مجلة الرسالة/العدد 798/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 798/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 10 - 1948



الجوييم:

وردت هذه الكلمة في محاضر المؤتمر السري الذي عقده شيوخ اليهود في القرن الماضي، وهو الذي لخصته في مقالات في الرسالة وعلقت عليه. وقد ذكرت اللفظة مراراً بنصها هذا كما ذكرها مترجم تلك المحاضر عن الروسية إلى الإنكليزية وفسرها بقوله أنهم يطقونها على جميع الأمم غير اليهودية، وعلى النصارى على الخصوص. وفي أثناء نشر مقالات في الرسالة علمت من خبير أن كلمة جوييم تعني (الأنجاس) والجوى (نجس) وهم يعنون أن جميع الأمم غيرهم (أنجاس).

وفي العبارة التي نقلتها مجلة الأزهر عن الرسالة، ونصها: (لأن وظيفة هؤلاء الحكام الوطنين (أعني باشاواتنا) أن يمسكوا البقرة (اقتصاديات مصر) بقرينها لكي يحلبها شعب الله المختار (الجوييم) قصدت بأن (الجوييم) نعت لشعب الله المختار (كما يسمون أنفسهم) أعنى أني نعتهم بما ينعتون به سائر الأمم لأن تصرفاتهم وسلوكهم وأخلاقهم تثبت أنهم أنجس الأنجاس كما يعلم كل إنسان على وجه الأرض.

نقولا الحداد

عقيدة جلال الدين الرومي:

اتهم الأستاذ عبد الموجود عبد الحافظ في مقالة (جلال الدين الرومي) المنشور في العدد الأخير من مجلة الرسالة الزاهرة بأنه (حلولي) وذلك بدن إبداء أسباب مقبولة أو إيراد أقوال صريحة عنه تؤيد أن هذا الاتهام.

ومع الأسف الشديد أؤكد أنه ما من باحث إلا ويلقى الكلام في الصوفية جزافا ويرميهم بأحد المذاهب المضلة الباطلة التي لا يقرها عقل ولا يؤمن بها قلب ولا يعتنقها إلا كافر بالله أو ملحد لم يشم رائحة الإسلام الذي هو في روحه ومعانية بقدر موضع العبد من خالقه الذي ليس كمثله شئ.

ونعيذ المتصوفة أن تكون من الفئة المارقة الخارجة على الدين الإسلامي الحنيف. وإنى أسأل: هل شققناعن قلوب هولاء المتصوفة فرأينا أنهم كانوا على الباطل في حياتهم وأنهم تركوا الدين وراء ظهورهم فلم يؤدوا ما أمر الله به ولم ينتهوا عما انهى الله عنه أو انسلخوا عن الدين فاعتقدوا أن الرب عبد والعبد رب. إن هذا قول لا يقره عقل ولا دين. وإني إذ أبرئ المتصوفة من مذهب الحلول تطيب نفسي أن تشهد بأن جلال الدين الرومي من هؤلاء الصفوة المختارة الذين كان لهم أثر محمود في إظهار نور الشريعة قولا وفعلا واعتقاداً. فلله هؤلاء الصوفية البؤساء الذين لم يسلموا من ألسنة الناس في حياتهم وبعد مماتهم، ورحمهم الله.

(شطافوف)

محمد منصور خضر

المفعول معه وواو المعية:

تعرض الأستاذ أحمد عبد اللطيف لمناقشة ما كتبته حول المفعول معه وواو المعية، فأورد أمورا رأى إنها تحتاج إلى المناقشة فقال:

1 - إن سياق الآية (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم) بعيد عن الدقة لأني قلت إن الإيمان منصوب على أنه مفعول معه. والرد على هذا من وجوده.

