مجلة الرسالة/العدد 522/قطرة دمع

مجلة الرسالة/العدد 522/قطرة دمع

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 07 - 1943



(إلى روح صديقي شهيد الواجب. . المرحوم أحمد شلبي)

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

أَسْكَنتْهُ بَغْتَةُ الْمَوْتِ الرّغَامَا ... أَيْقِظُوهُ، فَهُوَ يَأْبَى أَنْ يَنَامَا!

أَيْقِظُوهُ، فَهُوَ يَأْبَى أَنْ يَرَى ... هَامِدَ التَّرْبِ لجَنْبَيْهِ مَقَامَا

أَيْقِظٌوهُ! فَهُوَ فَجْرٌ رَاقِدٌ ... لَمْ يُعَوَّدْ نُورُهُ هَذَا الظَّلاَمَا

لم يَكَدْ يُشْرِقُ حَتَّى انْدَفَعَتْ ... رَاحَةُ التَّابُوتِ تَسْقِيِهِ القَتَامَا

كَيْفَ لم يَعْصِفْ بِهاَ وَهْوَ الذَّي ... لم يَكُنْ إِلاّمَضاََء وَاعْتِزَامَا؟

في شَبَابِ الْعُمْرِ يَغْليِ أَمَلاً ... وَحَيَاةً، وَانْبثاقاً، وَاَحْتِدَامَا

لم يَكُنْ يَدْرِي الصِّبَا إِلاّ خُطىّ ... أَرْخَتِ الرُّوحُ لِسَاقيْهَا الزِّمَاما

في سَماَءِ الْمَجْدِ يَمضْيِ طَائِراً ... يَهتْكُ الرِّيحَ وَيَجْتاَحُ الْعَمَامَا

لاَ هُدُوه، لا وُقُوفٌ، لا هَوّى ... يَلْفِتُ الإِعْصَارَ أَنْ يَمْضِي أَمامَا

لاَ كَلاَلٌ، لاَ مَلاَلٌ، لا دُجَيّ ... يُوقِفُ السَّارِيَ أنْ يَخْشَى الزحَاما

وَإِذَا الْكأسُ التي مِنْ فَمِهَا ... تَشْرَبُ الأقدارُ آجَالَ النَّدَامَى

فَاجَأَ الْغَيْبُ بِهاَ أَحْلاَمَهُ ... فإِذَا هِي بَيْنَ كفّيْهِ حُطَامَا

وَإِذَا آمَالُهُ فَوْقَ الثّرَى ... رَكْبُ أَزْهَارٍٍ عَلَى قَبْرٍ تَرامَى

ذَا بِلاَتِ النُّورِ تَبْدُو مِثْلَمَا ... قَرَّحَ الإْثْكاَل أَجْفَانَ الأيامى

باَكِياَتٍ. . . أَنَا أَدْرِي دَمْعَهَا ... وَأَرَاهُ بَيْنَ جَنْبَيَّ ضِرَامَا!

وَإِذَاهُ جَذْوَةٌ هَامِدَةٌ ... وَصِباً في مَضْجَعِ الْهَلْكَى أَقاَمَا

لا تَلُومُوهُ عَلَى رَقْدَتِهِ ... غَفْوَةُ الأكْفاَن لا تَدْرِي الْمَلاَما

وَاسْأَلوا الْغَيْبَ فَإِنَّي عَاجِزٌ ... لم أَجِدْ إِلاّ قُبُوراً وَرمامَا. . .

أَيْنَ مِنْ دُنْيَاكَ قَلْبٌ ضاَحِكٌ ... أَتْرَعَ الأيام صًفْواً وَابْتِسَاما؟

أيْنَ آمَالٌ وَنَفْسٌ رَفْرَفَتْ ... كَصَبَاحِ الصَّيْفِ نورَاً وَسَلاَما

أَيْنَ؟ لاَ أَيْنَ. . فَماَذَا بَعْدَهَا ... غَيْرُ دَمْع فاَضَ مِن قْلَبْي كلامَاً!؟

أنتَ أخْرَسْتَ بَيَانِي مِثْلمَا ... يُخْرسُ الإعْصَارُ في الدَّوْح اليَمامَا مَزَّقَ النَّعْمُى سُكُوني وَمَضَى ... أتُرى أغمَد في الصَّمْت حُسَاما؟!

جِئْتُ أَرْثِيكَ فَماَلِي مُلْجَمٌ ... تَزهَقُ اْلأَنْغاَمُ في عُودِي إذا ما. .

يَا رَبِيعَ الْعُمْرِ، يَا نَشْوَتَه ... كَيْف أَطْلَقْتَ بِوَادِيه الْحِمَاما؟

وَهْوَ فَجْرٌ مِنْكَ مَطْلُولُ الرُّبى ... وَأدُهُ كاَنَ عَلَى الْمَوْتٍ حَرامَا