مجلة الرسالة/العدد 905/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 905/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 11 - 1950



هل حققت هيئة الأمم وعودها

احتفلت هيئة الأمم المتحدة، في الأسبوع الماضي، بالذكرى الخامسة لتأسيسها، وقد أسست هيئة الأمم في وقت آمنت فيه الدول بضرورة تكوين رابطة دولية، تعمل على توطيد دعائم الأمن، ونشر ألوية السلام، بفض ما عساه أن يقوم بين الدول من نزاع، لتجنب العالم ويلات الحروب وشرورها. . . واختارت هيئة الأمم لها علما خاصا، يرمز إلى مهمتها، يتوسطه غصنان ممتدان من أغصان الزيتون، يعانقان الكرة الأرضية. . . فهل حققت هيئة الأمم وعودها؟!. .

هل استطاعت هيئة الأمم أن توطد دعائم السلم، وتنشر ألوية السلام، فتجنب العالم شرور الحرب وويلاتها؟!. . .

هل استطاعت هيئة الأمم أن تعالج المشاكل التي عرضت عليها، من الدول المغلوبة على أمرها، علاجا حاسما؟!. . .

هل استطاعت هيئة الأمم أن تنصف الدول (الصغرى). من الدول الكبرى). . وتصون حقوقها. . وتذود عن حريتها؟!.

هل استطاعت هيئة الأمم أن تكفل حريات الشعوب التي لاذت بساحتها، في ساعة العسرة، تستجير. . وتستغيث؟!. .

هل استطاعت هيئة الأمم أن تحذف من قاموس السياسة، تلك الكلمة البغيضة التي يحاربها الأحرار. . كلمة (الاستعمار)؟!

هل استطاعت هيئة الأمم أن تأخذ بيد الضعيف حتى ترد إليه حقه المسلوب. . وتقف في وجه القوي، وتصد عدوانه؟!.

هل استطاعت هيئة الأمم أن تعدل بين الأمم، يوم لاذت بها فلسطين والدماء تنزف منها. . ويوم عرضت عليها مصر قضيتها العادلة؟!. . .

هل استطاعت هيئة الأمم أن تحقق العدالة يوم قررت تقسيم فلسطين. . وتمزيقها. . ويوم أعرضت عن سماع شكوانا؟!. . .

إذن. . ماذا فعلت هيئة الأمم، في تلك السنوات الخمس؟! لقد عقدنا عليها الآمال، يوم تبوأنا مقعدنا في صفوف أعضائها فإذا بآمالنا كنسج العنكبوت. وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت!

وما كادت (كوريا) تنادي، حتى لبت هيئة الأمم النداء، وراحت تعد لها المعدات، وتعبئ لها الجيوش من مختلف الأقطار، وزلزلت الأرض زلزالها، وقامت الدنيا وقعدت!. .

وهكذا تكبل هيئة الأمم بكيلين. . . فهل بهذا تحقق العدالة الدولية أيها الساسة العباقرة؟!. . .

إنكم تعيدون علينا قصة (عصبة الأمم) الغابرة. . . لا طيب الله لها ثرى!. . .

ومن عجب أن بعض هيئاتنا قد ساهمت في الاحتفال بذكرى تأسيس تلك الهيئة التي خذلتنا. . . ففيم هذا الاحتفال يا سادة؟!.

أتساهمون في تكريم هيئة تصامت عن سماع صوتكم، يوم لذتم بها، وفي أيديكم قضية لم يشهد التاريخ لها مثيلا؟!. . .

أتساهمون في تكريم هيئة مزقت وحدة العرب، وقسمت وطنهم، وأخرجتهم من ديارهم وأموالهم بغير حق. . فهاموا على وجوههم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا؟!. . .

أتساهمون في تكريم هيئة إن تمسسكم حسنة تسؤها، وإن تصبكم مصيبة تفرح بها، وتريد بكم العسر ولا تريد بكم اليسر؟!.

أتساهمون في تكريم هيئة لا تكرمكم. . ولا تحفل بكم. . مالكم كيف تحكمون؟!. . . أف لكم، ولما تكرمون؟!. . .

إننا لا نستطيع أن نحتفل بذكرى هيئة الأمم إلا إذا أقامت لنا الدليل ساطعا على حسن نواياها. . وأكدت لنا - بالفعل لا بالقول - أنها جديرة بأن نحتفل بذكراها، ونشيد بمآثرنا، وصيغها!. . .

وإلى أن تحقق هيئة الأمم وعودها، نرجو لها التوفيق، وندعو لها بالخير، لتعمل على توطيد دعائم السلم، ونشر ألوية السلام!. . .

عيسى متولي