مجلة الرسالة/العدد 985/الباكستان
مجلة الرسالة/العدد 985/الباكستان
6 - الباكستان
الحياة الاقتصادية
للأستاذ أبو الفتوح عطيفة
التعدين:
باكستان غنية بثروتها المعدنية وإن كانت هذه الثروة لم تستغل الاستغلال الكافي حتى الآن.
فالبترول يوجد في باكستان الشرقية والغربية بكميات وافرة ويبلغ ما تنتجه حقول البترول في البنجاب وحدها 15مليون جالون في العام، ومن المنتظر أن يزيد الإنتاج كثيرا. ومما يدل على وفرة البترول في باكستان أنه عثر على بئر في غرب البنجاب 1948 بلغ إنتاجها في اليوم 10000 جالون.
وباكستان ثاني دول العالم غنى بالكروم ويوجد في بلوخستان وإقليم الحدود الشمالية الغربية وتقدر قيمة ما يستخرج منه سنويا بنحو 12000 طن.
ويوجد الفحم في إقليم غرب البنجاب وفي بلوخستان وفي إقليم الحدود الشمالية الغربية وفي باكستان الشرقية.
أما الحديد فيوجد في إقليم الحدود الشمالية الغربية وفي إقليم السند الأدنى.
ويوجد الكبريت والذهب والنحاس والملح وأملاح البوتاس وأملاح الصودا والصوديوم بوفرة في باكستان.
ونظرا لوجود الفحم والبترول والحديد فإنه من المنتظر أن تزدهر الصناعة في باكستان وخاصة بعد توليد الكهرباء من مساقط المياه. وتولي حكومة باكستان اهتماما خاصا بترقية مشاريع توليد القوى الكهربائية، ويدلنا على ذلك أن مؤتمر الصناعات الذي عقد في ديسمبر 1947 قرر إنشاء مشاريع يتسنى معها توليد 500000 كيلوات كما أوصى بإتمام أعمال مشروعين: أحدهما في غرب البنجاب يمكن بواسطته توليد 26000 كيلوات، والآخر في باكستان الشرقية يمكن بواسطته توليد 60000كيلوات، وكل هذه المشاريع تهدف إلى النهوض بالصناعة في باكستان.
الصناعة: تعتبر صناعة السكر من أهم صناعات الباكستان، وقد أسس منذ سنوات مصنع هائل للسكر يعتبر الأول من نوعه في آسيا كلها؛ إذ يبلغ إنتاجه السنوي نحو 50000 طنا، وتعمل الباكستان على مضاعفة إنتاجها ويساعدها على تحقيق ذلك صلاحية أرضها ومناخها لزراعة أنواع جيدة من قصب السكر.
صناعة الجوت
تنتج باكستان 80 % من الجوت العالمي. وقد كانت كلكتا مركز صناعته الرئيسية، ولكن في مشروع التقسيم أعطيت كلكتا للهندستان، وكان طبيعيا أن تعمل باكستان على إنشاء المصانع اللازمة لصناعة الجوت. وقد أخذت الباكستان فعلا في إنشاء المصانع واستوردت الآلات اللازمة لها.
صناعة الورق
المواد الخام اللازمة لصناعة الورق موفورة في باكستان وخاصة في باكستان الشرقية حيث تنمو الغابات بوفرة. ولهذا قررت حكومة الباكستان إنشاء مصنع لصناعة الورق في باكستان الشرقية.
صناعة المنسوجات
من الطبيعي أن تعني الباكستان بصناعة المنسوجات وخاصة القطنية والصوفية، وذلك بسبب حاجة السكان إليها وبسبب توافر القطن والصوف. ولهذا أنشأت الحكومة مصنعا للصوف ينتج يوميا 14000 رطل ومصانع أخرى لنسج القطن.
صناعة السفن
تقوم هذه الصناعة في الموانئ، وأهم مركز لها في كراتشي فيها عدة مؤسسات صناعية تصنع فيها القوارب والسفن الصغيرة وتصلح فيها السفن الكبيرة.
وفي باكستان الشرقية توجد عدة معامل لبناء القوارب وإصلاح السفن. وتهتم الحكومة المركزية بالنهوض بهذه الصناعة.
وإلى جانب هذه الصناعة تقوم صناعات أخرى هامة أهمها صناعة إنتاج الزيوت والمصابيح الكهربائية وصناعة الآلات الحديدية والصناعات الكيمياوية وصناعة الأسمنت.
وإن باكستان تحاول جاهدة تدعيم الإنتاج الصناعي بها حتى تستطيع أن تنتج ما تحتاج إليه.
مستقبلها
الباكستان دولة ناشئة، وحاضرها يبشر بخير كثير إن شاء الله، وعناصر قوتها موفورة: فهي دولة واسعة المساحة كثيرة السكان؛ غنية بمواردها الطبيعية.
ولكن أهم من هذا كله أن حياتها تتركز على دعامتين هما أساس قوة كل شعب ومصدر عظمة كل أمة: فالباكستانيون قوم مؤمنون بدينهم، وفي الدين من غير شك قوة تهدي إلى السبيل الأقوم، ومشكاة تنير سبيل الرشاد. ويتجلى هذا واضحا قويا في كلمات أبي الباكستان محمد علي جناح: (ليس الإسلام مجرد مجموعة طقوس وتقاليد وتعاليم روحية، إنما هو دستور حياة كل مسلم. . . دستور ينهج عليه في حياته وتصرفاته في جميع النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهو دستور قائم على أسمى مبادئ العزة والنزاهة والعدالة.
