مجلة الرسالة/العدد 891/رسالة الشعر
مجلة الرسالة/العدد 891/رسالة الشعر
بردى
نهر دمشق
للأستاذ أنور العطار
يردى سلسل الشفاء ولحن ... عبقري على المدى يتغنى
رف بين الحقول نشوان هيما ... ن وغنى الربا فجنت وجنا
مر كالعاشق المتيم بالرو ... ض وكالطير ويسلب الروح لحنا
قص أسطورة الليالي الخوالي ... بخيالات شاعر ما تجني
وروى قصة الغساسنة الغر ... وعهداً من بهجة الفجر أسنى
الآلي سطروا المحامد في الأر ... ض وعاشوا كرماً وكأسا ومزنا
واستطابوا الهوى ولذوا الهناءا ... ت وعبوا النعيم دناً فدناً
سكروا رافهين سكرة عان ... لم يفق مهجة ولم يصح جفنا
وحكى إمرة الغطارفة الصي ... د ومن أشرقوا على الملك يمنا
الحماة الأباة من عبد شمس ... شرفوا مغرساً كريماً ومجنى
أوسعوا جانب الحضارة حسناً ... ورعوا أمرها وأعلوه شأنا
وغذوها نباهة وائتلافا ... فانجلت خاطراً ورأياً وذهنا
ولقد طافت العصور عليها ... وهي عشواء تذرع الفكر ظنا
خلصت من عملية وضلال ... وعقول تعج جهلا وأفنا
ملكوا الأرض فاستقادت لهم طو ... عا ودان الوجود سهلا وحزنا
فتحوها مراحما وسماحا ... غير ما فاتحين ضرباً وطعنا
وبنوها على المكارم داراً ... فزكت بالأخاير البيض سكنا
غبر الناس في رؤى الدهر لفظاً ... وانطووا في الغيوب لفظاً ومعنى
زينوا الكون بالهداية والنو ... ر وأرخوا عليه علماً وفنا
ذكريات يحيا بها ونجاوى ... تركته مشتت النفس مضنى متعب الروح إن تذكر أنا ... موجع القلب إن تلفت جنا
ما عليه إذا جرى كالح الوج ... هـ كئيباً جم الهموم مرنا
بين جنبيه من صراع الليالي ... ما يعني وما يهيج المعنى
سارب في الفجاج ما يتروى ... راكض في الوهاد ما يتأنى
ما لنهر الخلود يجري مغيظاً ... محنقا مترع الجوانح ضغنا
أنراه اجتوى الذين أضاعو ... هـ فولى غضبان يعرض عنا
مفرعي في الخطوب إن شفني الهم ... ومر النهار يطفح حزنا
يجد القلب في حواشيه دنيا ... من فتون، ومتعة ليس نقنى
من نسيم يظل ينفح عطراً ... وندى كالغمام يهتن هتا
ورياض غنية بالغوالي ... حانيات علي غصنا فغصنا
وعيون سحاحة بالآلي ... ساكبات تغالب النوم ضنا
يستحم الصفصاف في ضفته ... ويناجيه ناعم الفرع لدنا
مستهاما يسلسل الروج دمعا ... ويصاديه عبقريا مفنا
بين أفيائه تمرغ ورحا ... بين أمواهه تبلل ردنا
يترامى عليه شوقا وحبا ... وهو أصبى إليه نفسا وأحنى
يقف الحور منهما مستريبا ... شاخصاً مقلة وقلباً وأذنا
وهما في تلازم وعناق ... يطويان الزمان قرنا فقرنا
لا يحسان للحياة ملالا ... تخذاها حملا حبيبا ومغنى
رشفاها رغادة وصفاء ... كرعاها خمراً وبشراً وأمنا
وهي ورد يشوى الضلوع أجاج ... مستسر يفيك رنقا وأجنا
برداي الحبيب يا فرحة الرو ... ح ويا منية الهوى ما نمنى
يا شفاء القلوب يا كوثر الخل ... د ويا منهلا يناسم عدنا
أنت نجواي إن أظلني الشج ... ووأنحى علي سقما ووهنا
وردك العذب من أمانيك أحلى ... جرسك الحلو من أغاني أغنى
أنت تجري في خاطري وضلوعي ... وتعيد الحياة روضاً أغنا وتثير الهوى فيهمي دموعاً ... وتهز الفؤاد ركنا فركنا
تنتجي جلق الحبيبة لهفا ... ن وتجري في مهدها مطمئنا
وهي في فرحة المشوق تلاقي ... ك وتحنو عليك صدرا وحضنا
وتحييك بالموائس لدنا ... وتناجيك بالصوادح لسنا
وتغني فيخفق النهر قاعاً ... وضفافاً خضراً نظافاً ومتنا
تتراءى في السهل تنساب فيه ... تتثنى ما شئت أن تتثنى
كشريط من فضة في وشاح ... سندسي يسبى النواظر حسنا
جوك السمح من شذا المسك أندى ... نفساً عابقاً وأشهى وأهنا
أنت للشعر ملهم يغمر للشع ... ر لحونا ويكسب الفن وزنا
يتغنى بك الهوى مستهاماً ... ليس يختار غيرك الدهر خدنا
يسرب الحب في حماك شهياً ... كل دوح يظل قيسا ولبنى
وتظل الطيور هيمى تغادي ... ك فرادى وتنثني عنك مثنى
ملء أرواحها حنان وشوق ... وضلوع على ودادك تحنى
برداي الذي حببت على الدهـ ... ر وأحللته فؤادي سكنى
أنت مني الحلم الذي أتشهي ... أنت مني الشعر الذي أتغنى
أنور العطار