مجلة الرسالة/العدد 893/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 893/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 14 - 08 - 1950



حول الأزهر: اقتراح

ليعلم أستاذتي وإخواني الأزهريون أنني لا أريد إلا الخير للأزهر. وأنا

كأزهري يعتز بأزهريته أرجو أن يتقبل ما يكتبه الكاتبون حول إصلاح

الأزهر بقبول حسن. وليس من ضير أن بنقد الناقدون ويقترح

المقترحون. فالنقد وسيلة إلى الإصلاح. ونحن نريد أن يقابل هذا النقد

بصدر رحب ويدرس دراسة شاملة. بذلك يكون هناك تجاوب بين

الجهتين التي تنقد والتي تدرس النقد وتعرضه على بساط البحث.

أنا أعرف أن هناك طائفة من أساتذة الأزهر كلفة بالإصلاح داعية إليه من زمن بعيد. وقد لمسنا بأنفسنا ما أبداه الطلبة من رغبات ملحة في إصلاح برامج الأزهر؛ فلماذا لم يتضافر أساتذتنا الداعون إلى الإصلاح فيتقدموا باقتراحات تنهض بالأزهر وتنزله منزلة تليق بجامعة من أقدم الجامعات في العالم؟ ونحن نتقدم في هذا المقام باقتراح متواضع نرجو أن يحظى بالدراسة والقبول.

لكي ننهض بالدراسة في معاهد الأزهر الابتدائية والثانوية أرى أن يعلن الأزهر عن مسابقة يعلن فيها رغبته في تقديم مؤلفات حديثة في المواد التي تدرس في هذه المعاهد ورأيي أن هذا الإعلان يحدث منافسة محمودة بين أساتذة الأزهر ويمهد للإصلاح سيره الطبيعي. قم أقترح يا سادتي أن تدرس اللغات الأوربية ابتداء من السنة الأولى الثانوية، بذلك يخرج الأزهر علماء محيطين بثقافات مختلفة يشقون طريقهم في الحياة الاجتماعية بنجاح. وفضلا عن ذلك فإن الأزهر يستطيع أن يحقق رغبات الطلبة فيقنع وزارة المعارف بإنشاء أقسام للعلوم العربية في معاهد المعلمين الابتدائية يقبل فيها الطلاب حاملو الشهادة الثانوية من الأزهر.

أما عن الدراسة في الكليات فقد قلت سابقا أنه ينبغي أن ترتقي بهذا الجانب من التعليم الأزهري وتضفي عليه الصبغة الجامعية. وهنا أذهب بعيداً فأرى أنه يجب أن تطبق المنظم المعول بها في الجامعات المصرية على كليات الأزهر. ولقد رأى رأيي هذا بعض الأساتذة، ورأوا أن تهذب البرامج، ويتقدم أساتذة الكليات بمؤلفات حديثة توائم رقي العصر. ثم أرى أن تكون الشهادات التي تمنحها كليات الأزهر هي نفسها الشهادات التي تمنحها كليات الجامعات المصرية، ويستتبع ذلك أن توجد دراسات عليا على نمط مثيلاتها هناك، وأن توجه البعوث إلى مختلف الجامعات الأوربية ويكون أعضاؤها من حاملي الليسانس من كليات الأزهر

وبعد فهذا رأيت رأيته أجملت به ما رسخ في اعتقادي. وقد يراني إخواني غالياً في رأيي ولكني أعتقد أنه لا بد من هذا التجديد ليتحقق الإصلاح الحقيقي للأزهر معاهده وكلياته. بذلك نجد الأستاذ الصالح والكتاب الصالح ونساير ركب الحضارات ويقف جامعتنا الإسلامية الكبرى الخالدة في مصاف أرقى الجامعات.

أزهري عجوز

إلى الأستاذ أبورية

سلام عليك ورحمة الله ووفقك لاستخراج الكنوز الرافعية العبقرية الإسلامية لتتم بها نهضة العقلية الممتازة في الشرق.

وبعد فإن بشرى رسائل الرافعي قد لفتت قلوب الواعين فأثنوا عليك ثناء جميلاً وودوا لو انضم إليك في عملك النبيل بقية الفضلاء الأدباء الرافعيين ليكملوا نشر آثار إمامهم الفذ كما كان من عمل الذين حفظوا الأدبين الخالدين: أدب الشيح عبده وأدب تيمور، على أنهم يعلمون أن أدب الرافعي هو أدب الغد في تمامه ونضجه وأن مكان صاحبهم في العرب يقابل مكان إقبال صاحب (الباكستان) ولكن هذا هنالك وذلك هنا. . . انهم يعلمون أنه صاحب (أسرار الإعجاز) الذي بنى فيه علم البيان العربي بناء يناسب عصر الذرة كما يقول الصديق الأستاذ منصور جاب الله، وأنه لحق، فإن التحليل الرافعي لمسائل البلاغة هو تحليل ذري. . .

لقد قسم الذرة في بلاغة العربية، وما من ريب في أن الأستاذ الكبير سعيد العريان يعلم أن الرافعي حقق (ديموقراطية الأدب) في عبقريته الخالدة (أغاني الشعب) ومن يعرف هذا أن لم يعرفه سعيد؟ - أسعد الله به الأدب - فإنه جهينة هذا الأمر وأرجو أن يبقى كذلك دائماً.

وبعد فيا أيها الأستاذ أبو رية امض قدما فقد سرت بك العربية والسلام.

محمود الطاهر الصافي