(أ) لست في كتابتي للموضوع أبحث عن ترجيح إعراب للآية دون إعراب، ولم أمنع أن فيها أوجها أخر، والأستاذ متفق معي على أن الصبان في حاشيته على الأشموني اوردها على الرأي الذي ذكرته، وأزيده أن السيوطي في كتابه همع الهوامع أوردها كذلك فقال (وجاز النصب على المعية وعلى إضمار الفعل الصالح نحو فأجمعوا أمركم وشركاءكم ومثله تبوءوا الدار والإيمان. فالإيمان مفعول معه أو مفعول به باتعقدوا مقدراً) فإذا كان للآية أو للشاهد عدة أوجه - وكل وجه منها صحيح - كما في الآية واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، بجر الأرحام عطفا أو مقسما بها، وبنصبها عطفا به، ألا يجوز للكاتب أن يذكره في معرض الاستدلال وبخاصة إذا كان سليما من التأويل والتقدير؟

(ب) الآية وردت في الأنصار. فمن قال بتقدير فعل مناسب احتاج إلى أن يقول: تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان من قبل المهاجرين. ثم احتاج إلى أن يقول تبوءوا الدار من قبل هجرة المهاجرين. وذلك لأن الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين وإنما بعدهم وإن كانوا آمنوا قبل هجرتهم. ومن قال بتقدير فعل انصبابه على الاسمين احتاج إلى أن يقول: لزموا الدار والإيمان من قبل المهاجرين ثم لزموا. . . من قبل هجرة المهاجرين. أو قالوا في الحالين تبوءوا الدار من قبل المهاجرينوأخلصوا الإيمان. أو لزموا الدار من قبل المهاجرين ولزمو الإيمان. أوعلى كليهما اضطررنا إلى تأويل وتقدير أو تقديم أو تقديم مع أن هناك قاعدة مشهورة وهي أن ما سلم من التقدير أولى مما احتاج إلى تقدير.

(ج) أما من يرى أن الإيمان مفعول معه فقد تجنب أكثر هذا التكلف، فال أبو حيان في تفسيره البحر المحيط: قال ابن عطية والمعنى تبوءوا الدار مع الإيمان وبهذا الاقتران يصح معنى قوله - من قبلهم - فتأمله. . . اهـ

(د) يوهم ما كتبه الأستاذ أن الفراء والفارسي والمازني إلى آخر من ذكرهم قد تعرضوا للآية عند المتكلم على التوضيح إذا امتنع العطف والمفعول معه كقوله:

علقتها تبناً وماء بارداً ... حتى غدت همالة عيناها

وكقوله:

إذا ما الغانيات برزن يوماً ... وزججن الحواجب والعيونا

أضمر فعل ناصب للاسم الواقع بعد الواو وهذا قول الفراء والفارس ومن تبعهما. وذهب الجرمي والمازني والمبرد وأبو عبيدة والأصمعي واليزيدي إلى أنه لا حذف وأن ما بعد الواو في (البيتين) معطوف على ما قبله، وذلك على تأويل العامل المذكور قبلهما بعامل يصح انصبابه عليهما معا فهو من باب التضمين (ومثل ذلك ذكره السيوطي في الهمع. فالشاهد الذي يعارضني به الأستاذ وقد استمده من النسفي - وأزيده أنه قد ذكره غيره - إنما هو فيما لا يحسن أن توضع فيه واو المعية ولا يجسن فيه العطف فاضطروا إلى التأويل والتقدير أما الآية فهي فيما يجوز فيه النصب على واو المعية واضمار الفعل الصالح. فالتنظير غير تام بين الآية والبيت. ومن كل هذا نخلص إلى أنني لم اكن بعيدا عن الدقة وإنما كنت أقرب إليها منه، هذا في الوقت الذي لم أكن أقصد في بحثي الأسبق إلى ترجيح إعراب على إعراب وإنما كنت أقصد إلى أن الواو في المفعول معه نص في المعية بدون تجوز أو تأويل، وشواهدي التي سقتها صريحة في هذا ومنها الآية الكريمة. ولا يكفي في الرد أن يقال هذا بعيد كل البعد او أن هذا ضعيف من غير تبيان وجه البعد أو الضعف، فإذا ذكر بعض المفسرين أن المفعول معه في الآية ضعيف بدون حجة يبديها، لا يكفي في الإبعاد والإضعاف ما دام التعبير سليما واضح المعنى.

