مجلة الرسالة/العدد 834/من رجال البلاغة في عصر الحروب الصليبية:

مجلة الرسالة/العدد 834/من رجال البلاغة في عصر الحروب الصليبية:

مجلة الرسالة - العدد 834
من رجال البلاغة في عصر الحروب الصليبية:
ملاحظات: بتاريخ: 27 - 06 - 1949



ابن الأثير

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

أخوة ثلاثة، بلغوا حظاً كبيراً من المجد العلمي، والمنزلة الرفيعة في الحياة، وخلود الذكر بعد الموت. أما أكبرهم فمجد الدين المبارك (544 - 606هـ) الذي كرس حياته لدراسة القرآن والحديث والنحو، له فيها مؤلفات، لا يزال بعضها باقياً إلى اليوم. وأوسطهم عز الدين علي (555 - 630هـ) المبرز في التاريخ، والمصنف فيه عدة مصنفات، أهمها الكامل الذي يعد مرجعاً من أشهر المراجع وأصغرهم ضياء الدين نصر الله، الأديب الوزير، وهو الذي يردي الحديث عنه، ومع اختلاف مناحبهم في الثقافة شغفوا جميعاً بالأدب وألفوا فيه. وتحتفظ دار الكتب برسائل المبارك الأدبية، وبكتاب الجامع الكبير في صناعة المنظوم والمنثور لعز الدين. أما أصغرهم فكان أوفاهم حظاً من الأدب وبلوغ أسمى المناصب، وإن قصرت به سياسته عن أن يحتفظ بما ناله من سلطان وجاه.

ولد نصر الله في يوم الخميس العشرين من شعبان سنة 558هـ (1163) بجزيرة ابن عمر، وهي بلدة على دجلة في شمال الموصل وبالقرب منها. وإذا كان التاريخ لم يتحدث عن والده محمد بن محمد بن عبد الكريم فأغلب الظن أنه كان ميسور الحال يسراً هيأ لأولاده أن يغترفوا من الثقافة وأن يتفرغوا لها.

وانتقل نصر الدين مع والده إلى الموصل حيث تثقف بها، فحفظ كتاب الله وكثيراً من الأحاديث النبوية، وأخذ بحظ صالح من النحو واللغة، أما علم البيان فقد خصص له أكثر وقته، ووقف عليه معظم جهوده، قرأ فيه الكتب النظرية، وأقبل على دواوين الشعراء بحفظ منها ما يشاء، فدرس ما ألف في البلاغة، وعرف ما انتهى إليه العلماء فيها؛ ومن أهم ما قرأه منها:

كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري، والتذكرة لابن حمدون البغدادي، وكتاب أبي العلاء محمد بن غانم، والأقصى القريب للتنوخي، وكان معجباً بكتاب الموازنة بين الطائيين للآمدي، وكتاب سر الفصاحة لابن سنان الخفاجيء، (غير أن كتاب الموازنة أجمع أصولاً، وأجدى محصولاً)، كما قال في المثل السائر. أما علمه بالشعر، وحفظه له، فقد قال عنه كتابه: (ولما نصبت نفسي للخوض في علم البيان، ورمت أن أكون معدوداً من علمائه، علمت أن هذه الدرجة لا تنال إلا بنقل ما في الكتب إلى الصدور، والاكتفاء بالمحفوظ عن المسطور. . .

ولقد وقفت من الشعر على كل ديوان ومجموع، وأنفذت شطراً من العمر في المحفوظ منه والمسموع، فألفيته بحراً لا يوقف على ساحله، وكيف ينتهي إلى إحصاء قول لم تحص أسماء قائله، فعند ذلك اقتصرت منه على ما تكثر فوائده، وتتشعب مقاصده، ولم أكن ممن أخذ بالتقليد والتسليم، في اتباع من قصره نظره على الشعر القديم، إذ المراد من الشعر إنما هو إيداع المعنى الشريف في اللفظ الجزل واللطيف، فمتى وجد ذلك فكل مكان خيمت فهو بابل، وقد اكتفيت في هذا بشعر أبي تمام حبيب بن أوس، وأبي عبادة الوليد، وأبي الطيب المتنبي، وهؤلاء الثلاثة هم لات الشعر وعزاه ومناته، الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته. وقد حوت أشعارهم غرابة لمحدثين إلى فصاحة القدماء، وجمعت بين لأمثال السائرة وحكمة الحكماء).

