مجلة الرسالة/العدد 991/السلام العالمي والإسلام
مجلة الرسالة/العدد 991/السلام العالمي والإسلام
للأستاذ محمود عبد العزيز محرم
الإسلام حرب والمسلمون متعصبون.
هذا هو الحبل الذي شنقنا به أنفسنا كثيرا. وشنقنا به المستعمرون كثيرا؛ ولا زلنا كل يوم نجده قريبا من أعناقنا للساعة التي نريد أن ننتقم من أنفسنا فيها أو ينتقم منا فيها غيرنا.
وإذا كان من صالح الدول الغربية الاستعمارية وغيرها، أن تباعد بيننا وبين ماضينا ومعتقداتنا، فإنه ليس من صالحنا نحن أن نباعد عنا هذا الماضي وهذه المعتقدات. والأمم الغربية كلها مردة على الإفلات من قبضة الدين حتى ما تستطيع الرجوع إلى حظيرته مرة أخرى، وهي تريدنا على أن نكون مثلها، فنخلع عنا هذه الروحانية العالية والتوجيه السامي والإرشاد المنير حتى تجد فينا مرتعا خصبا، تحقق فيه آمالها ورغائبها، لأنها تعلم حق العلم، أن ديننا - هذا الدين الإسلامي الحنيف - يقف دونها، ويحول بينها وبين ما تبغي، ولا يكاد يفسح لها طريق الاستغلال والاحتكار والإذلال والاستعمار.
وطالما سعت الأمم الغربية إلى هذه الغاية، والعصور الماضية لا زالت تتراءى لنا في صفحاتها بالعظات والأخبار الحروب الصليبية المتكررة، والهجمات المتتابعة من الغرب على الشرق في محاولات كثيرة لتشويه الدين الإسلامي، وتسفيه العقلية الإسلامية، والاستيلاء على بلاد الإسلام.
وقد اشتبك الغرب بالشرق - منذ الإسلام - اشتباكات كثيرة، كتب النصر في بعضها للشرق، وكتب النصر في بعضها للغرب. على أن نصر الشرق كان مرجعه في كل مرة إلى الاستمساك بعقائده الرفيعة، ومثله العالية، ودينه الرباني الحنيف. ويوم انتصر الغرب على الشرق، كان ذلك بعد أن تخلينا عن ديننا، وغلبنا على أنفسنا، وسعينا وراء رغائب الحياة الذليلة ومثلها الهابطة، نفني أعمارنا وقوانا، ونجعل منها سدا منيعا يحرمنا الاسترواح في ظل رسالتنا، وطرائقها الحيوية، وأهدافها.
لقد استعمر الغرب بلادنا، واستولى على مواردنا، واحتكر مجالات النشاط الاقتصادي، وساقنا إلى حروب لا شأن لنا بها! غير أن أعظم ما فعله خطرا، هو تلك الطائفة (المسلمة!) التي رباها ونشأها وأعدها لحكم البلاد، ووقف هو من وراء ستار يملي عليه ويدفعها إلى ما يريد.
هذه الطائفة (المسلمة!) تقتل الإسلام وتقتل المسلمين بأسلوب استعماري غير مباشر، بعد أن فرغ الاستعمار من كل ما يطيق في هذه السبيل بأسلوبه المباشر، واخترع لنا هؤلاء جميعا فكرتي السلطة الدينية والسلطة الزمنية اللتين اعترف بهما الغرب لتنحسر ظلال الدين عن مرافق الحياة، وحاولوا أن يوهمونا بان السياسة شيء والدين شيء آخر. وارتفعت أصواتهم المتخاذلة هنا وهناك لتنشر في الشعوب المستكينة هذا المبدأ الخبيث.
نحن في بلادنا، وقد انطلقت إلينا الدول الغربية من بلادها، فمزقت العالم الإسلامي مزقا، وعذبت المسلمين في كل قطر حلت به، وضربتهم بالذل والفقر والفساد، كلما بدت محاولة لإرجاعنا إلى مبادئنا الدينية حتى ننهج في الحياة نهجا صحيحا، أذاع المستعمرون بيننا بلسانهم أو بلسان عملائهم، أن الإسلام حرب وأن المسلمين متعصبون، وأنه لا دين مع سياسة، ولا سياسة مع دين.
