مجلة الرسالة/العدد 52/عروس الورد

مجلة الرسالة/العدد 52/عروس الورد

ملاحظات: بتاريخ: 02 - 07 - 1934



شذى الخزامى وريا النرجس العطر ... سرت بها نسمات الروض في السحر

والفجر قاد جيوش النور منتصراً ... والليل أدبر لا يلوي على أثر

إلا بقايا نجوم وهي حائرة ... في افقها ورشاش من سنا القمر

سرى فأنعشني ريح الصبا سحراً ... فرحت أستعرض الماضي من الذكَر

والذكريات كأسراب القطا كُثُرٌ ... لما تحوم على الغدران والنهَر

والقلب كالطير قد أرداهائده ... بين الظلوع خفقاً خفق محتضر

أهيم والشوق يطويني وينشرني ... والدمع طافٍ بجفني غير منهمر

حتى مررت بروض شاق منظره ... قد أتقن الصنع فيه حذق مقتدر

لا الشعر وافٍ ولا التصوير يدركه ... وإن سمت ريشة الفنان في الصور

هنا الغصون بأعطاف لها رقصت ... مثل الكواعب ذات الدَّلِّ والحور

والعندليب يغنيها فيُسمعها ... أشجى النشيد بلا عود ولا وتر

والزهر في مهرجان ريحه عبق ... ما بين منتظم زاهٍ ومنتثر

والحوض يبدو كمرآة قد انعكست ... في وجههاور الأفنان والثمر

أو خد عذراء لم يجذب بتطرية ... إذا تدلت عليه خصلة الشعر

وقفت بالباب والأشواك تحرسه ... أسأل الطائر الشادي عن الخبر

فأومأت مورفات الدوح مخبرة ... تزوج الورد بنت السوسن النضر

فالورد في حمرة الجلباب متشح ... أما العروس ففي بيض من الأزر

يحنو عليها وأحيانا يقبلها ... كمدنف آب للأحباب من سفر

كلاهما ليس يخشى عين مرتقب ... في الحب أو قول واش في الهوى أشر

يداعبان ضياء الشمس في شغف ... وظلمة الليل في أنس وفي سمر

روحان قربت الأشواق بينهما ... على اقتراب من الريحان والزهر

والكل جذلان لا الأيام توحشه ... ولا تبدلفو العيش بالكدر

ثم التفت إلى نفسي وقد عصفت ... فيها الهموم وأذوت زهرة العمر

بيني وبين الليالي ما يكدرني ... كأنني جئت ذنباً غير مغتفر

فقلت يا ليتني في الروض زنبقة ... أو بعض ورد ولم أخلق من البش دمشق

عبد الجبار جرمود