسي حياةً ... وإِذا اسوَدَّ عالَمي أوْ مِضى لي
(القاهرة)
عبد الرحمن الخميسي