مجلة الرسالة/العدد 531/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 531/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 09 - 1943



وما آفة الأخبار إلا رواتها

حضرة العلامة الأستاذ صاحب مجلة الرسالة المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فلا فريق في فندق (الملك داود) في بيت المقدس يجتمع في كل يوم فيبحث في شيء كما جاء في خبر في عنوان (وشاية) في رسالة 527 ص 639 ولم يكن حديث عن أحد من السادة الفضلاء المصريين الذين وردت أسمائهم في الخبر.

محمد إسعاف النشاشيبي

1 - إلى الأستاذ العقاد

كتبت كلاماً في مجلة (الصباح) حول بيت من الشعر قلت فيه: إن شاعرية العقاد الفذة ابتلعت هذا البيت بألفاظه ومعانيه من الأستاذ (علي طه) ولم أقرأ ردأ على هذه الكلمة من قلم (العقاد) الجبار بل قرأت كلاماً أملاه ضمير ملوث على لسان صنيعة من صنائعه. . . فهلا تتفضل أيها العملاق فتنازل (حسن القاياتي) الكاتب المكسال كما قال (زكي مبارك) ليبين للناس في هذه الساحة الكبرى لهذه الخصومة: أي الفريقين أحق؟ فريق القاياتي. أم فريق العقاد. . . آمل. . . أن يسلك الناس طريق الحق ليرفع هذا القناع الأسود الذي احتجب من وراءه أدباء رفعتهم الأمة الجاهلة وغيرتهم من دون الرحمن. . . العقول السقيمة. . .!

2 - إلى الدكتور زكي مبارك

قرأت بإعجاب خطابك الأسيف الذي تواضعت (الرسالة) فنشرته لك، وهي بعد - تعرف القاياتي الذي لا يود أن يحاط اسمه بهذا السياج الباهت من الدعاية الكاذبة. ويقحم اسمه بين الأسماء الشاعرة

إن القلم القاياتي يا دكتور نسيج وحده تعرفه الأسواق الأدبية الحرة يوم يكون في مصر للقلم الكبير أسواق. . . تجزي المحسن وتلفظ المسيء

القاياتي أيها الناس نظم الشعر وكثير من أدبائنا الذين تطنطن الصحف بذكرهم اليوم أسماء لا يحلو ترديدها إلا على ألسن اللوات في الحارة. والأتراب في القرية!!

القاياتي شاعر من شعراء المدرسة القديمة التي تلقى فيها الدكتور أول درس في اللغة وأخر درس في البيان

وليس يضير الشاعر أن يسلك به النشء هذا المسلك الذي لا يحمده الأدب. ولا تسيغه أثلات الأقلام

إن الأدب يا دكتور ليس كلاماً ترجعه الصحافة كل يوم ويطالعه النشء كل ساعة. وليست الصحف التي تملأها بالصحف التي تروق الذين نحب أن تكون واسطة عقدهم (الأدب حساس) لا يزنه إلا الحس المرهف. ولا يفيد إلا المشاعر الحية. ولا يعرف النقد إلا الحساسية في الأدب

أخال فلاناً لا أراني الله شخصه. وقد زكته نقابة الصحافة في قاهرة الفاطمي بأنه أمي متسول. ثم يكون بعد اللتيا والتي من هيئة النقابة. وواحد الصحافة. وزعيم الأغلبية. لك الله يا بلد المعز. فقد جعلت دهماء الأدب يحكمون هذا الحكم الأعرج على جماعة الأدب في الشرق ويزنون الناس بغير ميزان فتخاطبهم صعاليك الصحافة وتجهلهم الأخلاق المريضة وليس بكثير على الدكتور مبارك أن يرميني بالكسل والكسل الهازئ حتى تنجح قضيته الخلابة ويروق منطقة الساخر

أجل أنا لا أريد أن أكثر يا دكتور. وفي كل يوم لي مقطوعة ستكون الشاهد لي يوم يحتاج الأدباء إلى شهود ترفعهم إلى درجات المجد وترقى بهم إلى السماء

إن ديواني يا (دكتور) يكلم الناس من أربعين عاماً. . . وأنت بعد ما تزال حدثاً تكلم الناس بلسان الحكائين وتحدثهم بمنطق الأطفال. ثم ماذا؟ ثم تكون لي ثروة شعرية تحت يدي تقع في مجلدات ضخمة غير ديواني الناشئ وباكورتي من نصف قرن. ثم هذه الكلمات العريضة التي اعترف بها البيان. وخلدتها الصحافة. وانتفع بها شيوخ الأدب. وكانت دروساً ألقيت في مدارس البيان. (القاياتي) يا دكتور مبارك لا يعجبه هذا الأسلوب الخادع. فهو أعرف بطوايا قلمك. وخفايا نفسك ولقد توكل على الله يا ولدي العزيز قبل أن يعرفك. وكان قلمه من بين الأقلام المتوكلة عليه سبحانه فانتفع ونفع وجاهد في سبيل الأدب وخدمة اللغة وسيجاهد إلى أن يقضي الله عليه بالفناء والرسالة التي تقول عنها. أنها لا تجامل أحداً - أعتب عليها هذا العتب البريء - فأقول: أنها تجامل كثيراً أدباء عرفتهم الصحافة لهم حاضر في الأدب يحاول الشباب أن يهدمه بالحق. وللحق - ولكنها تطوي رسائله طياً وفي هذا موت للشباب. وحياة للمصانعة الخاتلة ورب رسالة شابة خير من جهاد شيخ يتوكأ على عصا الشهرة ويمشي على سراج خافت ولقد صدق الله إذ يقول:

(تبت يداً أبي ولهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب، سيصلَى ناراً ذات لَهبٍ. . .!!!

(دار القاياتي)

حسن القاياتي

عضو المجمع اللغوي

إلى الأستاذ دريني خشبة

يزعمون أن الحرب ليست شراً كلها. بل أن فيها للإنسانية خيرات وحسنات، وللمجتمع البشري (المأزوم) نفعاً وفائدة لحياته الاقتصادية والسياسية وحتى الصناعية والعمرانية. ولكن الأدب والفن. ما فائدتهما وعائدتهما منها؟؟ إن معركة حقيرة (بالنسبة للحرب الجارية) هي (حروب طروادة خلقت للأدب هرميروس وأتحفت الأجيال بالإلياذة) الباقية على الزمن. فهل تنجب هذه الحرب الطحون هرمير جديد يخلق لنا إلياذة جديدة خالدة كتلك؟ إن يكن هذا فإله الأدب والفن مستعد لمعانقة (مارس) إله الحرب اعترافاً بفضله وأياديه عنده. وإلا فهل ابتلى رحم الفن والأدب بالعقم والعقر؟ فإذا كان الأمر كذلك فلماذا؟ وإلى أي الأسباب يعزو ذلك الأستاذ؟ وهلا يرى معي أن الأدب الإنساني المادي الحاضر برقوده وجموده محتاج إلى مصل (إلياذة) جديدة تسكب في عروقه عناصر الانبعاث والفن والخلق؟

ذلك ما استفتي به الأستاذ الكبير وأطلب فيه إبداء رأيه وأدلاء حكمه على صفحات الرسالة.

(حلب)

كمال الحريري