مجلة الرسالة/العدد 475/القاضي التنوخي

مجلة الرسالة/العدد 475/القاضي التنوخي

ملاحظات: بتاريخ: 10 - 08 - 1942



للأستاذ يوسف يعقوب مسكوني

(تتمة نشر في العدد الماضي)

وأما أسباب عزله فتلخص بما يأتي: قال الرئيس أبو الحسن هلال: وفي شهر ربيع الأول سخط عضد الدولة على القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي والزم منزله وصُرف عما كان يتقلده. وكان السبب في ذلك ما حدثني به أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال حدثني أبو علي والدي قال: كنت بهمذان مع الملك عضد الدولة فاتفق أن مضيت يوماً إلى أبي بكر بن شاهويه رسول القرامطة والمتوسط بين عضد الدولة وبينهم، وكان له صديقاً ومعي أبو علي الهائم وجلسنا نتحدث، وقعد أبو علي على باب خركاه كنا فيه وقدم إليه ما يأكله، فقال لي: اجعل أيها القاضي في نفسك المقام في هذه الشتوة في هذا البلد. فقلت لِمَ؟ فقال إن الملك مدبّر القبض على الصاحب أبي القاسم بن عبّاد، وكان قد ورد إلي حضرته بهمذان؛ وإذا كان كذلك تشاغل بما تتطاول معه الأيام. وانصرفت من عنده؛ فقال أبو علي الهائم قد سمعت ما كنتما فيه وهذا أمر ينبغي أن تطويه ولا تخرج به إلى أحد ولا سيما إلى أبي الفضل بن الشيرازي. فقلت أفعل، ونزلت إلى خيمتي، وجاءني من كانت له عادة جارية بملازمتي ومواصلتي ومواكلتي ومشاربتي وفيهم أبو الفضل بن أحمد الشيرازي، فقال لي: أيها القاضي أنت مشغول القلب فما الذي حدث؟ فاسترسلت على انس كان بيننا وقلت أما علمت أن الملك مقيم وقد عمل على كذا في أمر الصاحب وهذا دليل على تطاول السنة. فلم يتمالك أن أنصرف واستدعي ركابياً من ركابتي وقال له: أين كنتم اليوم؟ فقال عند أبي بكر بن شاهويه. قال: وما صنعتم؟ قال: لا أدري إلا أن القاضي أطال عنده الجلوس وانصرف إلى خيمته عنه ولم يمض إلى غيره. فكتب إلى عضد الدولة رقعة يقول فيها: كنت عند القاضي أبي علي التنوخي فقال كذا وكذا وذكر أنه قد عرفه من حيث لا يشك فيه وعرفت أنه كان عند أبي بكر ابن شاهويه وربما كان لهذا الحديث أصل؛ وإذا شاع الخير به وأظهر السر فيه فسد ما دُبّرَ في معناه. فلما وقف عضد الدولة على الرقعة وجم وجوماً شديداً وقام من سماط كان قد عمله في ذلك اليوم على منابت الزعفران للديلم مغيظاً، واستدعاني وقال لي: بلغني أنك قلت كذا وكذا حاكياً عن أبي بكر بن شاهوية فم الذي جرى بينكما في ذلك؟ فقلت لم أقل من ذلك شيئاً، فجمع بيني وبين أبي الفضل بن أبي أحمد وواقفني وأنكرته، وراجعني وكذبته؛ وأحضر أبو بكر بن شاهويه وسئل عن الحكاية، فقال: ما اعرفها، ولا جرى بيني وبين القاضي قول في معناها. وثقل على أبي بكر هذه المواقفة وقال: ما نعامل الأضياف بهذه المعاملة. وسئل أبو علي الهائم عما سمعه فقال: كنت خارج الحركة، وكنت مشغولاً بالأكل وما وقفت على ما كانا فيه. فمد وضرب مائتي مقرعة؛ وأقيم فنفض ثيابه. وخرج أبو عبد الله سعدان - وكان لي محباًّ - فقال لي: الملك يقول لك: ألم تكن صغيراً فكبرناك، ومتأخراً فقدمناك، وخاملاً فنبهنا عليك، ومقتراً فأحسنا إليك؟ فما بالك جحدت نعمتنا وسعيت في الفساد على دولتنا؟ قلت: أما اصطناع الملك لي فأنا معترف به، وأما الفساد على دولته فما عملت أنني فعلته! وجلست مكاني طويلاً، وعندي أنني مقبوض علَّي، تم حملت نفسي على أن أقوم واسبر الأمر، وقمت وخرجت من الخيمة، فدعا البوابون دابتي على العادة، ورجعت إلى خيمتي منكسر النفس منكسف البال؛ فصار الوقت الذي أدعي فيه للخدمة، فجاءني رسول ابن الحلاج على الرسم، وحضرت المجلس فلم يرفع الملك إلي طرفاً، ولا لوي إلي وجهاً؛ ولم يزل الحال على ذلك خمسة وأربعين يوماً، ثم استدعاني وهو في خركاه وبين يديه أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف، وعلى رأسه أبو الثناء شكرٌ الخادم فقال: ويلك! أصدقني عما حكاه أبو الفضل بن أحمد؛ فقلت كذبٌ منه؛ ولو ذكرت لمولانا ما يقوله لما أقاله العثرة؛ فقال: أو مِنْ حقوقي عليكم أن تسيئوا غيبتي وتتشاغلوا بذكري؟ فقلت: أما حقوق النعمة فظاهرة، وأما حديثك فنحن نتفاوضه دائماً. . . ثم قال عضد الدولة: عرَّفنا ما قاله أبو الفضل. قلت: هو ما لا ينطق لساني به؛ فقال: هاته. . . وكان يحب أن تعاد الأحاديث والأقاويل على وجهها من غير كناية عنها ولا احتشام فيها. فقلت: نعم؛ قال: (وذكر له بعض النقائص فقربها). . . ثم قال: وقد ذكر هذا الأستاذ وأومأت إلى أبي القاسم وأبي الريّان وجماعة الحواشي فقال: ما قال في أبي القاسم؟ قلت: قال: إنه ابتاع من ورثة ابن بقية ناحية الزاوية من رازان بأربعة آلاف درهم بعد أن أستأذنك استئذانا سلك فيه سبيل السخرية والمغالطة، واستغلها في سنة واحدة نيفاً على ثلاثين ألف درهم، وأنه أعطى فلاناً وفلاناً ثمانية آلاف درهم على ظاهر البضاعة والتجارة، فأعطاه نيفاً وستين ألف درهم. فمات أبو القاسم عند سماعه ذلك، وأوردت ما أوردته مقابلته - أي معارضته - على ما ذكرني به. وحضرت آخر النهار المجلس في ذلك اليوم على رسمي، فعاود التقريب لي والإقبال علىَّ. ثم رحلنا عائدين إلى بغداد، فرآني الملك في الطريق وعليَ ثياب حسنة وتحتي بغلة بمركب وجناغ جواد؛ فقال لي: من أين لك هذه البغلة؟ قلت: حمَّلني عليها الصاحب أبو القاسم بمركبها وجناغها، وأعطاني عشرين قطعة ثياباً، وسبعة آلاف درهم؛ فقال: هذا قليل لك مما تستحقه عليه. فعلمت أنه أتهمني به وبأني خرجت بذلك الحديث إليه، وما كنت حدثته به

