مجلة الرسالة/العدد 67/حصن طارق

مجلة الرسالة/العدد 67/حصن طارق

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 10 - 1934



للأستاذ فخري أبو السعود

أقام على شط الجزيرة مفرداً ... ورانت عليه وحشة وسكون

على الصخرة الصماء يصخب دونه ... من اليم لج زاخرٌ ومُتُون

مُضِبٌّ، يجيش الشرق والغرب حوله ... صَمُوتٌ على كرِّ العصور مبين

به صَدْفَةٌ عَمَّا يَرَى في زمانه ... وفيه إلى ماضي الزمان حنين

تغيرتِ الدنيا، وبادَ قَبِيلُهُ ... وغيَّرَهُ دَهرٌ مضى وقُرُون

وقَطَّبَ لَمَّا أَنْكَرَ العَصْرَ حوله ... وسارت بما لا يشتهيه شؤون

وأَنْكَرَ خيلاً حوله وأعاجماً ... تقرُّ لهم تلك الرُّبى وتَدينُ

تَدِين لرئبالٍ بكل مفازةٍ ... له في أقاصي العالمين عَرين

تَعَطَّلَ مِن بَعد اعتصامٍ ومَنعة ... أسيرٌ بأيدي الغالِبين رَهين

وكان يصون القومَ فارتَدَّ أعزلاً ... وأصبحَ حتى النَّفْسَ ليس يَصون

إذا لم تكنِ همَّاتُ قومٍ حصونَهم ... تداعتْ وراسٍ دونهم وحصون

حَوَتْ منِ تلاد المجد صخرةُ طارقٍ ... على الدَّهر مالا يحتويه رَقينُ

تعالتْ بها، الله أكْبَرُ، مَرَّةً ... فمادتْ سهولٌ دونَها وحُزُون

وسالتْ شعابٌ بالصوارم والقنا ... وأُحرق خلف الفاتحين سفين

وقامتْ بأطرف الجزيرة دولةٌ ... وأزهَرَ عِرفانٌ وأشرق دين

جَلا أمسِ عنها آلهاً، وبَنُوهُمُ ... عَلَى الضَّفَّةِ الأخرى الغَدَاة قَطِين

فَمنْ لي بمن يُنبي الجدودَ بأَنَّنا ... وقد عزَّ عُبدانُ الجُدود نهون؟

وأَنَّا إذا اعْتَمْنَا رُسُوم عَلائهم ... تناهبتِ القلبَ الحسيرَ شجون

خشعتُ وعادتْني لدى حصن طارق ... همومي وابْتَلَّتْ لديه جفونُ

لشعبٍ يُسيغ الذلّ مٍن بَعد ماسَمَا ... له في الورى مُلك أشَمُّ مكِين

القاهرة

فخري أبو السعود