مجلة الرسالة/العدد 951/الأعلام الشرقية

مجلة الرسالة/العدد 951/الأعلام الشرقية

مجلة الرسالة - العدد 951
الأعلام الشرقية
ملاحظات: بتاريخ: 24 - 09 - 1951



في المائة الرابعة عشر الهجرية

1301 - 1365 1883 - 1946

الأمم الناهضة تقدر رحالها أحياء وأمواتا، فتعني بتراجمهم بعد وفاتهم، تسجلا لإعمالهم وحضا للأحياء على الإقتداء بهم في خدمة الأمة في شتى النواحي. بل دراسة تراجم كل أمة في كل عصر هي المرآة الصادقة في تحديد مركز تلك الأمة في ذلك العصر نهوضا وخمودا. ففي تراجم الرجال تتمثل حضارة الأمة وثقافتها وتقدمها وتأخرها. فهي إذا معيار صادق يرجو المخلصون في خدمة أمتهم إنصافها إياهم فيه، ويخشى المقصرون حكمها عليهم. فإذا لم يترجم لهؤلاء وأولئك ضاعت مواضع الأسوة الحسنة وسوء الأحدوثة من التاريخ، فيصبح المصلح والهدم على حد سواء.

وقد عني الأقدمون بالتراجم عناية أخرجت لنا هذه المعاجم التي يردها الباحثون. ويسرنا أن تتجه عناية الأدباء المعاصرين إلى التراجم فيقومون بما يجب على الأمة من تخليد تراجم رجالها.

ومنذ عهد المؤرخ الجبرتي ليس بين أيدي الباحثين مراجع تشفي غلة روح التراجم، حتى نهض الأستاذ زكي مجاهد بتأليف (الأعلام الشرقية) فقدم لنا فيه تراجم أعيان القرن الرابع عشر الهجري على اختلاف ديارهموأقطارهم وتنوع ثقافاتهم، متما لما قبله من كتب التراجم كحلية البشر في القرن الثاني عشر للمرادي، وخلاصة الأثر في القرن الحادي عشر للمحبي، والكواكب السائرة في المائة العاشرة للغزي، والضوء اللامع للقرن التاسع للسخاوي، والدرر الكامنة للمائة الثامنة لابن حجر، و. . . الخ ما ألف على القرون.

وقد قسم المؤلف معجمه هذا إلى طبقات؛ طبع منها وصدر:

القسم الأول في الملوك والأمراء

والقسم الثاني في الوزراء والسفراء

والقسم الثالث في زعماء الحركة الوطنية

والقسم الرابع في أعلام الجيش البري والبحري

والقسم الخامس في العلماء وكل قسم منها مرتب على حروف المعجم. وهو أجمع كتاب صدر في تراجم الشرقيين في هذا القرن، فنشكر للمؤلف جميل صنعه.

وقد تابع المؤلف مصادره في النصوص من غير تصرف منه في التراجم، والمحافظة على النصوص من أهم الأمور في التاريخ. وهذا يبرئ قلمه من النقد لرده الأمر إلى مصدره، والى الباحث المحقق المقارنة بين الروايات عند اختلافها، والشخصيات السياسة قد تصطنع لها هالات فخرا أو مآخذ تبعا لأهواء الأحباب والخصوم، ثم الأحداث المتصلة بشتى الجهات من آراء في تلك الأحداث، وهذه الدراسة لعلها لا تتيسر في ظروف خاصة، فيكون ترك تلك المسائل تحت البحث أدنى إلى الصواب قبل البت فيها بعاطفة مجردة، وليس التاريخ قصصا تسرد، إنما هو أسباب ونتائج.

محمد شفيق محمد