2 - يظاهرني الأستاذ على نقدي تعريف المفعول معه ومن العجب أنه مع ذلك يريد أن يعتبر - بدون قصد - استذكرت والمصباح وأمثاله صحيح مع أنني قد بينت أنها أمثلة خاطئة إذ أنك لا تقول في كلام عربي استذكرت مع المصباح وإنما تقول استذكرت على ضوء المصباح، ولعل الأستاذ لم يتنبه إلى مرادي في بحثي الأسبق فكان منه ما اعترض به.

3 - إن أسلوب الأستاذ الإفهامي 0الذي ذكره - ليستدني القاعدة إلى إفهام تلاميذه إنما هو الواقع أسلوب يستبعدها. ألا ترى أن التلميذ وهو في الرابعة الابتدائية لا يتابعك حين تقول: (استذكرت والمصباح، إن ما بعد الواو لا يصح أن يقع منه الحديث إذ أن المصباح لا يستذكر. وإن المصباح مفعول معه وليس معناها استذكرت مع المصباح أي مصاحبا المصباح وإنما حصل (الحدث) مقالنا للمصباح) ولكن يفهمك من أول الأمر إذا قلت خرجت والأصيل، اي مع الأصيل. وهذا ما قلته سابقا وما جعلني أخطئ مؤلفي كتب القواعد التي ابتدعوا فيها أمثلتهم فلجئوا إلى تعريف يوضح ابتداعهم العجيب.

4 - قال الأستاذ إني أحلت قول الشاعر (لا تنه عن خلق وثاني مثله إلى الحال وأنني قد تجوزت في رأيي تجوزاً بعيداً. وأنا من جهتي أعجب للأستاذ ألا يتنبه إلى أن قولي إنما كان (تهميشاً) وضعته ليكون ضابطا لمعرفة واو المعية السببية، ولن تجد شاهداً صحيحا يخرج عن رأيي، فالآية: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين، معناها والله أعلم أنهم يتمنون الرجوع إلى الدنيا مع حالة كونهم غير مكذبيين بالله ومع حالة كونهم من المؤمنين، ومثل هذا يقال في الأمثلة والشواهد التي ذكرتها في بحثي الأسبق. وإني لشاكر للأستاذ أن أتاح لي فرصة الإيضاح، ولعله تنبه إلى ما أردت وذلك على قدر ما أعلم وأختم بما ختم به وفوق كل ذي علم عليم.

عبد الستار فراج

محرر المجمع اللغوي شجرة الزقوم في امتحان الرسم:

نشرت (الرسالة) مقالا للأستاذ عباس خضر، انتقد فيه السؤال الخاص برسم الجحيم وشجرة الزقوم ورءوس الشياطين. إلى آخر ما ترمز إليه الآيات الشريفة. وأرى أنه من الواجب قبل النقد أن يقف حضرته على الأسس التي بنى عليها هذا التطور المفاجئ في طرق تدريس هذه المادة والغاية التي تسمى إلى تحقيقها، هناك أمران مهمان:

أولا: يجب أن تخاطب الصورة المطلوب التعبير عنها (قلب) الطفل ونفسه فيمتلئ بها شعوره وإحساسه، بصورة خاصة أدركها فكره الخاص، فإذا ملأت الصورة قلبه وفاضت بها روحه واستحوذت على مشاعره، كان لها عليه سلطان شديد. فإذا أعطى الفرصة للتعبير عنها، جاء تبعيره ترجمة صادقة لما يجول في عوالم نفسه، وما دام قد فاض الينبوع من صدره وتفجر من أعماق نفسه. ففي تعبيره هذا تأكيد لنفسه ولشخصيته، وفيه شفاء لغليله وريا لظمأه. وهذا يختلف عما إذا خاطيت الصورة المطلوب التعبير عنها (عين) الطفل، فهو في هذه الحالة يحاول أن ينقلها لنا نقلا جيداً فيصبح ذلك المقلد الماهر لما يراه لا المعبر الصادق لما يجول في نفسه. . وشتان بين هذا وذاك، كما أن الصورة المنقولة عن العينتخاطب (العقل) شأنها في ذلك شأن المواد الدراسية الأخرى التي يحيا فيها الطفل طول الأسبوع. أما الصورة المنقولة عن القلب فتخاطب (العاطفة) ويجب أن نذكر أن في هذا التنويع ضرورة لحياة الطفل فهو عقل وروح.

