مجلة الرسالة/العدد 919/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 919/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 02 - 1951



رداً على رد:

في عدد سابق من الرسالة الغراء كنت كتبت في (البريد الأدبي) كلمة حول مقال للأستاذ الخطيب الطبيب حامد الغوابي في صدد كلامه على الخمر وقصر العمر وإحصائيات شركات التأمين على الحياة. . وقلت فيها إن العمر لا يقصر بشرب الخمر مستشهداً بقوله تعالى (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً). وقد تفضلت (الرسالة) فأوجزت ردها البليغ باستشهادها بقول الله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) وكنت ارتحت إلى رد الرسالة ولم أشأ التعقيب عليه لأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ولكن الأستاذ الدكتور الغوابي يتفضل بعد أن تفضلت الرسالة فيعلق على ما كتبته وما كتبته الرسالة زيادة منه في الإيضاح والإفصاح. . ونحن نشكر للأستاذ تفضله الجميل النبيل، ولكنا نختلف معه في قليل مما كتب وبه عقب؛ نختلف معه في أن شارب الخمر قد يطول عمره على شارب الحديد والكينا وأنواع الأدوية والعقاقير. . وقد يولد التوءمان فيشرب أحدهما الخمر من شبابه إلى مشيبه ويزهد الآخر فيها، ومع هذا يطول عمر الشارب ويقصر عمر الزاهد فيموت هذا ليمتد العمر بذاك ليشرب ويشرب سنين وسنين. .!

وقد يدهس (الترام) - كحد قول الدكتور - رجلين: شارب خمر وزاهداً فيها فيموت الزاهد وينجو الشارب. .

وقد يلقى مهووسان أرعنان بنفسيهما من حالق أو شاهق فيموت القوي والضعيف لا يموت. .

وقد يمتد العمر بالعليل الهزيل ولا يمتد بالقوي الصحيح لسبب ظاهر أو لآخر يعلمه الله. . وقد. وقد.

وإذاً فمن الواجب على الكاتب أو الباحث أو الطبيب ألا يخلط بين (العمر) و (الصحة)، وبين القضاء والدواء. فالدواء لا يمد في العمر إذا حل القضاء وإنما يخفف من وطأة الألم والدواء بإذن الله والأجل إذا حل معه الموت والوحي بالرغم من كل داء ودواء. .

والله سبحانه وتعالى حين حرم الخمر في كتابه المنزل بين أن (إثمها) أكبر من (نفعها) ولم يحرمها لأنها تقصر العمر فلا يطول. .

والخمر في الجاهلية الأولى معروف أمرها بين القوم، ومن الجاهلين الشاربين من امتد به العمر حتى ذرف على المائة أو المائتين فمد في المعمرين. وفي الجاهلية الآخرة - أعني في هذا العصر الحديث - نجد مصادقة ذلك بين من نعرف ومن لا نعرف من الناس.

ويبقى بعد هذا أن أتوجه بسؤال آخر ينتظر الجواب: لنفرض أن مخموراً أو مصدوماً توفاه الله، فهل وفاه الأجل لأنه شرب أو صدم، أو هل شرب أو صدم لأن الأجل وفاه؟

وبعد: فالجواب الصحيح على سؤالنا هذا هو بعينه الجواب الصحيح على سؤالنا ذاك.

الزيتون

عدنان

حول محاضرة الدكتور ناجي

طالعتنا مجلةالرسالة بتعليق موجز على محاضرة الدكتور إبراهيم ناجي عن (الشعر العربي المعاصر)، وقد كنت أحد الذين استمعوا إلى المحاضرة. ولا بد أن أشهد أن التعليق الذي نشرته (الرسالة) لم يحاول أن يكون منصفاً.

مثال ذلك أن يرجع حضرة الأستاذ المعقب إلى عبارات التفكه التي وردت في المحاضرة على أنها أقوال جدية، كقول الدكتور ناجي إن لم يوجد شاعر تافه إلا لقي في الرسالة باباً مفتوحاً لشعره، ثم حاول التعليق أن يسخر من المحاضر، فيقول إن ناجي يعزي نفسه بأن الناس لم تحفل بشعره - لأن أكثر الشعراء الخالدين لم يفهموا في عصرهم. والواقع أن ناجي لم يذكر ذلك إلا في معرض الحديث عن الشاعر السوداني ميشيل يوسف التيجاني، وهو شاعر غير معروف، تنبأ له المحاضر بالشهرة في المستقبل، أما ناجي نفسه فلا أحسب أن عنده شعوراً بالنقص من هذه الناحية فقد خرج شعره عن آفاق مصر إلى حيث ترجمه المستشرقون.