لذلك تجدنا في حاجة إلى تصحيح هذه الأوضاع الخاطئة التي جرت عليها السنون أذيالها، والتي تبدو الآن لكثير من الناس حقيقة لا مفر منها، في حاجة إلى فهم ديننا إلى حقيقته، والرجوع به إلى مصادره الأولى؛ يوم كان سياسة عملية زاكية، تعمر ولا تخرب، وتهدي ولا تضل وتعدل ولا تظلم، وتحسن ولا تسيء، في حاجة إلى فهم أن ديننا سياسة وأن سياستنا دين، وأن حياتنا في أنفسنا ومع غيرنا لا بد أن تقوم على هذا الأساس. في حاجة إلى فهم قيمة عقيدتنا في الحياة، ومعرفة أسلوبها في فض مشاكل الناس ومشاكل الأمم، ودراسة أهدافها، ودراسة موضوعية صحيحة. في حاجة لأن نفهم هل الإسلام حقيقة دين حرب! وهل المسلمون بالتالي متعصبون!
في هذا كله أخرج الأستاذ قطب كتابه الرائع (السلام العالمي والإسلام) وهو من أول سطر فيه يسجل وظيفة العقيدة الدينية (فعمر الإنسان محدود، وأيامه على الأرض محدودة، وهو - بالقياس إلى هذا الكون الهائل الذي يعيش فيه - ذرة تائهة لا مستقر لها ولا قيمة، وعمره بالقياس إلى الزمن الهائل من الأزل إلى الأبد ومضة برق أو غمضه عين.
ولكن هذا الفرد الفاني. . يملك في لحظة أن يتصل بقوة الأزل والأبد، أن يمتد طولا وعرضا في ذلك الكون الهائل، أن يرتبط به في أعماقه وأمشاجه بوشائج من القربى لا تنفصم، أن يشعر أنه من تلك القوى الهائلة وإليها، أنه يملك أن يصنع أشياء كثيرة، وأن ينشئ أحداثا ضخمة، وان يؤثر في كل شيء ويتأثر. . . يملك أن يحسن الوجود في الماضي والاستقرار في الحاضر، والامتداد في الآتي، يملك أن يستمد قوته من تلك القوة الكبرى التي لا تنضب ولا تنحسر ولا تضعف، وإنه لقادر إذن على مواجهة الحياة والأحداث والأشياء بمثل قوتها، فما هو باللقى البضائع، ولا بالفرد العاجز، وهو يستند إلى قوة الأزل والأبد وإلى ما بينه وبينها من وشائج.
تلك وظيفة العقيدة الدينية، وذلك أثرها في النفس والحياة والعقيدة الإسلامية تنظر إلى الإنسان ككل، دون تفرقة بين سلوكه وأهدافه ونوازعه ودوافعه، ودون تفرقة بين روحه وعقله وجسده (فهي تشمل كل نشاط الإنسان في كل حقول الحياة، فلا تقصر مهمتها على حقل دون حقل، ولا على اتجاه دون اتجاه. إنها لا تدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فما لقيصر وقيصر ذاته، في العقيدة الإسلامية - كله لله. وما لقيصر حق ليس للفرد من رعاياه، وإنها لا تتولاه روح الفرد وتهمل عقله وجسده، أو تتولى شعائره، وتهمل شرائعه، أو تتولى ضميره وتهمل سلوكه، وإنها لا تتولاه فردا وتهمله جماعة؛ ولا تتولاه في حياته الشخصية وتهمل نظام حكمه أو علاقات دولته.
(والإسلام يعد الحياة وحدة، وحدة من ناحية الزمن متماسكة الحلقات، متدرجة الخطوات، متضامنة الأجيال، متعاقبة الأطوار. وحدة من ناحية الفطرة؛ متماسكة النوازع والأشواق، ممتزجة المادة والروح، قابلة للارتفاع إذا حسن توجيهها وتزكيتها، مستعدة للهبوط إذا ساء التوجيه والقيادة (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها).
وإذا كان الإنسان ينظر إليه ككل، وإذا كانت الحياة ينظر إليها كوحدة، وإذا كانت الحياة قابلة للهبوط إذا ساء التوجيه، ومستعدة للارتفاع إذا حسنت التزكية، وإذا كان ذلك كذلك فإن الإسلام يرسم طريقة فذة لتربية هذا الكل الذي هو الإنسان، وللارتقاء بهذه الوحدة التي هي الحياة. فسلام الضمير، وسلام البيت، وسلام المجتمع - كل هذه أهداف سعى إليها الإسلام على طريق معبدة وبوسائل عملية مثمرة، حتى يطمئن الفرد فيطمئن البيت، وإذا ما أطمئن البيت أمن المجتمع. وبعد هذا كله تظلل الحياة والأحياء أعلام الأمن والسلام.
