مجلة الرسالة/العدد 912/تنازع اللغات في طائفة من الكلمات

مجلة الرسالة/العدد 912/تنازع اللغات في طائفة من الكلمات

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 12 - 1950



لفضيلة الأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي

عضو مجمع فؤاد الأول للغة العربية

إن من أشق الأمور على من كلف الكلام في الحفلات اختيار موضوع كلمة الحفلة لحفلة مثل حفلتكم، أقيمت لافتتاح أعمال مجمع لغوي مثل مجمعكم: إذ لا يحسن بالمتكلم إذ ذاك إلا أن يكون موضوع بحثه مما له علاقة باللغة وسلامتها، أو اتصال بتاريخها وبحوث آدابها. وبحوث اللغة أيها السادة قد يعتريها سوء تعبير، ويلحق بها أحياناً شيء من جفاء وجفاف، فما أحوج المتكلم اللغوي إلى التلطف في جمال العرض وحسن الإيراد ونصاعة البيان.

وهي خطة أصبحت لا أجيدها، ولا أطيق الجولان في ميادينها. وماذا أصنع وقد ذكر أسمي في جملة خطباء الحفلة من دون أن أستشار، أو يجعل لي اختيار، في تلمس الأعذار.

وبعد لأي هديت إلى بحث لغوي رأيته يلائم الزمان والمكان. غير أني لما زرته، وحاولت إفراغه في قالبه وجدته في حاجة إلى أن أذكر السبب في اختياره، والداعي إلى جمع مسائله وتقييد أوابده.

وإذا بي أرجع إلى ذكرى حادثة قد تسمى تاريخية. وقد تسمى مصرية. ويغلب على الظن أنها لم تدون بعد. فأزمعت تدوينها كمقدمة لبحثي اللغوي، أو كصفحة من تاريخ الوادي ومغامرات أبنائه في سبيل استقلاله.

وبدل أن تقع المقدمة في كلمات. إذا هي استوعبت صفحات. وفيها من الخبر ما يحسن وقعه، ويطيب لكم أيها الإخوان سمعه:

ألا تحبون أن تسمعوا أن الشيخ عبد العزيز شاويش رحمه الله نجح في إقناع (جمال باشا) قائد الجيش الرابع في الحرب العالمية الأولى (حرب سنة 1914م) - إقناعه باسترداد المدرسة الصلاحية في القدس من أيدي الرهبنة الفرنسية المسماة بالآباء البيض وإرجاع تلك المدرسة سيرتها الأولى: مدرسة دينية أزهرية عمائمية لكنها عصرية باسم (الكلية الصلاحية) نسبة إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي كان بنى تلك المدرسة على ظهر مغارة كانت تأوي إليها السيدة حنة وطفلتها السيدة مريم. وكان هذا من صلاح الدين بعد أ أنقذ بيت المقدس من براثن الصليبيين، وجعل المدرسة داراً للحديث باسم السادة الشافعية.

نجح الشيخ شاويش في هذا وفاز بأمنيته، وباشر تأسيس الكلية وترتيب فصولها وتنظيم برامجها.

ودعيت من (طرابلس الشام) إلى معاونته في عمله، فلبيت الطلب، وأسرعت إلى القدس أهدى من القطا الكدرى. وأعلن خبر افتتاح الكلية الصلاحية في طول البلاد وعرضها، واجتلبت الأساتذة إليها، واقبل الطلاب من كل حدب عليها. وكانوا يؤمونها لا لطلب العلم وحده، بل للتخلص من أهوال حرب كانوا يعتقدون أنها شر وبلاء عليهم وعلى دولتهم. وكان الخلاف بين الترك والعرب لحين نشوب تلك الحرب في منتهى شدته، وعلى أحر جمرته.

