مجلة الرسالة/العدد 977/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 977/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 03 - 1952



خطوط

للشاعر الشاب محمد عبد الفتاح الفيتوري

فقير، أجل. . ودميم دميم ... بلون الشتاء. . بلون الغيوم

يسير فتسخر منه الوجوه ... وتسخر حتى وجوه الهموم

فيحمل آلامه في جمود ... ويشرب أحزانه في وجوم

وكم تبعته أكف الصغار ... قاذفة بالحصى والرجوم

ولكنه أبداً حالم ... وفي قلبه يقظات النجوم

فقير. . وسادته ثوبه ... إذا ما غفا. . والفراش الحصير

حصير تقادم حتى يكاد ... يخضر. . يرجع عشباً نضير

وغرفته حفرة تتعالى ... بجدران قبر. . وباب قصير

ومائدة وقفت كالعجوز ... سيقانها خالدات الصرير

ومصباحه ميت. . ميت ... كقلب الغني. . ووجه الصغير

دميم. . فوجه كأني به ... دخان تكثف ثم التحم

وعينان في كأرجوحتين ... مثقلتين بريح الألم. .

وانف تحدّر ثم ارتمى ... فبان كمقبرة لم تنم. .

ومن تحتها شفة ضخمة ... بدائية. . قلما تبتسم

وقامته لصقت بالتراب ... وان هزئت روحه بالقمم

وقالوا: أحب. . ورددت الألس ... ن الساخرات. . أحب أحب!

وما ذكروا إنه مثلهم ... له بين جنبيه قلب يحب

وهل عرفوا الحب؟ هل عرفوه ... سوى إنه جسد يضطرب

وفاكهة تشتهيها العيون ... وكف تجوع. . وكف تهب

ولو سأله قبحه. . لأجابت ... كآبة عينيه ان لم يجب

أحب التي شربت كأسه ... وابصر في نفسها نفسه

وكم ظل يسأل عنها الوجوه ... ويطرق محتضناً يأسه ويهرق معوله في تراب ... لياليه. . محتفراً رمسه

إلى ان رآها. . رآها فغنى ... لحاضره. . وبكى أمسه

وعانق في مقليتها أساه ... وقدس في طهرها رجسه

وكان يخاف لقاء المنية ... قبل لقائهما. . قبلها

فأمسى يود خلود الحياة ... لتحيا له. . ويحيا لها

وما شهد الفجر أحلام عينيه ... إلا مصلية حولها

وما سمع الليل أشواق جنبيه ... إلا منورة ظلها

فلا تحسبوه يغني لكم ... ولكنه يتغنى لها

محمد مفتاح الفيتوري