أن الإسلام يرى أن سلام الأمم والجماعات إنما هو من ذات الفرد الذي يكون الأمم والجماعات، فالفرد هو اللبنة الأولى التي أن صلحت صلح البناء كله، وإن فسدت وكانت واهية ضعيفة انهدم البناء كله من أساسه. الفرد ذو قيمة، لأنه هو الذي يكون الأمم، وهو الذي ينشر المحبة والسلام، وهو الذي يسعى بما شب عليه إلى نظام في الحياة أمثل، ولذلك رعاه الإسلام حق الرعاية وهداه ووجهه وأرشده إليها. هذا وهو فرد، أما إذا كان في مجتمع صغير - مجتمع الأسرة -، فقد وضع له القوانين والنظم، وراعى في ذلك حياة فرد آخر أو أفراد آخرين، ليكونوا أداة عاملة في رقي الحياة. فشرع الرباط المقدس يربط بين الزوجين، وحرم الاختلاط والتبرج؛ وسن الحدود لحماية الأعراض. وأحل الطلاق وهو أبغض حلال إلى الله. وأباح تعدد الزوجات ليمكن مواجهة أحداث الزمن ونوازله. ثم جعل العائلة كلها متكافلة في السراء والضراء؛ في حال القدرة يفيض بعض أفرادها على بعض، وفي حال اليأس يعين القادر المحتاج.
وإذا خرج الفرد إلى المجتمع الأكبر لم يتركه الإسلام، بل يسن له من القوانين والمبادئ والنظم ما يكفل لهذا المجتمع حياة صحيحة، وما يدفع به في ثقة وأمن لتحقيق إرادة الله وكلمته، تلك الكلمة التي بها نزلت الشرائع من لدن آدم إلى محمد ﷺ، فالرسل جميعا في هذه الكلمة سواء: وهم مكلفون دعوة الناس إليها، وهم مكلفون هم ومن معهم الدفاع عنها والتضحية في سبيلها.
لم يغفل الإسلام في هذا المجتمع الأكبر الأدب الاجتماعي النفساني. ولم يقصر في بذر بذور الحب والرحمة، وفرصة التعاون والتضامن. وشرع أهدافا عليا يسعى إليها المجتمع السليم. ونظم الحكم، وضمن العدالة القانونية. وضمن الأمن والسلامة وضمن الحياة المعيشية. وعادل بين الطوائف والأفراد اجتماعيا. وقرر في المال أصولا قيمة تضمن سلامة المجتمع.
الله واحد. صدر عنه كون واحد. بكلمة منه واحدة. وهداه بشريعة واحدة. كل هذا ليأمرنا بالوحدة والمحبة والتعاون، وتحقيق كلمة الله التي أرادها على مر الأيام والدهور، من صدق وعطف ورفع ظلم، وإحسان وتعاون وإثمار، ووقوف في وجه الطغيان، ومحاربة الاستغلال الفردي والجماعي، والتزام الجادة، والنأي عن كل ما يحط الإنسان والإنسانية.
هذه هي رسالة الله التي جاء بها موسى وعيسى ومحمد. فلسنا نخرج على أمم الغرب ودوله بجديد حين ندعو إلى هذه الأهداف السامية، لأنها من صميم رسالتهم من قبل أن يحرفوا الكلم عن واضعه، ومن قبل أن يفصلوا الدين عن الدولة. ومع ذلك فهم يرونها شيئا غريبا، لأنهم مردوا على النفاق والاستغلال والشهوة، ومردوا على مقاطعة رسائل الوحي ومخاصمة الأنبياء، إذ في هذا الرسائل حد من طغيانهم وعبثهم ولهوهم واستغلال للأمم والشعوب.
الإسلام دين سلام لا دين حرب. وهو يقاوم الحروب في كل مظاهرها إلا فيما يتفق ورسالته العالمية؛ فهو لا يرضى الحرب العنصرية، ولا يرضى حرب الدينية كما يفهمها الأوربيون، ولا يرضى حرب الاستعمار والاستغلال، ولا يرضى حرب الأمجاد الزائفة للملوك والأبطال، ولا حرب المغانم والأسلاب؛ إنما هي حرب واحدة يرضاها، ليقر السلم والعدل في الأرض، ولينعم الناس بالهدوء والأمن، ولينسموا أنسام الحرية والتقدير. وهي الحرب التي يعلنها على الظلم في جميع صوره وأشكاله، فلا يهادن قوة ظالمة على وجه الأرض، سواء تمثلت هذه القوة في صورة فرد يتجبر على الأفراد والجماعات، أو في صورة طبقة تستغل الطبقات، أو في صورة دولة تستغل الدول والشعوب. إنها كلها صورة واحدة في عرف الإسلام، صورة منافية لمبادئه الأساسية، وعليه أن يجاهدها ما أستطاع، وعليه ألا يهادنها إلا ريثما يتجمع لكفاحها، ولا يعاونها ولا يقف في صفها بحال من الأحوال (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
هل الدين الذي يسعى إلى هذه الغاية دين حرب؟ هل الدين الذي لا يفرض نفسه عقيدة على الناس دين قتال؟ هل الدين الذي يحرم الإكراه في العقيدة دين عسف؟ وهل المسلمون الممتثلون لهذه الغايات الشريفة متعصبون؟ نعم متعصبون! ونعم هو دين حرب! في رأي الدول الغربية التي رفضت الخضوع لدينها الصحيح! وفي رأي بعض (المسلمين) المحسوبين على الإسلام ظلما وعدوانا!