وكان من أساتذة الكلية المرحوم محمد رستم حيدر الوزير العراقي، والمرحوم إسعاف النشاشيبي الأديب الفلسطيني؛ ومن طلابها المرحوم محمد الأنسي البيروتي رئيس وزراء شرق الأردن. وعباس باشا ميرزا الشركسي وزير داخليتها اليوم، والشيخ يوسف ياسين الوزير السعودي، وصبحي بك الخضرا السياسي الفلسطيني. وليس الشأن أيها السادة في هؤلاء وأولئك، وإنما الشأن في رهط من أبناء مصر الأحرار أووا إلى الكلية في ذلك الحين العصيب كما أوى فتية أهل الكهف إلى كهفهم. فخصص لهم نقيبهم الشيخ شاويش جناحاً من بناء الكلية؛ فكانوا يقيمون فيه ولا يبرحونه إلا ريثما يتناولون قوتهم في مطاعم المدينة. ثم يأوون إلى كهفهم دون أن يشعر بهم أحد.

ولا غرو أن يكون مدار حديث هؤلاء الفتية في خلوتهم على الحرب ونتائجها، والحملة التركية ومناهجها، وكنت أنا وصديقي الشيخ شاويش ننظر في أمور الكلية وقبول الطلاب الحائزين للشروط، ونريح أنفسنا أحياناً بزيارة الفتية في كهفهم، بل الأشبال في عرينهم.

وما كان أشد اغتباطي حين أخذني الشيخ شاويش من يدي لأول وصولي إلى الكلية، وجاء بي إلى أولئك الأشبال في منامتهم. هذا مستلق على سريره وبيده كتاب، وآخر منتبذ ناحية يقرأ جريدة، وذاك ينفض الغبار عن معطفه، وهنالك من يأمر الفراش ببعض حاجته.

وقدمني إليهم صديقي شاويش باسم (المغربي) المحرر في جريدة المؤيد منذ خمس سنين.

فهشوا إلى لقياي، وأخذت أعانق من أعرف، وأصافح من لم أكن اعرف؛ ثم قال لي الشيخ شاويش:

هذا فؤاد بك سليم، وهذا الدكتور أحمد فؤاد المصري نزيل الآستانة، وهذا عبد الملك حمزة بك، وهذا عوض بحراوي بك، وهذا فلان: وأشار إلى واحد منهم سماه باسم إسماعيل بك، بل قد نسيت إن كان (إسماعيل) اسماً له أو اسماً لأبيه. وكان هذا الفتى النجيب مربوع القامة أبيض اللون بديناً. وكان أكثرهم مرحاً وتفاؤلاً وأقلهم مبالاة بما تأتي به الأقدار.

وقضينا أيها السادة مع هؤلاء الفتية المؤمنين بربهم وبوطنهم ساعة من الزمن في مطايبة ومفاكهة وأحاديث مختلفة ثم كنت أزورهم من وقت إلى آخر. وكان الشيخ شاويش يغيب عن الكلية لمراجعة مقر القيادة التركية في بعض المهام ويترك الأشبال في عرينهم ينتظرون إيابه بلهفة وفرط استشراف. وكانوا في غيبته أحياناً يفكرون ويقدرون، وطوراً يزأرون من الغيظ ويزمجرون. ثم يعود الشيخ إليهم بما يسرهم تارة، ويؤلمهم تارة أخرى.

كلما ذاق كأس بأس مرير ... جاء كأس من الرجاء معسول

واتفق ذات ليلة أيها السادة أن تركت غرفتي وتخطيت الرواق المؤدي إلى عرين الأشبال أزورهم. وكان يتدلى من سقف الرواق قنديل قديم من قناديل الأديرة يتنفس عن أشعة ضئيلة لا تتبين معها الأشباح إلا بصعوبة؛ وإذا بشبح كالعملاق يعترضني ويلقي بتجليده عليَّ قيل أن يتوسمني أو يتبين من أنا، فسألته قائلاً:

- من يكون حضرة الأخ؟

- عبد الحميد سعيد (قالها بلهجة المشتاق ألمتحبب وعجب من سؤالي مع أن طوله وعرضه رحمه الله ينبئان عن شخصه ثم قال)

- ألست الشيخ عبد العزيز شاويش؟

- لا: بل أنا عبد القادر صديق الشيخ شاويش ومغربي مثله.

