مجلة الرسالة/العدد 517/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 517/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 517
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 31 - 05 - 1943



النسل وصفاته المتوارثة

أشار الأستاذ الجليل الدكتور زكي مبارك في مقاله عن: أخطار الطعام الواحد؛ إلى وصية الرسول عليه الصلوات بالزواج من غير القريبات

وهذا الحديث المشهور: (لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا) قد أصبح - رغم الشك في صحة نسبته إلى الرسول - منبع حقيقة اعترف بها القدماء جميعاً وسجلوها في غير موضع من مؤلفاتهم؛ ثم جاءت علوم الأحياء الحديثة ودراسة طبائع أجسام الحيوان والنبات، مؤيدة لصحتها تمام التأييد

وقد عقد الغزالي في باب النكاح من كتابه (إحياء علوم الدين) فصلاً تحت عنوان: الخصال المطيبة للعيش التي لا بد من مراعاتها في المرأة. . . فجعل ثامنة هذه الخصال ونهايتها: ألا تكون من القرابة القريبة؛ وأورد الحديث الذي ذكرناه، ثم علل لذلك بضعف الشهوة بين المتقاربين. . .

وقد أورد الدكتور في مقاله مثل هذا التعليل؛ ثم زاد على ضعف النسل بسببه جسمياً، آفة أخرى نفسية فقال: إن الاكتفاء بالقريبات يضيع فرصة الموارد الجديدة من الطبائع والأذواق. . .

ونقول أننا مع اعترافنا بالعلاقة الوثيقة القائمة بين الأجسام - في قوتها وضعفها - والطبائع والأذواق - في رقيها وانحطاطها - نحب أن نسجل حقيقة استرعت نظرنا أثناء مطالعتنا المختلفة حول هذا الموضوع

فقد أشار الدميري صاحب حياة الحيوان عند حديثه عن (البغل) إلى تركبه من الفرس والحمار؛ ثم قال: لذلك صار له صلابة الحمار وعظم آلات الخيل. . . وهذا يؤيد الحقيقة التي ألمعنا إليها. ولكنه عاد فوصف هذا الحيوان برداءة الأخلاق والتلون (لأجل التركيب)، ثم قال: وشر الطباع ما تجاذبته الأعراق المتضادة، والأخلاق المتباينة، والعناصر المتباعدة. . . وذكر في موضع آخر أن (أكثر الحيوانات المركبة من نوعين من الحيوان أخبث طبعاً من أصولها التي تتولد منها وأشد شراسة، كالسمع والعسبار ونحوهما) - وكلاهما يتولد بين الضبع والذئب - وظاهر من هذا أن تحسن (النسل المتولد من متباعدين) في صفاته الجسمية، لا يستتبع تحسنه في صفاته النفسية، أو فيما ركب فيه من طبائع وأذواق. . . بل على العكس من ذلك، ينشأ النسل الجديد أخبث في الطبائع من أصوله، أو هو يكتسب أسوأ ما في أبويه من صفات نفسية؛ وهذا متحقق - على الأقل - في أنواع الحيوان المركب من نوعين، وفقاً لما قاله الدميري

بقى أن ننظر في نسل الآدمي المتولد من متباعدين. . . أي الصفات النفسية يجتمع فيه؟ وهل هو في اكتسابه أحسن الصفات الجسمية من أبويه، يكتسب أيضاً أفضل ما فيهما من صفات عقلية وخلقية؟

وإذا كان الأمر كذلك، فلم هذا التفريق - من هذه الوجهة - بين الإنسان والحيوان؟

على أنه إذا نفينا هذا التفريق، فماذا يبقى من الثقة بكلام الدميري في طبائع الحيوان المركب، وهو قد ضرب لإثباته الأمثلة المحسوسة من طبائع البغل والسمع والعسبار وغيرها من هذه الأنواع؟

(جرجا)

محمود عزت عرفة

نظرات في مهرجان الربيع

أمسى ثغرنا السكندري على حقل أدبي كبير زفت فيه تحايا الربيع في أثواب من النغم الشعري البديع، وآيات من الكلم النثري الرفيع. . . ولعل السر في هذا يتمثل في اشتراك نفر من أسرة (الرسالة) الغراء في هذا المهرجان، فقد مثلها من شيوخها الأستاذ الكبير محمود البشبيشي، والأستاذ الفاضل خليل شيبوب؛ ومثلها من شبابها الأستاذان: حسين البشبيشي، ومصطفى علي عبد الرحمن. وكان لا بد للناقد من التأثر فالتأمل فالتعبير. . . وكان لا بد لتعبيره أن يتناول الهنات قبل المحاسن، ويحق لنا أن نقول إن بعض الخطباء قد أصاب، وبعضهم قد تردد في النطق واضطراب في الإبانة. . . وزل لسان بعضهم بلحنات يجدر بالخطيب الحق أن يتفاداها. ولكن الذي يخفف من تلكم الهنات ويذهب بها ذلكم البيان الدافق والقدرة الخطابية العجيبة التي غمر بها الحفل أستاذنا القدير محمود البشبيشي، الذي عرض فيها لمجهودات الجماعة في بيان جامع، وحيا الربيع بأسلوب رائع!

