مجلة الرسالة/العدد 883/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 883/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 06 - 1950



كتاب الرافعي في البلاغة

إن (معركة القزويني) البلاغية التي يروي نبأها الصديق المحقق عباس خضر، فقد فتحت أمامنا آفاقاً من التفكير، فنحن نريد أن ندرس علم البلاغة في عصر الذرة دراسة تختلف عن دراسات القزويني وأبي هلال العسكري وعبد القاهر الجرجاني وأبي حيان التوحيدي وغيرهم من أولئك الأعلام الذين أحسنوا إلينا مدى الأجيال ونسينا ذكراهم على الأيام.

على أن (معركة القزويني) صرفت تفكيري إلى أستاذ البلاغة السيد مصطفى صادق الرافعي، فقد حرص - عليه رضوان الله - أن يبين أن له رأياً في البلاغة سبق به المتقدمين، إذ يقول في كتاب (إعجاز القرآن): (نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطبع الكتاب الذي نكمل به كتابنا هذا فنبسط فيه من أسرار الآي وإعجازها ما تطلع به الشمس لمن أبصر ولمن عمى فيحسها) - ص82.

وقال رحمه الله في كتاب وحي القلم (لنا كلام طويل في فلسفة الأسلوب البياني سنذكره إن شاء الله في كتابنا الجديد (أسرار الإعجاز) - ص284 ج3.

ولما تناول الكاتب المحقق الأستاذ محمد سيد العريان حياة الرافعي تحدث عن كتاب الرافعي المجهول في شيء من التفصيل، وإلى القارئ بعض ما أورده الأستاذ سيد العريان في وصف هذا الكتاب:

(أ - يتحدث - يعني الرافعي - في صدر الكتاب عن البلاغة العربية فيردها إلى أصول غير الأصول التي اصطلح عليها علماؤها منذ كانت، ويضع لها قواعد جديدة واصولا وأخرى.

(ب - ويحدث في الفصل الثاني عن بلاغة القرآن وأسرار إعجازه مسترشداً في ذلك بما قدم في الفصل السابق من قواعد.

(ج - ويتناول في الفصل الأخير من الكتاب آيات من القران على أسلوب من التفسير يبين سر إعجازها في اللفظ والمعنى والفكرة العامة، ويعتبر هذا الفصل الأخير هو صلب الكتاب واساسه. وقد أتم الكتابة - إلى آخر يوم كنت معه - عن بعض وثمانين آية على هذا النسق) - راجع ص289 من حياة الرافعي.

ثم يقول الأستاذ سعيد في موضع آخر من كتابه الفريد (نحسن الظن كثيراً إذا زعمنا أن هذا الكتاب - كتاب الرافعي الذي لم يطبع بعد - الفريد في موضوعه وفي تأليفه من عناية أدباء العربية ما يحملهم على محاولة طبعه في يوم قريب. . .) - ص 173 من كتاب حياة الرافعي.

وقد انطوى اليوم على موت الرافعي أكثر من ثلاثة عشر عاماً وكتابه في البلاغة لم ير النور، وأكبر الظن أن أدباء العربية ما برحوا يرجون أن يقوم عنهم بواجب إخراجه صاحب (حياة الرافعي) وإلا فما هذا التباطؤ؟

إن الذي يقف على طبع كتاب الرافعي لا يخدم ذكرى هذا الرجل العظيم بقدر ما يخدم البلاغة العربية ويضع حداً لهذه المعركة الأدبية الناشبة حول البلاغة العربية في أزهى عصورها.

ولا مشاحة في أن للأستاذ سعيد العريان من اشاغيله في الوقت الراهن ما يصرفه عن طبع هذا الكتاب، وقد فعل الرجل أكثر مما يجب نحو ذكرى عالم معاصر، ومن ثم فأننا نرجو أن يقدم أبناء الرافعي - حفظهم الله - بشيء لا يخدم ذكرى والدهم فحسب، وإنما يحفظ لبلاغة العرب رونقها، فإن عجزوا دون طبع هذا الكتاب، وأكبر الظن أنهم سوف يعجزون، فإننا نتوجه إلى الوزير الأديب العالم معالي الدكتور طه حسين بك قد عاد من سفره ميمون النقيبة مبارك الغدة والروحة، نتقدم إليه أن يطبع هذا الكتاب على نفقة وزارة المعارف حتى يتم به النفع وتتم الفائدة المرجوة إن شاء الله.