وذكر غرس النعمة بن هلال قال: حدثني بعض السادة الأصدقاء، وأنسيته وأظنه أبا طاهر محمد بن محمد الكرخي قال: كانت بنت عضد الدولة لما زفت إلى الطائع بقيت بحالها لا يقربها خوفاً أن تحمل منه فتستولي الديلم على الخلافة، وكان الطائع يحبها حباً شديداً زائداً موفياً. . . . . وتقدم عضد الدولة إلى أبي على التنوخي في أواخر أيامه بأن يمضي إلى الطائع ويطارحه يناظره. . . في المعنى. . . بأسباب يتوصل إليها وأقوال يصفها، ويومئ إلى الغرض فيها. . . رتبها عضد الدولة ولقنه إياها وفهمه

قال التنوخي بعد قدومه إلى بغداد مع عضد الدولة فحكى لي أن الطائع لله متجاف عن ابنته المنقولة إليه. . . فثقل ذلك عليه وقال لي: تمضي إلى الخليفة. . . ويعود الأمر إلى ما يستقيم به الحال ويزول معه الانقباض فقد كنت وسيط هذه المصاهرة، فقلت: السمع والطاعة. وعدت إلى داري لألبس ثياب دار الخلافة، فاتفق أن زَلِقَتْ وَوَثِئَتْ رجلي، فأنفذت إلى الملك أعرفه عذري في تأخري عن أمره فلم يقبله وأنفذ إلى منْ يستعلم خبري، فرأى الرسول لي غلماناً رَوَقَةً وفرشاً جميلاً، فعاد إليه وقال: هو متعال وليس بعليل. وشاهدته على صورة كذا وكذا والناس يغشونه ويعودونه. فاغتاظ غيظاً مجدداً حرك ما في نفسه مني أولاً، فراسلني بأن الزم بيتك ولا تخرج عنه، ولا تأذن لأحد في الدخول عليك، فيه إلا نفرا من أصدقائي استأذنت فيهم فاستثني بهم. ومضت الأيام وأنفذ إلى أبو الريان فطالبني بعشرة آلاف درهم وكنت استلفتها من إقطاعي فأديتها إليه، واستمر علىّ السخط والصرف عن الأعمال إلى حين وفاة عضد الدولة. ثم قال غرس النعمة: فقال التنوخي السمع والطاعة، ومضى إلى بيته ولمُ يقدم على الطائع، وخاف عضد الدولة إن خالف ما رسمه له، فأظهر مرضاً أصدقاؤه وعاده منه واعتذر به إلى عضد الدولة، فوقع لعضد الدولة باطن الأمر وأمر بعض الخدم الخواص بالمضي إلى التنوخي لعيادته وتعرف خبره، وأن يخرج من عنده ويركب إلى أن يخرج من الدرب، ثم يعود فيدخل عليه هاجماً فإن كان على حاله في فراشة لم يتغيرَّ له أمر، أعطاه مائتي دينار أصحبه إياها لنفسه وأطهر أنه عاد لأجلها لأنه أنسيها معه؛ وإن وجده قاعداً أو قائماً عن الفراش قال له: الملك يقول لك لا تخرج عن دارك إلينا ولا إلى غيرنا وانصرف. قال الخادم: فدخلت إليه وهو في فراشه وعليه دثاره وخاطبته عن الملك وأعاد جواباً ضعيفاً لم أكد أفهمه، وخرجت ثم عدت على ما رسم الملك فهجمت عليه فوجدته قائماً يمشي حول البستان، فلما رآني اضطرب وتحيرَّ فقلت له: الملك يقول لا تبرَح دارك إلينا ولا إلى غيرنا، وخرجت فبقى على ذلك إلى أن مات عضد الدولة)

نقول وذكره من بعد هؤلاء ابن خلكان؛ ولم يزد على ما ذكره المؤرخون ممن ذكرنا هنا سوى كتاب (المستجاد من فعلات الأجداد) وقد نوهنا به وأشرنا إلى أمره آنفاً في غير هذا. وقد نقل ابن خلكان عن الثعالبي والخطيب البغدادي

أما شعره فإننا نذكر منه هنا ما ذكره المؤرخون استطراداً في ترجمته وما اختاروه من شعره لما كان ديوان شعره من الدواوين المفقودة، لعل فيه شيئاً من الفائدة. ومن السابقين إلى رواية شعره الثعالبي قال: ومما علق بحفظ أبي نصر سهل بن المرزبان وأنشدنيه للقاضي أبي علي قوله وهو معنى طريف ما أراه سبق إليه:

خرجنا لنستسقي بيمن دعائه ... وقد كاد هدب الغيم أن يبلغ الأرضا

فلما أبتدأ يدعو تقشعت السما ... فما تم إلا والغمام قد انفضّا

وأنشدني غيره له وأنا مرتاب به لفرط جودته وارتفاعه عن طبقته:

أقول لها والحي قد فطنوا بنا ... وما لي على أيدي المنون براح

لما ساءني أن وحشتني سيوفهم ... وإنك لي دون الوشاح وشاح

قال الثعالبي ومما أنشده لنفسه في كتاب الفرج بعد الشدة:

لئن أشمت الأعداء صرفي ورحلتي ... فما صرفوا فضلي ولا ارتحل المجد

مقام وترحال وقبض وبسطه ... كذا عادة الدنيا وأخلاقها النكد

وسنذكر بقية الأبيات من مقدمة ناشر كتاب (الفرج بعد الشدة). ولقد وجدت قطع لمؤلف الكتاب عينه مدرجة في الفصل الأخير من بحوثه تلائم مقاصد المؤلف لكتاب الفرج بعد الشدة. ومن أولى هذه القطع ما يأتي:

أصبر فليس الزمان مصطبراً ... وكل أحداثه فمنقشعه

كم من فقير غناه في شبعٍ ... قد نال خفضاً في عيشه ودعه

ومن جليل جلت مصائبه ... ثم تلافاه بعد ما وضعه

فعاد بالعز آمناً جذلاً ... وعاد أعداؤه له خضعه

والقطعة الثانية:

متى تصفو لك الدنيا بخير ... إذا لم ترض منها بالمزاج

ألم تر جوهر الدنيا المصَفّى ... ومخرجه من البحر الأجاج

ورب مخيفة فجأت بهولٍ ... جرت بمسرة لك وابتهاج

ورب سلامة بعد امتناع ... ورب مثقف بعد اعوجاج

والقطعة الثالثة، قال مؤلف الكتاب وفي محنة لحقتني فكشفها الله تعال فقلت:

هوّن على قلبك الهموم فكم ... قاسيت هماً أدنى إلى الفرح

ما الشر من حيث تتقيه ولا ... كل مخوف يفضي إلى الترح

والقطعة الرابعة:

