مجلة الرسالة/العدد 52/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 52/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 02 - 07 - 1934



علم الدولة

(الجزء الأول في أصول الدولة وتطورات فكرتها)

تأليف الأستاذ أحمد وفيق

يقع الجزء الأول من هذا الكتاب الفذ في نحو أربعمائةفحة من القطع الكبير، وهو ثمرة جهود شاقة وتجاريب طويلة وحسبك أن فكرة الكتاب قد جالت في رأس مؤلفه الفاضل منذ خمسة وعشرين عاماً، وأن العمل على إصداره ظل شغله الشاغلطوال هذه المدة، ذلك لأنه أثر التريث وإمعان النظر وإطالة البحث والاطلاع حتى جاء عمله في النهاية جديراً بفضله وأدبه وواسع خبرته.

مهد الأستاذ لموضوعه الواسع بمقدمة ضافية محكمة فتكلم عن أسباب إصداره هذا الكتاب مشيراً إلى حاجة الشرق في نهوضه إلى مثل هذه البحوث، ثم عرف هذا العلم إلى القاريء وجاء بلمحة تأريخية عنه، وبين له كيف تدرس فكرة الدولة عملياً، وتعرض لآراء العلماء في ذلك وهي بحق مقدمة شيقة، تدلك على شدة اهتمام الأستاذ بموضوعه كما تشهد بحسن فهمه واستيعابه له.

بعد ذلك تكلم الأستاذ في هذا الجزء من كتابه عن أصول الدولة وعرض في إسهاب ودقة النظريات المختلفة التي وضعت للدولة، فتكلم عن نظرية الطبيعة، وعن نظرية الأصل الاصطلاح شارحاً العقد الاجتماعي واصله، مورداً آراء الفلاسفة في ذلك. ثم انتقل إلى نظرية التكوين الاختياري الضروري للدولة ذاكراً في كل نظريه ما دار حولها من الآراء.

وبعد أن انتهى الأستاذ من سرد النظريات وشرحها، عاد إلى الكلام عن التطور التاريخي لفكرة الدولة: فتكلم عن فكرة الدولة في الهند وفارس والصين ومصر ودولة الإسرائيليين واليونان والرومان، ثم انتقل إلى العصور الوسطى وعهد إحياء العلوم وعهد الإصلاح مورداً في كل هاتيك الخطوات آراء العلماء والفلاسفة شارحاً جميع الحركات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي لم يكن منها بد لموضوعه، وقد ختم الجزء الأول عند هذا الحد، وسيفتتح الجزء الثاني بتناول الفكرة ابتداء من عهد الانتقال بين عصر الإصلاح وعصر الثورة الفرنسية.

وأني وقد أعجبتني طريقة الأستاذ وفيق في بحثه، وراقتني فصاحته وخبرته لأتقدم إليه باقتراح أرجو أن ينال عنده القبول، ذلك أن يفرد بابا من كتابه لفكرة الدولة في الإسلام وتطورها منذ عصر الخلفاء، فان القاريء الشرقي ليتطلع إلى هذه. الناحية في شوق عظيم، ولا سيما إذادرت من عالم جليل كالأستاذ وفيق له مثل هذه الخبرة عن الدولة وفكرتها.

م. الخفيف

غاندي والحركة الهندية

تأليف الأستاذ سلامة موسى

غاندي والحركة الهندية كتاب جدير بأن يطلع عليه كل شبابنا فهو حافل بدروس الوطنية الصادقة مصورة في حركة من أروع وأجل الحركات الوطنية وفي شخصية من أعظم شخصيات التاريخ هي شخصية غاندي الرجل العظيم والزعيم النادر المثال والإنسان الكامل، الذي لايجود الزمان بأمثاله من العظماء الإ كل حقبة طويلة من الدهر.