وأخذ ابن الأثير كذلك بحظ من الحساب، والجبر، والمقابلة، والهندسة ولست أدري إن كان قد عرف لغة غير العربية، مما هيأ له أن يحكم على الالتفات بأنه خاص باللغة العربية دون غيرها من اللغات؛ وأرجح أنه كان يعرف الفارسية والتركية، كما يدل على ذلك حديثه عنهما في كتابه؛ وكان ابن الأثير متعصباً للغة العربية، مؤمناً بأنها سيدة اللغات، لما أوتيت من خصائص في تركيب كلماتها، وما منحته من سعة ودقة جمال.

أما موقفه من الفلسفة فموقف المبغض المزدري، يرى في دارسيها من أمثال ابن سينا والفارابي رجالاً مغرورين أضلهم أرسطو وأفلاطون.

ولما استكمل ابن الأثير ثقافته، مضى يريد الاتصال بصلاح الدين، فأوصله القاضي الفاضل إليه في جمادي الآخرة سنة 587 وقرر له صلاح الدين مرتباً، ولكنه لم يلبث في معية صلاح الدين بضعة أشهر، حتى طلبه الملك الأفضل نور الدين من والده، فخيره صلاح الدين بين الإقامة في خدمته، والانتقال إلى ولده، فاختار ولده، ومضى إليه في شوال من تلك السنة. ولعل الباعث له على هذا الاختيار رغبته في أن يكون بمكان يستطيع أن يظفر فيه بسامي المناصب وقوى النفوذ، ولن يكون ذلك مع صلاح الدين ووزيره القاضي الفاضل. وحقق ابن الأثير أمنيته عند الملك الأفضل، فقد استوزره، ونعم بما كان يبغيه من السلطان. فلما مات صلاح الدين، وصارت دمشق إلى الأفضل انفراد ضياء الدين بتدبير شئون الملك، وتصريف أمور الرعية، وأصبح مرجع الحل والعقد. ويجمع المؤرخون على فساد سياسته الخارجية والداخلية فقد توترت العلاقات بين الأفضل وملوك أسرته، بسوء تدبير وزيره، ونفرت الرعية من حكمه، وكان له بلا ريب أكبر الأثر في المصير المحزن الذي انتهى إليه مليكه بعزله عن الملك. وكثيراً ما أشار العادل على ابن أخيه أن يقبله فلم يكن يفعل؛ وهجاه الشهاب فتيان الشاغوري فقال:

متى أرى وزيركم ... وماله من وزر

يقلعه الله فذا ... أوان قلع الجزر (ي)

وبلغ من سخط الشعب أن الناس هموا بقتله عندما نزل الأفضل عن عرش دمشق، فأخرجه الحاجب مستخفياً في صندوق مقفل عليه، ولكن ذلك كله لم ينزع ثقة مليكه فيه، فصحبه أنى ذهب وحضر إلى مصر في معيته، عندما جاء الأفضل وصياً على العرش لابن أخيه العزيز. وظل ابن الأثير في خدمة الأفضل حتى أواخر سنة 607 بعد نحو عشرين عاماً قضاها في صحبته، ثم تنقل بين حلب عند الظاهر غازي، والموصل، وإريل، وسنجار، ولكن لم يطلب له المقام في واحد منها، فعاد إلى الموصل، واتخذها دار إقامة، وكتب الإنشاء لصاحبها: ناصر الدين محمود بن عز الدين مسعود، وكان ذلك سنة 618، وبقى بالموصل زهاء عشرين عاماً أخرى. وفي رحلة له إلى بغداد، يحمل رسالة من صاحب الموصل توفى بها في إحدى الجماديين سنة 637 (1239م)، ودفن هناك.