فتبسم ضاحكاً من قولي وعجب من هذا الشبه بيني وبين صديقه. وانقلبنا إلى مأوى الأشبال متشابكي الذراعين نحدثهم بما وقع. فقامت فيهم ضجة صاخبة مرحة قللت من العبوس، ورفهت بعض الشيء عن مخاوف النفوس، وكان (عبد الحميد بك سعيد) حين جئت الكلية من طرابلس غائباً في قضاء مهمة وراء منطقة القدس. فلما رجع ودخل على إخوانه هللوا لمقدمه؛ وكان أول ما سألهم عن صديقه الشيخ شاويش فقالوا: هو في المنامة الكبرى يتفقد الطلاب قبل نومهم، فلم يطق صبراً وخف إليه مسلماً عليه. فصادفني في الرواق وكان من أمرنا ما كان.

والأشبال في أحاديثهم أيها السادة قلما كانوا يتخطون المشاكل الدولية عامة، والمسألة المصرية خاصة. وكانوا يتنسمون أخبار الغزاة، ويستطلعون طلع الحركات والمقارنة بين الاستعدادات. وكثيراً ما كانت تقع بينهم مناظرات في أي الأعمال والمساعي أنجح؟ فترتفع أصواتهم، وتحتدم نار الجدل بينهم. وكان أقواهم حجة وأعنفهم لهجة، ذلك البطل المصري، يافعة السياسة (الدكتور أحمد فؤاد): فإن إقامته في الآستانة أكسبته مزايا في الجدل وسعة اطلاع على المناورات الدولية وتفقهاً في أسرار القضية المصرية.

وكنت إذا زرتهم خففوا من الخوض في السياسة وفاضوا في العلم واللغة والأدب وتاريخ العرب وتناشدوا شعر شوقي وحافظ، وتطارحوا النوادر ومستملح النكت على الطريقة المصرية التي مرن إخواننا المصريين عليها، ويقف غيرهم مبهوتاً حواليها. ولذا كنت إذا شاركتهم في الحديث فعلت بشيء من الحذر والتهيب منشداً بيني وبين نفسي:

أقول لمحرز لما التقينا ... تنكب لا يقطرك الزحام

وتذاكرنا يوماً فضلاء مصر وكبار أدبائها. فقلت لهم: إن من رجال مصر ثلاثة اشتركوا في الاسم، وسعة الفضل والعلم. وسميتهم لهم (ألأباره) وألأباره أيها السادة جمع إبراهيم. وأردت بهم الأساتذة إبراهيم اللقاني، وإبراهيم الهلباوي، وإبراهيم المويلحي، رحمهم الله.

فهب الأشبال للمجادلة فيهم، وإعمال الموازنة بينهم. فقلت ليس غرضي التحدث عن درجاتهم في الفضل وإنما الغرض التعجب من اتفاقهم في الاسم. وأن يكون لهم أوفر سهم في الأدب واللسن وصنوف العلم. فقال بحراوي بك: إذن لا تنسى يا أستاذ الأحامد الثلاثة وهم أصحاب السعادة: أحمد بك حسني، وأحمد بك تيمور، وأحمد بك زكي.

قلت: وأزيدك أنهم مع اشتراكهم في الاسم تراهم شركاء في حب الكتب واقتنائها والولوع بجمعها والبحث عنها هنا وهناك ولدى كل منهم مكتبة لا نظير لها. ولم يكد يرتد إلى صوتي حتى علا من زاوية المكان صوت استنكار لما قلت. وإذا هو فؤاد بك سليم ينكر على أن تكون مكتبات (الأحامد) أجمع لنفائس الكتب ونوادر المخطوطات من مكتبة والده. وإذا الإخوان يخبرونني بمكانة والده في المجتمع المصري وعلو كعبه في شرف المحتد وهو عبد اللطيف باشا سليم. وشهدوا بأن مكتبته لا تضاهيها مكتبة في مصر. فقلت: وهل يسمى الباشا بأحمد؟ قالوا لا، قلت لا داعي إذن للمعارضة إذ أن المقام مقام (أباره) و (أحامد) لا مقام إحصاء هواة الكتب. ولاحظت أن في فؤاد بك رحمه الله شيئاً من أرستقراطية وتمجيد بالنسب.