وقد كان جميلاً من الأستاذ البشبيشي ذلك الوفاء لإخوانه القاهريين (أعضاء رابطة العروبة) الذين ذكرهم بكل خير

أما عن الشعر فقد أوشك أن يحتكر المهرجان لذاته، إذ رأينا فيه اتجاهين من الشعر يعرضان لونين مختلفين: الشعر الذي يحفظ على الديباجة ويلمس المعاني بهوادة. ثم الشعر الذي تغلب روعة معانيه على حيوية ألفاظه، وينطلق في جواء من الخيال الوضئ. ولقد مثل النوع الأول الأستاذ خليل شيبوب، ومثل النوع الثاني الأستاذان مصطفى علي عبد الرحمن وحسين البشبيشي

ومن قصيدة الأستاذ شيبوب قوله:

عيد الطبيعة والشباب كأنه ... فطر يعيد بعد صوم شتائه

والشاطئ المسحور دار كأنه ... أفق الجمال حنا على دأمائه

ومن قصيدة الأستاذ مصطفى علي عبد الرحمن قوله:

على الشاطئ المسحور دنيا رحيبة ... عليها الجمال العبقري تجسما

أرى الموج فيها والرمال تعانقا ... ولم يعبآ بالناس ترنو إليهما

وحولك جنات تفيض عيونها ... وتندى بشاشات وتورق أنعما

ولقد كانت ربيع الحفل، ودرة القصائد بحق، قصيدة الأستاذ حسين البشبيشي الذي وفق فيها إلى مقارنة ربيع الطبيعة بربيع قلبه إذ قال:

ربِّ هبني الحياة كي أصحب الدني ... اإلى مولد الربيع الثاني

آه. . .! عاد الربيع وانطلق الح ... ب وراء المنى بكل مكان

يا ربيعي الذي انطلقت ولم تر ... جع بقلب ممزق حيران

أنت دنياي والربيع الذي يه ... فو إلى ورده فؤادي الفاني

عبد العزيز البيسي

عضو جامعة نشر الثقافة بالإسكندرية عثرات:

جاء في المقال الأول من الرسالة:

(هبني سألت حضرة القاضي المحترم: ألا تزال تضرب امرأتك؟ فبماذايجيب؟ إن كان لم يضربها قط ثم قال (لا) ففي هذا النفي معنى الاعتراف بالضرب فيما مضى وإنكاره الآن، وإن قال (نعم) فقد خالف الحقيقة. . . الخ)

والصواب أن همزة الاستفهام إذا دخلت على النفي كان الجواب بالحرف (بلى) إثباتاً وبالحرف (نعم) نفياً. أما (لا) فلا موضوع لها هنا

وأما الثانية ففي كلامه أيضاً:

(فلا نخالنا ننسى شيئاً كثيراً إذا حصرناها في ثلاث مسائل كبريات)

وصواب الكلام (ثلاث مسائل كبار) إذا لم يرد التفضيل؛ فإن أراده قال (مسائل أكبر) وذلك لأن (كبريات) جمع (كبرى) مؤنث أكبر، فهي أسم تفضيل؛ وهو يجب إفراده وتذكيره إذا كان مجرداً من (أل) والإضافة، فإذا أضيف إلى المعرفة جازت المطابقة والإفراد مع التذكير.

وأما الثالثة ففي كلام الأستاذ سهيل أدريس (وأيقنت أن ذلك سيعود على تاريخ الأدب العربي بفوائد جمة إن يسرع في تحقيقه)

والصواب (إن شرع في تحقيقه) لأن جواب الشرط لا يحذف إلا إذا كان فعل الشرط ماضياً، وما عدا ذلك فهو شاذ لا يقاس عليه.

محمد محمود رضوان

المدرس ببني سويف الابتدائية

من شعر الأستاذ مصطفى عبد الرزاق باشا

حدثنا صديقنا الأستاذ الزناتي عن عطار يمنى لقيه بالفشن أن الشيخ (شعيب) عمدة هليه من بلاد الصعيد مدح صاحب السعادة الأستاذ مصطفى عبد الرزاق باشا بقصيدة فرد عليه بهذين البيتين: أبديتَ من خِدْر فكِر ... سامي المقام عروسا

هي ابنة لشعيب ... فأين في الناس موسى

وقصة زواج الرسول موسى من ابنة النبي شعيب معروفة.

1