مجلة الرسالة/العدد 723/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 723/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 05 - 1947



تعليق على تعليق:

هذا كتاب أرسله إلينا الأستاذ محمد تقي القمي السكرتير العام لجماعة التقريب تعليقا على مقال الأستاذ الطنطاوي المنشور في العدد السابق.

. . . وبعده، فقد نشرت الرسالة في عددها 722 كلمة للأستاذ الفاضل علي الطنطاوي بعنوان تعليق على كتاب، إلى علماء الشيعة عرض فيها للخلافات الطائفية بين المسلمين، وذكر إنها خلافات سياسية كان من الواجب أن تنتهي بانتهاء معاركها السياسية. ويقرر حضرته إن أهل السنة يتمنون أن تطوى الخلافات وينسخ حديثها وتتناسى حتى تنسى، وعرج على كتاب تحت راية الحق في الرد على الجزء الأول من كتاب فجر الإسلام واقتبس منه فقرات تمس أهل السنة؛ وأظن إن عنوان الكتاب كاف للدلالة على إنه وضع منذ ست عشرة سنة رداً على مطاعن وجهها إلى الشيعة مؤلف فجر الإسلام نفضل ألا نشير إليها حتى لا نثير مسائل نعمل للقضاء عليها. وقد تبين للمؤلف عدم صحتها فحذفها من الطبعة الثانية - ومعنى هذا إن الشيعة لم يعتدوا وإنما دافعوا عن أنفسهم فقط. لو أن الأستاذ طنطاوي التفت إلى مقدمة الكتاب المذكور للعلامة آل يس الكاظمي وقد كتبه منذ ستة عشر عاما لوجد فيها ما يصرفه عن تناول هذا الموضوع، ولتأكد إن علماء الشيعة ينفرون مما ينفر منه، ويدعون لما يدعو إليه، ويرغبون في التقرب إلى إخوانهم السنيين. ولوجد أن الكاظمي نفسه أخذ على المؤلف إسرافه وان كان التمس له بعض المعاذير.

وبصفتي عضوا في جماعة التقريب وملما بأحوال النجف وإيران أؤكد إن أحدا من علماء الشيعة لا تسمح له نفسه أن يهاجم المذاهب الأخرى - اللهم إلا أن يكون كاتباً يؤجره المستعمرون - الذين يريدون القضاء على فكرة التقريب بأي ثمن - وليس في علماء الشيعة - والحمد لله - من يغريه المال. . .

ولا يفوتني أن أكر أن ما ينصح به كاتب المقال ويراه طريقاً للاتفاق بين الشيعة والسنة هو بعض ما تسعى إليه جماعة التقريب، وفي المادة الثانية من قانونها الأساسي ما يؤكد ذلك، واعتقد إن من السهل تحقيقه في زمن قصير لو أعاننا رجال الفكر والعلم والقلم أمثاله.

أما نفقات دار التقريب فإن مصدرها تبرعات حضرات أعضاء الجماعة سنيهم قبل شيعيهم وسجلات الدار مفتوحة لكل من يريد الاطلاع.

ومع إني أشكر لآخي الأستاذ طنطاوي حسن ظنه بجماعة التقريب واعتقاده إنها قادرة على رفع الخلافات الطائفية في ثلاثة اشهر - أي من وقت تأسيسها إلى الآن - إلا إني آخذ عليه ما ذكره من إني اقدم لأصدقائنا الكثيرين من فاخر المآكل والمشرب فإني أخاف أن يثوروا جميعا علينا، إذ لم يقدم إليهم سوى القهوة أو الشاي.

واحب أن أقول لحضرته لو عرف حياتي الخاصة في إيران ما حسب إن نزولي بفندق الكونتينتال فيه شيء من الترف أو الإسراف كما خيل إليه.

محمد تقي الفمي

السكرتير العام لجماعة التقريب

تحقيقات تاريخية

للدكتور علي إبراهيم حسن جولات في التاريخ الإسلامي كان آخرها دراسات في تاريخ المماليك البحرية وفي عصر الناصر محمد بوجه خاص، وهو كتاب قيم جدير بمؤلفه ولا تكفي هذه العجالة للإلمام به أو الإشارة إلى قيمته ولكن ورد فيه بالصفحة 29 بعض تعليقات منها ما جاء تحت رقم 5 (والمعروف أن والد السلطان برقوق كان من فلاحي الدانوب) ولما كان المعروف لدى المعاصرين والمجمع عليه كما جاء في ابن أياس وهو حجة لأنه جركسي الأصل إن السلطان برقوق مؤسس دولة الجراكسة كان من خلاصتهم. وفيه أيضا: حضر من بلاد الجراكسة والد الاتابكي برقوق فخرج الناس لملاقاته قاطبة فلاقوه في البكارشة في يوم الثلاثاء 8 ذي القعدة سنة 781.

