مجلة الرسالة/العدد 571/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 571/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 06 - 1944



الشيرازي يغني

سمعنا قبل ثلاث عشرة سنة على شبابة الدكتور عبد الوهاب عزام تناغيم فارس، فلقد غنى هذا الأديب الكبير أناشيد الفردوسي بلغة الضاد ونشر (الشاهنامة) عن المخطوطات التي سلك الأسفار للتنقيب فيها والحصول عليها. فأتم الترجمة النثرية التي أثرت عن (قوام الدين البنداري). ولست بسبيل الفردوسي والدكتور عزام فلهما فينة إطراب وإعجاب سيأتي بها الكتاب، وإنما هذه استهلالة يمر عليها القلم تلقاء كتاب جديد لشاعر فارس أخرجه للناس الدكتور إبراهيم أمين الشواربي المدرس بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول، وإنه لترجمة غزل لحافظ الشيرازي كتب مقدمته الدكتور طه حسين بك، فأوفي على الغاية من تحليل أدب الشيرازي كدأبه في مقدماته للكتب القيمة التي يحملها بيده إلى الجمهور لتحل بينه في المقام الكريم. وكتب الأستاذ الفاضل مترجم (أغاني شيراز) توطئة لسيرة الشاعر الفارسي وضح فيها نهج غزله، وفتح الطريق سالكة أمام القارئين، وحقق بعد ذلك في كل منسوخة أثرت لديوان الشاعر على الطريقة الجامعية في تحري المصادر وتنقية الأقوال من تصحيف الناسخين وتحريف الطابعين؛ ثم اندفع في ترجمة عربية نقية يخيل إلى قارئها أنه يرف بروحه على الأبيات لا تعتوره عقبة ولا تصدمه عقدة. إنها مقطوعات اختار لها المترجم بحوراً مزدوجة من كل جانب، ولقد كان منه هذا الازدواج أغنى للكلام في بيت وأوفر للسياق في شطر

يالها غزليات منسوجة بالصوفية كما زعم بعض النقاد، معطرة بالخمرة كما قال الشراب. وقد حار الناس في شعراء الخمر الفارسيين، إذ عرفوا عمر الخيام يسكب على نفسه الخمرة حياً وميتاً، ويشرب الصهباء بكأس من التراب ربما كانت جوانبها من فم امرأة ويدها يد إنسان، فقالوا: صوفي يشطح الشطحات. ولم يقيد الشيرازي قراءة ففتح لهم باب معانيه على مصراعيه، فمن كان منهم صوفي النزعة فهمها على هواه، ومن كان غير ذلك فهم المعنى دون لباس التصوف، وكيفما دار الأمر فإن أشعار الشيرازي خلقت للناي والمزمار، سواء أديرت بها الأذكار، أم لثمت بها الأقمار

إنها لتحفة جديدة في الأدب العربي المعاصر ضمها كتاب قيم زين بصور فنية أبدع بعضها ريشة المثال الموهوب الأستاذ محمد بديع

(القاهرة)

زكي المحاسني

1 - الوميض

عدلت الكاتبة الفلسطينية المهذبة هدية عبد الهادي في قضية الرجل والمرأة عدلاً تاماً في هذا الكتاب الجميل الذي أذاعت معظم أحاديثه من محطة الشرق الأدنى للاذاعة العربية. ولقد قرأنا الكتاب كله فحمدنا للكاتبة الفاضلة حسن إشاراتها إلى المرأة العربية عامة، والمرأة المصرية بوجه خاص، كما بهرنا الحديثان القيمان عن باحثة البادية وقاسم أمين. . . إن كتاب الوميض، صيحة حق تجهر بها سيدة مسلمة تعترف في صراحة بما للمرأة وبما للرجل من حقوق وواجبات، ونحن يسرنا أن يذيع هذا الكتاب في مصر خاصة ليتم التجاوب المنشود بين الأوساط النسائية في العالم العربي العزيز. وبالكتاب محاولات قصصية بارعة نرجو أن تصلها المؤلفة الأدبية حتى تتم منها مجموعة مستقلة لتساهم في قضية تجديد الأدب العربي على خير وجه. وإن كان لنا أن نلاحظ شيئاً على أسلوب الكتاب فرجاؤنا أن تضاعف الكاتبة عنايتها باستدراك الهفوات القليلة التي لا تنقص من قيمة جهدها المشكور شيئاً