كان أظهر صفات ابن الأثير إعجابه بنفسه، وإيمانه بمواهبه، تلمس ذلك في كل خطوة تخطوها في كتبه، فتراه حيناً يعرض عليك نماذج من رسائله، معجباً بها، منوهاً بقدرها، مبيناً ما استطاع أن يصل إليه فيها من معان جديدة، وأفكار مبتكرة، وحيناً يوازن بين كلامه وكلام غيرهن ليقنعك بجودة ما خطته براعته؛ وفي نظريات البلاغة كثيراً ما تراه يقدم إليك آراء يعدها من مبتكراته، أو يأخذ بيدك لتلمس ما زاده هو على آراء من سبقه.

وإنا نقر لابن الأثير كان من مجتهدي هذا الفن، وأن أكثر كتابه كان ناشئاً عن تجارب لصاحبه، وعن تقليبه النظر في ألوان الكلام ليستخلص منه وجوه حسنه، وإن كنا نعرف أنه يغالي أحياناً في ادعاء الاختراع لمعاني رسائله؛ قال ابن خلكان (ومن رسائل ضياء الدين ما كتبه عن مخدومه إلى الديوان العزيز من جملة رسالة وهي: ودولته هي الضاحكة وإن كان نسبها إلى العباس، فهي خير دولة أخرجت للزمن كما أن رعاياها خير أمة أخرجت للناس، ولم يجعل شعارها من لون الشباب إلا تفاؤلا بأنها لا تهرم، وأنها لا تزال محبوبة من أبكار السعادة بالحب الذي لا يسلي، والوصل الذي لا يصوم. وهذا معنى اخترعه الخادم للدولة وشعارها وهو مما لا تخطه الأقلام في صحفها، ولا أَجالته الخواطر في أفكارها.

أقول: لعمري، ما أنصف ضياء الدين في دعواه الاختراع لهذا المعنى، وقد سبقه إليه ان التعاويذي في قصيدته السينية التي مدح بها الإمام الناصر لدين الله أبا العباس أحمد، أول يوم جلس في دست الخلافة ومنها:

ورأى الغانيات شيبى فأعرضن، وقلن: السواد خير لباس كيف لا يفضل السواد، وقد أضحى شعاراً على بني العباس ولا شك أن ضياء الدين زاد على هذا المعنى، لكن ابن التعاويذي هو الذي فتح الباب، وأوضح السبيل، فسهل على ضياء الدين سلوكه.

وتنوعت أغراض الرسائل التي كتبها ضياء الدين بين سلطانية وأخوية، وهي رسائل دسمة، فيها كثير من معاني ما حفظه من قرآن وحديث وشعر، وكثير من الأمثال والإشارات التاريخية، فقد كان ابن الأثير مثقفاً ثقافة أدبية قوية، والتزم في رسائله السجع؛ لأنه كان يراه أعلى درجات الكلام، ولا يرى وجهاً لمن يذمه سوى عجزه عن أن يأتي به؛ وإلا فلو كان مذموماً ما ورد في القرآن الكريم، ويعلل وجهة نظره في استحسان السجع بأنه اعتدال في مقاطع الكلام، والاعتدال مطلوب في جميع الأشياء، والنفس تميل إليه بالطبع.

وجمعت رسائله في ديوان بلغ عدة مجلدات، يبلغ المختار منها مجلداً واحداً، ولكني لم أعثر على هذا الديوان، بل رأيت نماذج له كثيرة في كتابيه المثل السائر، والوشى المرقوم.

وبلغت ثقته بنفسه في إنشاء الرسائل، والعلم بقوانين البلاغة حداً كبيراً؛ فكان يعارض شيخ الإنشاء في عصره: القاضي الفاضل؛ يكتب في أغراض كتبه، وحيناً يعرض له من المعاني ما يراه قد نقص عبد الرحيم؛ فمن ذلك أنه قد عرض عليه كتاب له، أرسله إلى بغداد على لسان صلاح الدين سنة 571، وضمنه ما أبلاه في خدمة الدولة: من فتح مصر، ومحو الدولة العلوية، وإقامة الدعوة العباسية، وشرح فيها ما قاساه في الفتح من الأهوال، فلما تأمله ضياء الدين، وجده كتاباً حسناً، قد وفي فيه الموضوع حقه، إلا أنه أخل بشيء واحد، وهو أن مصر لم تفتح إلا بعد أن قصدت من الشام ثلاث مرات، وكان الفتح في المرة الثالثة، وهذا له نظير في فتح النبي مكة فإنه قصدها عام الحديبية، ثم سار إليها في عمرة الفضاء، ثم سار إليها عام الفتح ففتحها، فلما عارض ضياء الدين رسالة القاضي الفاضل، أشار فيما أشار إلى الشبه بين فتح مصر وفتح مكة، وقال بعد أن أورد هذه الرسالة التي أنشأها: وعجبت من عبد الرحيم بن علي البيساني مع تقدمه في فن الكتابة، كيف فاته أن يأتي به في الكتاب الذي كتبه. وانتقد القاضي الفاضل مرة أخرى وإن لم يصرح باسمه عندما رآه يشبه حصناً من حصون الجبال بأنه أنملة، قال: فأي مقدار للأنملة بالنسبة إلى تشبيه حصن على رأس جبل؟!