ثانيا: الصورة التي تخاطب العين تكون واضحة في ذهن الطفل فهي دائما أمام عينيه واضحة كل الوضوح، مما يجعل الدافع النفسي عند الطفل إلى التعبير عنها ضعيفا أو معدوماً، فلا حاجة به إذا، ولا دافع كذلك في نفسه يدفعه إلى التعبير عنها حتى يراها أمام عينيه على ورقة الرسم. على العكس من الصورة التي تخاطب القلب فهي غامضة في ذهن الطفل، شديدة التأثير في نفسه كما يبدو ذلك جليا في الأحلام مثلا فيكون الدافع النفسي عند الطفل للتعبير عنها قويا شديداً، محاولا في ذلك أن يزيح النقاب عن وجه الصورة التي يحسها - فغموضها في ذهنه يدفعه إلى محاولة إيضاحها في الرسم، وقوة تأثيرها في قلبه تدفعه إلى التعبير عنا بالرسم - ليرى في النهاية ما أحسه بنفسه غامضا قد أصبح واضحا أمام عينيه على الورق. . كالحاجة الملحة التي تدفعنا إلى تذكر الحلم في الصباح.

ولست أوافق الأستاذ عباس خضر في أن يقصر (مقدرة التخيل) على العباقرة كأبي العلاء ودانتي ولكنها عامة عند الجميع.

ولعل في ذكر الجحيم وشجرة الزقوم ورءوس الشياطين صوراً غامضة تثير نفس الطفل نحو التعبير عنها.

ولسنا نبغي من وراء هذه الخطة أن نكلف الناشئ العادي أن يكون فنانا كما ذهب حضرته في ذلك، وإنما رائدنا تكوين شخصية نامية مستقلة عند الطفل، يحس بها إحساسا ذاتيا معتمداً عليها في كل ما يعترضه في الحياة. إذ يجب ألا يكون العالم الخارجي هو النماذج الأعلى عند الطفل يقلده فيحس بصغر شأنه إزاءه، ولكن يجب أن يحس الطفل عمليا بقيمة نفسه، وبأنه النموذج الأعلى في هذا الوجود.

كامل بطرس عصفور

مدرس الرسم بمدرسة المنصورة الثانوية للبنات

وحدة الأسماء:

كتب الشاعر الرقيق - أحد من تشرفت بمشاركته في الإسم الكريم - الأستاذ محمد محمد علي (السوداني) كلمة في العدد الماضي من الرسالة، عن اشتراك أكثر من واحد في اسم واحد! وقد عرفت من مطالعتي المستمرة للرسالة، أن هناك - في محيط الرسالة على الأقل - ثلاثة يحملون اسمه الكريم، أما الأول فهو مترجم السادهانا (كنه الحياة) لطاغور (وهناك مترجم آخر لها وهو الأستاذ طاهر الجبلاوي (تحقيق الحياة). وأما الثاني فهو الشاعر (السوداني). وأما لثالث فهو العبد الضعيف كاتب هذه السطور، الذي نال شرفا عظيما باشتراكه في الإسم مع كرام أفاضل، وقد نشر له في الرسالة الغراء فصول في التاريخ والاجتماع، مترجمة عن هاتزكوهن والأستاذ جب وهو طالب بليسانس الجغرافية بكلية الآداب.

لقد كان الصديق الشاعر على حق في سودنة اسمه (سودنة) خفيفة لطيفة) ليس اخف من قصيدته ولا الطف. .

محمد محمد علي

قسم الجغرافيا بجامعة فؤاد