مجلة المقتبس/العدد 17/سير العلم

مجلة المقتبس/العدد 17/سير العلم

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 6 - 1907



تربية الازدهار

كان اختراع أحد الباحثين في كوبنهاغ طريقة لتربية الأزهار بواسطة المواد المخدرة فتنأول اختراعه هذا جماعة من أرباب الزراعة في فرنسا وأكملوه وطريقتهم أن توضع النباتات وهي جافة على طبقة من الرمل الناشف في صندوق يمكن إغلاقه إغلاقاً محكماً وعلق على غشاء الصندوق يلقي فيه الأثير من ثقب ليسد بسرعة وكلما تبخر الأثير ينزل إلى أسفل الصندوق ويغشي النباتات الموجودة فيه وبعد 48 ساعة ترفع النباتات وتجعل في بيت آخر في هواء بليل وتربى كالعادة فتزهر أكمامها وأزهارها بسرعة أكثر من سرعة النبات التي لا تربى على هذه الصفة يزهر ويورق في ثلاثة عشر يوماً على حين يقتضي لزرعه المعتاد سبعون يوماً ولا يأتي مثله وهكذا قل في سائر الأزهار.

إعارة الكتب

منذ سبع سنين أنشأ جماعة من الألمان في برلين خزانة كتب وغرفة للقراءة وهي تعير ليأخذوها إلى بيته ومحل عمله فكان مجموع ما أعارته في السنة الماضية ثمانين ألف مجلد استعاراً أكثرها الرجال وكان عدد القارئات واحدة في كل خمسة وعشرين مستعيراً ونصف أرباب الاستعارة عملة وربعهم من المستخدمين على اختلاف الطبقات وثلثا الكتب المعارة أدبية ونحو ربعها علمية ولم يفقد من هذه الكتب سوى تسعة. قالت المجلة الإفرنسية ومن الغريب أن هذه المكتبة تستجلب 529 جريدة ومجلة لفائدة قرائها على أنك لا نرى في مكتبة الأمة بباريز سوى خمسين من نوعها.

الطالبات في إنكلترا

أنشئت سنة 1868 في كلية كمبردج في إنكلترا مجالس يجتمع فيها النساء خاصة ليستمعن ما يلقي فيها من أصناف العلوم إذ تكأثر عدد المستمعات قضت الحال بأن ينشأ لهن بيوت يأوون إليها وكان حضورهن أولاً على سبل التسلية والشغف فأصبحن الآن كالرجال يتعلمن ويزاحمنهم في الحضور إلى تلك المدارس وصفوفها ويشتغلن في مكتبها التي فيها أربعمائة ألف مجلد وهي ثالث مكتبة في إنكلترا بضخامتها وأصبح القسم الخاص بهن من هذه الكلية الآن ينقسم إلى ثلاث جمعيات الأولى دينية والثانية أدبية والثالثة سياسية وأعضاؤها من البنات وقد وصفت إحدى المجلات صورة اجتماعهن ومناقشاتهن وما يصرفن فيه من مفيد الأعمال كالرقص والسباق والألعاب المحللة وتمرين بعضهن على استعمال مضخات الحريق الحين تلو الآخر حتى إذا كبرن وصرن ربات بيوت وحدث أن همت النار لهن يستطعن إطفاء الحريق من أيسر السبل.

الصحة في يابان

قال رئيس أطباء الجيش الياباني في تقرير له أن يابان بلغت أرقى درجات التقدم فإن ثمانمائة ألف جندي الذين عادوا مؤخراً إلى بلادهم من ديار الحرب قد جرى على تطهيرهم على الأصول الصحية فكان الجندي ينزع ثيابه كلها ويضعها في كيس ويستحم في خأبية مملوءة بالماء الحار ثم يلبس قميصاً ويمشي قليلا في الشمس ريثما تدخل ألبسته في المستحم الخاص بها وكذلك تطهر أسلحته بأمرار بخار فور مول عليها وقد طهرت حتى الخواتم التي يلبسها الجنود وأعطوا أوراقاً مالية جديدة بدل الأوراق التي كانوا يقبضونها زمن الحرب مشاهرات لهم. وقد دامت هذه العملية 75 دقيقة لكل جندي وبهذا لم يجلب الجيش الياباني معه إلى بلاده أمراضاً وبيلة وأوبئة قاشرة كان يأتي بها الجنود معهم من ديار الحرب أيام كأنت الأمم لا تعتقد بالجراثيم والنسم.

