مجلة الرسالة/العدد 745/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 745/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 13 - 10 - 1947



فرعون:

للكلمة في الرسالة 747: فرعون بكسر الفاء وفتح العين وبضم الفاء

وضم العين، وبضم الفاء وفتح العين، وهاتان لغتان نادرتان. والاثنان

هو - كما يقول أبو زياد - أوهما - كما يقول أبو الجراح - من

حزب همزة الوصل.

(س)

إلى الأستاذ العماري

قرأت في العدد 743 من الرسالة الغراء كلمة قيمة للأستاذ على العماري بعنوان (شئ من الصراحة) بحث فيها مشكلة الضعف الذي عم الطلاب في اللغة العربية، وأسبابه التي أدت إلى التواء ألسنتهم، والعلاج الذي يراه لهذا الداء الذي يهدد كيان اللغة الوطنية التي نعتز بها.

وإني أوافقه فيما يراه. ولكن الأستاذ قد ذكر أن (في مدرسة عالية همها تخريج مدرسين للغة العربية يترك الطلاب كتاب الأشموني ليقرءوا ملخصاً له وضعه أحد الأساتذة كأنهم في مدرسة ابتدائية ثم هم يمتحنون في هذا المختصر).

ولا شك أنه يعنى بهذا (كلية دار العلوم) وأحب أن أبين للأستاذ أن أساتذة دار العلوم ما زالوا يشرحون (حاشية الصبان على الأشموني) ويكلفون الطلاب باستذكارها، ومعظم أسئلة الامتحان تطبيق على مسائل في الحاشية.

وإني إذ أقرر هذه الحقيقة لست ممن يدعو إلى دراسة الحواشي وضياع الوقت في مناقشات لفظية عقيمة، فإن قيل إنه لابد من ذلك لكلية اختصت بدراسة اللغة العربية. أجبنا إن أرادوا هذا فليرفعوا عن كاهل الطالب في دار العلوم ما لا صلة بينه وبين علوم اللغة من مثل (الطبيعة والكيمياء واللغة العبرية، واللغة الفارسية) لأن لهذه العلوم كليات اختصت بها، والطالب قد درس ما يكفيه من بعض هذه العلوم في المرحلة الثانوية.

محمد هاشم عبد الدائم

حول قصيدة:

نشرت (الرسالة) في عدد مضى مقالة للأستاذ محمد هاشم عطية بعنوان (في العراق الشقيق). وفي آخر المقالة قصيدة للأستاذ ألقاها في الربيع الماضي ترحيباً بالوفد السوداني عند زيارته لبغداد؛ قال فيها:

واسألوا الدهر والقرون الخوالي ... فسيشهدون أننا أخوان

والبيت مكسور

وتخطر فوق الأصيل نديا ... من نشر الربا وطيب المجاني

والبيت مكسور (وفوق الأصيل) تعبير لا يسوَّغه الذوق والبيت لا تجمعه مناسبة بين ما قبله وما بعده من الأبيات.

فهنيئاً لكم بما قد حبيتم ... ثقة الشعب وحي هذا الأوان

فقوله (وحي هذا الأوان) تكملة للبيت لا غير دون نظر إلى المعنى أو الأسلوب أو المقام.

ويقول في تصوير عمل المستعمر بوحدة النيل وعجز ذلك عن التفرقة بين مصر والسودان:

كان منها مكان ناطحة الصخر ... بقرن عضب ورأس هدان

نعم فلم يصنع المستعمر شيئاً وكان كناطحة الصخرة الصماء بقرنيها؛ فالشطر الأول قوى وسليم؛ أما الشطر الثاني فلا أدرى ما فائدته، فالماشية مثلا تنطح بقرونها ورأسها، ووصف القرن بعضب والرأس بهدان لا يجدي شيئاً. وشتان بين البيت وقول الشاعر:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

وقوله بعد البيت - ببيت واحد -:

تعصف الحادثات من جانبيها ... في الصفا الصم من ذرى ثهلان

يدل على ضعف قوة هذه الوحدة أمام الحوادث، وما كان أغناه عن ذلك.

وبعد فليس في القصيدة إلا الوزن والألفاظ، وما كان أغنى الأستاذ عن أن يعد نفسه في زمرة الشعراء.

محمد عبد المنعم خفاجى

مكتبة دنفر

من محاسن المصادفات أنه في الوقت الذي كتب فيه الأستاذ (العباس) كلمته اللاذعة عن بعض عيوب دار الكتب المصرية (عدد743) وافانا البريد الأمريكي - ضمن رسائله - بتقرير هام بالنسبة لنا عن مكتبة بلدة أمريكية صغيرة تدعى (دنفر ووجه الأهمية في هذا التقرير أنه يوضح لنا بجلاء كيف أمكن لبلدة صغيرة كهذه أن تؤسس لها مكتبة ناجحة ومن ثم يساعدنا على استنتاج أن علة جمود دارنا ونشاط دور الكتب الأمريكية مثلا ليست - كما يعتقد الكثيرون - راجعة إلى الفرق الواضح بين مصر وأمريكا من حيث عدد السكان أو الثورة العامة أو ما شابه ذلك بقدر ما هي راجعة إلى الفرق بين نظام ونظام وبين اتجاه واتجاه.