منصور جاب الله

من رسائل الرافعي - التضمين ليس سماعيا

طنطا في 27 مايو سنة 1930

يا أبا رية

كلمة الشيخ: العليم ما علمك ما أنت ممن معك. استعمل ما لأنها الأوسع في الدلالة إذ لو قال من لا نحضر الأمر في الشخصية، فكأنه يقول ما علمك شخصك في الأشخاص الذين معك، أي من أنت منهم أن كنت دونهم أو مساويهم أو على الخ وهذا تحديد ناقص للعلم، ولكنه حين يقول: ما علمك ما أنت منهم فقد أراه ماهيته وحقيقته وشخصيته وموضعه وكل ما يتعلق به باعتباره قطعة من الوجود، فيكون بذلك دارسا كل حقيقة من سياسية وأدبية وعلمية ومالية والخ، وهذا هو العلم في أوسع وأدق معانيه على اعتبار انه دراسة لنواميس الوجود في تلك القطعة من الوجود التي عبر عنها الشيخ بما. . .

واليك أجوبة خرفشتك العجيبة! فان مثل (أوراق الورد) لو أتفق فيه عشرون غلطة نحوية ولغوية لا تقبل التأويل فان ذلك لا يؤثر فيه لأن صفحة واحدة من هذه المعاني هي ذخيرة للغة العربية

الأفعال تضمن بعضها معاني بعض، فإذا ضمن فعل معنى فعل آخر استعمل استعماله فيتعدى بمن أو على الخ - فتمتاز على الشمس - أي تفضل - وإني استعمل التضمين كثيرا واتعمده، لأنه يجمع بلاغتين. وكان صادق عنبر كلمني في ذلك وقال: إن التضمين سماعي فقلت له، أن الشواهد الموجودة منه تعد بالألوف. وبذلك يخرج عن أن يكون سماعيا ويجوز لنا استعماله للتوسع في اللغة

ومجيء الواو بعد إلا وارد في القرآن، فليس هناك افصح وفصيح لا في الأسلوب، فإن كانت الواو تجعل العبارة اجمل وضعت وإن كان حذفها حذفت؛ ولذلك تراني استعملها على الوجهين فمرة أثبتها ومرة أحذفها.

ولفظة (العادية) صحيحة لأنها منسوبة إلى العادة وهي هنا فقط. وقد تنبهت لها عند كتابتها وحذفتها في مواضع أخرى واستعملت مكانها ألفاظ غيرها؛ ولكني رايتها طريفة في عبارة القطعة البشرية العادية فتركتها، لأن الغرض تحقير القطعة واعتبارها غير ذات شان إذ كانت مما تجري به العادة فليس فيها ما تنفرد به أو تقع موقعا غريباً، ومع ذلك تنقلب (خارقة للعادة) فخرقها للعادة يقتضي ذلك التعبير. (وأكتشف) صحيحة وأنا استعملها كثيرا وأن لم توجد في المعاجم، لأن شأننا شان العرب ما دمنا نضع على طريقتهم، ولا قيمة لكاتب لا يضع في اللغة أوضاعاً جديدة.

وقوله، وقامت عذراها للقياك كناية عن الأشجار والغصون، أي متى جاء النسيم استقبلته عذارى الروض وأخذت تتيه وتتمايل. وتسمية الأشجار بعذارى الروض كناية جميلة لان في الأشجار روحا نسائية حقيقية كما تجد في فصل الشجرات. وأفهمت يا أبا رية؟ هذه أجوبة الخرفشة وقد كان من حظك أنى نشطت أمس إلا ترى اثر هذا النشاط؟ وهل تدري من أين جاء النشاط؟ جاء به الشيطان من إيطاليا. . . والسلام عليكم.

