مجلة الرسالة/العدد 523/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 523/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 07 - 1943



جبرائيل تقلا باشا

في ليل الأربعاء الماضي روعت الصحافة العربية بفقد رجلها وعميدها المأسوف عليه (جبرائيل تقلا باشا) صاحب (الأهرام). وقد أجمع الذين لابسوا هذا الرجل من قرب أو عاملوه من بعد أنه كان أصدق المثل الشريفة للعقلية اللبنانية العاملة المثابرة الثابتة، وأنه كان فضلاً عن ذلك موصوفاً بالتواضع الجم والحياء الكريم والسمت الحسن، وذلك بالطبع سر أبية في تكوينه، وأثر أمة في تربيته. وأسرة تقلا من الأسر اللبنانية القليلة التي غذت عروقها في التربة المصرية بالخلق الكريم والعمل الدائب. وإن في حياة الأهرام الطويلة الحافلة بالجد والصدق والعفة والشجاعة في بلد من أشد البلاد اضطراباً بالمنافع المختلفة والأهواء المتباينة لشاهداً على أن الفرد متى توفر له رأس المال الطبيعي من العمل والخلق والقدوة قام بما لم يقم به حزب، وقوى على ما لم تقو عليه أمة

وفي الحق أن الأهرام الخالصة بطبيعتها للجهاد الصحفي القومي هي من عمل الخلق المتشابه والغرض المتحد في تقلا وبركات والجميل. وذلك توفيق من الله نرجو أن يديمه على هذا العمل الجليل، ما دام على السبيل القصد والغرض النبيل.

إلى الأستاذ دريني خشبة

أخي الأستاذ دريني خشبة

أحييك الطف تحية. وبعد فأني قرأت ناشطاً ما سطرته بحذق في قصة المسرح الإفرنجي. وإني لأهنئك بهذه الوجهة فلا يكتب عندنا في ذلك الفن إلا الأقلون. وقد وقفتني أشياء فيما سطرت، وفيها شئ لم أر معدلاً عن الكتابة إليك في شأنه، وهو قولك في خاتمة المقال الثالث: (يتساءل هؤلاء النقاد. . . الرمزيين). فإني معرض عن الغرابة التي في ترتيب الأسماء لأسألك من أين استقيت (تساءل هؤلاء النقاد، ثم من هم؟) فإني والله ليدهشني أن يقحم (ساردو) على وجه التخصيص في الثبت الحافل العظيم من مؤلفي الدرامة الأوربية) وقد التصق في ترتيبك بالعظيم حقاً: موليير، واساه الله! وليدهشني بعد هذا أن يسل (ميترلنك) من الرمزيين. وأما بيرندللو فقد شرحت سنة 1938 في الرسالة كيف يدخل في الطور الثاني من الرمزية الباحثة عن حقائق النفس لا عن خفايا العالم. ثم إني ما عرفت من هو (سارس)؟ هي هفوة من هفوات الطبع وقعت على غرار (شيكوف) بدلاً من (تشيكوف)

في هذه الأيام الفاترة المفترة أحببت أن أثاقفك، وأن أكاشفك بعد ذلك بتقديري وودي

بشر فارس

معنى قوله تعالى (يخرج الحي من الميت)

اطلعت على ما نشر في الرسالة الغراء عدد (521) وملاحظاتي على ذلك ما يلي:

1 - الآية خاصة بالحب والنوى بدليل النص الصريح

2 - لفظة يخرج تؤدي معنى استخلاص شئ من آخر ولو أراد الله تعالى غير ذلك لقال يخلق أو ينشئ أو أي معنى آخر يفيد الحدوث فقارن بين جلال المعنى في قوله تعالى: (إني خالق بشراً من طين) بما لو قال إني مخرج بشراً من طين

3 - إذا أكل إنسان أو حيوان طعاماً أو امتص نبات مواد من الأرض فليس معنى هذا خلق حياة جديدة في هذه المواد الأولية التي يتحلل إليها الطعام في الجسم لتدخل في تركيب الخلايا في عملية النمو أو التعويض. ولو كان الأمر كذلك لأمكن. لهذه المواد التي تنشئ حياة إذا وضعت في درجة الحرارة المناسبة، مثال ذلك البيضة الغير ملحقة بذكر الدجاج