حياة العميأن الطبيعية

ألف أحد العلماء براغ كتابا درس فيه أحوال العميان وحواسهم فقال أن حاستي اللمس والسمع تفيدان العميأن فائدة كلية لا كما يظن على وجه عام وليس ذلك لأن هاتين الحاستين قويتأن فيهما بل لأنهم يحسنون استعمالها والانتفاع بهما وحاسة الشم تهديهم لأمور لايهتدون إليها باللمس أما حاسة الذوق فيهم فلا تختلف عما هي عليه عند المبصرين وللأعمى حاسة سادسة وهي شعوره بالمصاعب والحوائل وهي حاسة مؤلفة من السمع واللمس وهو ذو ذاكرة قوية لأنه يقضى عليه أن يمرن نفسه منذ صغره على حفظ ما ينقل إليه يستظهر ما يسمعه في ليله ونهاره وهذا التمرين الدائم لذاكرته يمكنه من إتقأن الموسيقى. وقد ترى ذاكرته في الغالب من أعجب الذاكرات في البشر.

الصدأ

تبين من الكشف الأخير أن الصدأ يفعل فعلاً شديداً لم يكن من قبل معهوداً ففي إنكلترا يخرب في اليوم ثمانية عشر طناً على طول خط حديدي واحد وفي أميركا يأتي بضرر أكثر من ذلك على السكك وقد كانوا يعالجون الصدأ بطلاء الحديد ولكن الباحثين الآن بحثوا في طريقة تقي الحديد من الصدأ فلا تفعل فيه المياه ولا غيرها من الرطوبات وقد وقفوا إلى إتقانها.

الصلع

اختلفت الآراء في الصلع فقال بعضهم بأنه حلمة طفيلية معدية وقال غيرهم أنه نتيجة بعض أمراض وأوجاع وارتأى آخرون بأنه نتيجة السهر في إجهاد العقل بأمور صعبة وعاقبة من عواقب الهموم والاضطرابات. وقد تبين لأحد أساتذة مدرسة الطب في دتروا من ولاية ميشيغأن الأميركية بأن الصلع يحدث من فساد استنشاق الهواء ولا يمكن التخلص منه إلا بإحسان استنشاق الهواء الجيد فإن الهواء الفاسد في الرئتين إذا لم يستنشق كما ينبغي يسري كما يسري السم في الدم ولا تكون تغذية بصلات الشعر إلا قليلة أو فاسدة. وقد جرب الدكتور المشار إليه هذه القضية في ألوف من الأشخاص فثبت له رأيه بالاختبار وقد جرب أن ينشق هواء نقياً لجماعة من الصلع أو المعترضين له فبعد أسبوع من استنشاقهم له من أعلى الصدر نشطت بصلات الشعر وأخذت في النمو ولم تأت على هذه العملية عشرة أسأبيع حتى صارت لهم شعور أثيثة. قالت المجلة التي نقلت هذا الخبر أنه انشق الكلاب والدجاج والحمام هواء فاسد ففقدت ريشها وشعرها.

أندية الإنكليز

زار أحد المفكرين أندية لندن فكتب عنها مقالة إضافية في إحدى مجلاتها كانت في الحقيقة وصف الحياة الإنكليزية واختلاف تغييراتها المتتابعة فمما قاله: الأندية مرآة صادقة تقرأ فيها عنوان القلب والإبدال الذي طرأ على الهيئة الاجتماعية والأخلاق على توالي القرون ولطالما مرت فيها أجيال من الناس ذكروها فذكرتهم وأقدم أندية لندرا النادي البحري الملوكي أسر سنة 1674 وأنشئ غيره في النصف الأول من القرن السادس عشر وأسس نادي طرف الغار سنة 1805 إلى غير ذلك من الأندية التي كان ولا يزال يختلف إلها العالم والمفكر والموظف والسياسي والبحري وأهل جميع الطبقات.

