مجلة الرسالة/العدد 719/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 719/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 14 - 04 - 1947



السادهانا أو كنه الحياة!

(تأليف الأستاذ محمد محمد علي)

حفلت المكتبة العربية في أذيال الحرب الأخيرة بثروة عظيمة من ثمار الفكر والمعرفة، وأخذت تضم إليها من فنون الأدب والفن ما يبشر بنهضة فكرية عالية. ونحن مع اغتباطنا بهذه النهضة الحديثة نود أن تسير في طريقها الواضح السليم نحو تحقيق غايتها المنشودة. ولا يتيسر ذلك إلا بالنقد الصحيح.

فسفينة الأدب تسير في فجاج بعيدة الأغوار وتجتاز عوالم عديدة الألوان والناقد البصير يجلس على سكانها يريها الطريق الرشيد، ويجبنها الانحراف عن جادة الطريق المستقيم.

ومن الكتب التي تخرجها المطابع ما يمر عليه الناقد مر الكرام، ولا يسمح لقلمه بأن يعرض له بخير أو بشر، ولا لوم عليه في ذلك ولا تثريب؛ ولكن أمهات الكتب ومنها كتاب السادهانا الذي أتكلم عنه لها على الناقد حق يجب أن يقضيه. وإلا بطلت مهمة النقد.

وقد أطلعت على ترجمة لهذا الكتاب أخرجتها لجنة النشر للجامعيين تحت عنوان السادهانا أو كنه الحياة للأستاذ محمد محمد علي فراعني ما في عنوان الكتاب من التحريف الذي يدل على تقصير عجيب عن فهم معناه، فالكتاب عنوانه في الإنجليزية ومعناه تحقيق الحياة أي جعل الحياة حقيقة. وليس في الكتاب أي بحث في كنه الحياة، ولكن هذا الخطأ في عنوان الكتاب قد يكون شيئاً بسيطاً بالنسبة لترجمة الكلمات الآتية:

جاء في صفحة 109 من الكتاب: في الليلة الأخيرة، ترجمة لكلمة وصحتها البارحة. وفي صفحة 121 هناك قول ملاحظة ترجمة وصحتها قول مأثور، وفي صفحة 67 لعب الحياة والموت ترجمة لكلمة ' وصحتها رواية الحياة والموت، وفي صفحة 94 عن القارة الأوربية، إن جزئيتها في إنها مشغولة تماماً وجزئيتها هنا ترجمة لكلمة وصحتها ودورها، وفي صفحة 2 معرفة الروح ترجمة لكلمة وصحتها الوعي الروحي. وفي صفحة 88 الإدراك في العمل. ترجمة لكلمة وصحتها تحقيق الحياة بالعمل، ولا تخلو صفحة من صفحات من الكتاب كانت أمثال قوله: الذين ضعفت أفكارهم لا غيرهم الذين ينالون الفرح ص 30 أو قوله: يا عامل الكون بدلاً من يا باري الكون ص101 اقوله: إن خلاص طبيعتنا العضوية في نيل الصحة.

وبعد فإذا كانت القوانين لا تعاقب من يرتكب مثل هذه الأخطاء، للأدب حكومة يجب أن لا تغضى عن حقها في الضرب على أيدي العابثين في مملكة الفن والجمال.

محمد طاهر الجيلاوي

القضايا الكبرى في الإسلام

(تأليف الأستاذ عبد المتعال الصعيدي)

ظهرت منذ أيام مكتبة الآداب بالجماميز بالقاهرة كتاب القضايا الكبرى في الإسلام للأستاذ عبد المتعال الصعيدي في 404 صفحات من القطع الكبير، وصاحب الكتاب معروف لقراء الرسالة، وقد نشر فيها نحو خمس عشر قضية. فأذاع بعضها عنها بعض محطات الإذاعة الشرقية، ونقل بعضها عنها عن بعض المجلات في الأقطار الشقيقة، وقد كانت اللغة العربية هذا النقص، وابتكر فيها هذه الدراسة الجديدة.