مصطفى صادق الرافعي

إلى صديقي الدكتور محمد يوسف موسى

تعودت أن أقرا (الرسالة) من آخرها. أبدا بالأزهريات ثم الأدب والفن في أسبوع، لولدنا الشات (العجوز) عباس خضر، الذي أحسده على ضبط أعصابه وحسن تأنيه؛ ثم استسلم لهواي فيما بقي من عنوانات.

وجرياً على العادة، بدأت قراءة العدد الأخير من الرسالة، بمعركة. (القزويني) التي كان لنا - ولا فخر - شرف شهودها في ميدانها الأول، منذ أول شرارة، ثم مازلنا نتجرع كاسها القذرة المريرة في غيره من الميادين فشعرت بأن (كابوساً) من الهم الثقيل جثم على صدري، فاختنقت وشعرت بذلة وهوان، لا يحتملها إنسان. . .

وكان مقالك يا - دكتور - (إسعافاً) وجدت به روحا، رد روحي، وأشعرني واردا من الاطمئنان إلى إن الأزهر لما يزل بخير!

ليت شعري - يا صديقي الدكتور - وحال الأزهر مشهور متعالم، ما معنى المقام على هذه الحال؟

السنا في أمة تعتز بماضيها وحاضرها، وتتطلع مستقبلها؟!

أولسنا في عهد اكرم ملوك مصر على مصر، وأبعدهم مدى همة، وأطولهم يدا في نواحي الإصلاح والعمارة؟!

أولسنا في عهد حكومة شعبية حريصة على أن تعمل لغدها، اكثر مما تعمل ليومها، في عناية وإخلاص؟!

بلى. . . فما بال هذا العبث الصارخ إذا في هذا الزمن الجاد؟! لا جرم أن بقاء الأزهر على حاله الحاضرة عبث أي عبث فأما أن يصلح، وأما أن يغلق. وحسبه ما سجله تاريخه الطويل من مجد، ومن إجمال، ومن آثار.

أما بعد، فاكتب - يا دكتوري العظيم - ثم أكتب؛ وضع اسمي المتواضع، قبل اسمك الكريم، شريكا، مسؤولا، غير خاذل، ولا متستر.

والرسالة الغراء التي فسحت في اطوائها لأولاد الكتاتيب الازهرية، لن تضيق صدرا بما يكتب رجلان يعدان - بحق أو بغير حق من هيئة التدريس العالي في كليات الأزهر، أن صح أن في الأزهر كليات. . .

ليس بي أن أحبر مقالا، بعد مقالك الحاسم، الجدير بان يسمع كل ذي اذنين؛ وانما أردت أن أكون أول من يزكيك، ويثني عليك، ومن أثنى، فقد جزى.

ولك تحيات محسوبك.

عبد الجواد رمضان

المؤتمر الثقافي العربي الثاني في الأسكندرية - صيف هذا

العام

في 23 أغسطس 1950

يحضره مندوبو دول الجامعة العربية والجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية. ويشترك فيه من يرغب من الأساتذة والعلماء والأدباء وغيرهم ممن يشتغلون بشؤون التربية رجالاً ونساء.

وسيتناول هذا المؤتمر مناقشة:

سياسة التوسع في التعليم الثانوي والعالي.

إعداد الطلبة لمواجهة الحياة العملية.

وفضلا عن هذا سيستعرض المؤتمر اتجاهات التربية السائدة في وزارة معارف كل قطر عربي وسيناقش موضوع تنفيذ قرارات المؤتمر الثقافي العربي الأول.

امتيازات للأعضاء المشتركين

تخفيضات في أجور السفر ذهابا وإيابا - سكنى مجانية - مطعم خاص بأسعار مخفضة.

يرجى من الراغبين في الاشتراك بهذا المؤتمر والمقيمين في القطر المصري مراجعة الإدارة الثقافية لجامعت الدول العربية - (102 شارع فاروق الأول بالعجوزة)

ملاحظة: قيمة الاشتراك جنيه واحد في مصر