مجلة الرسالة/العدد 73/من شعر الشباب

مجلة الرسالة/العدد 73/من شعر الشباب

ملاحظات: بتاريخ: 26 - 11 - 1934



رسالة

وردتْ وُرُودَ النافِحات رسالةٌ ... هاجت كمين صبابتي وغرامي

رفّافة الصفحات يعبق نشرها ... من طِيبِ عهدٍ غابر الأيامِ

مِن سالفِ اللذات لي في معهد ... سلفتْ به اللذات كالأحلام

في معهد حفلٍ بأوطار الصِّبا ... فيه حمدتُ على البِعادِ مُقامي

نَشَرَتهُ للعين الصحيفةُ وانجلى ... في الطرس حُسْنُ صعيده المترامي

واسْتَفْتُ من بين السطور نسيمَه ... ورأيتُ باسقَ سَرْحِهِ المتسامي

وَتَمَثَّلَتْ لي ساكناتُ غصونه ... غِبَّ السماء نَوَاديَ الأكمامِ

وذكرتُ فيه كلَّ ماضي بُكرة ... طَلَعَتْ تألَّقُ في الضياء الطامي

طالعتُ فيها الشمس تسكب ضوَءها ... تِبْراً على الأنجادِ والأعلامِ

وعشيةٍ خَشَعَت كأنَّ نسيمها ... مُتَوَجِّسٌ من عودة الإظلامِ

راقبتُ فيها الليلَ مِن مُسْتَشْرَفي ... يطغَى على الأَغوار والآطامِ

إني لأَهوى فيه كلَّ طريفةٍ ... حاولتُها وهَمَامَةٍ ومرامِ

وأُحب أيَّاماً به وليالياً ... موصولةَ الألطاف بالأنعامِ

وأحب أشعاراً نظمتَ عقودها ... في ذلك الوادي النضير النامي

ما زلتُ أذْكُرُ كلما رَجَّعْتُها ... أُفُقاً جَرَى مِن سحر إلهامي

من مائِه الرَّقراق أو أزهاره ... قد صُغْتُها أو فَجْرِهِ البَسَّامِ

قد كان حَفلاً بالقوافي جَوُّه ... في حَالتَيه: الصَّحْو والإرْزَامِ

ما ازْدَادَ إلاَّ فِتْنَةً ومَلاحَةً ... لشُرُوق شمسٍ أو هُتُون غمام

يهفو لذكراه الفؤَاد إذا جَرَتْ ... وتثور أشواقي له وهيامي

ويجيئهُ مني السَّلامُ وإن أَنل ... أقصى الأماني جئْتُه وسلامي

فخري أبو السعود