هذا الكتاب الجميل الرائع من صفحته الأولى إلى صفحته الأخيرة لتقرير السلم في رأي الإسلام. هذه السلم التي تتمثل في دفع الظلم وإقرار العدالة الاجتماعية وحسب. هذه السلم التي تبدأ من ضمير الفرد وتنتهي إلى هذا العالم الأوسع. وقد قدمت حقائق هذا الكتاب مؤيدة كلها بالأسانيد القرآنية والنبوية ومأثورات السلف الصالح.
وحين كنت أطالع هذا الكتاب، كان يقوم بنفسي اعتراض أو رأي أو حاجة، فما هي إلا بضعة سطور أو بضع صفحات حتى أجد ما أحب وأرجو، كأنما كنت معه على ميعاد غير منظور.
وإن السلام الذي ننشده بهذا الكتاب، وبدعوتنا الربانية المشرقة، ليحمنا على التدقيق في كل ما نكتب وما نقول. وإنه قد حاك بنفسي حائك من هذه العبارة (ويكسب الإسلام في النفس السكينة والأمن والسلام، بالركون إلى الله والاطمئنان إلى جواره، والثقة في رحمته ورعايته وحمايته. وهي خاصية العقيدة الدينية التي يشارك الإسلام فيها سائر العقائد السماوية. وإنما يتميز الإسلام بأن العلاقة فيه مباشرة بين الرب والعبد، لا يدخل فيها كاهن ولا قسيس، ولا تتعلق بإرادة مخلوق في الأرض ولا في السماء).
وأنا أحسب أن العلاقة المباشرة بين الرب والعبد ليست مقصورة على الإسلام، إنما هي في الديانات السماوية كلها، من آدم إلى موسى إلى عيسى إلى محمد بن عبد الله، ولكن الوغول في هذه العلاقة حدث على أيدي المحترفين بالدين من الكهان والقسس الذين بدلوا في كلم الله، ولا شك عندي أن الأستاذ المؤلف يقصد بعض الديانات التي زورها أهلها وانحرفوا بها عن سياستها المرسومة.
ويقول الأستاذ المؤلف (حتى الجريمة لا يجوز إثباتها بتسور البيوت والتجسس على الناس في مأمنهم. وقد حدث أن مر عمر بن الخطاب في إحدى جولاته الليلة ببيت سمع فيه صوت رجل وامرأة لعله رابه، فتسور الحائط لينظر، فإذا رجل وامرأة ومعهما زق خمر. فقال عمر. يا عدو الله! أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصيته! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين: أنا عيد الله في واحدة وأنت في ثلاث. فالله يقول (ولا تجسسوا) وأنت تجسست علينا. ولله يقول (وأتوا البيوت من أبوابها) وأنت صعدت من الجدار ونزلت منه والله يقول (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) وأنت لم تفعل.
وهكذا لم يجد عمر أنه يملك عقابه، فاستتابه!
وأحسب أن الإسلام يبيح التجسس فيما هو صالح الرعية والقيام على حياطة القوانين. وعمر رضي الله عنه ما خرج إلا متجسساً مستطلعاً. ويبدو لي أن هذه القصة وضعت وحملت على عمر. وإلا فإنها لكبيرة من هذا الفارغ الوقح أن يجابه عمر هذه المجابهة: رجل معه امرأة، ومعه زق خمر، وصوت الرجل والمرأة يدعو من يسمعه عرضا إلى الاسترابه به، فإذا ما استشرف أمير المؤمنين لينظر ما رابه يناظره هذا الفارغ الوقح في أصول الدين! أن عمر لم يعاقبه لو كانت القصة حقيقية، لا لأنه تجسس، ولا لأنه أتى البيت من غير بابه، ولا لأنه لم يستأنس ولم يسلم، ولا لأن حجة هذا الفارغ فلجت عمر، بل لأن شروط العقاب لم تتوفر، فلم يبق إلا التعزيز وهذا ما فعله عمر.
إن الكتاب كتاب إسلامي قرآني. وإني أراه يمتاز بمميزات ثلاثة: الأولى وحدة موضوعة. الثانية أنه سد نفوسنا حاجة ملحة في هذا الفترة من الزمن. الثالثة بيانه المشرق وتعبيره الرائق.
محمود عبد العزيز محرم