مجلة الرسالة/العدد 798/تشبه. . . . وشفاعة!
مجلة الرسالة/العدد 798/تشبه. . . . وشفاعة!
للأستاذ نقولا الحداد
دهش العالم العربي في الشهر الماضي من حكم محكمة الجنايات العراقية على المليوني اليهودي شفيق عدس بالموت ثم بغرامة خمسة ملايين دينار (جنيه). كانت الجريمة أن هذا العراقي الذي اكتسب هذه الملايين من العراقيين بالأحابيل المالية المعروفة عند اليهود كان يشتري من مخلفات الجيش الآلات والأدوات الحربية من دبابات ومركبات ضخمة ومدافع وطائرات الخ، ثم يفككها ويشحنها إلى إيطاليا بوصفها حدايد (خردة) ومن هناك ترسل إلى تل أبيب، ثم يعيد الصهيونيون تركيبها كما كانت!
بهذه الحيلة الخبيثة اكتسب الصهيونيون في فلسطين قدرا كبيرا من السلاح الذي كانوا يحاربون به العرب، ومنهم العراقييون، فكأن المال كان يسفك الدم العراقي!
وكيف تكون الخيانة العظمى غير هذا؟
وقصاص الخيانة العظمى الموت!
ومنذ عهد موسى إلى اليوم كان اليهود يعتبرون كل عمل لا يقبله شعب الله المختار خيانة عظمى يستحق فاعله الموت بوضعه في الغائط المغلي. كذا ورد في التلمود الأصلي. أما حكومة العراق فاكتفت بالشنق!
ذلك ما فعلته لا حكومة العراق في أحد الخونة من رعاياها. . . فماذا فعلت سائر الحكومات العربية الأخرى؟ أليس عندها خونة من اليهود الذين جمعوا الثروات الطائلة في جميع البلاد العربية؟ لو تيسر لنا إحصاء ثروات البلاد العربية لوجدنا ثلاثة أرباعها لليهود، واليهود أقلية في البلاد قد يناهزون الواحد في الألف، ثم إذا تحققنا من مصير هذه الثروات وجدنا جانبا منها قد تسرب إلى تل أبيب لكي ينفق في محاربة أولاد ناوناسنا، أليست هذه خيانة عظمى؟ دعك من الحكم بالإعدام في مغلى الغائط.
لا نطلب حما بالإعدام على من يستحقون الإعدام فذلك شأن القانون، إنما نطلب تجريد اليهود من المقدار الأكبر من هذه الثروات التي استنزفت من البلاد، نطلبها لكي نعول بها إخواننا الفلسطينيين الذي شردتهم الأسلحة القتناة بأموال اليهود المختلسة من البلاد!
إن أكثر من نصف مليون عربي فلسطيني طردهم اليهود طرداً من بلادهم وشردوهم شرق وجنوبا وشمالا، ونهبوا أموالهم وغلالهم وحوانيتهم واحتلوا بيوتهم ونسفوا بعضها. . فكم يساوي هذا الذي اغتصبه اليهود؟ ألا يساوي على الأقل 50 مليون جنيه؟
أفيعد ظلما أن تسترد هذه الملايين من أغنياء اليهود المقيمين في البلاد العربية وهم يستنزفون أموالهم، قبل أن يقدموها هدايا سخية لدولة إزرائيل الملفقة؟ أليس حقا ان يمون بها هؤلاء المشردون ريثما تتيسر لهم العودة إلى بلادهم آمنين!
من مهازل بعض اللبنانيين أنهم يقترحون على المطران مبارك الذي نفى بسبب مهازله السياسية، ثم غفر له قداسة البابا فعاد إلى ميدانه، يقترحون عليه أن يشفع عند اليهود للعرب اللاجئين لكي يسمحوا لهم أن يعودوا إلى بلادهم. ذلك لأن مساعي المطران جورج الحكيم، مطران فلسطين، لإعانة للاجئين لا تعجبهم؛ فسألنا أحد هؤلاء المقترحين: ولماذا تطلبون شفاعة المطران مبارك؟ فأجاب لأن اللبنانيين أصدقاء اليهود فهم يقبلون شفاعتهم ويراعون خاطرهم!
ما شاء الله! إلى هنا وصلنا؟ نطلب وساطة مطران اليهود لدى اليهود لينعموا على العرب ببيوتهم!
من قال للمطران مبارك وللمقترحين الشفاعة عليه أن العرب يقبلون هذه الصدقة منهم؟!
سيعود العرب - بقوة الله - إلى بلادهم مرفوعة الرأس مرهوبي الجانب عندنا تنكسر شوكة الطغاة الأزاذل!
كنا نظن أن أصدقاء اليهود في لبنان يقترحون على المطران مبارك أن يجمع الإعانات للاجئين إذا كان له نفوذ بين شعبه. وإذا كانت له هذه المكانة عند اليهود، فلينقذ القرى اللبنانية التي غزاها اليهود وطردوا منها. أليست هذه القرى في دائرة إبرشيته؟!
وهل يستطيع المطران مبارك أن يدفع الذئاب من اليهود عن العرب لو أتيح له أن يعيدهم إلى بلادهم. لماذا (طفشوا)؟ أليس لأن أطفالهم ونساءهم العزل لا يستطيعون أن يقاوموا ذئاباً. فماذا أعد لحمايتهم من هؤلاء الذئاب؟!
إن من البلايا التي نزلت بفلسطين أن بعض أثرياء اللبنانيين كانوا سببها، لأنهم باعوا لليهود أملاكهم التي في فلسطين، فوجد الصهيونيون رحابا فسيحة يزرعون فيها مستعمراتهم، ويمدون منها أيديهم وأرجلهم إلى ما حولهم، حتى يطغوا في المستقبل على لبنان، ويومئذ يصبح المطران مبارك حاخاما لا مطرانا - فليهنأ هو وقومه حينذاك!
فإذا ذكرت نكبة فلسطين، وذكرت إغاثة أهلها، فليخرس الجانب الصهيوني من اللبنانيين!
حسبهم خزيا أنهم لم يفعلوا شيئا في حرب اليهود، ولم يحموا بعض القرى اللبنانية منهم!
نقولا الحداد