مجلة الرسالة/العدد 436/الخريف
مجلة الرسالة/العدد 436/الخريف
'
لشاعر الحب والجمال (لامرتين)
أنشأ (لامرتين) هذه القصيدة في خريف عام 1819 في وقت
من أوقات التألم والقنوط، وهي حافلة بمرارة طريقة تصور
الصراع بين الميل الغريزي إبان الكابة، الذي يحبب الموت،
وبين الميل الغريزي إبان الانشراح، الذي يوحي الأسف على
الحياة!. . .
ويظهر أن الشاعر حين أنشأ هذه الأبيات كان يستذكر القصيدة المشهورة (سقوط أوراق للشاعر الفرنسي (ميلفوي
(المترجم)
سلاماً أيتها الغابات المكالة ببقية من اخضرار،
وأيتها الأوراق المصغرة فوق الأعشاب المبعثرة!
سلاماً أيتها الأيام الأخيرة الجميلة! إن حداد الطبيعة
يلائم الألم ويروق لأنظاري.
اتبعتُ بخطوة الحالم المسلك المنعزل؛
وأحب أن أرى بعدُ للمرة الأخيرة
هذه الشمس الشاحبة حيث يكاد ضوءها الضعيف
ينبعث إلى قدميَّ من خلال ظلمة الغابات.
نعم، في هذه الأيام من الخريف حيث تلفظ
الطبيعة النفس الأخير،
أجد في نظرتها المقنعة جاذبية وافرة.
إنها وداع صديق. إنها ابتسامة أخيرة
من الشفاه التي سيطبقها الموت إلى الأبد.
هذا، وأنا على أهبة مغادرة أفق الحياة،
باكياً خيبة الأمل من أيامي الطويلة،
أتلفت ثانية، وبنظرة الحاسد
أرمي هذه النعم التي لم استمتع بها.
أيتها الأرض، أيتها الشمس، أيتها الأودية،
أيتها الطبيعة الجميلة الحلوة،
إنني مدين لكِ بعَبرةٍ على حواشي رمسي.
الهواء غزير الشذى، والضياء بالغ النقاء!
تبدو الشمس فائقة الجمال أمام ناظري المحتضر!
أريد الآن أن أُفرعُ حتى الثمالة
هذه الكأس الممتزجة بالسلسبيل وبالمرارة؛
عسى أن تكون هناك قطرة من شهد باقية
في قرارة هذا الكأس التي شربت منها الحياة!
فلربما كان المستقبل محتفظاً لي بعدُ
بعودة سعادة ضاع فيها الأمل!
ولربما كانت وسط الزحام نفسٌ جهلتها
ستفهم نفسي، وستلبيني!. . .
تسقط الزهرة واهبة عطرها للنسيم،
وهكذا يكون وداعها للحياة والشمس.
إنني أموت؛ وعندما تزهق نفسي
تعبق كنغمة حزينة رخيمة.
(الإسكندرية)
محمد أسعد ولاية