ذلك لأن مهمة دور الكتب عندهم بصفة إجمالية ليست مجرد (إعارة الكتب) لمن يستطيع أن يستعيرها كما هو حادث لدينا بل تيسير الثقافة بصفة شاملة تيسيراً جدياً ومجدياً للمواطنين جميعاً كباراً وصغاراً على اختلاف ظروفهم وأمزجتهم وحالاتهم المادية والثقافية. بمعنى أن دارنا تعرض كتباً لا يستفيد منها غير الأدباء غالباً بينما دورهم تعرض مراجع من كل لون وفن بحيث يمكن أن يستفيد منها الزارع والموظف والتاجر والتلميذ والكاتب والشاعر والفيلسوف وذو الثقافة المحدودة والمليونير والفقير والرجل والمرأة إلخ. وبمعنى أن دارنا تترك كل فرد لنفسه يتخبط - إن استطاع - في طريقة البحث بينما دورهم تتعاون معهم تعاوناً وثيقاً فتهيئ لهم طرق التحصيل المثمر كما تنظم مناظرات في كل أنواع (المعرفة) ومحاضرات مشوقة للأطفال وأحاديث مناسبة للسيدات وتصدر نشرات سنوية وأحياناً نصف سنوية عن جهُودها ونظمها وتطوراتها وما يوجه إليها من نقد وما تتوخى إضلاحه. . الخ.

ولعل هذا كله راجع إلى سبب أصيل هو شغفهم - دوننا مع الأسف الشديد - بتثقيف أنفسهم في شتى مرافق الحياة بدليل لا يقبل الجدل وهو أن دورهم لا تعتمد على الحكومة كدارنا بل على المواطنين أنفسهم فهم الذين يتولون وحدهم شؤونها من إنفاق أو إدارة أو إشراف. والنتيجة المنطقية التي لا مناص منها أن نشاطنا الثقافي يخضع حتما للإجراءات الحكومية بقدر ما تسمح به (الميزانية) و (اللوائح) حتى لقد أصبح من الأمور العادية التي نسمعها بغير دهشة أن كتاباً (كالأغاني) مثلا لا تزال بقية من أجزائه (تحت الطبع) بالدار منذ سنوات طويلة. . وكتاباً مثل (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) لا يزال دون طبع إطلاقاً فيما عدا جزءاً واحداً منه. . . وكم من كتب قيمة لم تطبع بعد أو لم تجلد بعد أو لم تصحح بعد وهكذا!.

يمكن أن يقال إذن أن معظم الفرق بيننا وبينهم بهذا الصدد لا يمت إلى اختلاف عدد السكان أو الثروة العامة أو نحو ذلك بصلة كبيرة. وإلا فإنه من غير المعقول أن تقارن - من هذه النواحي - بين عاصمة عظيمة كالقاهرة وبلدة صغيرة جداً مثل (دنفر) فهذه بلدة لا يكاد يدرى بها أحد إذ لا يزيد تعدادها الآن عن 158000 نسمة وليس لها ميزة معينة ولا شهرة خاصة ورغم هذا فقد استطاعت مكتبتها - حسب ما جاء بالتقرير الذي أسلفت الإشارة إليه - في فترة قدرها حوالي 40 سنة بعد إنشائها أن تمحو الأمية والجهالة من البلدة وضواحيها محواً تاماً ولا تزال عاملة إلى الآن على نشر المزيد من الثقافة والمعرفة بمنتهى الجد والنشاط. ويكفي شاهداً على مقدار تقدمها أن كل ثروتها عند افتتاحها عام 1842 كانت 35 مجلداً فبلغت اليوم 500 , 000 مجلد تقريباً أي ما يعادل ثلاثة أمثال عدد المواطنين جميعاً. وليست العبرة بكثرة ما في المكتبات من مجلدات وإنما بمقدار تداولها والاستفادة منها طبعاً. . ولهذا نجد أن أهم الأقسام في هذه المكتبة وأضخمها جهداً هو قسم التوزيع كما نجد أن أبرع أعماله هو توصيل الكتب بواسطة سيارات معدة لهذا الغرض إلى القاطنين في الضواحي أو القرى المجاورة وإلى الفلاحين في مزارعهم وإلى العمال في مصانعهم وإلى المرضى في المستشفيات. . . الخ. وعلى ذلك يندر - كما يؤيد التقرير - أن تدخل منزلا هناك دون أن تجد في أوقات الفراغ رب البيت يقرأ ما يزيده خبرة أو متعة. . وربة البيت تقلب بين يديها (كتالوجات) عن فنون الطهي وألوان الطعام. . والأطفال يستمتعون بكتب مزدانة بصور هزلية طريفة ترمز إلى معان مختلفة. . والخدم يطالعون قصصاً وإرشادات صحية. ونحو ذلك.

ومن طريف ما يذكر عن هذه المكتبة أن أغلب وظائفها - كمعظم المكتبات الأمريكية - مقصورة على النساء ولهن نصف كراسي المجالس العليا التي تتولى الإشراف عليها وكثيراً ما يظفرن بكرسي الرياسة!؟

عبد الفتاح البارودي