مجلة الرسالة/العدد 444/(الرسالة)

مجلة الرسالة/العدد 444/(الرسالة)

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 01 - 1942



في عيدها العاشر

(مهداة إلى (الرسالة) الحبيبة وإلى أقطابها الثلاثة: الزيات

والعقاد وزكي مبارك. . .)

للأستاذ أحمد أحمد العجمي

حيَّ (الرِّساَلةَ) وَاقْبِسْ مِنْ مُحَيَّاهَا ... مَا شِئتَ مِنْ حُسْنِهاَ أو مِنْ حُمَيّاهَا!!

رّفَّتْ عَلَى الشْرْقِ أَنْدَى مِنْ أَزَاهِرِهِ ... كأَنَّ مِنْ نَفَحَاتِ الخُلْدِ رَيّاهَا

وَأَشْرقَتْ بشُعَاعِ الْفِكْرِ نَاضِرَةً ... تَسْبِي الْقُلُوبَ وَتجري في حَناياهَا

حَسْنَاءُ أَوْفَتْ عَلَى عَشْرٍ وَمِنْ عَجَبٍ ... سِرُّ البريّة لا يَعْدُو ثَنَايَاهَا

ترجو العيونُ إذا أَبْصَرْنَ نَضْرَتَهَا ... لَوْ أَنَّهُنَّ شِفَاهٌ قّبَّلَتْ فَاهَا

مَضَى الزَّمانُ عَليْهَا وَهْيَ أُغْنِيَةٌ ... فَمُ الخلودِ ارْتَوَى مَنْهَا وَغَنّاهَا

تختالُ بالفَنِّ والآداب مُتْرَعَةً ... كالنَّهر يضحكُ أَعْشاباً وأمواهَا

الفكرُ أدبها، والعقلُ هَذَّبها ... وَالطبعُ حبَّبها، والحُسْنُ جَلاَّهَا

والشرقُ مَن وَرْدَها ريَّانُ مُقتبسٌ ... مِن نورها مُستمدٌ مِن سجاياهَا

تغدو عليه كأنفاسِ الربيع لها ... في كل قلبٍ معانيها ونجواهَا

وللحياةِ مجالٍ في صحائفها ... كالنفس تزخرُ بالدنيا طواياهَا

لم يبق للكون سرٌّ بعد ما بعثتْ ... شُعاعَها في الدُّنى يجلو خفاياهَا

رسالةُ النيل لا يبْغي بها بدَلاً ... وَهْيَ (الرسالة) و (الزياتُ) أدّاهَا

سَمَتْ إلى المجد وَالْعَلْيَا وصاحِبُها ... أوفى عَلَى الغاية القُصْوى ووفاَّهَا

في كلِّ لفظٍ من (الزياتِ) أغنيةٌ ... السّمْعُ يعشقها والفكرُ يهواهَا

والفنُّ في أدب (الزياتِ) مَوْهبةٌ ... الْحُسْنُ باكَرَها والسحرُ غاداهَا

ما زال يهتف بالفصحى ويكلؤُها ... حتى غدا وهوَ حاميها وموْلاهَا

أما (زكيٌّ) فلا والله ما خَلَقَتْ ... لَهُ الطبيعةُ أنداداً وأشباهَا!

أهفو إليه كأنّ النفسَ غارقةٌ ... في حُبِّهِ! وكأنّ الحبَّ سَلْواهَ حديثهُ ذو شجونٍ سحرُها عجبٌ ... ما رادَها شاعرٌ إلا تمنَّاهَا

معنىَ جميلٌ وأُسلوبٌ له صِلةٌ ... بالموْج في البحر: هَدَّاراً وتيَّاهَا

لو أنّ بالخمر معنىً من سلامتهِ ... لباعتِ الناسُ بالأقداح دُنياهَا!

وسائِلوني عن (العقادِ) إنَّ لهُ ... نَفْساً تفيضُ المعاني من زَواياها

أَضْفَي منَ الكَوْنِ تَخْتَالُ الحياةُ بها ... بالشِّعْرِ والحُبِّ والدُّنْيا ومغزاها

لهُ عَلَىَّ أيادٍ لَيْسَ يَعْرِفُها! ... ولَسْتُ أَجهْلهُا بل لَسْتُ أنْسَاها

ديوانهُ قبْلتِي أَلقَي الحياةَ بها ... حَسْنَاء بالحُبِّ تَلْقَانِي وألْقَاها

مِرْآةُ نَفْسٍ جَمالُ الكُوْنِ رَقْرَقَها ... وَسِرُّ رُوحٍ لِسَانُ الدَّهْرِ نَاجَاها

أقسمتُ أنكَ يا عقادُ مُعْجِزَةٌ ... هَيهاتَ يدري ضميرُ الكَوْنِ مَعْناهما

آمنتُ بالشِّعر يا عقادُ في بَلَدٍ ... غَلَّ الْعَمَى مُقلتَيْهَا ثمَّ غَشّاها

للِجَهل فيها دواوين وأروقةٌ ... تدعى المدارس حيَّ الله مبناها!

آمنتُ بالشِّعر والدنيا تضيق به ... وطالما أضحك الدُّنيا وأبكاهَا

أنا - ويا ويح من تجني عليه أنا - ... كزهرة الجبل العالي وريْاها!

يضوع منها الشذى لكن يضيع سدى ... مع الرياح وما تدري ببلواها

حسبي من الدهر أن أحيا بعاطفة ... مماتها في سبيل الشعر محياها!

(كوم النور)

أحمد أحمد العجمي