أعجبني في هذا الكتاب تفصيل الموضوع وحسن تقسيمه وتقريبه إلى أذهان القراء في مهارة ولباقة عرف بهما مؤلفه الفاضل. ثمأعجبني أكثر من ذلك ما أحسسته من حماس الأستاذ. وصراحته وصدق تأثيره بما يكتب واندماجه في موضوعه حتى لتحار فيما لو كان الأستاذ يسرد عليك تاريخ وتطور حركة من الحركات الوطنية أم هو يسمعك آراءه الصريحةالجريئة في الاستعمار أو وما ينجم عنه من نكبات كل ذلك في أسلوب علمي دقيق جمع بين حماس القلب ورزانة العقل.

قسم الأستاذ هذا الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، ففي الجزء الأول يتكلم عن الأحوال العامة في الهند، وفي الجزء الثاني يبسط لك سياسة غاندي وفلسفته، وفي الجزء الثالث يورد لك بعض مقالات وحكم كتبها غاندي ونشرت في المجلات الهندية.

وغاية الأستاذ من هذا الكتاب جديرة بالثناء، انظر إلى قوله (ونحن في جهادنا للمباديءالإمبراطورية البريطانية نشبه. الهنود وإن كانت قدم الإنجليز في الهند ارسخ وتاريخهم أطول، ولهذا السبب نفسه يجب أن نستنير بحركتهم كما استناروا هم بحركتنا فان زعماءهم كثيراً ما ذكروا الاتحاد بين المسلمين والأقباط في مصر ودعوا أبناء أمتهم المسلمين والهندوكيين إلى مثله في الهند. وسيجد القاريء المصري في هذا الكتاب كثيرا ًمن المواضيع التي يهمه معرفتها، كأصل الحركة الهندية والديانة الهندوكية، والفقر والنجاسة، والدستور الجديد، وغاندي وحياته وموقفه من المدينة الحديثة وما لم يعرف عن غاندي، وصوم غاندي الأول، هذا إلى بعض مقالات غاندي نفسه، مما يجعل الكتاب جديراً بالمطالعة والانتفاع مما جاء فيه من دروس نحن أحوج ما نكون إليها.

مثلنا الأعلى

قصة وضعها عبد المجيد عباس المعلم في مدرسةتطبيقات دار المعلمين

مطبعة الحكومة - بغداد

قصة تمثيلية تقع في أربعين صفحة من القطع الكبير، موضوعها الوحدة العربية والدعوة إليها، أهداها صاحبها الفاضل المغفور له فيصل بن الحسين فقيد العرب العظيم وجاء في هذا الإهداء أنها (مُثلت في حضرة جلالته فحباها بالإعجاب، وظفرت من جلالته بالرضا).

ونحن لا يسعنا إلا الإعجاب بكل ما يكتب عن الوحدة العربية والدعوة إليها كما أني أشعر بالغبطة والارتياح بعد تلاوة القصة، وذلك لما تخللها من شعور كريم وآراء سديدة. ولكني إذا نظرت للقصة من ناحية الفن، أجدني ميالاً إلى أن أصرح لمؤلفها الفاضل بأن هذا الموضوع الكبير، كان يحتاج إلى طريقة خير من طريقته التي اتبعها، كما أن القصة يكاد ينعدم منها الجو القصصي، وكأني في مواضع كثيرة منها كنت استمع إلى مناظرة في موضوع الوحدة العربية، فالحوار ينقصه (الفن في الأداء والتوجيه، والآراء تسرد بطريقة سطحية جافة كما يجيء على لسان مدرس المطالعة عند شرح موضوع درسه، هذا إلى أنها تكاد تخلو من المواقف المثيرة والمفاجآت القوية، كما أن مناظرها محدودة وأشخاصها قليلون لا أكاد أفرق بينهم في خلق، غير أني أشعر بميل المؤلف الفاضل إلى القصة واتخاذها أداة لنشر ارائه، ولعلنا نجد منه في المستقبل ذلك الفنان الناضج الذي يجمع بين الموهبة والثقافة

م. الخفيف