لئن عداني عنك الدهر يا أملي ... وسل جسمي بالأسقام والعلل

وشت شمل تصافينا وألفتنا ... والدهر ذو غير والدهر ذو دول

الحمد لله حمد الشاكرين على ... ما شاء من حادث يوهي قوي الأمل

قد اشتكت بصروف الدهر والتحقت ... على فيك غواشي الحزن والوجل

واعتضت منك بسقم شأنه خلل ... ومن وصالك بالهجران والملل

وبعد أمني من عذر ومثنية ... عذراً يسرح بالألفاظ والرسل

ومن لقائك لقي الطب أرحمهم ... قسط وأرفقهم يدنى إلى الأجل

فلست آيس من رجع الوصال ولا ... عود العوافي ولا أمن من السبل

والقطعة الخامسة من قصيدة في محنة لحقته:

أما للدهر من حكم رضى ... يدال به الشريف من الدني ويستعلي الرؤوس من الذنابي ... وينتصف الذكي من الغبي

ومن عاصاه دمع في بلاء ... فليس بكاء عيني بالعصي

وما أبكي لوفر لم يفده ... زمان خان عهد فتى وفي

ولا آيس على زمن تولى ... بعيش ناضر غض نديّ

وما تلقي الحوادث إن ألمت ... سوى قلب عن الدنيا سخي

وصبر ليس تنزحه الليالي ... كنزح الدلو ضافية الركي

وليس بآيس من كان يخشى ... ويرجو الله من صنع قوي

أما القطعة السادسة فقد قال ناشر الكتاب: وله عند صرفه من تقلده القضاء بالأهواز وقبض ضيعة من ضياعه وحضوره إلى بغداد وقد نقلنا منها آنفاً بيتين مطلعهما: لئن أشمت الأعداد الخ

وما زلت جلداً في المهمات قبلها ... ولا غر وفي الأحيان أن يغلب الجلد

فكم ليث غاب شردته ثعالب ... وكم من حسامَ فلَّه غيلة غمد

وكم جيفة تعلو وترسب درة ... ومنحسة تقوي إذا ضعف السعد

ألم تر أن الغيث يجري على الربا ... فيحظى به إن جاد صيّبه الوهد

وكم فرج والخطب يعتاد نيله ... يجيء على يأس إذا ساعد الجد

لقد أقرض الدهر السرور فإن يكن ... أساء اقتضاء فالقروض لها رد

فكم فرحة تأتي على أثر ترحة ... وكم راحة تطوى إذا اتصل الكد

وكم منحة من محنة تستفيدها ... ومكروه أمر فيه للمرتجي وفد

على أنني أرجو لكشف الذي غدا ... مَليكاً لَهُ في كل نائبه وفد

فيمنع منا الخطب والخطب صاغر ... وتمس عيون الدهر عناهي الرمد

ونعتاض باللقيا من البين اعصرا ... مضاعفة تبقى ويستهلك البعد

والقطعة السابعة هي:

قل لمن أودى به الترح ... كل هم بعده فرح

غالط الأحداث مجتهداً ... كل ما قد حلّ منتزج

لا تضق ذرعاً بنازلة ... وارمها بالصّبر تنفسح وأزح بالراح طارقها ... فجلاء القربة القدح

ألق بالمزاج المريح أذى ... حدها إن شئت تنشرح

هذا ما تمكنت من العثور عليه عند مطالعتي لهذا الكتاب الجميل، ولعل له مقطوعات من شعره لم نعثر عليها بعد؛ وقد تحقق الأيام من ذلك شيئاً فنعود إلى ذكر ما تركه هذا الشاعر الفحل والكاتب البليغ والمؤرخ الثقة

قال الثعالبي ومما ينسب إليه قوله لبعض الرؤساء في التهنئة بشهر رمضان:

نلت في ذا الصيام ما ترتجيه ... ووقاك الإله ما تتقيه

أنت في الناس مثل شهرك في الأ ... شهر بل ليلة القدر فيه

هذا وقد أورد ياقوت في معجم الأدباء أخباراً في ترجمته في نقد الشعر الذي يغني به عضد الدولة البويهي بحضرته ومجالس أنسه وصحة قائليه وناظميه وذلك ما يدل على قوته في نظم الشعر وحفظه أيضاً لمنظومات الشعراء الذين سبقوه، فكان خير حكم للتميز بين الغث والسمين منه؛ هذا علاوة على قوته في النثر، فقد أتبع أسلوب يكاد يكون خاصاً به لم يصل إلى مجاراته فيه أهل عصره

هذا ما تيسر لي جمعه من الأخبار عن نابغة القرن الرابع الهجري العباسي في القضاء والتأليف والشعر والأدب والاجتماع عسى أن أكون قد قمت بقسط مما يستحقه هذا العلم الفرد، وسنواصل بحول الله تعالى البحث عن غيره ممن كانت لهم المنزلة العظمى في دولتي العلم والأدب لذلك العهد العباسي الزاهر.

(بغداد)

يوسف يعقوب مسكوني