ثم رجعنا إلى التحدث في الأخبار العامّة. وكان كثيراً ما يتخلل كلامنا ذكر (القنال). وكنا نستعمل لفظ (القنال) أكثر مما نستعمل لفظ (الترعة). فصاح بنا (الدكتور أحمد فؤاد) معترضاً على من يقول القنال وقال إن القنال لفظ فرنسي ولفظ (الترعة) العربي أفضل منه وأكرم عند الله. فسألني الأخوان إذ ذاك عما إذا كان لفظ (قنال) عربياً أو فرنسياً؟

فقلت هو من جملة الألفاظ المولدة التي تبنتها اللغة العربية وينازعها فيها غيرها من اللغات: كالفارسية واليونانية والحبشية والسريانية وأخيراً التركية ثم الفرنسية.

أقول: وهذه الكلمات المتنازع فيها كثيرة يصح أن يؤلف فيها معجم صغير. واستحسن زميلنا العلامة رضا الشبيبي أن يسمى هذا المعجم باسم (الوغى في ميادين أللغى) وإني لذاكر لكم أيها السادة من هذه الكلمات المتنازع فيها ثلاثة أمثلة. وأبتدئ القول في كلمة (القنال) التي كانت السبب في إثارة هذا البحث (أي بحث تنازع اللغات في بعض الكلمات) فالقنال لفظ عربي وقد نازعت اللغة العربية فيه اللغة الفرنسية فهي (أي الفرنسية) تدعى أنه منها وإليها، وتزعم أن أصل القنال باللغة اللاتينية أما اللغة العربية فتقول إن القنال كلمة عربية مولدة منحوتة من كلمتي (قنا الماء) أو (قنا البحر) وربما كان الفرنسيون هم الذين جروا في فرنستها مجرى أميرال فإن لفظ (أمير) أضيف إليه اللام من كلمة (البحر) إذ أن الأصل أمير البحر. فلم يعجب قولي هذا (فؤاد بك سليم) فصاح من زاويته العاجية، وما تقول يا أستاذ في أخوات أميرال وهي المارشال والجنرال والكابورال؟ هل الفرنسيون نحتوها من العربية أيضاً؟ فقلت: إن لفظ (أمير) من أميرال عربي قطعاً بخلاف أخواتها فإنها فرنسيات بجميع حروفها. وأمير البحر اسم لكبير الربابنة في اصطلاح مؤرخي العرب، وقد استعمله الفرنسيون أولا بتمام لفظه أعني أمير البحر، ثم نحتوا منها كلمة (أميرال) لتكون على وزن كلماتهم (مارشال، جنرال، كابورال).

وهكذا الحال في (قنال) اصلها قنا البحر أو قنا الماء، وقنا جمع قناة بمعنى مجرى الماء، فنحتوا من قنا الماء (قنال) اسماً لمجرى الماء الواسع المسمى بالعربية الفصحى ترعة.

ومثل هذا النحت في العربية الفصحى قولهم عقابيل المرض، وعقابيل الحمى اسم للبثور التي تظهر على المريض عقبى الحمى فنحت العرب منهما أي من عقبى الحمى (عقبل) ولكن اشتهر عقبل بلفظ جمعه أعني عقابيل.

ومن أمثلة هذا النحت في الألفاظ العربية المولدة ما جاء في لهجة السوريين وهو قولهم دحل الأرض بالمدحلة أي رصها وسواها. وأصله (أي أصل دحل) دحا الأرض يدحوها بالمدحاة، فنحتوا من دحا الأرض فعل (دحل) باللام المنحوتة من أل.