ويقول الأستاذ المعقب في سخرية، إن شوقي سقط أمام ناجي! وما الذي يمنع؟ هل تقفون النجاح على الشاعر أم على الشعر نفسه؟؟ ثم تفتخر (الرسالة) بأنها لم تلتفت إلى (ليالي القاهرة) فهل تريد الرسالة، وهي الصحيفة الأدبية الأولى في البلاد - أن تفتخر بإهمالها لديوان شاعر - مهما كان رأيها في هذا الشاعر؟؟ وهل هذه هي سمات محي الفن، وأبنائه؟

وإذا كانت هاك ثمة (عقد) بين الرسالة وبين الدكتور ناجي فإني آمل أن تحل هذا العقد، وتتلاشى، على الأقل حين تكون في مجال النقد الأدبي المتزن الذي تفيد منه النهضة الأدبية في البلاد.

حلمي حنا مقار

رجاء إلى معالي الدكتور طه حسين باشا

هذه قضية عاجلة نتقدم بها إلى معالي الوزير راجين أن تحظى لديه بالقبول

إن أبناء كلية اللغة العربية حريصون أشد الحرص على التحاقهم بالدراسات العليا بجامعة فؤاد، ولقد حفزهم إلى ذلك شغف بالعلم وكلف به. فليسمح لهم أبن الجامعة البكر أن يتقدموا إليه بهذا الرجاء. إذ ليس من سياسته أن يحرم من العلم راغب فيه وهو الذي جعل العلم حقاً للجميع كالماء والشمس والهواء. والجامعة المصرية يا معالي الباشا أسست ليلتحق بها المصريون وغيرهم كما جاء في خطاب المغفور له جلالة الملك فؤاد (أنني أبتهل إليه تعالى أن يجعل هذه الجامعة نافعة لطلاب العلم عموماً، ولشبيبتها المصرية خصوصاً، إذ أننا لم نقدم على هذا المشروع الجسيم ولم نسهر الليالي بسببه إلا لترقية هذه الشبيبة التي لا يكفيها امتيازها بالذكاء والنشاط والاجتهاد. بل نرى أن يتحتم عليها أيضاً أن تتحلى بفضيلتي الصبر والاستمرار لأنهما سر النجاح) فليس عجيباً بعد ذلك أن يتقدم أبناء كلية اللغة العربية إلى معاليك بهذه الأمنية وأنت الذي رأى أنه من الخير أن يسمح للأزهريين بالالتحاق بكلية الآداب بل نفذت هذه الفكرة فعلاً في وقت ما أفلا يجدر بنا أن نطمع في تحقيق أمنيتنا في هذه الآونة التي احتفلت فيها مصر بالعيد الفضي لجامعة فؤاد. ذلك فضل عظيم يضم إلى أفضالك التي لا تحصى.

يا معالي الباشا: نريد أن نحلق في هذه الآفاق الرحيبة. نريد أن نلتحق بالدراسات العليا في كلية الآداب ما دمنا مصريين نحمل مؤهلات عالية.

رغبة ثانية وهي شقيق الأولى وهي أن يتكرم معالي الباشا فيجعل لنا الحق في الالتحاق بمعهد اللغات الشرقية ما دمنا متساوين مع كلية دار العلوم في اللغات الشرقية.

رغبتان أكيدتان نرجو أن يتقبلهما صدر الوزير. ولن يتنافى ذلك مع ما يهمسون به من إعادة تخصصات المادة إذ أن أبناء كلية اللغة العربية يريدون أن يكون لهم الحق في الدراسات العليا في جامعة فؤاد حيث البحث المنتج وحرية التفكير والنقد على وجه الاستقلال؛ لأن ذلك هو أساس التعليم الجامعي وليس الحفظ والتصديق لكل ما يقال كما يسجل معالي السيد لطفي باشا في مقال له. فمن أراد من أبناء كلية اللغة أن يلتحق بتخصص المادة كان له ما أراد، ومن أراد أن يتوجه إلى الدراسات العليا في كلية الآداب وجد الطريق ممهداً أمامه، وأخيراً: نأمل أن يعجل معالي الباشا بتحقيق هاتين الرغبتين.

عز عمر

أين المراجع:

قرأت المقال الممتع الذي كتبه زميلي الأستاذ محمود رجب البيومي تحت عنوان: أديب يتعاظم.

وقد لاحظت أن صديقي الفاضل قد وعد القراء في مقدمة حديثه بذكر المراجع التي أعتمد عليها ليبراْ من التقول أمام الأستاذ محمد كرد علي - ومن العجيب أني بحثت متعمداً عن هذه المراجع في هوامش الرسالة، وفي خاتمة المقال فلم أجد لها ظلا. فهل نسى الكتاب وعده أم احسن الظن بجميع القراء. وهم في بعض حالاتهم لا يفطنون إلى مراجعه الدفينة في حفائر المكاتب

فلعل الأستاذ يسمح بذكرها للقراء براً بوعده.

محمد خالد حنفي