وفي وفيات 783 وفيها انس بن عبد الله الشركسي والد برقوق الملك الظاهر كان كثير البر والشفقة لا يمر أسير مقيد إلا ويطلقه لا سيما إذا رأى الذين يعمرون بالمدرسة التي ابتدأ السلطان بعمارتها، توفى في شوال ودفن بتربة يونس ثم نقل إلى المدرسة (يقصد البرقوقية) فدفع ولده الظاهر إلى جلال الدين التباني ألف مثقال وستمائة ذهبا ليحج عنه ويقال انه جاوز التسعين (((شذرات الذهب).

فمن أين جاءت مدام ديفونشير بان هذا الوالد من فلاحي الدنوب؟ اسم برقوق من الأسماء التي يحملها الجراكسة إلى الآن ضابط من اصل جركسي وصل إلى رتبة جنرال في الجيش التركي والتقيت به مرارا مدة خدمتي بأنقرة بالسفارة المصرية، ولم أتمكن من تحقيق الناحية اللغوية لهذا الاسم ولكني قرأت في تعليقات الأمير شكيب أرسلان على ابن خلدون صفحة 102 ومن أصناف الترك (الشاروق) أو (الجاروق) وكانوا يسكنون في مدينة برقوق التي هي اليوم ماد الباشي.

وفي الضوء اللمع: برقوق ابن أنص الظاهر أبو سعيد الجركسي العثماني نسبة لجالبه كان شهما شجاعا ذكيا خبيرا بالأمور. وساق كلاما عن ترجمته حتى قال وترجم له الفاسي في مكة وله سيرة طويلة جمعها بعض أهل العصر في مجلد.

وفي كشف الظنون إن له سيرة جمعها ابن دقماق ثم العيني وذكره أي برقوق المقريزي في عقوده وجاء في خططه صفحة 341 جزء 3 انه اخذ من بلاد الجركس ويبيع في بلاد القرم.

وجاء عنه انه تعلم الفقه وسائر العلوم الإسلامية حتى أن أستاذه بليغا لقبه بالشيخ فمن أين أتى ذكر بلاد الدانوب؟ وهل لدى مدام ديفونشير نص تاريخي يمكن الاستشهاد به؟

لا يمكن إنكار حقيقة واقعة وهي أن بلاد الدانوب وبعض بلاد البلقان أتى عليها وقت ساد فيه الإسلام ربوعها وذلك قبل آل عثمان وقبل هجمات التتار أي في أوائل القرن السابع الهجري. وجاء في تعليقات الأمير شكيب إن جميع البلاد إلى النصف الأول من القرن السادس عشر للمسيح من شبه جزيرة البلقان وشطوط البحر الأسود إلى الصين ممالك إسلامية متصلة كما ورد في دائرة المعارف الإسلامية.

وفي نص نقله الشيخ عز الدين عمر بن علي بن إبراهيم بن شداد عن الأمير بدر الدين يسرى المشمسي انه كان رفيق الملك الظاهر بيبرس في بلاد القفجاق وهي الجزء الشمالي من البحر الأسود فلما زحف التتار من القوقاز عليها كاتب قبائل القفجاق أنس خان ملك الاولاق أن يعبروا نحو صوراق إليه، والمفهوم أن بلاد الاولاق باللغة العثمانية، كما أن المفهوم أن صوادق تقع في شبه جزيرة القرم، وإن الأسماء الروسية والأجنبية مثل سباسيتول وغيرها أطلقت حديثا على بلاد إسلامية بعد ضمها إلى الروسيا.

فهل أخذت مدام ديفونشير إن اسم أنص هو لكل من يسكن أو يأتي من نهر الدانوب؟ ام كيف تنسب الظاهر برقوق إلى هذه الجهة وتاريخه العائلي معروف بالتفصيل بدليل مجيء والده واخوته وأخواته وبعض أولادهم واستيطانهم مصر بعد سلطنته؟ وجميع المصادر المعاصرة تقرر في كل مرة يحضر فيها واحد منهم أو بعضهم بان حضورهم من بلاد الجركس وانهم كانوا مسلمين وماتوا مسلمين.

أحمد رمزي

اقتراح

يخطب الخطيب فيصفق الناس أو يدعون فيعرف ما يحبون وما يكرهون، ويغني المغني فيهتف السامعون أو يسكتون فيدرك إن كانوا يطربون أو يكتئبون، وتصدر المجلات ويكتب الكاتبون. فلا يدرون أيرضى القارئون أم يسخطون.

فلماذا لا تسن الرسالة سنة جديدة يعلن بها القراء عما يرضيهم ليصلوا إليه. ويعلم به الكتاب فيكثروا منه؟ ثم أن الرسالة اليوم على أبواب تطور جديد في جوهرها ومظهرها. وإصلاح شامل تستكمل به قوتها. وتحتل مكانها فلماذا لا تشرك القراء معها، (وهي لهم وهم لها) في وضع منهاج هذا التطور، ورسم طريق هذا الإصلاح. فتسال كل قارئ (1) عما يعجبه من الرسالة لتزيده له (2) وما يكرهه لتخلصه منه (3) وما يؤمله لتحققه له. ويؤلف لجنة لفحص الأجوبة وترتيبها وإعلان نتيجتها ونشر الجيد المعلل المدلل منها؟ ما هو رأى الرسالة؟

علي الطنطاوي