بلاد الزنج كتب المسيولوسين بوفا في مجلة العالم الإسلامي بحثاً وصف فيه سكان البلاد الساحلية من أفريقية ولغتهم وعاداتهم وذكر لمعة من تاريخهم وجغرافيتهم فمما قاله أن الشاطئ الشرقي من أفريقية كان معروفاً عند الملاحيين الفنييقين واليونانيين في البحر الأحمر وأن قد كانت له صلات تجارية مع الخليج الفارسي وعمان والشاطئ الغربي من الهند قبل الهجرة بزمان وقد ذكر بطليموس الجغرافي في القرن الثاني للميلاد جزءا من البلاد في جنوبي الحبشة سماه زانجير ثم دعي الزنوج النازحون منها بالزنج وهم يختلفون عن بقية الشعوب الأفريقية كالنوبيين والحبش بشفاههم المقلصة وأفواههم المفلطحة ثم كثر ذكرهم في تاريخ الإسلام في القرن الثاني بعد أن انتشر الإسلام بينهم ولم تكن العلائق بين بلاد الزنج والممالك الإسلامية مقصورة على جلب الرقيق منها بل إنه كان من تأثيرها دخول الإسلام إليهم ولم يكن انتحال العرب للإسلام ليغير شيئاً من نوع الصلات التجارية التي كانت بينهم وبين الزنج فبل البعثة المحمدية فدخل الإسلام إليهم على يد حمزة أخي الخليفة عبد الملك سنة 86 واستنتج الكاتب بأن عمان والخليج الفارسي كان لهما شأن عظيم في الاستعمار الإسلامي منذ القديم قال وقد تعاقبت الأسماء الكثيرة على هذه البلاد ومنذ عهد ابن بطوطة أخذ يزول عنها اسم بلاد الزنج ففي شمإليها شاطئ الصومال ثم السواحل وتعاقب الحكم عليها الترك فإلبرتغال فجماعة من أهلها مثل سلاطين مسقط وزنجبار وسنة 1890 تقاسمت كل من إنكلترا وألمانيا هذه البلاد فأخذت الأولى الساحل الشمالي والثانية الجنوبي فصارت زنجبار والجزائر الملاصقة لها في منطقة نفوذ إنكلترا. ويقدر نفوس هذه البلاد بزهاء مليون وخمسمائة ألف نسمة منهم مليون وأربعمائة ألف من الوثنيين والباقون عرب وإيرانيون وزنوج وأوربيون وقد أصبحت اللغة العربية والفارسية وبعض الألفاظ الإفرنجية وأصل لغتهم لغة البانتو وقد أرجعها الباحثون في اللغات إلى تقاسيم كثيرة فقالوا أنها 168 لغة و55 لهجة واللغة الساحلية مستعملة بين المسلمين خاصة بحيث أصبحت لغة التجارة في أفريقية الشرقية والوسطى. وختم هذا الفصل بقوله أن جوهانستون قال منذ عشر سنين أن اللغة العربية تضمحل في داخلية بلاد الزنج من زامبير إلى النيل الأبيض وأن اللغة الساحلية تقوم مقامها ولاسيما البادية منها.

مداواة المسلولين في إحدى مجلات كوبنهاغ بحث في معاملة ألمانيا والدينمارك للمسلولين قال كاتبه أن الألمان في مقدمة الأمم التي أشأت المستشفيات الكثيرة لمحاربة هذا الداء وتليها الدينمارك. ويقيم المسلولين في المصاح بالدينمارك. من عشر شهراً أما في ألمانيا فيقيمون ثلاثة أشهر ولكن المصأبين بهذا الداء في الدينمارك يشتغلون في المصاح أو المستشفيات أشغالا يستطيعونها وتدفع الحكومة تلك البلاد ثلاثة أرباع النفقات التي تنفقها هذه المستشفيات والربع الآخر تدفعه العمالات والولايات.

علم الجراثيم

كان من نتيجة البحث عن الجراثيم في الممالك الغربية أن أحدث فيها خوفاً من عاديتها على اختلاف أنواعها وسرى من ذلك إلى بلاد الشرق عدوى التخوف كما هو الأن في الغرب. وما يرح الأطباء يحذرون الناس من أخطار الميكروب على اختلاف أنواعه والحق معهم في ذلك فمن الضرورة تحذير الخلق من الأخطار التي تلحقهم من قلة العناية الصحية فإذا انتشر مرض الجدري لا بد للطبيب من أن ينصح بإعادة التلقيح ولكن ينبغي أن يلاحظ أن المسافة تختلف بين ما يقال له احتياط وبين ما يقال له خوف فالاعتدال مطلوب على كل حال وإنا لنرى أرباب المزاج العصبي يعيشون الأن في هلع دائم على حين كان الواجب عليهم أن يكتفوا بالحذر والاحتياط فبعضهم يقول ابتعدوا عن التقبيل وعقموا اللبن وغيره من المشروبات مخافة أن ينقل جراثيم السل إلى متنأولها وأن يبتعد المرء في مصافحة غيره لئلا يأخذ الجراثيم التي تكون نازلة على الجلد ويوصون أن لا ينزل المرء في سياحته في إحدى الفنادق لئلا يأخذ جراثيم مرض ينتقل إليه بواسطة الفراش واللحاف وعلى من اضطر أن يركب القطار أن لا يمس المخدات والمتكآت والستائر. وقد كثر التخوف من الميكروب حتى قام أحدهم في نيويورك واخترع آلة صغيرة وهي عبارة عن أنبوب صغير يحمله المرء تحت طرف ثيابه ويملأه بسائل مطهر فتمر بالعروة عقدة تناط بالأنبوب الصغير فتتألف منها آلة مبخرة فإذا تنهد قليلاً يبدأ التبخر فيستعمل المرء هذه الآلة على هذه الصورة كلما اجتمع في الشارع مع شخص كما يستعملها لتبخير كل ستار أو قطار أو دثار أو شعار أو جدار يشتبه في أمره. قالت الجلة الباريسية ولا يبعد أن يأتي يوم يبني فيه المهندسون بيوتاً ومساكن تكون بمأمن من الجراثيم الضارة وقد بدأ القوم في أميركا يجربون تجربات من هذا القبيل بإنشاء غرف كلها من الزجاج ولا ينبغي الاستهزاء بهذه الفكرة فإن الطلبات متوالية في ذلك.