وكان يوازن بين رسائله ورسائل الصابئ الكاتب ليرى مقدار تفوقه عليه؛ وهو يرى فيه أن عقله زائد على فصاحته وبلاغته، ذلك أنه يورد في كلامه وصايا وشروطا، واستدراكات وأوامر، ما بين أصل وفرع، وكل وجزء، وقليل وكثير: إلا أنه عبر عنها بعبارة في بعضها ما فيه من الضعف.

أما موقفه من علماء البلاغة فموقف الناقد المحاسب لا القابل المسلم، يورد أفكارهم، فيقبل منها، ويرفض، مناقشاً، مدعماً رأيه بالحجة، وإن جانبه الصواب أحياناً. وما كان يرى أن يدخل علماء النحو في الأمور البلاغية حتى لا يصدروا أحكاماً لم تؤهلهم لها دراستهم؛ وهو لذلك ينتقد أبا الفتح بن جني عندما شرح قول أبي الطيب:

كل جريح ترجى سلامته ... إلا جريحاً دهته عيناها

تبل خدي كلما ابتسمت ... من مطر برقه ثناياها

فظن ابن جني أن أبا الطيب أراد أنها كانت تبتسم فيخرج الريق من فمها، ويقع على وجهه فشبهه بالمطر؛ قال ابن الأثير: وما كنت أظن أن أحداً من الناس يذهب وهمه وخاطره حيث ذهب وهم هذا الرجل وخاطره، وإذا كان هذا قول إمام من أئمة العربية تشد إليه الرحال، فما يقال في غيره؟!

وأما رأيه في الشعراء فإنه يرى الفرزدق وجريرا والأخطل أشعرالعرب أولا وآخراً. (ومن وقف على الأشعار، ووقف على دواوين هؤلاء الثلاثة علم ما أشرت إليه، ولا ينبغي أن يوقف مع شعر امريء القيس وزهير والنابغة والأعشى فإن كلا من أولئك أجاد في معنى اختص به حتى قيل في وصفهم: امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب. وزهير إذا رغب، والأعشى إذا شرب. وأما الفرزدق وجرير والأخطل فإنهم أجادوا في كل ما أتوا به من المعاني المختلفة. وأشعر منهم عندي الثلاثة المتأخرون وهم أبو تمام، وأبو عبادة البحتري، وأبو الطيب المتنبي؛ فإن هؤلاء الثلاثة لا يدانيهم مدان في طبقة الشعراء، أما أبو تمام وأبو الطيب فربا المعاني، وأما أبو عبادة فرب الألفاظ في ديباجتها وسبكها). وهو في هذا الفصل من كتابه يورد آراء بعض الناقدين في الشعراء ويناقشها كعادته.

ومع تعصب ابن الأثير للعربية، يقر بفضل العجم فيما أتوه من المقدرة على الإطالة المفرطة في الشعر، (فإن شاعرهم يذكر كتاباً مصنفاً من أوله إلى آخره شعراً، وهو شرح قصص وأحوال، ويكون مع ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة في لغة القوم كما فعل الفردوسي في نظم الكتاب المعروف بشاه نامه، وهو ستون ألف بيت من الشعر، يشتمل على تاريخ الفرس، وهو قرآن القوم، وقد أجمع فصحاؤهم على أنه ليس في لغتهم أفصح منه، وهذا لا يوجد في اللغة العربية على اتساعها، وتشعب فنونها وأغراضها، وعلى أن لغة العجم بالنسبة إليها كقطرة من بحر).