ومثله في هذا النحت اسم عائلة تجارية مشهورة في (بمباي) و (جدة) وهم زينل إخوان منحوت اسمهم من اسم جدهم (زين العابدين).

عندها كثر الجدال بين الأشبال في أي القولين أرجح: عجمية القنال أو عروبته؟

نتركهم في حوارهم ونعمد إلى مثال آخر من أمثلة التنازع الواقع بين العربية والفارسية. وهو كلمة (عنبر) اسماً لمخزن الغلة والقمح. وقد قال بعض الفضلاء إن عنبر فارسية الأصل محرفة من كلمة (أنبار) الفارسية بدليل أن الفرس القدماء سموا إحدى مدنهم في العراق (أنبار).

فقلت: ولكن المعاجم العربية وخاصة معجم البلدان لياقوت تذكر أن (أنبار) عربية وأنها جمع (نبر) بمعنى ألهري الذي يجمع على أهراء. وهي أي الأهراء مخازن الغلال كالأنبار.

وأزيد على ذلك أن جماعة من عرب تنوخ في عهد ملوك الفرس الأقدمين المشهورين بملوك الطوائف نزلوا مدينة (الأنبار) الفارسية العراقية وكان اسمها بالفارسية فيروزسابور فرأى فيها التنوخيون أكوام الغلال مرتفعة هنا وهناك فسموا مدينة (فيروزسابور) باسم (أنبار) لكثرة ما رأوا فيها من أنبار الغلال. وبقي الاسم عليها إلى اليوم. والنبر في اللغة العربية بمعنى الارتفاع ومنه المنبر ونبرات الصوت. ثم حرفت كلمة (أنبار) إلى عنبر بالعين المهملة.

ومثال النزاع بين العربية واللغة العبرانية كلمة (شعر) اسماً للكلام المقفى الموزون. لا جرم أنها عربية مشتقة من شعر بالشيء إذا علمه. وشعراء العرب هم علماؤهم. وذهب بعض المستشرقين إلى أن كلمة (شعر) عبرانية الأصل محولة عن كلمة (شير) التي هي في العبرانية بمعنى ترتيلة وتسبيحه وفي كتاب (فجر الإسلام) (جزء 1 عدد 69) للعلامة أحمد أمين ما يشعر بترجيح بعضهم لعبرانية شعر.

وأمثلة التنازع بين العربية وغيرها كثيرة كما قلنا. وإن كثرتها وضيق الوقت يحولان دون الإفاضة فيها:

فكلمات موسيقى وقهوة وقازوزة وقرش وفرن وفانوس وبارود وبندقية وقبعة وسراب وميزاب وعسكر - كلها عربيات. واللغات الأخرى تنازعنا في عروبتها فلنرجئ الكلام عليها وتحرير النزاع فيها إلى إحدى جلسات المجمع العادية.

على أننا مهما تسامحنا في عروبة تلك الكلمات لا يحسن بنا أيها السادة أن نتسامح في (القنال) لظهور أدلتنا على عروبته فلنتمسك بحقنا فيه مهما كلفنا الأمر.

هذه هي كلمتنا أيها السادة. وخير ما فيها مقدمتها وما تضمنته من ذكرى أولئك الأشبال الأحرار الذين وفوا لربهم نذرهم، وقضوا في سبيل وطنهم نحبهم، سوى واحد منهم قد مدَّ الله في عمره، ليرى حسنة عاقبة صبرهم وصبره.

وما أحقهم برثاء الشاعر الذي فجع بإخوان له مثلهم إذ قال

هبت قبيل تبلج الفجر ... هند تقول ودمعها يجري

أقذى بعينك لا يفارقها ... أم عار أم مالها تذري؟

أم ذكر إخوان فجعت بهم ... سلكوا طريقهمو على خبر

فأجبتها بل ذكر مصرعهم ... لا غيره عبراتها يمري

يا رب أسلكني طريقهمو ... ذا العرش واشدد بالتقوى أزري

عبد القادر المغربي