إنما إلهكم إله واحد، وإن صفة الوحدانية من مبادئ الإسلام الأساسية، وليس في الإسلام ثمة فرق بين شخص وآخر، فمن مبادئه الأساسية المساواة والحرية والأخوة.
لا يستطيع شعب من الشعوب أن يتطور ويرتقي ما لم يكن متكافئا متآزرا، إننا كلنا مسلمون وكلنا باكستانيون، وعليكم بصفتكم أبناء الدولة أن تخدموها وتضحوا، بل وتموتوا من أجلها، لكي تجعلوها دولة سائدة).
وفي قول لياقت علي خان:
(. . . والباكستان لم تنشأ إلا لأن مسلمي شبه القارة أرادوا أن يتبعوا في حياتهم الطريق السوي الذي رسمه لهم الإسلام، وأن يتعاملوا حسب تعاليمه وتقاليده السمحاء، وإلا لأنهم أرادوا أن يبينوا للعالم أن الإسلام يستطيع أن يجد الدواء الناجع لتلك الأمراض والعلل التي تتفشى اليوم في كيانه وتسري في بنيانه.
. . . إننا كباكستانيين لا يعيبنا أننا مسلمون، لأننا نعتقد أننا باتباع ديننا القويم وتعاليمه السمحاء نستطيع أن نسهم بقسط كبير في رفاهية هذا العالم.
ونحن - شعب باكستان - نعتقد بإخلاص ويقين كما نؤمن بشجاعة بأن كل قوة وكل سلطان يجب أن يتمشى مع تعاليم الإسلام).
وهكذا نجد في باكستان أمة مؤمنة قوية تعتمد على نصر الله (ولينصرن الله من ينصره).
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تلتمس الباكستان أسباب القوة المادية فتعمل جاهدة على أخذ أحسن ما في الحضارة الغربية من علم وفن. وإذا اجتمع العلم والإيمان فالنصر محقق بإذن الله.
وتحقيقا لهذه الغاية تعنى الباكستان بجيشها عناية كبرى وميزانيته تبلغ حوالي 40 % من ميزانيتها. وتعني أيضاً بنشر الثقافة والتعليم فلديها أربع جامعات، 98 كلية، 1700 مدرسة عليا، 5000 مدرسة ثانوية، 40000 مدرسة ابتدائية، 110 مدرسة فنية صناعية الخ.
وتقوم المرأة في حياة الباكستان بواجبها خير قيام، فهي شقيقة الرجال وأم الأبطال وطبيبة المرضى والجرحى. وقد قام نساء الباكستان بجهد مشكور في حل مشكلة اللاجئين الذين وفدوا إليها من الهندستان عراة معوزين تركوا أموالهم وديارهم وأملاكهم وفروا بدينهم إلى الباكستان. أثارت هذه الويلات نفوس الباكستانيات فقمن بنصيب موفور في التخفيف عن المعوزين ومواساة الجرحى والمنكوبين.
ولم يقف جهد المرأة عند هذا الحد، بل نزلت إلى ميدان الصناعة والتجارة والطب، بل وأكثر من هذا أن المرأة تقدمت فحملت السلاح للذود عن الوطن، ودخلت معترك السياسة دون ضجيج أو جلبة، وهي قبل كل شيء وبعد كل شيء قدوة للمرأة الصالحة.
يقول الدكتور عمر فروخ: لقد دخلت المرأة الباكستانية معترك الحياة: في التمريض والطب والتجارة والصناعة وفي الجيش والأسطول وفي المجالس التأسيسية ودوائر الحكومة. . .
أما المرأة العربية فقد بدأت الاختلاط من الجانب الآخر: بدأت بالسينما وحمامات البحر وبالنزه وحفلات الشاي والكوكتيل. . .
إن الوطن العربي لن يستطيع أن يحفظ أخلاقه ولا أن يهيئ الجو الصالح للمرأة لتستفيد من مواهبها إلا إذا أعد لها برنامجا جديدا للتربية والتعليم!!
وهكذا نجد أن المرأة الباكستانية تقوم بدورها في إعداد أمة صالحة خير قيام، ويا حبذا لو اتخذتها المرأة العربية قدوة لها.
وأحب قبل أن أختم بحثي أن أذكر أن اللغة العربية منتشرة بين الباكستان، وإن كان معظم سكان باكستان الغربية يتكلم باللغة الأردية والبنغالية في باكستان الشرقية. ولكن الاتجاه الآن موجه إلى نشر اللغة العربية لأنها لغة القرآن.
وأخيرا: إن في جميع ما سبق ما يبشر بمستقبل عظيم للباكستان، ويكفي أن تكون أمة مؤمنة بربها قوية برجالها ونسائها، فإن هذا كله كفيل بتحقيق آمالها وآمالنا فيها إن شاء الله.
باكستان زنده باد
أبو الفتوح عطيفة