ولم يدون صاحب الكتاب هذه القضايا كما يدونها من لا يعنى بالنقل، ومن يعوزه الرأي المجتهد والفكر المجدد بل اظهر فيها من التجديد في تصويرها ونقد أحكامها ما اظهر، وأحيا فيها من الاجتهاد ما أماتته سبعة قرون أو أكثر وهي ما هي في اختلاف القدامى من القضاة والفقهاء في أمرها واضطرب رأيهم فيها فحل هذا الكتاب منها ما أشكل، واتى فيها بالفهم الصحيح والقول الفصل.

وقد اشتمل الكتاب على ستين قضية في مختلف العصور والدول والأقطار، ورتبها من اعصر النبي إلى العصر الحديث، ليعطى القارئ فكرة عن خال القضاء في هذه العصور، ويعرف أمره في مختلف الدول والأقطار، فيظهر تاريخ القضاء الإسلامي أمامه واضحاً جلياً، ويعرف الأسباب التي أدت إلى نهوضه، والأسباب التي أدت إلى انحطاطه، ول تقف فائدته من الكتاب عند دراسته القضائية، بل تتناول معها الناحية التاريخية.

أثر الشرق في الغرب

(تأليف المستشرق الألماني جورج يعقوب) أثر الشرق في الغرب، خاصةً في العصور الوسطى، هذا هو عنوان ذلك الكتاب القيم الذي ألفه الباحث المحقق الأستاذ جورج يعقوب المستشرق الألماني المعروف، وترجمه دكتور فؤاد حسنين علي المدرس بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، وقامت بنشره لجنة البيان العربي.

أما المؤلف فعالم جليل، وباحث محقق مدقق، كان يؤمن بعظمة الشرق، وخاصة الشرق العربي، ويعترف بما أدى في سالف الزمن من خدمات جليلة مفيدة للثقافة الفكرية، والحضارة العالمية، وقد بذل كثيراً من الجهود لدعم هذه الحقيقة، ولاقى في سبيلها ما لاقى من المقاومة والرهق، وأما كتابه فوثيقة مدعمة بالأسانيد والأدلة العلمية الناطقة على أثر الشرق في الغرب وما أداه أبان مجده السالف نحو المعرفة والحضارة، وإذا كان الشرق يتلقى اليوم عن الغرب ما يتلقى من علم ومعرفة، فإن من حقه أن يقف وفي يده هذه الوثيقة ليقول: إنها بضاعتنا ردت إلينا. . .

أجل. لقد أنصف هذا المؤلف الغربي الشرق إنصافاً قوامه الحق والصدق، ولسنا نبالغ إذا قلنا إن أحداً من أبناء الشرق الأصليين لم يبلغ في هذا شيئاً مما بلغه، فقد عرض في كتابه لكل ما أده الشرق نحو الغرب في العلم والرياضة والأدب والفن والعمارة والنقش والزخرفة وما إلى ذلك من مظاهر المعرفة والثقافة، وإنه ليورد في الدليل على رأيه ما يدل على الاستقصاء في البحث والأمانة في العلم وكثرة ما بذل من التنقيب والرحلة إلى الأقطار الشرقية في سبيل الحقيقة، فلا عجب إذا ما جاء كتابه هذا حجة للشرق على الغرب، وإن أبناء الشرق جميعاً لفي أشد الحاجة إلى هذه الحجة وخاصةً في هذه الآونة التي يناضلون فيها عن حقهم ومكانتهم، وإننا إذ نشيد بالعمل الجليل الذي أداه الباحث الفاضل الدكتور فؤاد حسنين بترجمة هذا الأثر النافع، فإننا نعتب عليه أن ترجمه بتصرف كما يقول، ولسنا نجري لماذا عمد إلى هذا التصرف، فإن من الأمانة العلمية أن تترجم مثل هذه المؤلفات العلمية التاريخية كما كتبها مؤلفوها، كما نعتب عليه أن أخرج الكتاب وكأنه بحث واحد فلم يعن بوضع عناوين لموضوعاته وبالتالي لم يضع فهرساً لهذه الموضوعات. ولعله أراد بهذا أن يحمل القارئ على تناول الكتاب دفعة واحدة.

محمد فهمي عبد اللطيف