مجلة الرسالة/العدد 47/أعيان القرن الرابع عشر

مجلة الرسالة/العدد 47/أعيان القرن الرابع عشر

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 05 - 1934



للعلامة المغفور له أحمد باشا تيمور

مقدمة بقلم الأستاذ احمد أمين

أهبت في مقال سابق بالرسالة، إلى الشيوخ والشبان أن يجدوا في تقييد ما عرف من العصر السابق لعصرنا من ترجمة لرجاله، وتدوين لأحداثه، وأشرت إلى أن كثيرين من عظماء شيوخنا أمثال أستاذنا أحمد لطفي السيد بك، والأستاذ إبراهيم الهلباوي بك، والسيد محمد الببلاوي، وسعادة احمد زكي باشا، وفضيلة الشيخ محمد بخيت، والأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار، والصحفي العجوز وأمثالهم، قد شاهدوا من عظماء الناس في مصر، ووقعت لهم من الحوادث، ومر أمامهم من المناظر ما لو دون لكان ثروة لا تقدر، ولكان حلقة اتصال بين ما دونه المؤرخون قبلنا كالجبرتي، وما يراه جيلنا. وقلت إن في نفوسهم كثيراً من المعلومات تضيء السبيل للجيل الناشئ، وإن من الخسارة العظمى أن نسكت عن تدوينها، وألا نسرع في تقييدها، فعلى هؤلاء السادة أن يدونوا في ذلك مذكراتهم، وعلى الشبان أن يلحوا في رجائهم، وأن يستملوهم ما في ذكرياتهم، ضنا بتاريخ أمتهم، وحرصاً على فائدة الجيل المقبل

وقد سرنا أن يقوم صاحب السعادة احمد شفيق باشا بنشر مذكراته، وفيها كثير من المعلومات القيمة التي تلقي نوراً على تاريخ الجيل الماضي؛ وحبذا لو نحا نوه بقية رجالاتنا، فيكملوا النواحي الأخرى الاجتماعية التي لم يتصل بها شفيق باشا، فكل عظيم من هؤلاء العظماء كانت له نواح اجتماعية خاصة هو بها أكثر علماً وأوسع معرفة.

ويظهر أن هذه الفكرة نفسها كانت عند المرحوم احمد تيمور باشا، فقد بدأ بترجمة رجال القرن الرابع عشر، ولكن مع الأسف الشديد لم يتمه، وقد طلبت من صديقي الأستاذ محمود تيمور أن يتفضل فيسمح لي بالاطلاع على ما دونه في ذلك المرحوم والده، فقبل رجائي وأعارني الجزء الخاص بذلك - فإذا هو مجلد قد دون فيه بخط المؤلف اثنتان وسبعون صفحة، وقد ترجم فيها لأربعة وعشرين رجلاً من أعيان القرن الرابع عشر الهجري باعتبار الوفاة، وإن كان أكثر حياتهم في القرن الثالث عشر

وأكثر من ترجم لهم المؤلف من الأدباء كعبد الله نديم والشيخ شهاب، والشيخ على الليثي، أو من العلماء كالشيخ الأشموني والشيخ المهدي العباسي، والشيخ حسن الطويل، والشيخ أبي خطوة، والشيخ حسونة، لأن المؤلف رحمه الله كانت حياته حياة علم وأدب، فعني بمن تتصل بهم حياته، وقد ترجم أحياناً لرجال السياسة كسلطان باشا، والغازي احمد مختار باشا

وقد أفاض المؤلف في بعض التراجم فخرجت كاملة مستوفاة كترجمة عبد الله نديم وسلطان باشا، وبعضها قاصرة كترجمة الغازي مختار باشا، وكل التراجم - مع ذلك - ذخيرة أدبية وتاريخية هامة، وفيها من المعلومات مالا نجده في سواها، ومن من المؤلف أعلم برجال هذا العصر وشيوخه؟

من أجل هذا اقترحت على صديقي الأستاذ الزيات أن تنشر هذه التراجم تباعاً في الرسالة حتى ينتفع بها جمهور القراء - ولا يفوتني أن أنبه أن أربعا من هذه التراجم الأربع والعشرين قد نشرت في مجلة الهلال الغراء، ولكني لا أرى بأساً من إعادة نشرها حتى تكون المجموعة عند قراء الرسالة كاملة.

احمد أمين