2 - من النقد الفرنسي

أحسن الأستاذ روحي فيصل كل الإحسان في جمع بحوثه الجميلة هذه التي لخصها عن ثلاثة من أئمة الأدباء والمفكرين الفرنسيين، ونشرها في ذلك الكتيب الصغير بحجمه الجم الفائدة بموضوعه. . . إنها دروس حميدة في النقد، عالجت الشعر، والحاجة إلى الشعر (لبول فاليري) والعاطفة في الأدب، والبيان (لغوستاف لانسون) والحياة والشعر (لآبل بونار)، وقد وفق الأستاذ روحي كل التوفيق في تلخيصه هذه البحوث الجيدة التي أكسبها أسلوبه الطريف طلاوة وحلاوة. والكتيب هو الحلقة الثانية من سلسلة (اليقظة) السورية التي تنسج على منوال (اقرأ) المصرية، والتي نتمنى لها الرواج الذي تستحقه

3 - عرفت ثلاثة آلاف مجنون هذا الكتاب مؤلم في حياة المجانين وأحوالهم، ألفه الدكتور آر. سمول، وعربه الدكتور فائق شاكر، والأديب حافظ جميل (مطبعة التفيض - بغداد) وهو يحوي ثمانية عشر فصلاً في أخبار المجانين وأسباب الجنون، وطرق ترويضهم ونوادرهم المشجية، في قصص شائق وتحليل سيكولوجي فريد. والكتاب لا يستغني عنه الطبيب ولا المربي ولا المراهق ولا كاتب القصة ولا المشتغل بالتحليل النفسي. ولا عيب في الكتاب إلا فوضى الأخطاء المطبعية التي يجب تداركها في الطبعة الثانية

4 - رسالة الغفران بالإنجليزية

لا ندري لماذا آثر الأستاذ ج. براكنبري أن يقدم رسالة الغفران لبني وطنه - أو بني لغته - الإنجليز على هذا النحو الذي لم يألفوه في أدبهم. . . لقد كنا نفضل أن ينقل خلاصة لها طويلة على نسق الخلاصة التي كتبها المرحوم الأستاذ مصطفى لطفي المنفلوطي مثلاً، والموجودة في بعض أجزاء النظرات. لأن المقصود من نقل الروائع الأدبية هو إعطاء صورة من روحها وموضوعها، لا من شكلها، ولا سيما إن تعرضت تلك الروائع للمشكلات اللغوية ومعضلات النحو والصرف، مما لا يهم إلا أصحاب اللغة نفسها. وما دام الأستاذ المترجم قد نقل الرسالة عن النسخة المحررة التي وضعها الأستاذ كامل كيلاني، فلم تكن مندوحة عن اتباع طريقة الأستاذ المنفلوطي، ولكن على صورة أوسع، ولم تكن ثمة ضرورة في ترجمة الأشعار العربية تدعو إلى الارتباط باللفظ، بل كان يكفي أن يعطي المترجم صورة متماسكة من روح البيت أو القصيدة، مع تقريب المعاني إلى الذوق الإنجليزي بما يناسب طبيعة هذا الذوق نفسه، وهذا ما نفضله نحن في ترجمة الشعر الأجنبي إلى اللغة العربية. وما دام الكتاب مقصوداً به أن يقدم للقراء الإنجليز، فلم يكن ثمة داع إلى إثبات هذا القدر الكبير من الشعر العربي - باللغة العربية - في صلب الرسالة. إلا إن كان غرض المترجم هو إضفاء ثوب علمي على عمله. أو أن ينتفع المستشرقون مثلاً بجهده المشكور، فإن كان قد قصد إلى شيء من ذلك، فنحسب أن عامة القراء من الإنجليز لا يزالون في حاجة إلى شيء آخر من رسالة الغفران، لم نقدمه لهم بعد

وفي الترجمة أخطاء يسيرة في نقل معاني الشعر العربي لا يتسع المجال لاستعراضها هنا 5 - مباحث في فلسفة الأخلاق

كتاب صغير، إلا أنه جم الفائدة، ألفه الأستاذ الفاضل محمد يوسف موسى المدرس بكلية أصول الدين، فاستطاع أن يضغط فيه فصولاً قيمة في الخلق وتكوينه، والسلوك، والضمير والمثل الأعلى، والقياس والمقاييس الخلقية. . . الخ في عبارة جيدة، وعرض جميل. . . ولولا مغالاة الأستاذ المؤلف في ضغط هذه البحوث حتى أصبحت بالبحوث المدرسية أشبه منها بالبحوث الحرة لكان الكتاب خيراً مما هو. ولعل هذه الإشارة تحفز الأستاذ إلى إطرافنا بتوسيع كتابه ليخلص لنا منه سفر قيم. والأستاذ محمد يوسف موسى من المؤلفين المعروفين بحسن اطلاعهم على الفلسفة الإسلامية خاصة، وكتابه: فلسفة الأخلاق في الإسلام وصلاتها بالفلسفة الإغريقية، هو من أمتع الكتب في موضوعه، وهو آية على اجتهاد الأستاذ وحسن فهمه لما يكتب. وكتابه الثالث: تاريخ الأخلاق آية ثالثة على مقدار ما ساهم به في التأليف الفلسفي في نهضتنا الفكرية الحديثة

(د خ)