مجلة الرسالة/العدد 58/من طرائف الشعر
مجلة الرسالة/العدد 58/مِن طرائف الشِعر
نادرة
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
ما أنتِ إلا نادرة ... في كل فنّ ساحره
للسمع أنتِ متُعةٌ ... ومُتعةٌ للباصره
أنتِ لشعبٍ كُسِرَتْ ... منه القلوب جابره
أميرةَ الفنّ على ال ... إيداع أنتِ قادره
أنتِ جديرة بح ... قٍ أن تكوني الآمره
وأنتِ عبقرية ... من أكبر العباقره
معجزة بالغة ... من معجزات القاهره
بين أغانيكِ ووج ... هكِ الجميل أصره
ليلتنا من بيضاء مِنْ ... خير الليالي الساهره
حسُبكٍ أن الناس حو ... لَ الرافدَين شاكره
أما الأغاني فهي ... من قلب رقيق صادره
في جوّها الأرواح من ... أفراحهنّ طائره
بما بعينيكِ من ... السحر القلوبُ شاعره
رفقاً فإنا لا نطي ... ق النظرات القاهره
ما حيلة الضعيف تل ... قاء السيوف الباتره
ليس له من حُجَّة ... غير الدموع الطافره
تعطي القلوبُ جِزيةَ ال_غرام وهي صاغره
من الجمال ليس تش ... بع العيونُ الناظره
الغادة الحسناء تش ... به النجومَ الحاسره
أنحن فوق أرضنا ... أم في السماء الزاهره؟
لو كان يحيا الَميْتُ أح ... يته الأغاني الساحره
فحبذا الفن وح ... بذا أغاني (نادره) نحن بحفل جامع ... للنخبة المؤازره
كأنما عاد الربيع ... ناثراً أزاهره
يا عندليب الروض غرّ ... د للوجوه الناضره
أميرةَ الفن تحيّ ... تي إليك عاطره
كوني لشيخ قد صبا ... إلى الجمال عاذره
لا تحسبي الشيوخَ أم ... ثالَ الرسوم الدائرة
كل امرئ يتبع في ... أمياله عناصره
وهل إذا النفس صبت ... في الشيخ فهي وازره؟
وقد يعود لي الصبا ... وعهدُه في الذاكره
أبكي إذا ذكرته ... على سنيه الغابره
إن لم أُجلَّ الفن فَلْ ... تَدرْ عليَّ الدائره
وَلْنَتَمَلَّ قبل أن ... نردي الحياةَ الحاضره
إن الحياة كلها ... إلى الحتوف صائره
ولْنكسِب الدنيا وربّ ... ي غافرٌ في الآخره
هذا غناء فيه آ ... ثار النبوغ ظاهره
أجدتِ يا نادرتي ... أوّلَهُ وآخره
أشيم ناراً سِعُرت ... وأنتِ أنت الساعره
والناس في حرب الهوى ... مدحورةٌ وداحره
يا زهرتي حيّتْكِ أن ... داء الربيع الماطره
تحذّري تحذّري ... من الزهور الغائره
هذا الهتاف المستطي ... ر كله لنادره
غنَّتْ فكانت فتنة ... في النغمات الثائره
وردّدت فهيجت ... فينا الشجون الحادرة
تجسّ نبضَ العود أح ... ياناً بأيدٍ ماهره
فيصرخ العودُ كطف ... لٍ دغدغته الخافره العودُ شاعرٌ بها ... وهي به لشاعره
غنّى لحرّيتنا ال ... حبيبة المهاجره
كنا بها في حقبة ... من الشعوب الظافره
قضت على آمالنا ... يدُ الزمان الغادره
هوت بنا ساعةَ أد ... لجنا الجدودُ العاثره
ماكان هذا في مظن ... ة النفوس الثائره
وربما دار الزما ... نُ معُلِناً بشائره
فخوّل الشعبّ حقو ... قَ الأمم المجاوره
بغداد
جميل صدقي الزهاوي