4 - يحدث النمو والتجديد والتعويض في الأجسام بواسطة انقسام الخلايا الحية الوحدة إلى اثنتين ثم إلى أربعة، وهكذا تتضاعف، وفي الجنين تتضاعف إلى علقة ثم إلى مضغة الخ

5 - الحياة شئ والمادة شئ آخر، فالمواد الأولية التي تنتج من تحليل الغذاء في الجسم تساعد على تكوين المادة بخلايا الجسم ولكنها لا تخلق فيها حياة

6 - إفراز اللبن وكل الإفرازات الأخرى من الجسم كالدمع والعرق والبول والبراز والعصير الهضمي يمكن تطبيق الجزء الثاني من الآية عليها، إلا إن ذلك على سبيل التوسع في الشرح والمجاز في التعبير.

(أسيوط)

دكتور عباس محمد حسين

إلى الدكتور زكي مبارك 1 - أخالفك كل المخالفة في قولك: إن (شاف) بمعنى (رأى) يستعمل في اللغة، بدليل (تشوف) بمعنى نظر، أن العرب في جميع الأقطار يقولون (شافه) بمعنى (رآه)، وقد (شفتهم) بعينك. وأقول: الحق أن العرب العرباء لم تستعمل شاف بمعنى أبصر لا في شعر ولا في نثر، ولو كان ذلك لنقل إلينا في معاجم اللغة؛ أما الذين سمعتهم يلفظون هذه اللفظة فهم عرب في النسبة لا في اللغة الصحيحة الفصيحة!

وفي قولك: إن علماء البلاغة منذ عشرة قرون أخطأوا في تخطئة المتنبي حين جمع بوق على بوقات في قوله:

فإن يك بعض الناس سيفاً لدولة ... ففي الناس بوقاتٌ لها وطبول

وأنك تفردت برفع الظلم عن المتنبي، وجعلت البوقات جمع (بوقه) مصغر بوق، وهي لفظة اصطلاحية في موسيقى الجيش العربي، كما يؤخذ ذلك من نصوص في بعض كتب التاريخ. وأنا أقول: إن كتب التاريخ ليست متون لغة يعتمد عليها في إثبات الكلمات العربية. وأضيف إلى ذلك أن لفظة (بوقة) بمعنى مذكر (البوق) لم ترد في كلام العرب بهذا المعنى

بقي يا دكتور أنك سقت فائدة صرفية لم تر أحداً من الصرفيين نبه عليها في كتب الصرف. وهي (جعل التأنيث من صور التصغير. فالبوقة أصغر من البوق، والطبلة أصغر من الطبل، والبحرة أصغر من البحر، وقد بولغ في تصغيرها فصارت بحيرة. وما الربعة إلا مصغر الربع بلا جدال

ولكن ما قولك في أن الأمثلة التي سقتها لما فيه التأنيث غير صحيحة؟ فليس في لغة العرب (بوقة ولا طبلة ولا بحيرة ولا ربعة) بالمعنى التي تريدها، حتى يحتاج الصرفيون إلى التنبيه على أن التأنيث قد يكون من صور التصغير. أما لفظ (بحيرة) فهو من الكلمات التي لم تستعمل إلا مصغرة كقولهم: كميت للفرس، وكعيت وجميل لطائرين صغيرين

ثم قلت: وأنكر قوم جمع صناعة على صنائع، فحملوا وزارة المعارف على تغيير أسم مدرسة الصنائع، مع أن لهذا الجمع شواهد تفوق العد. والواقع يا دكتور أن صناعة لم تجمع في لسان العروبة على (صنائع) لا في منثور الكلام ولا في منظومة.

وليعلم أن (صنائع) في كلام العرب جمع صنيع أو صنيعة وفنه الحديث (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) على أن لفظ (صناعة) من مصادر الحرفة، وهي لا تجمع في اللغة على (فعائل). فكما لا يقال في تجارة (تجائر) لا يقال في صناعة (صنائع).

عبد الحميد عنتر