وألف ابن الأثير كتباً بعضها لم أعثر عليه.

1 - كتابه في السرقات الشعرية الذي حدثنا عنه في المثل السائر.

2 - كتاب كنز البلاغة الذي أشار إليه السبكي في شرحه على التلخيص.

3 - كتاب مختارات اختار فيه من شعر أبي تمام والبحتري وديك الجن والمتنبي، قال عنه ابن خلكان: (وهو في مجلد كبير، وحفظه مفيد)، وقال أبو البركات بن المستوفي في تاريخ إريل: نقلت من خطه في آخر هذا الكتاب المختار ما مثاله:

تمتع به علقاً نفيساً فإنه اختيار ... بصير بالأمور حكيم

أطاعته أنواع البلاغة فاهتدى ... إلى الشعر من نهج إليه قويم

4 - كتاب المعاني المخترعة في صناعة الإنشاء.

5 - الكتاب المرصع في الأدبيات، وقد طبع في القسطنطينية سنة 1304.

6 - أما أهم كتاب له فهو المثل السائر الذي حاول أن يضبط فيه قواعد البلاغة، ونهج في تأليفه نهجاً أدبياً عملياً، لا نظرياً جافاً، وملأه بالأمثلة وبيان مواضع الجمال، ونقد مواطن القبح، وعقد الموازنات، وهو يعد من أسس كتب البلاغة، وكان لهذا الكتاب وقع كبير في الدوائر البلاغية فعندما وصل هذا الكتاب إلى بغداد انتقده المدائني بكتاب سماه الفلك الدائر على المثل السائر، وانتصر أبو القاسم السنجاري المتوفي سنة 650 للمثل السائر، فألف كتاباً سماه نشر المثل السائر وطي الفلك الدائر؛ وتستطيع أن ترجع إلى كشف الظنون لترى ما أثاره هذا الكتاب من دراسات.

7 - وكتابه الوشي المرقوم في حل المنظوم منهج تطبيقي لفكرته التي يدعو إليها؛ ذلك أنه يرى الكاتب محتاجاً لحفظ القرآن الكريم والأخبار النبوية والأشعار الكثيرة بقدر المستطاع.

وفي هذا الكتاب يبين بطريقة عملية كيف نستفيد مما نقرأ ونحفظ في ترقية أسلوبنا والثروة في معانينا، ولو أن اللفتات التي نبه عليها ابن الأثير، في المعاني والعناية بها، وكيف نستنبطها، ونبتكرها سارت في طريقها، ولم تعقها الدراسات النظرية المحضة لكان لبلاغتنا اليوم شأن جد رفيع.

وله بدار الكتب:

8 - كتاب مؤنس الوحدة، جمع فيه أشعاراً وأخباراً في المدائح والأوصاف والتشبيهات.

9 - كتاب المفتاح المنشا لحديقة الإنشا، بدأه مبيناً فضل صناعة الإنشاء وأنها أشرف صناعات الممالك، (فهي اليد اليمنى التي بها الأخذ والعطاء، والمنع والإمضاء، والقبض والبسط)، فلا جرم كان من الواجب أن يختار لهذه الصناعة رجل تتوافر فيه صفات خاصة بين عقلية وخلقية وثقافية. ورتب الكتاب على بابين: أولهما في مراتب الكتب والمخاطبات، والثاني في الأدعية والانتهاءات، فذكر ما تبدأ به الرسائل، والألقاب التي يخاطب بها المرسل إليهم، والدعاء لهم. وذكر فصلا في الأدعية لأرباب غير الملة الإسلامية؛ وأورد الصيغ التي يقدمها الكاتب بين يدي مراده، كما شرح فيه كثيراً من ألوان المحسنات البديعية.

ولابن الأثير شعر قليل، لا يضارع قوة نثره، ولعل من أجوده قوله:

وساءلتموني عندكم كيف حالتي ... وذلك أمر بين ليس يشكل.

فعن قلبه، لا تسألوا فهو عندكم ... وأما عن الجسم المخلف فاسألوا.

أحمد أحمد بدوي

مدرس بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول